الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

سعدي الكرنز لـ معا:كتلة المستقبل جزء أصيل من حركة فتح وخطوتنا الأولى ستكون ضد الفساد ومكوناته والاحتلال وسياساته

نشر بتاريخ: 20/12/2005 ( آخر تحديث: 20/12/2005 الساعة: 16:20 )
خانيونس- معا- أثارت قائمة المستقبل جدلا ً سياسيا وتنظيميا كبيرين ليس في الشارع الفلسطيني فحسب وإنما على الساحة العربية والإقليمية كونها تأتي في ظل ظروف صعبة وحرجة تعيشها حركة فتح بكافة أطرها وهياكلها التنظيمية ، وفي مفصل تاريخي من حياة الشعب الفلسطيني وخاصة ونحن مقبلون على مرحلة الانتخابات التشريعية والمنافسة القوية من قبل حركة حماس ومدى انعكاسات القائمة الثانية " المستقبل " على أجواء الانتخابات وفرص تقدم حركة فتح ، وحصولها على نسبة مرضية لها ولقاعدتها الفتحاوية التي تنظر بقلق بالغ لتشكيل قائمة ثانية.

وحول تخوفات أبناء حركة فتح وعدم وضوح الرؤية بالنسبة لقائمة "المستقبل " وتأثيراتها على مستقبل الحركة في ضوء منافسة حماس القوية ،كان ل -معا- هذا اللقاء مع الدكتور سعدي الكرنز رئيس لجنة الموازنة والشؤون المالية في المجلس التشريعي واحد اعضاء قائمة المستقبل والذي يوصف برجل" تكنوقراط" من الطراز الأول .

س1:- كيف تقرأ أوضاع حركة فتح الآن خاصة مع تصاعد وتيرة المنافسة مع حماس؟.

ج:- لا أعتقد أن هناك خلافا حول التشخيص القائل بأن فتح تواجه حقيقة تكاد تقترب من الأزمة، فهذه الحركة المناضلة تتمتع بقاعدة شعبية عريضة، وقادت النضال الوطني الفلسطيني نحو خمسة عقود، أحاطت بها التهديدات الخارجية والداخلية، وبدأت بعد تجربة إقامة السلطة تواجه أنماطاً جديدة للعمل النضالي والوطني، وقد تبنت في هذه الأثناء مبادرة سياسية تعتبر الأخطر في تاريخها، بيد أنها لعبت دور الحركة المناضلة التحررية والحزب الحاكم في آن واحد، وقد توسعت قاعدتها التنظيمية بشكل نوعي، ثم غاب عنها زعيمها وموحدها وملهمها الشهيد الراحل ياسر عرفات، رغم كل ذلك لم تحاول قيادة الحركة بشكل جدي إعادة النظر والتقييم الموضوعي لما آلت إليه أوضاعها التنظيمية أو مراجعة حقيقية لدورها في المرحلة المقبلة، فأنماط العمل التنظيمي بقيت كما هي، التجنح ازداد داخل قواعد الحركة وبين كوادرها بشكل ملفت للنظر وخطير، مبادئ العمل الجماعي والتدوير القيادي والاحتكام إلى قواعد المؤسسة يكاد يتلاشى، الفساد المستشري في السلطة جعل حركة فتح تتحمل وزر المرحلة وافقدها ثقة قطاعات واسعة من المواطنين ومن جماهير فتح نفسها.

على صعيد آخر فإن فتح حملت عبئاً ثقيلاً من موروثات الحالة الحركية المتمثلة في تعدد الأقطاب والفئوية والإشكاليات التنظيمية الداخلية مع محاولتها الضعيفة والسياسية والتنظيمية وتحديد علاقتها بالسلطة والعمل في إطار الواقع الجديد.

