الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مفهوم الجهاد عبر التاريخ

نشر بتاريخ: 13/06/2005 ( آخر تحديث: 13/06/2005 الساعة: 19:58 )
مترجم معا:
في كتابه الذي نشر مؤخرا بعنوان (( فهم الجهاد )) نبذ الكاتب ديفد كوك من جامعة رايس ، الجدل الذي دار بعد احداث ايلول حول طبيعة الجهاد فيما اذا كان شكل من اشكال الحرب العدوانية او فيما اذا كان نوع من المحاولات المعنوية لاثبات الذات ، ان انجاز كوك يأتي من متابعته لنشوء الجهاد من محمد (( ص)) الى اسامة (( بن لادن )) وما تبع ذلك من تغير للمفهوم الجهادي خلال 14 قرنا من الزمن ، هذا التلخيص المبسط لابحاث كوك المكثفة وامثلته الخصبة ، وتحليلاته المعمقة لا يمكن ان يكون منصفاً ،،،
فالقرآن ،، يحرض الناس على التضحية بحياتهم من اجل الجنة ، والحديث (( اي اعمال محمد (ص) واحاديثه )) الذي يفصل القرآن ويعطي ايضاحات ووصايا فيما يتعلق بالمعاهدات ، والمعاملات ، الجزية والغنائم وامور اخرى كثيرة ، وقد جسد العلماء والقانونيين المسلمين ذلك في نظام قانوني ،،،
غزوات محمد (( ص)): خلال سنوات سلطته, قام محمد"ص" بحوالي تسعة صراعات عسكرية كل عام ، اي بمعدل صراع كل خمسة الى ستة اسابيع ، هكذا يمكن ان ننظر الى ما يعرف بالجهاد منذ فجر الاسلام ،السيطرة على ، او اذلال من هم غير مسلمين كانت السمه الغالبة على جهاد محمد ((ص)) .
خلال القرون الاولى من العصر الاسلامي (( كان الجهاد يمارس بشكل واضح من العدوانية ، وبعد ان هدأت عمليات الغزو والفتوحات قّل الخطر والمضايقات على غير المسلمين ، كما تطورت العقائد الصوفية لمفهوم الجهاد باتجاه تقويم الذات والفهم المعنوي له .
الحملات الصليبية الاوروبية والجهود المبذولة للسيطرة على الاراضي المقدسة اعطت للجهاد بعداً آخر من الضرورة والالحاح وشجعت ما يدعوه كوك (( النظرية التقليدية للجهاد )) ووجد المسلمون انفسهم في موقف الدفاع من اجل تقوية الموقف الاسلامي .
في القرن الثالث عشر استطاع المغول اخضاع معظم العالم الاسلامي لسيطرتهم ، هذه الكارثة التي لم يتم تخفيف آثارها سوى عندما اعلن المغول تحولهم الصوري للاسلام ،، بعض المفكرين ، مثل ابن تيمية تحديدا والذي ميز بين المسلم الحقيقي والمسلم الغير حقيقي ، حيث اعطى بعدا جديدا للجهاد يتمثل في ان ايمان المسلم انما يقاس بمدى رغبته في ممارسة الجهاد .


وحلت مرحلة جديدة في القرن التاسع عشر تتمثل في (( طهارة الجهاد )) والتي سادت في انحاء عدة من العالم الاسلامي ضد المسلمين انفسهم ، ولقد كان من اكثر الحركات تميزاً وتطرفاً في هذه المرحلة الحركة الوهابية في الجزيرة العربية ، مستندين في توجهاتهم الى فكر ابن تيمية حيث قاموا بادانة كل من هو ليس وهابيا ووصموه بالكفر ، واعلنوا الجهاد ضده ،، وقد استثارت الامبريالية الاوروبية المقاومة الجهادية وخاصة في الهند ، القوقاز، الصومال ، الجزائر ، والمغرب ، ولكن ذلك كله فشل ، وهذا ما ادى الى اعادة التفكير بما يجب القيام به .
الفكر الاسلامي الحديث انطلق من مصر والهند في العشرينات من القرن الماضي ، وقد اكتسب الجهاد خاصيته "العدوانية الكريهة" في الوقت المعاصر ، من خلال المفكر المصري سيد قطب ، فلقد طور قطب مفهوم ابن تيمية للتمييز بين المسلم الحقيقي والمسلم الغير حقيقي الى اعتبار ان اللااسلاميين هم حقيقة غير مسلمين ، ويجب اعلان الجهاد ضدهم ،، ولقد اضاف (( اولئك الذين اغتالوا الرئيس المصري انور السادات عام ((1981 الى ذلك ان الجهاد هو السبيل للسيطرة على العالم ، ولقد كانت الحرب ضد السوفييت في افغانستان الخطوة الاخيرة لهذا التحول ،، فهناك ، جمع المجاهدين انفسهم ، وللمرة الاولى من جميع انحاء العالم للقتال نيابة عن الاسلام ، عبدالله عزام ، من اصل فلسطيني اصبح المنظر للجهاد العالمي في الثمانينات من القرن الماضي ، واعطى لذلك بعدا ودورا مركزيا لم يسمع به من قبل ، وهو ينظر الى المسلم بشكل خاص ، بالقدر الذي يدعم هذا فيه ويسهم في العملية الجهادية ، وكما اعتبر ان الجهاد هو المخلص الوحيد للاسلام والمسلمين ، وبزغ من خلال ذلك "الارهاب الانتحاري" ، واسامة بن لادن .
لقد تضمنت قراءة كوك (( واسع المعرفة )) العديد من القضايا و"الورطات" التي اهمها :
. الفهم الحالي للجهاد هو الاكثر تطرفا عما كان عليه في أي وقت مضى .
. هذه الحالة المتطرفة تعتقد ان العالم الإسلامي يمر في مرحلة يجب تحملها وتجاوزها على نحو مشابه للفترات المرعبة التي مرت بها ألمانيا ، روسيا والصين وغيرها.
. الجهاد استطاع التطور والانبعاث حتى الان وهو بلا شك سيستمر في هذا التطور في المستقبل .
. هذا النمط المفرط والمفزع من انماط الجهاد ، والذي يمارس الان من قبل القاعدة والاخرين ، وكما يتوقع (( كوك)) يقود الى معارضة متزايدة من اغلبية المسلمين ، وبالتالي فان الجهاد قد يتحول الى شكل من اشكال الجهاد اللاعنفي .
. ان التحدي الاكبر للاسلاميين المعتدلين هو ان يعملوا على اعلاء شأن هذه المعارضة وبأسرع الصور الممكنة .


ترجمة : رشيد شاهين
دانييل بايبس
جيروزاليم بوست