الجمعة: 16/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

ندوة حول"الأبعاد الجغرافية والتاريخية والإعلامية للنكبة"بجامعة الاقصى

نشر بتاريخ: 12/05/2009 ( آخر تحديث: 12/05/2009 الساعة: 18:04 )
غزة- معا- شدد اليوم، مشاركون في ندوة عقدت في حرم جامعة الأقصى الجديد في خان يونس " المواصي" على أن فشل الحوار سيؤدي إلى تكريس الانقسام الفلسطيني وصولاً إلى مرحلة تكريس التقاسم الوظيفي في الضفة الغربية وقطاع غزة.

ونبه المشاركون في الندوة المعنونة باسم: "الأبعاد الجغرافية والتاريخية والإعلامية للنكبة" من استمرار الحصار والتعامل مع غزة كمصيدة للقضية الفلسطينية وإدارة أزمة، مشددين على أن يكون هناك حوار جدي يفضي إلى اتفاق على معظم النقاط الخلافية وبالتالي ندخل مرحلة جديدة من إعادة بناء الذات الفلسطينية المنقسمة.

وأعرب المشاركون في الندوة التي نظمتها كلية الآداب "ممثلة بقسمي الجغرافيا والتاريخ" وكلية الإعلام في الجامعة عن اعتقادهم أنه لا وعد بلفور المشئوم، ولا التوصية بتقسيم فلسطين عام 1947م ولا اتفاقيات الهدنة 1949ولا لجنة بيل 1936 (اللجنة الملكية) ملزمة للفلسطينيين بأي نوع من الالتزامات، فنحن لسنا طرفاً ولم نوقع على أي منها ولم نتفق مع أحد على أي شيء، لذلك لا تسلب أياً من هذه الاتفاقيات حقوق اللاجئين أو تحرمهم من حقوقهم الشرعية أو تمنعهم من العودة إلى ديارهم وأوطانهم التي اقتلعوا منها.

ونوه المشاركون في الندوة التي عقدت في ذكرى النكبة إلى أن حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم وأوطانهم التي اقتلعوا منها حق مكفول بمواد الميثاق العالمي لحقوق الإنسان والتي تتضمن المادة الأهم في بنودها والتي تقضي بحق كل مواطن في العيش في بلاده أو تركها أو العودة إليها حسب رغبته وفي الوقت الذي يريد.

وأكد المشاركون في الندوة التي عقدت في صالة الأنشطة في حرم الجامعة في خان يونس على أن حق الملكية حق لا يزول بالاحتلال فلا يجوز انتزاع ملكية شخص من قبل أي سلطة للاحتلال، فكيف إذا كان الاحتلال أصلاً غير مشروع في القانون الدولي والإنساني لأن الملكية الفردية وحتى الجماعية حق لا يلغيه الاحتلال، وحق الملكية لا يزول ولا ينتفي ببسط سيادة دولة جديدة على البلد، فمثلاً تنازل تركيا عن السيادة على فلسطين عام 1920م لم يسقط حق الفلسطينيين في أراضيهم، كما أن انتهاء الانتداب البريطاني على فلسطين لا يعني أيضاً سقوط حقهم في الملكية الفردية.

ورأى الدكتور أحمد إبراهيم حماد عميد كلية الإعلام في الجامعة أن ذكرى حلول النكبة هذا العام تأتي في ظروف استثنائية وغاية في التعقيد عقب حدوث تغيرات هزات سياسية في فلسطين والإقليم، إضافة لارتفاع مؤشر الوعي الفلسطيني بما تمثله النكبة في واقعهم ومفاصل حياتهم اليومية في الوطن والشتات. بينما تظل آثار النكبة بادية للعيان حيثما حل المرء وإرتحل في مخيمات زرعت وظلت شاهداً على عمق المأساة وتجذرها وتداعياتها المتشعبة.

وأضاف في ورقة علمية له حول "الاعلام والنكبة" أن الاهتمام الإعلامي بالنكبة في الدول العربية والاسلامية وفلسطين شكل مفارقة إعلامية وبصمة جديدة تركت أثرها على ذاكرة الشارع الفلسطيني والعربي والإسلامي، وسجلت حضوراً في ذهنية الباحثين والسياسيين والنخبة في العالم.

ونبه الدكتور حماد من حملة التزوير والتشويه والتشويش السياسي والأخلاقي التي تقوم بها العديد من وسائل الاعلام الغربية والذي كان له الأثر البالغ في رفع مؤشر التحيز الأعمى لدولة الاحتلال في الوقت الذي اكتفى فيه الموقف العربي والاسلامي خاصة الرسمي بالركون لتصريحات لا تسمن ولا تغني من جوع.

