الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

تقرير لوحدة البحث والتوثيق بمركز القدس: طواقم الإحصاء أنهت تدريباتها العملية وستباشر التنفيذ مطلع كانون ثان

نشر بتاريخ: 16/10/2008 ( آخر تحديث: 16/10/2008 الساعة: 17:41 )
القدس -معا- قال تقرير أصدرته وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية، ان طواقم الإحصاء التابعة لوزارة الداخلية الإسرائيلية والمكلفة بتنفيذ عملية الإحصاء الشامل للسكان، أنهت تمريناتها العملية والنظرية، ومن المتوقع أن تباشر بتنفيذ عملية الإحصاء بعد انتهاء الأعياد اليهودية، وفي فترة أقصاها مطلع كانون ثاني القادم.

وكانت مدينة القدس شهدت مؤخرا حالة من الإرباك والبلبلة سادت أوساط المواطنين المقدسيين بعد قيام طواقم وزارة الداخلية الإسرائيلية بمداهمة منازل المواطنين في أماكن متفرقة من المدينة المقدسة، لإجراء ما وصف بأنه عملية إحصاء عشوائي للفلسطينيين في المدينة.

وأشار التقرير الى ما كانت نشرته صحيفة (القدس) من شهادات لبعض المواطنين الذين تعرضوا لحملات الدهم، ومن بينهم المواطن محمد عوض من حي بيت حنينا الذي نقل عنه قوله "أن موظفي الداخلية حضروا في الساعة الحادية عشرة ليلا، فتخيل لي أنهم سيقومون بالحجز أو اقتحام المنزل للبحث عن احد ما ولكن بعد أن طلبوا الهوية وشرعوا بالتحقيق معي ومع زوجتي وأبنائي، تبين لي أنهم فعلا من الإحصاء."

وكشف عوض عن أن الطواقم لم تقم بإحصاء ثلاث شقق يتكون منها نفس المبنى الذي يقطنه. وأن بعض أسئلة الإحصاء كانت محرجة وبعضها بديهية والبعض الآخر مكررة. وذكر بأن أحد أفراد الطواقم قال له أن الإحصاء أولي وليس نهائيا.

في حين نقل عن المواطنة خيرية عودة (61 عاما) من سكان حي شعفاط، أن موظفا وعددا من أفراد حرس الحدود طرقوا الباب ثم تجولوا في منزلها الساعة الثامنة مساء، بعد أن أخذوا بطاقة هويتها وسألوا عن أولادها ومن يعيش معها في المنزل وكيفية تدبرها لأمورها في بيتها الكبير بعد وفاة زوجها.

كما أشار التقرير الى بيان الدائرة القانونية في المركز في وقت سابق، والذي أكد "أن الإحصاء العشوائي الذي تنفذه طواقم إسرائيلية في أحياء فلسطينية في القدس منذ بضعة أشهر عبارة عن تمرين تنفذه وزارة الداخلية لطواقمها المكلفة بإجراء عملية الإحصاء،" وأن العملية برمتها لم تبدأ بعد بصورة رسمية.

وأشار إلى أن الهدف من هذا التمرين تبيين واستكشاف بعض المشكلات والعراقيل التي قد تواجه هذه الطواقم مستقبلا ومحاولة تجاوزها وتلافيها، عدا أن التمرين بحد ذاته عملية تدريب تؤهل طواقم الإحصاء للقيام بمهامها على أتم وجه."

ونوه تقرير وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس إلى أن دائرة الإحصاء المركزية الإسرائيلية أعلنت في 29 آب 2008 عبر إعلان نشر في صحيفة (القدس) على الصفحة التاسعة، المناقصة رقم 7680 لطلب مركزي مستطلعين، ذكرت فيها انه "في إطار إحصاء تعداد السكان الذي سيتم في كل القرى والمدن في البلاد سيتم إقامة 12 دائرة إقليمية: إيلات، أشدود، بئر السبع، حيفا، طبريا، يهودا والسامرة (يقام المكتب في أورشيم)، أورشليم، كرمئيل، نتانيا (يقام المكتب في الخضيرة)، بيتح تكفا، ريشون لتسيون (يقام المكتب في أزور) وتل أبيب." وقالت الدائرة في إعلان المناقصة أن تواريخ التشغيل للمركزين سيكون في الفترة الواقعة ما بين 26 تشرين أول 2008 لغاية 2 آذار 2009.

