الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

طوشـة... بقلم: عيسى قراقع

نشر بتاريخ: 06/12/2005 ( آخر تحديث: 06/12/2005 الساعة: 12:20 )
بيت لحم- معا- انتهت انتخابات فتح التمهيدية... نظرت فلسطين المنكوبة إلى أبنائها... وجدتهم جرحى مصابون بخناجر الديمقراطية الفتحاوية الغريبة والعجيبة، ديمقراطية الإبداع في إيذاء الأخوة لبعضهم البعض، والتفنن في نصب المكائد وتدمير الذات والتسلق على آلام الضحايا.

وعندما جلسنا أمام رئيس الوزراء أبو العلاء وحوله أعضاء من اللجنة المركزية، بدأ الأخوة يتهمون بعضهم البعض، بالتزوير، والاحتيال، والغش، وعلا الصراخ، واحتدت الكلمات القاسية، وصار المكان عبارة عن طوشة بين القيادات وطوشة بين الفائزين والساقطين، وبالنتيجة أفرغ الجميع التجربة من قيمتها ومضمونها وبريقها فظهرنا أمام اللجنة المركزية التي استمعت لنا طويلاً وعلى شفاهها ابتسامة صفراء، ظهرنا كالأقزام غير المحترمين، وخاصة أن قانون المحبة الفتحاوي قد دعس عليه الأخوة بأحذيتهم وكلماتهم الجارحة.

إن هذا التمزق الداخلي كان متوقعاً، لأن العقل المبجل الذي صمم آليات البرايمرز كان يعرف أن هذه الآلية ستدخل الجميع في مذبحة واحتقان سيستمر طويلاً وسيعكس نفسه على الانتخابات القادمة....

الفائزون يفتخرون أنهم حظوا بثقة الشعب والساقطون الضحايا يقولون أن الصناديق زورت وأن أجهزة الأمن لعبت دورها الفاعل في العملية وأن إدارة العملية الانتخابية كانت سيئة جداً أدت إلى وجود أخطاء وخلل هنا وهناك فمن هو الفائز إذا...من فاز فقد فاز بالتزوير وبقوة جهاز معين، ومن سقط فقد سقط لأنه لم يتقن أدوات اللعبة بإتقان..

الصورة سوداء...بشعة...فتح تحولت إلى أفراد يتزاحمون ويتشاجرون ويصرخون ويتهمون ويشككون...لغة الحقد والانتقام برزت بوضوح وغابت الحقيقة وسقطت الديمقراطية في نهر التناقضات عميقاً...ضاعت الفكرة...

كان المنظر محزناً في مجلس الوزراء...أصدقاء تفرقوا...وأحباء تمترسوا في خنادق مختلفة ضد بعضهم البعض... والقيادة تستمتع بهدوء وصبر إلى أبنائها المتصارعين...وفي داخلهم يقولون لقد وصلنا إلى الغاية...أنها قيادات غير مؤهلة لممارسة الديمقراطية والقيادة...أنهم أولاد يحتاجون إلى أب والى سلطان يقرر لهم ما يفعلون...وربما قالوا... لن نكرر ذلك أبداً..العمل الديمقراطي لا يناسب هؤلاء... وسياسة التعين أثبتت نجاحها...نفذ ثم ناقش هذا هو الحل العسكري ألجازم لهؤلاء المختلفين...

ولأنه حصل كل ذلك.. وبعد انتهاء الطوشة في الصناديق، وبعد أن أدلى الناس بأصواتهم تحول الصراع إلى شكل آخر...الكل الآن موجود في رام الله، الفائزون والساقطون، الكل يحاول أن يقنع القيادة بذاته وأنه الأفضل أو أنه المظلوم...والكل يريد أن يصطاد مسؤولا مقرباً من دائرة القرار ليحتمي به ويهتم به وهذا غريب...رغم الديمقراطية الشعبية الواسعة والفضفاضة المهلكة التي دخل في إطارها أبناء فتح، عادوا جميعاً إلى الرأس ليقرر...كأن نتائج القاعدة مهزوزة أو نحن الذين هززناها إلى درجة أن أحد الأخوة طالب علناً أن تقوم القيادة بتعيين من تشاء...

ويقدر المحللون أن قيادتنا الآن لو قررت أي شيء لن يلقى معارضة بسبب عدم وجود انسجام وقناعة عامة لدى قواعد فتح حول البرايمرز الذي جرى...وربما كان الوصول إلى هذا الهدف هو الإستراتيجية التي بني عليها نظام البرايمرز...

كم نحن حزانى...نثير الشفقة...شبان يستحقون كل خير، يستحقون الدعم والثقة وفتح آفاق المستقبل أمامهم...مناضلون رائعون أصبحوا الآن في طاحونة مقيتة، يطحنون نفوسهم ومشاعرهم وأحلامهم...

لماذا حدث ذلك...من المسؤول عن هذا...

لا أدري...ربما فاتحة الفنجان ستقول لي وتجيبني بالأسرار وما هو قادم في القريب...