س2:- ما هي آليات الحل برأيكم للخروج من أزمة فتح الحالية ؟

ج:- الحديث عن الحل يجب أن يرتكز إلى قاعدتين رئيسيتين:

الأولى: إعادة النظر في الهيكلية التنظيمية لفتح بحيث يتم تفعيل مؤسسات فتح وفقاً للنظام الداخلي الذي يجب أن يراعي حجم التغيرات الهائلة التي تشهدها الساحة الفلسطينية، وعمل حقيقي ومسئول لتفعيل العمل الحركي ضمن الأسس التنظيمية، والأخذ باستحقاقات النظام الداخلي الذي يفترض فيه تنشيط الديمقراطية التنظيمية الداخلية وإعطاء القواعد والكوادر التنظيمية فرصة التطور التنظيمي وتوزيع الأدوار عليهم، وتوسيع قاعدة المشاركة التنظيمية وذلك لن يتحقق إلا بانعقاد مؤتمر حركي عام لفتح تنتخب فيه القيادات واللجان والهيئات الحركية.

ثانياً: يجب الاتفاق على برنامج سياسي واضح يمثل سقفاً لأي قيادة سياسية حركية فتحاوية قادمة، ويجب أن يراعي هذا البرنامج ويؤكد على الثوابت الوطنية التاريخية والمقدسة التي أقرتها م.ت.ف وخاصة فيما يتعلق بحق العودة والقدس الشرقية وإزالة المستوطنات والحدود، ويجب أن يكون هذا البرنامج مرجعاً ملزماً لأية قيادة سياسية فتحاوية وان يكون برنامجا واضحاً ومعلوماً لدى المواطنين، وذلك حتى نعطي الثقة لشعبنا الذي ناضلنا طويلاً من اجل تحقيقه.

س3:- ما هو برأيك سبب تقدم حماس في الانتخابات البلدية والتوقعات التي تشير إلى تفوقها في الانتخابات التشريعية القادمة؟

ج:- في البداية يجب التأكيد أن فتح هي حركة الناس كل الناس وهي الحركة الأكثر شعبية وجماهيرية، ولا مجال لمقارنة مؤيدي وأنصار حركة فتح مع أي تنظيم فلسطيني، إلا أن الظروف الذاتية الفلسطينية الحالية تجعل الرأي العام يبحث عن خيارات ليست بالضرورة تعكس التزاماً أيديولوجياً لموقف سياسي أو تنظيمي لحركة بعينها، بقدر ما هو تعبير لرفض مظاهر اجتماعية واقتصادية معينة، مثلاً حالة الفلتان الأمني وتكدس الحالات والمجموعات العسكرية التي خرجت عن أدوارها النضالية بحيث أصبحت عبئا أمنيا على المجتمع المحلي والظروف الاقتصادية المؤلمة للغالبية من المواطنين والإغلاقات الإسرائيلية المتكررة، والترهل الذي يضرب في البنية التنظيمية الفتحاوية والفساد المنتشر في عدد كبير من مؤسسات السلطة بدون أية إجراءات رادعة أو خطوات إصلاحية حقيقية تعطي المواطنين الثقة بالسلطة، ومن المؤكد أن فتح تدفع ثمناً غالياً لكل أخطاء السلطة وأدائها الباهت واستفحال الفساد فيها وهذا الثمن الغالي هو ثقة الجماهير بها وبأولويتها في استكمال مشروعها التحرري والقيادي.

س4:- ألا تعتقد أن كتلة المستقبل تثير أزمة حقيقية داخل فتح وتمثل انشقاقاً عن الحركة؟

