الأربعاء: 08/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الطيب:لا معنى لاستمرار عملية السلام الى الابد دون نتائج

نشر بتاريخ: 27/06/2009 ( آخر تحديث: 27/06/2009 الساعة: 20:05 )
رام الله - معا - قال أمين عام الرئاسة الطيب عبد الرحيم، اليوم السبت، إن الإسرائيليين يخطئوا كثيرا إذا ما اعتقدوا إنهم بإجراءاتهم العدوانية يستطيعون إلغاء ونفي طابع وهوية القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وأضاف عبد الرحيم، في كلمته نيابة عن الرئيس محمود عباس خلال افتتاح فعاليات مؤتمر القدس الدولي "هوية القدس الثقافية..بين الأصالة والتهويد"، اليوم وكما نشرت وكالة الانباء الرسمية، أن نتنياهو وقادة اليمين الإسرائيلي يخطئوا ألف مرة إذا ما افترضوا أن بإمكانهم لي عنق الحقيقة، بإمكانهم أن يكذبوا إلى ما شاء الله، ويدعوا ما يريدون من الإدعاءات الكاذبة أو ينسجوا ما يحلو لهم من الروايات المزورة، والمزورة للتاريخ، ولكنهم لن يتمكنوا من صنع السلام إذا ما أصروا على ادعاءاتهم المتنافية والمتصادمة مع مقومات السلام وحقائق التاريخ حول القدس خصوصا والأرض الفلسطينية عموما.

واشار الطيب أن المسؤولية التاريخية ملقاة على الإدارة الأمريكية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين الشعبية والأمم المتحدة، وكذلك الأمر بالنسبة للعرب جميعا، سيما وأننا كعرب نمتلك أوراق قوة عديدة إذا ما أحسنا استخدامها بإمكانها مع الجهود الدولية أن تفرض إعادة النظر والعودة عن هذا المنطق العنصري الرجعي الإسرائيلي الذي نسمعه من اليمين الإسرائيلي.

واستهل عبد الرحيم كلمته، بقوله: "شرفني الرئيس محمود عباس أن أمثله في هذه المناسبة الطيبة، راجيا لنا جميعا أن نخطو خطوة جدية إلى الأمام نحو ما نصبو إلى تحقيقه من لقائنا هذا، لا سيما وأن الهدف عميق الصلة بزهرة المدائن، مدينة القدس، عاصمة الدولة الفلسطينية الأبدية، المكبلة بأصفاد الاحتلال الإسرائيلي منذ ما يزيد على الاثنين والأربعين عاما، ومازالت مدينة السلام عاصمة الثقافة العربية للعام 2009 تئن تحت هول وضخامة الانتهاكات الخطيرة لسلطات الاحتلال البغيضة".

وأضاف: "القدس مدينة الانفتاح على ثقافات الأرض وشعوبها كلها، المدينة التي تنطق حجارتها وأزقتها وأسواقها وكنائسها ومساجدها بعبق التاريخ، فهي مدينة عربية منذ ستة آلاف عام أجدادنا اليبوسيون أقاموها وجدودها أجدادنا الكنعانيون وكانت تعرف آنذاك باسم ( يبوس ) أو اورسالم".

وقال :" إن علاقة العرب والفلسطينيين بفلسطين عموما والقدس خصوصا، هي علاقة عميقة متجذرة في حقب التاريخ القديم والوسيط والمعاصر، ولا يمكن لكل الافتراءات وعمليات التزوير للوقائع والحقائق ولا للاحتلالات أيا كان طابعها أو مسماها استيطاني أو غير ذلك أن تلغي هذه الحقيقة أو تسقطها أو تهودها حتى لو نقبت وحفرت كل الأرض المقدسية تحت المساجد أو تحت الكنائس أو بيوت المواطنين الفلسطينيين. وحتى لو بنت ألف كنيس كما قررت سلطات الاحتلال والمنظمات الصهيونية حول المسجد الأقصى الذي باركه الله جل جلاله بقوله: بسم الله الرحمن الرحيم 'سبحان الذي أسرى بعبده ليلا من المسجد الحرام إلى المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا انه هو السميع البصير' صدق الله العظيم.

