السبت: 18/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

اختتام مؤتمر "نحو استراتيجية فلسطينية قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية"

نشر بتاريخ: 30/05/2009 ( آخر تحديث: 30/05/2009 الساعة: 16:01 )
رام الله- معا- اختتمت في رام الله، اليوم السبت، فعاليات المؤتمر السنوي الثالث للمركز الفلسطيني للإعلام والأبحاث والدراسات "بدائل"، والذي جاء تحت عنوان "نحو استراتيجية فلسطينية قادرة على تحقيق الأهداف الوطنية"، وعقد على مدار اليومين الماضيين.

وانقسم المؤتمر في يومه الثاني، إلى جلستين، شارك في الأولى كلا من الباحث عمر البرغوثي، والباحث د. محمود محارب، إضافة إلى الدكتور خالد الحروب، المحاضر في جامعة "كامبردج" ببريطانيا.

وذكر الحروب في مداخلته "الدولة الواحدة"، أنه ليس ثمة إجابة سهلة ومباشرة على السؤال المتعلق حول إذا ما كان خيار الدولة الفلسطينية ما زال قائما، واكد في مداخلته التي قدمتها بالإنابة عنه رندة الطاهر، مسؤولة وحدة النوع الاجتماعي في وزارة الأشغال العامة والإسكان، ان محاولة تقديم أية إجابة موضوعية وهادئة، يستلزم النظر في جوانب عديدة ذات صلة مباشرة بالوضع الفلسطيني وتؤثر في شكله، كما أن أية إجابة متسرعة سواء بالإيجاب أو النفي، ستواجه فورا بما ينقضها من شواهد ودلالات واقعية على الأرض.

وأردف: "لا يمكننا الحديث عن وجود هذا الخيار، أو استمراره، أو سقوطه من دون أن تظل الخيارات البديلة ماثلة في أذهاننا، وبالتالي فلا مناص من المقارنة بين ما هو عملي وممكن من الخيارات على قلتها، وتحوم حول الدولة الواحدة، والمقاومة المفتوحة حتى تحقيق التحرير".

ورأى أن الشواهد الواقعية والاستيطانية تقول أن توحش الاستيطان يحدث يوميا، وإنه مع كل يوم يبنى فيه بيت في مستوطنة، ينهدم فيه جزء من بنية حل الدولتين، والشواهد السياسية تقول إن الموقف الإسرائيلي الحالي لا يعتبر الملف الفلسطيني أولوية ملحة، بل إن إيران أصبحت تحتل تلك المكانة بجدارة.

من جهته، تحدث البرغوثي في مداخلة له عن "الدولة الواحدة"، مشيرا إلى أنه في ظل حرب إسرائيل الأخيرة على القطاع، وتحويل سياسات التقسيم والاستيطان والجدار والتهويد، الضفة إلى أقفاص غير قابلة للعيش، بهدف إحداث تطهير عرقي تدريجي ومستمر لسكانها، والتواطؤ الرسمي مع إسرائيل سواء على الصعيد العالمي بقيادة الولايات المتحدة، أو العربي، ومن ضمنه أطراف فلسطينية، لا يمكن اعتبار الجدل حول حل الدولة الواحدة أو الدولتين، سابقاً لأوانه أو نوعاً من الترف الفكري.

وأضاف: إن حل "دولتين لشعبين" لم يكن يوماً حلاً منطقياً من الناحية العملية، عدا عن كونه لا يتيح لشعبنا ممارسة حقه في تقرير المصير، وبالتالي فلا يمكن اعتباره أخلاقياً في جوهره.

واستطرد: "في أفضل أحواله يمكن لحل الدولتين تحقيق معظم الحقوق المشروعة لأقل من ثلث الشعب الفلسطيني على أقل من خُمس أرض فلسطين التاريخية، وفي هذه الحالة فإن أكثر من ثلثي الفلسطينيين - اللاجئون وفلسطينيو 48، حملة الجنسية الإسرائيلية، سيَجري إقصاؤهم بشكل إلى خارج حدود تعريف "الشعب الفلسطيني"، إذا، فمشكلة حل الدولتين تتناقض بالاساس مع حق العودة وتؤبد نظام "التمييز العنصري" داخل دولة إسرائيل، والذي يمكن وصفه بدقة بالأبارتهايد الاسرائيلي"، حسب قوله.

وأردف:" إن حل الدولة الديمقراطية العلمانية الواحدة، في المقابل، يتيح ممارسة حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني بأجزائه، وهذا الحق، كما نصت مواثيق الأمم المتحدة، هو حق ضروري لممارسة الشعوب لحقوقها الأخرى غير القابلة للتصرف، ولكنه ليس حلاً سحرياً ولا جاهزاً، فهو، وأي حلٍّ آخر في الواقع، لن يتحققَ إلا بعمليةٍ نضاليةٍ طويلة، تقوم على مقاومةٍ شعبيةٍ واسعة ومثابرة ومبدعة ومبدئية وأخلاقية، تلهم من جديد شعوب العالم وقواه التقدمية، كما حدث في جنوب أفريقيا، رغم الفروقات".

أما محارب، فتناول مسألة "سياسة حكومة نتنياهو تجاه القضية الفلسطينية"، مبينا أنه لدى إسرائيل مشروع معين، تحاول شتى الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة تقويته، ويتمثل في تكريس الاستيطان في الضفة والقدس.