الأهداف المعلنة للإحصاء

وقامت دائرة الإحصاء المركزية، التي يشرف عليها إحصائيون حكوميون يرتبطون مباشرة مع مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي الذي يقوم بدوره بتعيين رئيس الدائرة، بالإعلان عبر موقعها الالكتروني أن إحصاء السكان للعام 2008 سيبدأ في نهاية العام المذكور وسيشمل جميع السكان في جميع أنحاء إسرائيل لغرض "الحصول على صورة شاملة وموثوقة لظروفهم المعيشية ومواصفاتهم الديمغرافية والاجتماعية والاقتصادية، حيث تتضمن البيانات معلومات عن العمر والجنس والبلد الأصلي وسنة الهجرة والحالة الاجتماعية والظروف السكنية وإحصاءات الزواج وعدد الأطفال والتعليم والعمل ومستوى المعيشة وأنماط السفر.

ويشكل الإحصاء أكثر المصادر المفصلة للمعلومات عن السكان على مستوى التجمعات الصغيرة والأحياء والقطاعات السكانية الصغيرة. كما "أن المعلومات التي يحصل عليها من الإحصاء ستستخدم من قبل صناع القرار على المستوى الوطني والمحلي وتشكل فرصة لتحسين نوعية الحياة لسكان البلاد على المستويات العامة والفردية.

وفي حين يعمل المخططون للإحصاء على تمييزه عن الإحصاءات السابقة من خلال توظيف طرق إحصائية محددة من تطوير دائرة الإحصاء لغرض الاقتصاد في استخدام المصادر والتخفيف من أعباء استجابة المشاركين. ويدمج الإحصاء بين تعداد عينة من نحو 20% من الأسر من خلال إجراء المقابلات الشخصية معهم مع البيانات الإدارية المرتكزة إلى سجل السكان، مع العلم انه في التجمعات الصغيرة سيتم إجراء تعداد كامل لجميع السكان. كما أن العمل الميداني الذي يشتمل على مسح الإحصاء سينفذ في الفترة الواقعة ما بين تشرين أول 2008 وشباط 2009.

الجدول الزمني

واستنادا الى المعطيات التي أوردها التقرير، فإن عملي الإحصاء بدأت فعليا في آب وبداية أيلول 2008 عبر تجنيد وتدريب حوالي 2500 عنصر من أفراد الطاقم وبضمنهم مدراء المكاتب والمشرفين والمنسقين إضافة إلى حوالي 2100 من المركزين وإقامة 12 مكتبا إقليميا والتكيف مع المنطقة.

وحددت الفترة ما بين 7 - 18 كانون أول الموعد للتكيف مع الميدان واختيار خلايا التعداد للعينة وتعداد جميع المساكن والأبنية بدون الدخول إلى المساكن.

في حين حدد يوم 28 أيلول - 19 شباط كموعد لوصول المركزين المزودين ببطاقات تحمل صورهم إلى المساكن التي سجلت في المرحلة السابقة لإجراء المقابلات مع العائلات التي اختيرت للعينة. وسيتم توثيق المقابلة على جهاز كمبيوتر محمول. وستتم المقابلة مع فرد واحد من العائلة يبلغ من العمر 18عاما فما فوق والذي يتواجد في البيت عند وصول المركزين إلى منزل العائلة، وذلك بتاريخ 27 كانون أول 2008 اليوم المحدد لتعداد السكان. وستستغرق المقابلة ما بين 20 إلى 30 دقيقة. وأن العائلات التي لن تكون متواجدة في منازلها في ذلك اليوم ستحصل على استمارة تقوم العائلة بتعبئتها ذاتيا. وسيقوم المركزون بجمعها في وقت لاحق.