وذكًر بأن العالم شهد في سني نهاية القرن الماضي ثورة فضائية ونقلة نوعية في التعامل مع الحدث وسرعة نقله للمشاهد والمستمع والمتابع، وكانت الفضائيات والعمل التلفزيوني من السمات البارزة في التطور التقني ودخلت كل بيت في المدينة والحضر وحتى البادية استجابة للغزو الفضائي والمتلفز الذي انتشر إنتشار النار في الهشيم، منبهاً الى ضرورة استغلال هذه الخاصية في موضوع شحذ ذاكرة العالم في ما يتعلق بالنكبة.

وأوصى عميد كلية الاعلام بقيام المؤسسات الناشطة في مجال حق العودة واللجوء بحملة موسعة لجعل قضية اللاجئين محل اهتمام بشكل متواصل لا بعمل موسمي، وذلك من خلال التواصل مع الفضائيات والتلفزة وتقديم المقترحات في السياق والاهتمام بمجالات الأفلام الوثائقية والمسرحيات والمسلسلات التي تخدم قضية اللجوء وبالتالي يمكن بثها وإبقاء القضية على نار دائمة حتى لا يذوي التعاطف معها ولا يضعف حضورها في ذاكرة الجيل.

من جهته، قال رئيس الدالي محاضر في قسم الجغرافيا في الجامعة في ورقة علمية قدمها خلال الندوة بعنوان"الأبعاد الجغرافية للنكبة" أن قضية فلسطين ترتكز منذ بدايتها وحتى يومنا هذا على عنصرين أساسيين هما الأرض والإنسان.

وأضاف الدالي في ورقته أن هذين العنصران انتُهكا في العام 1948م، فاغتصبت الأرض واستولى اليهود عليها، ولكنها ظلت راسخة مكانها لأنهم لم يستطيعوا ترحيلها، أما الإنسان الفلسطيني فإنه تجسد في قضية اللاجئين والتي ما زالت شاخصة أمام العالم بشكل خاص في المخيمات تذكره بالنكبة التي تتجدد في كل عام، وعلى ذلك ستظل قضية اللاجئين هي العنوان الأبرز للنكبة وهي كذلك عنوان استمرار قضية عودة الأرض أو العودة إليها.

وشدد الدالي على أن حق العودة مكفول بحق تقرير المصير وهو حق اعترفت به الأمم المتحدة عام 1946م كمبدأ وكحق، أي أنه ليس قراراً سياسياً أو اتفاقاً بالتراضي، وقد اعترفت الأمم المتحدة بتطبيقه صراحة على الشعب الفلسطيني منذ عام 1969م، بل إن الجمعية العامة ذهبت إلى حد الإقرار بأن للفلسطينيين الحق في الكفاح المسلح لتنفيذه لأنه مشروع ومستند على مبدأ الدفاع عن النفس، وعليه فإن حق العودة مكفول حسب القانون الدولي للفلسطينيين أفراداً .. عن طريق ميثاق حقوق الإنسان، وجماعة .. عن طريق حق تقرير المصير.

وذكر أن سياسة تهويد الأرض في فلسطين ارتكزت على أساس تحويل الملكية العربية إلى ملكية يهودية تسجل باسم الشعب اليهودي كملكية عامة، حيث سعت المؤسسات الصهيونية ممثلة في أهم منظمتين، الصندوق القومي "الكيرن كاييمت" و"منظمة بيكا" إلى شراء الأرض وقد كان هذا يتم قبل إعلان الدولة وبمساندة بريطانيا في عملية نقل ملكية الأراضي لليهود، إذ بلغ على سبيل المثال مجموع ما اشتراه اليهود من حكومة الانتداب 500.000 دونم، منها 200.000 دونم دون مقابل.

وبين الدالي أن نسبة الأراضي العربية بعد أن كانت 91% من مجمل الأراضي عام 1917، بدأت تتناقص حتى أصبحت 14% عام 1968، وفي المقابل كان هذا التناقص لصالح اليهود فتناقص الأرض العربية هو زيادة الأراضي التي يمتلكها اليهود، فبينما كان اليهود يملكون 4% من مجمل الأراضي عام 1917 أصبحت ملكيتهم حوالي 84% من إجمالي مساحة أراضي فلسطين عام 1968.

