الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

دراسة: وحدة القرار الفلسطيني تصطدم بتدخلات خارجية وأيديولوجيات متضاربة

نشر بتاريخ: 22/06/2009 ( آخر تحديث: 22/06/2009 الساعة: 16:19 )
بيت لحم- معا- أكدت دراسة بحثية أعدها الباحث الصحفي علاء نزار العقاد، لنيل درجة الماجستير من جامعة القدس (أبو ديس)، أن الخلاف الناشب بين تنظيمي فتح وحماس خلاف سياسي بالأساس، معتبرة ضمن فصولها الست والتي احتوت على 200 صفحة بالتقريب أن الساحة الفلسطينية تعرّضت إلى أزماتٍ مستعصية وحادة، ناجمة عن صراعات تناحرية بين فتح وحماس، كانت سبباً لإزاحة وتغييب الوحدة الوطنية، بمثل ما أدّت إلى تدمير التجربة الديمقراطية في أغلب المناسبات.

واعتبرت دراسة العقاد التي جاء بعنوان (الخلاف السياسي داخل التنظيمات الفلسطينية بين عامي "1994-200" - فتح وحماس: دراسة حالة) بعد أن نوقشت في قاعة الهلال الأحمر الفلسطيني بغزة، تحت إشراف الأستاذ الدكتور أسامة أبو نحل، والممتحنين الدكتور مخيمر أبو سعدة، والدكتور ناصر أبو العطا، أن وحدة القرار الفلسطيني التي يجمع الفصائل والتنظيمات المختلفة، تصطدم بعقبة رئيسية تمثلت في عدم قدرة التنظيمات على إحداث تغيير جوهري في طرحها نتيجة استناد كل منها إلى منطلقات أيديولوجية وفكرية متضاربة ومتباعدة، فمنها من ينطلق من أرضية دينية؛ بأن فلسطين من البحر إلى النهر أرض وقف إسلامي، وأخرى تبنّت حلول التسوية الداعية إلى خيار الدولتين في فلسطين التاريخية والعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل في سلام شامل.

وأكد الباحث في دراسته، أن احجام المعارضة عن المشاركة في انتخابات عام 1996؛ ساهم في أن ينفرد فصيل واحد في زعامة السلطة الفلسطينية بجانب بعض الفصائل الصغيرة جداً، وبالتالي كان سهلاً على السلطة الفلسطينية، تمرير القرارات التي تريدها قيادة التنظيم الواحد، موضحاً بأن التناحر السياسي وإفرازاته من انقلاباتٍ فكرية وعقائدية بين التنظيمات الفلسطينية؛ من أقصر الطرق إلى تفكيك وانقسام القضية الفلسطينية، ومن ثمَّ إسقاطها؛ وخصوصاً أن مصادر القوة الفلسطينية باتت مبعثرة ما بين السلطة والمعارضة.

واستخلصت الدراسة التي أعدها الباحث أن الخلل الذي رافق عملية إنشاء وبناء مؤسسات السلطة الفلسطينية، ساهم في حدوث العديد من الإشكاليات، التي أصبحت تعاني منها، سواء على مستوى بنياتها وهياكلها، ووظائفها واختصاصاتها مما برز بشكلٍ واضح خلال انتفاضة الأقصى 28 أيلول (سبتمبر) 2000، معتبراً تلك الإخفاقات تتحمل مسؤليتها أيضاً، التنظيمات الفلسطينية، سيما تنظيمات المعارضة، التي أُحجِمت عن المشاركة في مؤسسات السلطة الفلسطينية، واقتصرت بممارسة دورها؛ كمعارضة في الرقابة على السلطة ومؤسساتها.

ونوه في ثناياها أن التلاقي الوثيق بين حركة "فتح" والسلطة الفلسطينية، جعل منهما وجه واحد، بحيث أصبح المتتبع للشأن الفلسطيني، لا يفرق بينهما، وبالتالي انعكست كل إفرازات ومساوئ السلطة الفلسطينية على حركة فتح، مما ساهم وبشكلٍ كبير في تراجع شعبيتها داخل صفوف الشعب الفلسطيني، خاصة مع قدوم انتخابات 2006.

في حين أظهر أن غالبية الخلافات والصراعات التي نتجت عن بعض المواقف بين التنظيمين، كان للفكر والأيديولوجيا دور كبير في تأجيجها، كما ساهمت تلك التراكمات من الأحداث في تطوير وتصاعد حدة الأزمات التي شهدتها العلاقات بين التنظيمين فيما بعد، إلى جانب ظهور قطاعات شعبية تُحمّل فتح والسلطة العديد من التراجعات، وحالة الفشل السياسي وإفرازاتها، من فلتان، وفساد مالي، وإداري .. الخ، بينما تبدو حماس في موقع الوجه الآخر، المحسن، التقي، المرتبط بهموم المواطنين والفقراء والمستند إلى شبكة اجتماعية قوية تتغلغل بين الجماهير وتحتضنها، وتُقدم لها بعض الإعانات.

كما أكد الباحث على صعود نُخب وقيادات فتح المتواجدة في السلطة، التي تؤمن بخيار التسوية عبر المفاوضات؛ كخيارٍ وحيد لا شريك له، ولا بديل عنه، ولم يعد من الممكن توحيد مسار القيادتين: فتح وحماس، بسبب التباين في رؤية الطرفين، كما وأنه في حال الخلاف الفلسطيني الداخلي الدائر لا يمكن للطرف الفلسطيني الذي يريد حلاً سلمياً وفق اتفاق أوسلو التوقيع على أية حل قادم في ظل هذا الخلاف، ولا يمكن أيضاً للطرف الثاني الذي يتبنى المقاومة؛ أن يكون بمقدوره انتهاج المقاومة وممارستها كالسابق، في ظل الخلاف والانقسام، وهذين الأمرين ما تريدهما إسرائيل وتسعى إلى تبديدهما.

وأوصى الباحث العقاد في ختام دراسته بضرورة التزام التنظيمين: فتح وحماس، بمبادئ استيعاب الشراكة والتداول السلمي للسلطة، واحترام القوانين والمؤسسات، ووضع المصلحة العليا للوطن فوق أية اعتبارات سياسية أو حزبية؛ حيث أن كل الأطراف الفلسطينية لحقت بها الخسارة في هذا الصراع، لافتا أن المتضرر الأكبر منه هو: المواطن الفلسطيني العادي والقضية الفلسطينية وآفاق بناء دولة مؤسسات سليمة.

ورأى أن الإطار الطبيعي والتنظيمي لوحدة التنظيمات الفلسطينية وتصحيح مساراتها، هي: منظمة التحرير بعد الاتفاق على شروط إعادة بنائها وإصلاحها عبر انتخابات ديمقراطية ونزيهة، حيث أن انضمام الكل الفلسطيني تحت سقفها سيوجد صيغة فاعلة تتنافس بداخلها قوى صاعدة وقوى هابطة مما سيؤدي إلى إصلاح وتفعيل دورها، وتأكيد شرعيتها كممثل شرعي ووحيد للشعب الفلسطيني بكافه أطيافه وقواه.

وأخيرا أكد العقاد في دراسته على أهمية عزل السلطة الفلسطينية عن منظمة التحرير؛ باعتبار أن السلطة ليست سوى إدارة لشؤون الفلسطينيين داخل الوطن المحتل، فيجب ألاَّ يكون هناك ازدواجية في صلاحية رئيس منظمة التحرير ورئيس السلطة، وكلاهما يجب؛ أن يخضعان لرقابة المجلس الوطني؛ وهى إجراءات لازمة لا مفر منها.