كما تشير المعطيات الواردة في التقرير الى أن الفترة الواقعة ما بين آذار وأيار 2009، ستكون موعدا لإجراء مقابلات عبر الهاتف مع الأشخاص الذين لم يكونوا متواجدين في منازلهم عند زيارة المركز. وخلال ذلك، سيجري التأكد من عنوانهم الصحيح.

وبحسب القائمين على الإحصاء فإن البيانات المجمعة ستشكل البيانات الرسمية لإسرائيل وهي تعتبر ملكية عامة ومن حق الجمهور الحصول عليها. ويطبق الإحصاء حسب القانون الرسمي الإسرائيلي للإحصاء (النص الجديد) للعام 1972. وبحسب القانون، فان كل شخص ملزم بالاستجابة لمركزي دائرة الإحصاء الإسرائيلية. ولإنجاز هذه المهمة يتعين نشر قانون الإحصاء ممهورا بتوقيع رئيس الوزراء الاسرائيلي.

السرية ونشر النتائج

وفقا للقانون الإسرائيلي، فإن جهاز الإحصاء المركزي ملزم بالابقاء على السرية في العمل، حيث أن بيانات الإحصاء ستنشر في شكل ملخص إحصائي ولن يجري الكشف عن التفاصيل الشخصية للأشخاص الذين تجري المقابلات معهم. كما أنه من المحظور على دائرة الإحصاء الإسرائيلية، بموجب القانون، توفير أية معلومات لأي مؤسسة سواء كانت حكومية أو عامة أو تجارية أو خاصة، من شأنها تحديد هوية الأفراد.

وستقوم دائرة الإحصاء بنشر نتائج الاستطلاع للجمهور عام 2010، عبر صفحتها الالكترونية وعلى أقراص مدمجة وفي شكل منشورات مطبوعة.

الإحصاء بين الأمس واليوم

وِأشار تقرير مركز القدس إلى أن السلطات الإسرائيلية قامت وعقب احتلالها للمدينة المقدسة بإجراء إحصاء في مدينة القدس، منحت على إثره من أحصتهم في المدينة المقدسة وعددهم 66 الفا، بطاقة الهوية الزرقاء التي تمنح الفلسطينيين في القدس حق الإقامة الدائمة في مدينتهم!!. واعتبرت كل مقدسي لم يتواجد في المدينة لحظة إجراء الإحصاء غائبا ينطبق عليه قانون أملاك الغائبين الذي سنته في العام 1950 والذي مكنها من مصادرة ممتلكاته وإحالتها إلى ما يسمى بـ "حارس أملاك الغائبين."

كما لم تسمح للفلسطينيين الذين اعتبروا غائبين بدخول مدينتهم إلا بعد الحصول على تصريح خاص لا يمنح إلا لمن لم يرتكب مخالفات أمنية - تبعا للتفسيرات الإحتلالية. كما أن السلطات الإسرائيلية لم تمنح حق الإقامة في المدينة المقدسة لنحو 30 ألف فلسطيني مقدسي يقطنون القرى المحيطة في القدس. وعلى ضوء ذلك، فقد الآلاف من المقدسيين ممتلكاتهم وحقهم بالعودة إلى مدينتهم.

وفي حين أن الجدار الذي أقيم بطول 168 كلم لعزل القدس عن بقية أراضي الضفة الغربية، قد ساهم بعزل نحو 114 ألف نسمة من المقدسيين خارجه - حسب مكتب تنسيق الشؤون الإنسانية التابع للأمم المتحدة. كما شتت عائلات فلسطينية بأكملها، وأسهم في الإمعان في انتهاك حقوق الفلسطينيين المختلفة التي أقرتها الشرائع الدولية. وكانت محكمة العدل الدولية قد أفتت في رأيها الاستشاري بعدم قانونية تشييده في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس. ودعت إسرائيل إلى وقف أعمال البناء فيه، وتفكيك الأجزاء المقامة داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة، والى تعويض الفلسطينيين المتضررين منه. يشار إلى أن أعمال البناء في الجدار توقفت لعدة أشهر بسبب شح التمويل إلا أن سلطات الاحتلال رصدت 250 مليون شيكل في 15 شباط 2008 لتجديد أعمال البناء فيه.