ج:- لنتفق أولاً على مبدأ هام وهو أن كتلة المستقبل وكل أعضائها يؤكدون بما لا يدع مجالاً للشك أنهم جزء من حركة فتح بل ومن رموزها التاريخية ولن يكونوا يوماً خارج الحركة رغم محاولات البعض إلصاق تهمة الانشقاق لأعضائها، لكن وقائع حركة فتح وبكل ألوانها وأجنحتها وقواعدها تتفق على قاعدة أساسية لا يتم العمل بها وهي أن الحركة بحاجة إلى إعادة إحياء وتفعيل وأخذ موقعها المتقدم في الظرف الوطني الحالي والدخول في حقل العمل الوطني ضمن أدوات وفهم وآلية جديدة، هذه الآلية تعتمد على أهمية التمسك بالثوابت الوطنية المقدسة وبضرورة بعث الحركة ضمن طواقم عمل أكثر تجانساً واتفاقاً ووحدة، والعمل ضمن نظام مؤسساتي يعلي شأن العمل الجماعي ويهمل تفكير الجلسات الضيقة المغلقة التي تقرر مصير شعبنا ومستقبل حركتنا.

فكيف يمكن لحركة بقوة فتح واتساعها الطولي الشعبي أن تستمر ضمن برنامج لا يمت للواقع بصلة ولا يلامس حجم التغيرات التي يشهدها مجتمعنا وغير مستعدة بأي حال للتغيير أو توزيع الأدوار أو الاحتكام إلى جوهر أي عمل سياسي وتنظيمي وهو الانتخابات الداخلية، فهل يعقل أن تستمر الحركة بدون مؤتمر حركي منذ عام 1989 ودون أي استعداد من قبل قياداتها الحالية ؟ أليست هي مسؤولية الهيئات العليا ممثلة باللجنة المركزية التي لم تبادر إلى أي مشروع جاد وجوهري يستنهض فتح من حالتها الصعبة، هل يمكن القبول بأن يتم تعيين قوائم فتح للانتخابات التشريعية بدون أي اعتبار لإرادة قواعد وكوادر فتح الميدانيين الذين من حقهم أن يختاروا مرشحيهم للمجلس التشريعي؟ إننا نرفض مبدأ تعيين في تجربة مفتوحة ومهمة للاختبار الديمقراطي؟ لا يعقل أن تتم اختيارات الحركة للمرشحين وفقاً لرؤى مزاجية وشخصانية واستزلامية، إن إرادة القواعد يجب أن تحترم، ويجب أن يكون هناك خيار واحد فقط أثناء الترشيح يتمثل في إرادة أبناء فتح.

س5:- ما الذي يمكن أن تضيفه كتلة المستقبل للواقع الفلسطيني ولحركة فتح ؟

ج:- كتلة المستقبل تصر على رسالة المقاومة ومشروعيتها وليس كما يحاول البعض التنظير بأنها كتلة إسلامية، فأعضاء الكتلة مناضلون معروفون للجميع، ولا يعني قبول التفاوض مع الاحتلال أو القبول بمشروع التسوية الذي أقرته م.ت.ف ونفذته فتح أن يعد ذلك خروجاً عن القيم العليا للنضال، فالثورة في كل العصور وفي كل التجارب هي بندقية تقاتل وعقل يناور ويفاوض، والكتلة ستظل وفية لمبادئ فتح والمقاومة، وعلى الجميع أن يعرف أن أعضاء الكتلة سيبقون أوفياء لقيم فتح وثوابت المقاومة، ولن نخجل من إعلان رفضنا وعدم قبولنا بواقع فتح الحالي الذي يعلمه الصغير والكبير وسنتحمل مسؤولية هذه المبادرة الجادة التي تستغيث بكل شريف في فتح أن يساهم معنا في إعادة بعث وإحياء فتح وأخذ مكانها الحقيقي ودورها الريادي والمطالبة بتسوية أوضاع فتح ضمن أصول العمل السياسي المؤسساتي الذي يسمح بالتطور والتقدم ورفض السكوت عن تراكم الأزمات الذي أصبح سمة لقيادة فتح الحالية.

إن كتلة المستقبل ستكون المبادرة الأهم لإصلاح فتح والخطوة الأولى في طريق تخفيف عذابات مواطنينا ضد الفساد ومكوناته ورموزه وضد الاحتلال وسياساته وهمجيته.