ومضى بالقول عندما استطاع اليهود إحداث تحولاً واضحاً في ملكية الأراضي في فلسطين فقد ساروا في خط موازٍ تماماً لهذا الخط حيث إن الأراضي التي انتزعوها من أصحابها وطردوا أهلها كان عليهم أن يشغلوها بسكان جدد ليحلوا محل الذين طردوا منها، لذا فقد أوعزت الصهيونية العالمية إلى كل يهود العالم بضرورة الهجرة إلى فلسطين، وفعلاً تم ذلك حيث تدفقت الهجرة اليهودية إلى فلسطين وبموافقة ومباركة الولايات المتحدة الأمريكية التي وافقت على هجرة اليهود إلى فلسطين في حدود 100.000 يهودي في السنة وهذا يتناسب مع خطط الصهيونية في إقامة الدولة في جميع أنحاء فلسطين.

واستطرد قائلاً: " أن الصهيونية لم يتوقف عند الحدود الجغرافية لفلسطين بل تعدى ذلك في أفكارهم ومبادئهم التي ارتكزوا عليها إلى أبعد من ذلك فقد تعدت أفكارهم الحدود الجغرافية لفلسطين، ففي مجال تحديد حدود فلسطين والاستيلاء على أراضيها نجد أن أرثور ستانلي أصدر كتاباً عام 1856 بعنوان (سيناء وفلسطين) وأرفق به خريطة لكل فلسطين وشبه جزيرة سيناء، وابتداءً من مدينة صيدا على شاطئ البحر المتوسط حتى دمشق في الداخل حتى رأس محمد وخليج السويس في مصر. وفي العام 1892م ألقى الكابتن وارين محاضرة في بريطانيا أشار فيها إلى أن الحدود الشرقية لفلسطين تشتمل على الضفة الشرقية لنهر الأردن.

كما أن صندوق اكتشاف فلسطين التابع لبريطانيا أصدر خريطة لفلسطين سنة 1890م اشتملت على ضفتي الأردن مع إعطاء الجزء الواقع غرب نهر الأردن اسم فلسطين الغربية والجزء الواقع شرق النهر اسم فلسطين الشرقية.

وأوضح د. خالد صافي عميد التخطيط في الجامعة أن المشروع الصهيوني يتحرك الآن نحو: تهويد القدس وتكثيف الاستيطان في الضفة الغربية وتحقيق مشروع يهودية الدولة وإجهاض إمكانية إقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967م وعاصمتها القدس.

وقال في ورقة علمية قدمها خلال الندوة بعنوان: " في ذكرى الندوة إلى أين نحن ذاهبون؟ وقفة تقييميه" نحن بحاجة إلى وقفة تقيميه على مستوى الفرد والمجموع لما نعيشه ولما نحن ذاهبون إليه وهو كالتالي: أين كنا؟ وكيف أصبحنا؟ يعني أننا دخلنا انتفاضة الأقصى في محاولة لتجاوز أوسلو الثوابت الوطنية الفلسطينية، وفي محاولة لاستعادة دور المقاومة في تصحيح مسار المشروع الوطني الفلسطيني، ولكن ما حدث أن انتفاضة الأقصى لم تنجح في تصحيح هذا المسار، بل أصيب المشروع المقاوم بأزمة أدخلته في متاهة أوسلو. ولذلك فإن حركة حماس وبدلاً من تجاوز أوسلو دخلت النظام السياسي الفلسطيني القائم على اتفاقية أوسلو.

ومضى بالقول: " وهنا تكمن المشكلة بأن حركة حماس أرادت المشاركة في السلطة الفلسطينية دون أن تقدم على الاستحقاق السياسي لذلك. ومن هنا نرى بأن حركة حماس وإن وافقت على دخول الانتخابات الفلسطينية فلم يكن من الصواب تشكيل الحكومة الفلسطينية بعد الفوز. حيث كان يجب قراءة المعطيات المحلية والإقليمية والدولية والاكتفاء بتشكيل أكبر كتلة في لبرلمان، وتشكيل معارضة قوية. وعدم الانجرار نحو تشكيل حكومة لأن ذلك يدفع بحركة حماس لتقديم استحقاقات للمجتمع الدولي للتعامل مع قيادتها للحكومة.

وفي ذات السياق، تحدث أ.عدنان أبو شبيكة محاضر في قسم التاريخ في الجامعة عن جانب التوثيق لموضوع النكبة، مستعرضاً كيف تتحدث الوثائق حول هذا الموضوع، والاختلاف في الجانب التوثيقي.