وفي ضوء المخطط 2020 الذي وضعته بلدية القدس للمدينة المقدسة، فسيتم تحويل القدس وبخاصة البلدة القديمة والغلاف الديني والحضاري المحيط بها الى مركز للشعب اليهودي بعد تخفيض الكثافة السكانية فيها وزيادة المساعدات وتشجيع المؤسسات الناشطة في مجال الاستيطان لتعزيز سيطرتها واستيلائها على المباني العربية وصولا إلى تحقيق هدف تحويل القدس لمدينة يهودية أحادية القومية.

فيما توصلت دراسة أعدتها الدائرة القانونية لمركز القدس، إلى أن من "الأهداف المعلنة للخارطة الهيكلية الجديدة للقدس، هي خلق إطار تخطيطي للاستمرار في تطوير المدينة كعاصمه لإسرائيل ومركز للحكم مع الحفاظ على ما يسمى بالقيم الخاصة بها، وتأمين مستوى حياة أفضل لجميع سكانها، في حين أن الهدف الحقيقي من هذه الخطة الجديدة هو المحافظة على الميزان الديمغرافي داخل حدود المدينة بحيث يحتفظ اليهود بنسبة تواجد ديمغرافي لا تقل عن 70% مقابل 30% للعرب أو أقل من ذلك، من خلال منع الهجرة السلبية لليهود من المدينة، خاصة أن بعض الإحصائيات توقعت أن تصل نسبة المواطنين العرب في القدس حتى العام 2020 إلى 60% ما يعني أن اليهود سيصبحون أقلية فيها."

التأثيرات المتوقعة للإحصاء

ويؤكد التقرير أنه بخلاف حالة البلبلة والفوضى التي من الممكن أن يحدثها الإحصاء بين الفلسطينيين في القدس بسبب تجاهل الجهات الرسمية الإسرائيلية توفير المعلومات الكافية عن الإحصاء وتوضيح أهدافه، والإبقاء على الغموض الذي يكتنف الكثير من الأمور التي تحيط به، ويتوقع لهذا الإحصاء أن يتسبب في الكثير من الإشكالات للمواطنين الفلسطينيين في مدينتهم من أبرزها:-

أولا - السكن:

ومن المعلوم أن الفلسطينيين في المدينة المقدسة يعانون من ضائقة سكنية متفاقمة بسبب سياسات البلدية التي تتجاهل وضع المخططات الهيكلية للأحياء العربية إضافة الى وضع العراقيل الكثيرة أمام البناء العربي في المدينة.

ويعاني المقدسيون من التكاليف الباهظة لاستصدار تراخيص البناء. فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة بناء مسكن بمساحة نصف دونم من الأرض 109,492 شيكلا تشمل فتح الملف والضرائب المختلفة، ما حدا بالمقدسيين الذين يقع 67% منهم دون مستوى خط الفقر بحسب بيانات البلدية، وتحت ضغط الحاجة للسكن أمام النمو الطبيعي للسكان الى تشييد العديد من الأبنية بدون الحصول على تراخيص من بلدية القدس التي تشير معطياتها الى وجود حوالي 15 ألف شقة عربية غير مرخصة في المدينة في حين يبلغ عدد الشقق الفلسطينية المرخصة 38,2 من إجمالي عدد الشقق التي يمتلكها العرب في المدينة والبالغ عددها حوالي 33638 بحسب كتاب الإحصاء السنوي للقدس للعام 2004.

ويشير التقرير الى محدودية الأراضي التي تخصصها بلدية القدس للبناء العربي في مدينة القدس، علما بأن هناك تقديرات تشير إلى أن الفلسطينيين في القدس البالغ عددهم نحو 230 ألف نسمة بحاجة لنحو 28 ألف وحدة سكنية مع حلول العام 2020.

