الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الانتحار والنحر ليسا برنامجا تغييريا

نشر بتاريخ: 23/12/2005 ( آخر تحديث: 23/12/2005 الساعة: 10:35 )
معا - في الكثير من المنعطفات والبتحولات التاريخيةالتي تضيق فيها دائرة الخيارات, تتكشف المشاهد على فرز وتحديد للحقائق , على قاعدة الاهواء والمصالح العمياء, التي تاخذ في طريقها العام والخاص .

ولكي ابدأ من المكان الصحيح, أرى لزومافي التنويه الى أن حركة التحرير الوطني الفلسطيني - فتح, هي العنوان الآصيل الذي انبثقت منه الهوية الفلسطينية المعاصرة , وهي قب غيرها , قد تفرغت بترسيخ بترسيخ الخصوصية الوطنية للمجتمع الفلسطيني لحظة انفلات الشعارات والاحلاف والانظمة الحالمة من عقالها .

وحركة فتح هي التي تميزت , وتفردت بشعار القرار الفلسطيني المستقل , ودفعت ثمنه غاليا من لحم ودم وحرية قادتها ومناضليها, من أجل أن تبقى القضية حية وعصية على القهر والضياع .

نعلم ان حركة بهذه القوة والحيوية والاهمية , لابد أن تكون هدفا دائما لاعداء فلسطين وقضيتها, على طول المسافة بين انطلاقتها وتحقيقها النصر مع شعبها وقواه الحية طبقا للاهداف التي قامت على أساسها ألسنا أمام مفارقة بليغة في كون اخوتنا في القيادة- رئيساواعضاء لجنة مركزية- كلهم شهداء.

ان دم ياسر عرفات, ودموع الشعب الفلسطيني لم تجفوا بعد. والعذابات والآلام التي ألمت وتلم بشعبنا يجب أن لا تستغل وانتستثمر لآهداف وغايات شخصية , أنية ورخيصة. واجبنا جميعا التخفيف منهاوايجاد المستطاع من الحلول, كحد أدنى من الوفاء والتكريم لها.

ان الاخ محمود عباس يحاول باستمرار ودأب اصلاح وترميم الوضع الداخلي الفلسطيني بعد سنوات الحرب الاجرامية الصهيونية. لذلك ينبغي الالتفاف حوله ومساعدته في تسهيل مهمته, وليس محاصرته واضعاف دوره وقتل مسيرته في بناء وترسيخ دور السلطة والمؤسسات الوطنية. الميكفه النهج الشاروني الذي سعى ولا يزال الى تدمير معالم الوطن الذي تخص اليه أبصارنا؟

واذا كانت الديمقراطية في حركة فتح تستوعب الكثير من التلاويين الاجتماعية والطبقية وهامشا من الاجتهاد السياسي الذي ينتمي في بعده الى مسافة ماعن المسار الثابت- المتحرك تكتيكيا, فاننا نقبل ذلكشرط الالتزام في الاطار العام للبرنامج السياسي للحركة.

لكن الملفت, أن الفذلكات التي تخرج من داخل جسم الحركة قد استعادت مفردات وشعارات التفافية للنيل من الحركة ووحدتها, وكأن التطاول وتعمد اهانة القادة التاريخيين بات يمثل برنامجا سياسيا طموحا للتغيير الداخلي فيها, تحت شعار الاجيال الشابة والدم الجديد.

واذا كان البعض يوهمنا بأنه في الحركة ويحمل أمانةتصحيح أوضاعها وتنقيتها من الشوائب الكثيرة التي يعتقد بوجودها, فان اللحظة الدقيقة والحرجة في تاريخ الحركة والشعب الفلسطيني بأسره, تكشفه على نفاق وزيف حقيقين. واذا كانت نتائج الانتخابات البلدية في أجزاء من الضفة الغربية كشفت جانبا من انتهازية البعض, فان المستقبل مكشوف على مسار انقلابي أكثر خطورة من اللحظة الراهنة.

يذكرني هذا البعض بمصير المنشقيين عن حركة فتح في العام 1983, عندما دعو الى التصحيح السياسي والقضاء على الفساد هؤلاء ارتضوا قبل البدء بما اسموه تصحيحا ان يكونوا أدوات, ثم انتهوا عملاء وأثرا بعد عين.