واستشهد الاختلاف في الجانب التوثيقي باختلاف الروايات حول مجزرة دير ياسين وعدد الشهداء في هذه المجزرة، مشددا على ضرورة الالتزام بالموضوعية واللاهوائية.

وقال أنه بالرغم من إدراكنا الكامل لكون الاحتلال مجرما إلا أنه يجب أن يكون موضوعيين في ما يتعلق بعمليات التوثيق التي نقوم بها ليس للنكبة فحسب بل للتاريخ الفلسطيني برمته.

وفي سياق متصل، أكد الأستاذ الدكتور حماد أبو شاويش عميد كلية الآداب في الجامعة على ضرورة إحياء هذه الذكرى، والعمل على توثيق كل ما يتعلق بها.

وقال عميد كلية الآداب أننا نقترب من حقيقة موت جميع الذين عايشوا أحداث النكبة وبات ضرورياً توثيق كل الروايات الشفوية، استباقاً لغياب جميع الذين عايشوا النكبة، ومن قبلها الحياة في فلسطين، في ذُرى الهجمة الصهيونية عليها، مضيفا أنه من شأن توثيق كل كلمة، عن حياتنا قبل النكبة، وعن أحداث الانتهاب ومقاومته، وإعادة الاعتبار للمفرادات الأساسية للقضية.

ورأى د. أبو شاويش إنها مباراة التاريخ، بين روايتين، إحداهما كاذبة ومفتعلة، وقلقة، وتحمل بذور ضعفها في أحشائها، مهما توافر لها من القوة المادية والعسكرية، والثانية ـ روايتنا ـ حقيقية وأخلاقية ومنطقية وقانونية. لذا هي أجدر بتعزيز عناصرها وشواهدها، لكي تحافظ الآن ـ على الأقل ـ على حال التصادم والممانعة، ثم تتهيأ لأخذ مفاعيلها، وفق تطورات مواتية، ومن هنا، كانت الرواية الشفهية، ضرورية لاكتمال نصاب الحكاية الفلسطينية كلها!

وأشار عميد كلية الآداب الى أهمية الدور الذي تضطلع به الجامعات والمؤسسات التعليمية في الحفاظ على الذاكرة في كل ما يتعلق بالنكبة وتفاصيل الحياة الفلسطينية قبل العام 1948.

وأعرب الأستاذ أحمد عابد رئيس قسم التاريخ في الجامعة في كلمة له خلال الندوة عن رأيه في أن النكبة لا تزال مستمرة وكأنها حدثت بالأمس مضيفاً أن النكبة هي تطبيق لفلسفة عنصرية أوجدتها الفلسفة الصهيونية المعاصرة التي رفعت فيه شعار : نريد أرضا بلا شعب لشعب بلا وطن .

وقال أنه علي ضوء هذه الفلسفة العنصرية تمت إباده شعب كامل كان له وطن ، وكان له قرى دمرت وتم تدمير قرابة 500 مدينة وقرية فلسطينية ، وعشرات الآلاف من القتلي وكانت هذه البداية للمشروع الصهيوني ، كما تم القضاء علي معالم الحياة الدينية للفلسطينيين إذ تم هدم 1200 مسجد عام 1948 .

وتابع قائلا لقد فقد الفلسطينيون ارضهم ووطنهم الذي عاشوا فيه واجدادهم من قبلهم لالاف السنين فيما اصبح يعرف بالنكبه، ومع فقدانهم لوطنهم لم يفقد الفلسطينيون كل معنى للاستقرار والامن والعدل فحسب بل وتذوقوا كل اشكال التشرد والحرمان وأذيقوا شتى صنوف القهر والاستغلال والظلم.

وتابع قائلاً لقد اصبح الحديث عن الفلسطينيين وقضيتهم منذ ذلك اليوم الاسود يقترن وبشكل آلي بالمجازر والقتل الذي شهدوا ويشهدوا منه هذه الايام الشيء الكثير، لا لذنب اقترفوه بل لأن رائحة ومذاق برتقال ارضهم هو الاشهى والاطيب ولانه صدف وان كان الوطن الذي سلب منهم ارضا" مباركه وطأتها اقدام الانبياء والرسل، وصدف انها كانت تجاور فراغا" تأخر البت بأمره من قبل التاج البريطاني تزامنا" مع مرور احد قطاع الطرق بجوارها.

وتخلل الندوة التي حضرها العديد من الأكاديميين والباحثين في الشأن الفلسطيني والطلبة العديد من النقاشات والاستفسارات.