وهناك سياسة فرض غرامات البناء الباهظة على المقدسيين والتي وصلت الى مبلغ 93,304,743.7 شيكل فقط بين عامي 2001 وعام 2005. كما تتوسع بلدية القدس في تنفيذ سياسة الهدم للمساكن العربية التي ترصد لها قرابة 2,5 مليون شيكل من ميزانيتها.

وتتبع البلدية الاسرائيلية سياسة منهجية في تقييد البناء العربي بالمدينة في مقابل تشجيع وتوسيع البناء اليهودي. ويشهد على ذلك أمير حيشن، مستشار رئيس بلدية القدس السابق تيدي كوليك الذي قال في كتاب (منفصلة وغير متساوية، القصة الداخلية للحكم الإسرائيلي في القدس الشرقية): "تضمنت خطة كوليك عام 1970 المبادىء التي ما زالت ترتكز إليها سياسة الإسكان - مصادرة الأراضي التي يمتلكها فلسطينيون وتطوير الأحياء اليهودية الكبيرة في القدس الشرقية وتقييد التنمية في الأحياء الفلسطينية."

وفي كتابه (التمييز في قلب المدينة المقدسة) يلخص مئير مرغليت سياسات بلدية القدس بـ"ارتكازها أساسا على أرضيات عرقية يمكن رؤيتها بسهولة عبر عدسة العنصرية... ويمكن تصنيف سياسة بلدية القدس بأنها تفرقة عنصرية خالية من أية أيديولوجيا جامدة. وهي تفرقة عنصرية تنفذ في الغياب النسبي للحقد القومي أو الديني."

وأمام هذا الواقع، فإن من شأن إجراء إحصاء للفلسطينيين في القدس أن يدفع الكثير منهم، وبخاصة القاطنين خلف الجدار إلى العودة لداخل حدود المدينة ليشملهم الإحصاء في إطار سعيهم للحفاظ على حقهم في الإقامة بالمدينة. وقد يضطر البعض لاستئجار شقق أو الإقامة لدى أقربائهم في القدس، مما سيؤدي إلى زيادة الضغط وارتفاع الطلب على السكن، والذي يقود بدوره إلى رفع أجور الشقق التي تتراوح في معدلها حاليا ما بين 500 الى 800 دولار لأرقام قياسية مما سيفاقم من الضائقة الاقتصادية التي يعانيها المقدسيون.

وتشير معطيات وحدة البحث والتوثيق في مركز القدس إلى أن الاكتظاظ السكاني المصحوب بارتفاع مستويات الفقر والزيادة الكبيرة في نسبة البطالة وسط المقدسيين الذين يشكل قطاع الشباب الجزء الأكبر منهم، سيساهم في بروز العديد من الآفات الاجتماعية في المدينة المقدسة.

كما يتوقع وقوع العديد من الإشكالات حول الملكيات في المدينة أو وقوع خلافات بين المستأجرين والمالكين الذين قد يلجأ البعض منهم للقضاء الإسرائيلي للحصول على أوامر إخلاء كما هو حاصل حاليا في العديد من القضايا.

ثانيا - سياسيا:

ويشير التقرير إلى التأثيرات السياسية لهذا الإحصاء، منوها إلى أن اتفاقية اوسلو التي وقعتها منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل في 13 ايلول 1993، الطرفين إلى الامتناع عن المبادرة أو القيام بأية خطوة تستبق مفاوضات الوضع النهائي. وكانت (خارطة الطريق) التي أعدتها اللجنة الرباعية استنادا لرؤية الرئيس الأميركي جورج بوش حول الدولتين الفلسطينية والإسرائيلية والتي عرضها في خطابه بتاريخ 24 حزيران 2003، تدعو الحكومة الإسرائيلية إلى تجميد جميع الأنشطة الاستيطانية وتفكيك المواقع الاستيطانية. وفي مؤتمر أنابوليس للسلام الذي عقد بميريلاند بالولايات المتحدة الأميركية في 27 تشرين ثاني 2007، جرى التأكيد على إعادة إحياء (خارطة الطريق).