ان الذي يجري الان على يد بعض أبناء الحركة بحقها هو دفع الى المجهول, حيث لن ينتصر مدعوا الاصلاح, لكن حركتنا أيضا ستدفع ضريبة باهظة الكلفة , ان ما يجري هو نوع من الانتحار والنحرالمتعمد والانتهازية.

فالوصول الى سدة القرار والسلطة بهذه الطريقة الرخيصة لسنا أبناء ست, وأبناء جارية وليس فينا حرس قديم وجديدولا عائد وأصيل, فكلنا فلسطينيون قلبا وقالبا, وأبا عن جد, وليكف اللاعبون بهكذا ألفاظ ومفردات تحريضية تجزيئية خبيثة عن هكذا تفاهات, لآن الذي يحصل ويشاع هو ما يريده الآعداء.

ان تلك الثقافة دخيلة على حركتنا وشعبنا وهي من صنع العدو وليس الغيور على وحدتنا ومصلحتنا, لسنا أشكناز وسفرديم, ولا بينناجماعة كهانا حي وسلام الآن, فنحن ابناء مصيبة واحدة, وقدر بائس واحد, اللهم الا اذا كان البعض يعتقد أنه ينتمي الى مصير أخر وامتداد لمشروع مختلف عن قناعاتنا وثوابتنا.

ان هذه الثقافة لاتصيب وحدة الحركة والقوى الوطنية فحسب, بل تتغلغل خطورتها الى وحدة النسيج الوطني الفلسطيني باكمله, وفي بعدها المتوسط والابعد تطال الجغرافيا والهوية ووحدة الوطن والانتماء. فاذا كان البعض يهرول الى كانتون هنا ودكان هناك فهذه مسألة خطيرة ينبغي التنبه لمألها بجدية واحتراس.

هذه الحركة هي ابنةالاربعين عاما الان, هي سياق تاريخي متصل صنعه قادة ومناضلون كبار, هي ليست ابنة سحابة صيف عابرة التقطها فلان أو فلان, مع الاحترام والتقدير لكل المناضلين والشرفاء من أبناء شعبي الفلسطينيو وهؤلاء هم جبل المحامل الذي قام عليه مشروعنا واستمر بهم درب ألامنا, ومع ذلك يجب التفريق بين كونهم مناضلين عن كونهم قديسين.

لن أتوسل الوحدة ولا الغيرة على حركة فتح من احد, فهي كالقضية أمانة في أعناق مناضليها وشرفائها, هي في قلوبهم وضمائرهم, فمن تهونعليه حركة فتح من المحسوبين فيها, يهون عليهم أي شئ وأعني ما أقول.

اذكر من يهمه الآمر, أن الاجهاز على فلسطين الحلم والهوية هدف صهيوني لايمكن ان ينتصر الا من خلال تدمير فتح .

فالذي يتعمد تحدي قيادة الحركة بواسطة لائحة مواجهةمع المرشحين الذين اختارتهم هذه القيادة ويرفض اي حوار أو التزام بالآصول والمعايير الحركية , ثم يدعي تصحيح اداء الحركة أو تجديدها هو كمن يذر الرماد في العيون, ولا يبرر له هذا الفعل أيا يكن, فالنضال والتضحية سياقان لايختصران بمرحلة أو محطة معينة.
استثمار تضحيان حركة فتح , وتجيير دماء وعذابات مناضليها الذين واكبوا مسيرتها
التاريخية جريمة لايمكن غفرانها .

أدعو بعض الذين اغوتهم الآضواء وشهوة السلطة لآن يثبتوا أصالتهم الوطنية والفتحاوية كاخوة وابناء لياسر عرفات.

ختاما, حذار الاندفاع للوصول الى موقع السلطةبأي ثمن, فهذا لن يحقق لكم سلطة وقد اثبتت السنون الآربعون أن الخناجر التي طعنت حركة فتح في مسيرتها الظافرة, ارتدت على اصحابها, ان العبرة لمن اعتبر " واعتبروا يا اولي الالباب".

بقلم: العميد سلطان ابو العنيين امين سر قيادة الساحة اللبنانية لحركة فتح وفصائل منظمة التحرير الفلسطينية