الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

المحرّرة عطاف عليان لـ"معا": أنظار كافة الأسيرات تتجه صوب صفقة شاليت

نشر بتاريخ: 26/10/2008 ( آخر تحديث: 26/10/2008 الساعة: 12:01 )
رام الله- معا- أفرجت سلطات الاحتلال، مساء الخميس الماضي، عن الأسيرة عطاف عليان بعد اعتقال دام 3 سنوات، ليصل مجموع ما قضته في المعتقلات الإسرائيلية إلى 14 عاما.

وأكدت عليان في مقابلة مطوّلة مع "معا" أن معنويات الأسيرات ترتفع عندما يسمعن أخبارا إيجابية عن قرب تنفيذ صفقة الجندي الإسرائيلي الأسير في قطاع غزة جلعاد شاليت، ويتعرضن للإحباط في حال إعترضت عقبات أخرى طريق الصفقة.

وشددت في سياق آخر على أن السجون تفتقر لأدنى الاحتياجات الخاصة للنساء، ومعاناة الأسيرات الأمهات مضاعفة. "والإيمان هو العزاء الوحيد لأي أسيرة خلف قضبان الاحتلال في ظل تراجع الإهتمام الفلسطيني بقضية الأسرى".

وتلفت المحررة عليان إلى أن قضاة الاحتلال وحتى بعض المحاميين يدْعون الأسرى والأسيرات إلى الإعتراف بأعمال لم يقوموا بها، وذلك لتسهيل تعرض المعتقل للحكم بما إعترف به، وبالتالي "يتخلص من كابوس الإداري".

وحول الوضع الفلسطيني العام ترى عليان أن العبرة ليست بالتوصل لإتفاق بين فرقاء الأزمة، وإنما بوجود نية صادقة لطي صفحة الماضي. مؤكدة في هذا الإتجاه "أن الأوْلى أن يتم القتال لأجل القضية لا على وهم وخيال".

وفيما يلي النص الكامل للمقابلة:

س: بداية، من هي عطاف عليان؟ ولو تعطينا موجزا عن رحلة المعاناة مع الأسر؟

ج: عطاف حسين عليان، لاجئة فلسطينية، ولدت في بيت لحم عام 1962، متزوجة من الأديب والأسير وليد الهودلي، تعرضت للأسر للمرة الأولى عام 1987 وحكمت 15 عاما، قضيت منها عشرة، وخرجت من السجن عام 1997، ومن ثم أعتقلت إداريا في العام نفسه، وخضت إضرابا مفتوحا عن الطعام لمدة 40 يوما "احتجاجا على اعتقالي بالدرجة الأولى ، وكذلك رفضا للإعتقال الإداري بشكل عام" ليتم بعد ذلك الإفراج عني مع عدد من الأسيرات، ومن ثم أكملت تعليمي الجامعي وحصلت على البكالوريوس في علم الاجتماع . والسجنة الثالثة كانت عام 2003 وقضيت خلالها 9 شهور، وفي نهاية عام 2005 تم إعتقالي مجددا ليتم الإفراج عني الخميس الماضي.

س: أي من حالات الإعتقال الأربعة تركت أثرا أكبر في نفسيتك؟

ج: فترة الإعتقال الأخيرة هي الأصعب إنسانيا؛ حيث تركت إبنتي وكان عمرها سنة وشهران فقط، وكنت في حيرة بين أن أحضرها لرحلة المعاناة في داخل السجون، أو أتركها بعيدة عني خارجها، وكان السجانون يرفضون إدخالها لزيارة مفتوحة معي "رغم إعطاء القانون الإسرائيلي الأم الأسيرة الحق في رعاية طفلها ما دام عمره يقل عن سنتين". وبعد إضراب عن الطعام خضته لمدة 16 يوما تمكنت من إدخالها عندي في السجن. وقد لاقت الطفلة عائشة صعوبات كبيرة في التكييف مع الظروف القاسية في المعتقل لدرجة أنها كانت تمسك بي وتصرخ كلما رأت سجانا يرتدي لباسا أزرق ؛ لأنها كانت تظن أنه سيأخذها مني، وعندما وصل عمرها إلى عامين أبعدتها إدارة السجن عني. بالإضافة إلى ذلك فإن الإعتقال الإداري وعدم وجود سقف زمني للإفراج تهدم نفسية الأسيرة وتجعلها تعيش في حالة من التوتر الإحباط الدائمين، "ومن المفارقات ان هناك محاميين يدعون الأسير أو الاسيرة إلى الإعتراف بأي عمل حتى وإن لم يقم به، وذلك حتى يتم النطق بالحكم بحقه؛ وبالتي يتمكن المعتقل أو المعتقلة من معرفة موعد الإفراج ويتخلص من كابوس الإداري".

