الأربعاء: 15/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

سؤال عالماشي/ إرعاب " العربية "!!/بقلم :موفق مطر

نشر بتاريخ: 09/01/2006 ( آخر تحديث: 09/01/2006 الساعة: 15:33 )

لماذا يهدد مسلحون في ساحتنا الفلسطينية, ويتوعدون فضائية "العربية" بسبب بثها شريطا عن الاستشهاديات لم يعجب مضمونه الشباب المتحمسين بعد أن وقعوا بياناً باسم كتائب الأقصى يطالبون المحطة بالاعتذار أو أنهم سيغلقون مكاتبها بقوة السلاح!!

متى يعرف هؤلاء "الحريصون" على دماء وأرواح الاستشهاديات أن التعبير عن الموقف تجاه عمل إعلامي فيه الصورة والكلمة سلاح الموضوع المطروح يجب أن يكون بنفس الوسيلة أي بكلمة وصورة مضادة تظهر باطل الرسالة الإعلامية المطروحة إذا كانوا يرون فيها سلبيات مقصودة أو غير ذلك, وإبطال تأثيرها على المتلقين, لسنا الآن بصدد مناقشة موضوع شريط الاستشهاديات..أبداً , بل نطرح وجهة نظر حول كيفية النقد الموضوعي والفني والمهني لأي عمل إعلامي مهما كانت حساسية ودرجة تأثيره, فلا يجوز مجابهة الكلمة والصورة بتهديدات السلاح,لأن لذلك معنى واحدا فقط هو "الترعيب" لأجل إجبار الآخرين على تبني المواقف الأخرى, أسألكم مفترضاً حسن النية في سلوككم :

لماذا لم تقدم وكالة أنباء فلسطينية أو صاحب ملايين من الإعلاميين , أو من الصحفيين الفلسطينيين المتفشخرين بوطنيتهم وجوائزهم العالمية على إنتاج شريط قبل هذا الشريط أو يقدموا شريطاً عن الاستشهاديين والاستشهاديات بمستوى مهني وفني وموضوعي عالٍ ليكون حجة مضادة في وجه الشريط الذي بثته العربية, مع التذكير دائماً أن وسائل الإعلام لا تبث دائماً ما يرضينا ..بل قد تقدم الحقائق التي تصعقنا أحياناً ..فلكم مثلاً .. من كان سيصدق أن ركناً من أركان النظام في سوريا ـ عبد الحليم خدام ـ قد انقلب رأساً على عقب لولا المقابلة التي بثتها معه العربية, وهل رضي الأمريكان عن فضائية الجزيرة التي هددوها بقصف ناري بسبب نجاحها كوسيلة إعلام أبرزت كفاءة العقل العربي وقدرته على السبق الإخباري وصنع الرسالة الإعلامية في زمن الهيمنة على القيم الديمقراطية وتطويعها لخدمة إرعاب وحيد القرن الأمريكي ومفاهيمه الهلامية لحرية التعبير,إضافة إلى ما تبثه من صور للمقاومة العراقية وخسائر قوات الاحتلال الأميركي, وبثها المستمر مع قناة "العربية" لكل أخبار وأحداث الواقع الفلسطيني ؟

قد يكون مهماً معرفة الزاوية التي يرى منها أصحاب ورؤساء تحرير المحطات الفضائية الإخبارية العربية والدولية ومناهج معالجة القضايا والأحداث الفلسطينية والعربية , ولا يتم ذلك إلا بالمناقشة الموضوعية والدراسة العلمية الأمينة, وصنع الحدث الإعلامي الفاعل في نمطية تفكير الجمهور المتلقي..ولكن.

أليس الأهم عندنا هو أن نفحص حقيقة المعلومات والبيانات والصور المبثوثة إلينا من وسائل الإعلام ,فنتأكد من مصداقيتها فنعرف وندرك في أي مربع نحن واقفون..فالعالم المتتبع لقضايانا يبدو أنه يرى الأمور بزاوية شمولية أكثر مما نراها نحن المحشورين في زوايا ميدان صراع ضيقة..فمن المهم التعامل بعقلانية مع وسائل إعلام تطرح الأمور وفق منظورها, وهذا حق لها, لأننا نؤمن بعدم استطاعة أي وسيلة إعلام حشو أفكارها وأهداف رسالتها الإعلامية في أدمغتنا إذا حصنا الجمهور بقدرة عالية على الإدراك والتحليل والفهم العقلاني للأمور, فالحشو الحقيقي لفيروسات فنائنا ونهايتنا, سيكون بما ستفعله ضغطة على زناد بندقية أو مسدس موجهه رصاصها إلى وعينا وعقولنا وألبابنا التي في صدورنا لتفرض علينا ما نقبل أو نرفض.. فسلاحكم هذا تفرضون فيه شروطكم وتوجهونه نحو مغتصب أرضنا وبيوتنا ومستقبلنا وليس باتجاه من يحاورنا .. فالإعلام حوار قبل كل أمر.

فهل أدرك المسلحون الملثمون المدعون أنهم من رجال المقاومة بأنهم عندما يهددون مكتباً رئيساً أو فرعياً لمحطة إخبارية أو وكالة أنباء أو أي جسم صحفي إنما يكرسون الاتجاه الذي تسير فيه القوى المعادية لقضية شعبنا العربي الفلسطيني وقضايا أمتنا العربية ؟!