وقد تعهد الطرفان الفلسطيني والإسرائيلي خلال المؤتمر بالانخراط في عملية مفاوضات مكثفة لغرض التوصل لاتفاق سلام مع نهاية العام 2008، إلا أن تصريحات أولمرت في أنابوليس حول استعداده للتسوية وللتطرق لكل المواضيع الجوهرية، قد اصطدمت مع أفعاله المناقضة على أرض الواقع.

فقد تكثف في عهده الاستيطان الإسرائيلي في المدينة المقدسة بصورة لا سابق لها خلال الأشهر التسعة الأولى منذ انابوليس. ووفقا لتقرير أصدرته مجموعة الرقابة الفلسطينية التابعة لدائرة شؤون المفاوضات في منظمة التحرير الفلسطينية، يجري العمل على بناء 3484 وحدة استيطانية في القدس المحتلة. كما تواصل إسرائيل أعمال الحفريات في ثلاثة أنفاق قرب الحرم القدسي الشريف ومنطقة سلوان، إضافة إلى تواصل أعمال البناء في مشروع شارع رقم 20 الذي يلتهم مساحات واسعة من أراضي بيت حنينا بطول اربعة كيلومترات وعرض عشرة امتار. كما يتواصل العمل بمشروع القطار الخفيف في منطقة شعفاط والشيخ جراح لربط مستوطنات بسغات زئيف والنبي يعقوب والتلة الفرنسية مع القدس الغربية.

في حين طرحت الحكومة الإسرائيلية ثمانية عطاءات لبناء ما مجموعه 2210 وحدات سكنية استيطانية في القدس، أي بزيادة 16 ضعفا عما كان عليه الوضع قبل أنابوليس. وصادقت الحكومة الإسرائيلية على مشاريع بناء 4370 وحدة استيطانية في المستوطنات المقامة على أراضي القدس، فيما أعلنت عن طرح بناء 5247 وحدة سكنية استيطانية في المدينة لإطلاع الجمهور. وفي 12 تشرين أول 2008 جرى الافتتاح الرسمي للكنيس اليهودي الذي أطلق عليه (خيمة إسحاق) في قلب الحي الإسلامي في القدس قرب المسجد الأقصى المبارك.

كما تنوي السلطات الإسرائيلية بناء 60 وحدة استيطانية جديدة في مستوطنة معاليه زيتيم المقامة على أراضي راس العامود وبناء 200 وحدة استيطانية في منطقة واد الجوز على أنقاض منازل 40 عائلة عربية تقيم في المنطقة.

وأخفق أولمرت في إحراز أي تقدم جوهري في طريق السلام، واستمر في إغلاق مؤسسات القدس ومنع أي نشاط للسلطة الوطنية فيها. كما لم تتوقف سياسة هدم البيوت وحرمان المقدسيين من حق إقامتهم في قدسهم من خلال سحب بطاقة هوياتهم وإخراج الآلاف منهم خارج حدود الجدار لرسم المعالم الحدودية للمدينة من جانب واحد.

واستبعد تقرير مركز القدس خروج الإحصاء عن نطاق تلك السياسات الإسرائيلي التي يمكن إيجازها بالحصول على أرض أكثر وعرب أقل. ولا يستبعد أن يصب استغلال بيانات هذا الإحصاء في خدمة السياسات الإسرائيلية القاضية إلى الإبقاء على احتلال المدينة المقدسة والإيغال في التنكر للحقوق التاريخية للسكان الفلسطينيين الأصليين للمدينة الذين كانوا يملكون كل شيء في المدينة ولم يتواجد في قسمها الشرقي أي يهودي قبل الاحتلال، إلا أنه بعد العام 67، تمكنت إسرائيل من سلبهم حوالي 86% من أراضيهم التي يستوطن فيها 180 ألف مستوطن يهودي وفقا للكتاب الإحصائي السنوي للقدس للعام 2007.