ولفت إلى أن خطة "فك الارتباط" التي سوقها ارئيل شارون، رئيس الوزراء الإسرائيلي تصب في هذا الهدف، منوها إلى أهمية عدم التقليل من مخاطر هذه الخطة، والتعامل مع الانسحاب الإسرائيلي من القطاع على أنه انتصار للمقاومة.

وقال: "قدم الشعب الفلسطيني تنازلات لم يقدمها شعب آخر في التاريخ المعاصر، وجميع الدول العربية وعبر طرح مبادرة السلام العربية تنازلت ضمنيا عن حق العودة إلى داخل الخط الأخضر".

ولفت إلى أن عدة أسباب تقف وراء فشل الشعب الفلسطيني في تحقيق مصيره، بعضها ذاتي، بينما يرتبط الآخر بموازين القوى المختلة لصالح الطرف الإسرائيلي.

من جهته، ذكر النائب قيس عبد الكريم (أبو ليلى)، في معرض تعليقه على المداخلات، أنه يعتقد أن الحل الجذري للصراع الفلسطيني –الإسرائيلي، والذي يؤسس لسلام عادل لا يمكن أن يتحقق إلا عبر حل الدولة الديمقراطية الواحدة.

وقال: "لا أعتقد أن من المناسب أو الضروري وضع شعار الدولة الواحدة، باعتباره نقيضا أو بديلا لحل الدولتين، والذي ربما يكون ممرا لا بد منه للوصول إلى خيار الدولة الواحدة".

أما في الجلسة الثانية، فتحدث كلا من المحاضرة في جامعة بيرزيت الدكتورة إصلاح جاد، والباحث الدكتور بشير بشير، وعضو المجلس التشريعي الدكتورة نجاة أبو بكر.

وقدمت جاد مداخلة حول "المقاطعة الأكاديمية"، أشارت فيها تباين وجهات النظر إزاء أشكال المقاومة المختلفة، كما تحدثت عن الإرهاصات الأولى لظهور حركة فلسطينية مدعومة عالميا، تبنى المقاومة المدنية، وبالذات المقاطعة.

وقالت: "هذه الحركة ليست بفينيق أسطوري ينبعث من رماد حقيقي، ولا عصا سحرية، بل توجه واقعي وثوري لصيرورة مقاومة طويلة، تتطلب جهودا عظيمة لتحقيق انتصارات ضد العنصرية والاستعمار الاستيطاني الإسرائيليين".

وأضافت:" إن الحملة المتصاعدة بثبات لمقاطعة إسرائيل، قد تشكل محور انتفاضة ثالثة، قد تتميز عن سابقيتها بعالميتها، وبإجبار إسرائيل على المنازلة في ساحة قتال، إن صح التعبير، قد تكون هي فيها الأضعف سياسيا وأخلاقيا".

من ناحيته، أوضح بشير في مداخلته التي ركزت على مسألة الدولة الديمقراطية الثنائية القومية، أن طرحه يمثل حلا أخلاقيا عمليا قابلا للتنفيذ، حيث تطرق إلى وجود عدة محاور ومرتكزات تدعم حل الدولة ثنائية القومية، منها الواقع الحالي على الأرض.

ولفت إلى أن هناك إجماعا على أن المشروع الوطني مأزوم، وينحدر نحو الكارثة، لافتا بالمقابل إلى أن اللغة والخطاب السياسي الفلسطيني الذي استخدم خلال العقود الثلاثة الأخيرة، في مأزق.

وتعرض إلى أن حق الشعب الفلسطيني في تقرير مصيره، ليس بالضرورة أن يتخذ شكل الدولة المستقلة.

أما أبو بكر، فقدمت مداخلة بعنوان "أية مقاومة نريد" قالت فيها: "مرت على الشعب الفلسطيني خلال 60 عاما الماضية، تغيرات كثيرة في القضية باتجاه إيجابي وسلبي أحيانا، لكن الشيء الثابت والوحيد هو صمود هذا الشعب، وإصراره على التمسك بحقوقه المشروعة، وعدم التخلي عنها مهما طال الزمن.

واستعرضت أنواع المقاومة المختلفة، السياسية، والاقتصادية، والثقافية، فضلا عن المقاومة العبثية، والتي قالت عنها "ان الشعب الفلسطيني احتفى بها دون غيره، حيث أنها مقاومة مسلحة، لكنها تختلف عن المقاومة المسلحة العقلية، بأنها تكون في زمان ومكان غير مناسبين، ومن خلال العمليات المسلحة، أو الصواريخ، لكن نتائجها تكون مدمرة للشعب الفلسطيني".

وقالت: "إن مشروع المقاومة الفلسطينية، قد مر بمراحل كبيرة وخطيرة، وفي نهايتها استمرت المقاومة الفلسطينية المسلحة، والأنواع الأخرى".

وأردفت: "إن القيادة الفلسطينية وافقت على التخلي عن العنف، لكن ليس التخلي عن المقاومة، لأن هناك اختلافا كبيرا بين العنف والمقاومة"، ولفتت إلى مشاركة المرأة الفلسطينية في المقاومة، مبينة أن المرأة شاركت بفعالية في النضال الوطني.