س: هل تلبي ظروف المعتقل الحد الأدنى من إحتياجات النساء الخاصة؟

ج: لو كان السجن قصرا من ذهب، وتتوفر فيه الاحتياجات الانسانية يبقى سجنا، وليس من السهل أن أسمع عن أمي مريضة ولا أستطيع أن أكون إلى جانبها، أو لدى أهلي مناسبة لا أتمكن من حضورها. فضلا عن ذلك أستطيع أن أصف الوضع داخل السجن بـ "القربة المخروقة" فكلما تحقق الحركة الاسيرة إنجازا معينا تحاول إدارة المعتقل التحايل وسحب الإنجازات بوسائل متعددة، هذا في الوقت الذي تواجه فيه الأسيرات الأمهات معاناة مضاعفة وأخص بالذكر فاطمة الزق وهي أم لثمانية أطفال ولديها رضيع يعيش معها داخل المعتقل، وقاهرة السعدي وهي أم لأربعة أطفال وتقضي حكما بثلاثة مؤبدات، والأسيرة المسنة ام النصر أم لست أبناء وتقضي حكما بالمؤبدات.

س: ماذا عن معنويات الأسيرات خلفك؟

ج: الإيمان وحده هو الذي يقوي كافة الاخوات في السجن، ولكن جميع المعتقلات في السجون يعلقن آمالا كبيرة على صفقة تبادل الأسرى بين الفصائل الآسرة للجندي الإسرائيلي، والاحتلال الإسرائيلي، خاصة بعد الانباء التي تحدثت عن أن المفاوضين الفلسطييين في هذا الشأن يطلبون الإفراج عن كافة الأسيرات كرزمة واحدة من اجل تنفيذ الصفقة، فمعنويات الأسرات ترتفع مع "الأخبار الايجابية عن الصفقة وتتدهور كلما سمعن تعقديدات جديدة في هذه القضية"

س: كلمة عن زوجك الأسير وليد الهودلي؟ وابنتك عائشة؟

ج: زوجي الآن أسير لدى الاحتلال وقد أمضى ما يزيد عن 12 عاما في السجون، وهو مؤلف معروف، جل كتاباته عن الأسرى، وهو أول من صور معاناة المعتقلين المرضى في مؤلف"مدافن الأحياء". ووليد لا ينفك عن التأليف في داخل أو خارج السجن. أما ابنتي عائشة فهي ذكية للغاية، والحمد لله لم ترفضني عندما خرجت من السجن كما حصل مع عدد من المحررات عندما رفض اطفالهن قبولهن بعد غياب طويل، وكانت غالبا ما تختطف الأضواء عندما كانت بجانبي في المعتقل لدرجة أن الاخوات أطلقن على الجناح الذي كانت تتواجد فيه "جناح عائشة".

س: كيف تصفي عملية إندماج الأسيرة المحررة مع المجتمع الخارجي بعد الإفرج؟

ج: عندما خرجت من السجن في المرة الأولى بعد 10 سنوات من القهر، ظلت مصطلحات المعتقل تطاردني وبقيت انعكاسا سلبيا على نفسيتي، حتى عندما توجهت إلى الجامعة لإكمال تعليمي كنت أقل لاهلي" أنا رايحة على السجن، أو اجيت من السجن، أو حكيت مع الضابط"، وليس هذا فحسب ففي بعض الحالات يعمد الاحتلال إلى إعتقال الفلسطينيين على خلفية علاقة اجتماعية مع أسير أو أسيرة محررة، بعيدا عن أي إنتماء لاي فصيل، وهذا يؤدي إلى التقوقع في المحيط الاجتماعي للمحرر/ة.

س: هل تجدين إهتماما شعبيا ورسميا فلسطينيا بقضية الأسرى يرتقي إلى حجم معاناتهم؟

ج: هناك حالة من الضعف الفلسطيني بشكل عام، انعكس على كل جوانب الصراع مع الاحتلال، ومن ضمن ذلك إهمال قضية الاسرى "فالجسد كله خربان".

س: وما هي رسالتك إلى الفصائل الفلسطينية؟

ج: نحن الفلسطينيين بحاجة الى نهوض نفسي وترميم للذات حتى نتخلص من هذه الحالة التي نعيش والتي لا تسر أحدا، وإذا لحقت أي هزيمة بأي طرف أو فصيل فإن ذلك ينعكس على الواقع العام. والى كافة الأحزاب، وخاصة فتح وحماس أقول إن العبرة ليست بالتوصل إلى إتفاق للمصالحة، وإنما بالنية الصادقة لدى الجميع لطي صفحة الماضي. وايلاء القضية جل الإهتمام أولى من الإقتتال على وهم وخيال في ظل إفتقاد مقومات الدولة.