وحذر التقرير من أن مواصلة عمليات الاستيلاء على الأراضي الفلسطينية في القدس والمتزامنة مع الضغوط الاقتصادية والسياسات العنصرية ضد الفلسطينيين، ستزرع المزيد من الألغام التي قد تنفجر في موجات عنف مستقبلية لا يستطيع احد أن يتنبأ بحجمها وقوتها، وبخاصة فقدان الأمل بالمستقبل الواعد لدى الشباب المقدسي الذي يشكل الغالبية من السكان بعد أن سدت في وجهه كل السبل وزاد نسبة بطالته بعد منع من تعرض للاعتقال الأمني من العمل في أماكن العمل الإسرائيلية.

القدس والقانون الدولي

وفي إشارته إلى خلفيات الإجراءات الإسرائيلية وتعارضها مع القانون الدولي، يتطرق التقرير إلى موقف القانون الدولي وقرارات الشرعية الدولية التي تؤكد على عدم جواز اكتساب الأرض بالقوة والتي تعتبر القدس مدينة محتلة تنطبق عليها قواعد وأحكام القانون الدولي الإنساني وبخاصة اتفاقية جنيف الرابعة لسنة 1949 التي صادقت عليها إسرائيل في 6 تموز 1901. كما تنطبق على القدس الأنظمة الملحقة بلائحة لاهاي للعام 1907. وهذا ما أكدت عليه من جديد فتوى محكمة العدل الدولية الصادر في 9 تموز 2004، مما يفرض على القوة المحتلة (إسرائيل) الالتزام بقواعد قانون الاحتلال الحربي، والتي منها أن الاحتلال الذي لا يكتسب السيادة على الأرض ما هو إلا حالة مؤقتة وبأنه يحظر على سلطة الاحتلال أن ترحل أو تنقل جزءا من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلها، ويحظر عليها فرض العقوبات الجماعية كما يحظر عليها تدمير الممتلكات الخاصة أو العامة وعليها احترام الممتلكات الثقافية. وأن القوة المحتلة لا تكتسب ملكية الممتلكات غير المنقولة في الأراضي المحتلة.

كما أن قرارات الشرعية الدولية المختلفة ذات الصلة الصادرة عن مجلس الأمن الدولي والجمعية العامة للأمم المتحدة، تؤكد على أن الأعمال التي تقوم بها إسرائيل، لتغيير وضع القدس الشرقية المحتلة وتركيبتها السكانية، لا تتمتع بالصلاحية القانونية وهي لاغية وباطلة، كما أن المستوطنات الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية المحتلة بما فيها القدس تشكل خرقا للقانون الدولي وتمثل عقبة أمام السلام والتنمية الاقتصادية والاجتماعية لأبناء الشعب العربي الفلسطيني.

وتؤكد على أن من شأن الانتهاكات المتكررة من جانب الاحتلال الإسرائيلي وعدم امتثاله للقرارات الدولية والاتفاقات الموقعة بين الطرفين، تقويض عملية السلام في الشرق الأوسط وتهديد السلم والأمن الدوليين.

ويقول زياد الحموري مدير مركز القدس للحقوق الاجتماعية والاقتصادية أن الأسرة الدولية ملزمة بالعمل على إنهاء أي معوق يحول دون ممارسة الشعب الفلسطيني لحقه في تقرير مصيره في وطنه وأرضه وعاصمته المستقبلية. وانطلاقا من التزام جميع الدول باتفاقية جنيف الرابعة، فإن على أفراد الأسرة الدولية واجب التأكد من إمتثال إسرائيل لقواعد هذه الاتفاقية، واتخاذ خطوات عملية لإزالة الاحتلال وآثاره من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة وبخاصة القدس. وعدم ترك الطرفين مواصلة الخوض في مفاوضات عبثية لا تحرز أي تقدم فعلي، في وقت يواصل فيه الجانب الإسرائيلي فرض الحقائق على الأرض ورسم الحدود من جانب واحد.