الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

عندما تلاحق الماشية في سهل البقيعة.. وتزج في سجن جماعي لدواع أمنية!

نشر بتاريخ: 29/11/2005 ( آخر تحديث: 29/11/2005 الساعة: 17:45 )
طوباس ــ معا ــ عبد الستار شريدة- لم يكن يخيل للمواطن عبد الله بني عودة من خربة عاطوف الواقعة الى الشرق من مدينة طوباس,ان ياتي اليوم الذي تلاحق فيه ماشيته من قبل الجيش الاحتلال ، وتزج في سجن جماعي مع الاف رؤوس الماشية الخارجة على القانون حسب الادعاء الاسرائيلي ، او ان يضطر مع عشرات مربى الماشية لدفع كفالات مالية للافراج عن ماشيتهم المحتجزة لدواع امنية فيما اصطلح على تسمية بسجن الاغنام الاحتلالي المقام بالقرب من منطقة الجفتلك في الاغوار.

ما يجري في عاطوف ليس حبكة درامية لسيناريو فيلم ينتمي لموجة الفنتازيا, بل هو حقيقة يعيشها عشرات مربي الماشية في الخربة وسهل البقيعة الممتد من بلدة طمون غربا وحتى الحدود الاردنية شرقا على مساحة قدرها 98 الف دونما, وهذه المساحة الشاسعة من الاراضي الخصبة هي موطن لثمانية عشر عائلة فلسطينية في بيوت مشيدة من سلاسل حجرية اعانها الطين كي تتماسك مع الواح الصفيح التي تغطي سقف ما يسمى بمنزل العائلة
.
سبب هذه البلاء في عاطوف يكمن في كونها منطقة عسكرية مغلقة صادر الاحتلال 60% من ارضيها بعد نكسة 1967 واعتبرت منذ ذلك الحين بؤرة للاستيطان ومعسكرات التدريب الاحتلالي, اذ اقيم على اراضي سهل البقيعة ثلاث مستوطنات وخمسة عشر معسكرا تسببت على مدار اربعين عاما باصابة واعاقة ثلاثة واربعين مواطنا جراء مخلفات الاحتلال الذي يتعمد زرعها بين "منازل" المواطنين الى استشهاد احد عشر مواطنا حسب احصائية اعدتها بلدية طمون
.
وقد قام الاحتلال وبحجة حماية المستوطنات ومعسكرات الجيش بعزل سهل البقيعة من محيطه الفلسطيني,حيث قام مع بداية انتفاضة الاقصى بحفر خندق من الجهة الغربية للمنطقة ــ بشكل عرضي ــ من جبل البقيعة وحتى جبل الحديدية, مع تعذر سلوك المواطنين لمنافذ وطرق الجهة الشرقية نظر لمتاخمتها لمستوطنة بقعوت التي تبعد اقل من نصف كيلو متر عن التجمع السكاني,ما حال دون تواصل المواطنين مع القرى المجاورة
.
لم يكف جيش الاحتلال ومستوطنوه بسياسة الخنق المفروضة على المنطقة بل تعداها الى اخطار المواطنين بهدم منازلهم وعدم التواجد فيها,حيث منع المواطنون من اقامة الابنية وشق الطرق وقاموا بتدمير ما تم بناؤه من منازل مشيدة من الباطون, ليقتصر سكن المواطنين داخل بيوت من الشعر او سلاسل حجرية على هيئة منازل غير امنة.

صمود المواطنين في الخربة وسهل البقيعة اربك جيش الاحتلال, ودفعه الى تنظيم حملات مداهمة ليلية بحجة التفتيش عن مطلوبين,بينما الغرض من ذلك هو استفزاز المواطنين واجبارهم على الهجرة من اراضيهم ومنازلهم من خلال الاجراءات التعسفية المتمثلة بالقاء الملابس والاثاث في العراء وخلط السكر بالملح والشعير بالقمح ومصادرة الاليات الزراعية وصهاريج تقل المياه واتلاف صهاريج التخزين.

وكرس الاحتلال كل الوسائل المتاحة لجيشه في سبيل تهجير من تبقى في سهل البقيعة وعاطوف,ولجا اخيرا الى احتجاز المئات من رؤوس الماشية في سجن الاغنام في المنطقة الجفتلك والزم اصحابها بدفع عشرين دينارا اردنيا "حوالي 30$" عن كل راس يتم الافراج عنه,واضافة الى خمسين دينارا "حوالي 70$" عما يقدمه الاحتلال للماشية من اعلاف طيلة الفترة المحتجزة.

رغم كل المحاولات الاسرائيلية لترحيل الثمانية عشر عائلة المتبقية في عاطوف الا ان المواطنين يصرون على التشبت بالارض وفلاحتها غير ابهين بقرارات الاحتلال العسكرية التي تحرمهم من زراعة الارض واستغلال خصوبتها التي لا تتوفر في غيرها من المناطق.