وأردف عبد الرحيم: "إننا ونحن نحتفل بالقدس عاصمة الثقافة العربية لعام 2009، هذه المدينة العربية الهوى والتاريخ والثقافة كانت ومازالت تربط بين الأصالة والمعاصرة رغم كل عمليات التهويد والاستيطان الإسرائيلية، وهي حافظة التاريخ العربي الإسلامي – المسيحي، وحاضنة الآثار عبر التاريخ، مما جعل منها مدينة التعددية والانفتاح على الآخر، استقطبت البشر من كل الأديان والثقافات ولم تغلق بابا أمام أحد إلا للمحتلين والغاصبين، الذين أرادوا الاستئثار بها وبتاريخها، ونفي روايتها التي نسجها أبناؤها من الفلسطينيين العرب منذ كنعان ويابوس الأول حتى الآن".

وقال الطيب يخطئ الإسرائيليون كثيرا إذا ما اعتقدوا إنهم بإجراءاتهم العدوانية المتمثلة بسياسة التهويد والاستيطان وسحب الهويات من الفلسطينيين وبلاغات وإخطارات تدمير بيوت المواطنين المقدسيين، ومصادرة أراضيهم بطرق وأساليب مختلفة عبر التزوير تارة وعبر ذريعة الأمن تارة أخرى، وعبر عدم نشر التنظيم الهيكلي للمدينة العتيقة وضواحي القدس الشرقية تارة ثالثة، أو نتيجة عدم إعطاء تراخيص للمواطنين للبناء أو توسيع بيوتهم تارة رابعة ... الخ من الإجراءات، يخطئون إن هم توهموا أنهم يستطيعون إلغاء ونفي طابع وهوية القدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة وذات السيادة على حدود الرابع من حزيران عام 1967.

وأضاف: "يخطئ نتنياهو وقادة اليمين الإسرائيلي ألف مرة إذا ما افترضوا أن بإمكانهم لي عنق الحقيقة، بإمكانهم أن يكذبوا إلى ما شاء الله، ويدعوا ما يريدون من الإدعاءات الكاذبة أو ينسجوا ما يحلو لهم من الروايات المزورة، والمزورة للتاريخ، ولكنهم لن يتمكنوا من صنع السلام إذا ما أصروا على ادعاءاتهم المتنافية والمتصادمة مع مقومات السلام وحقائق التاريخ حول القدس خصوصا والأرض الفلسطينية عموما".

وتابع: "لا أضيف جديدا إذا ما أكدت على أن القيادة السياسية الفلسطينية عندما أعلنا عن قبولنا بخيار السلام، لم نكن نناور أو نمارس لعبة التكتيك، بل ذهبنا إلى خيار السلام بملء إرادتنا وبدعم شعبنا، وانطلقنا نحوه كخيار استراتيجي، وقبلنا بالتسوية التاريخية بإقامة الدولة الفلسطينية ذات السيادة الكاملة وغير المنقوصة وعاصمتها القدس الشرقية على حدود الرابع من حزيران 1967. أي على مساحة 22% من الأرض الفلسطينية، وضمان حق العودة للاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم على أساس القرار الدولي 194، وهذا ما أكدته لاحقا مبادرة السلام العربية، التي أقرت في القمة العربية التي عقدت في بيروت عام 2002 ثم في طهران وقبلنا واعترفنا بحل الدولتين، وأكدنا مع العرب جميعا الاستعداد لتغيير طابع العلاقات مع إسرائيل شرط قبولها بدفع استحقاقات التسوية السياسية المذكورة آنفا، بالإضافة للانسحاب من الجولان السورية وباقي أراضي شبعا اللبنانية".

واضاف لكن القيادات الإسرائيلية حين تحاول أن تقلب المبتدأ في المبادرة العربية إلى خبر والخبر إلى مبتدأ، تكون قد أدارت الظهر لعملية السلام فلقد أعلنت أنها تريد السلام على طريقتها وأكدت أنها غير مستعدة للالتزام باستحقاقاتها كما أعلن ذلك مؤخرا رئيس الحكومة الإسرائيلية في خطابه في حزيران الماضي، حيث نسف كل قضايا الحل النهائي فرفض الانسحاب من القدس الشرقية وأسقط حق العودة للاجئين الفلسطينيين، ورفض الانسحاب لحدود الرابع من حزيران 1967، وراوغ في قضية إيقاف الاستيطان تحت حجج وذرائع واهية لا أساس لها في الواقع إلا تدمير عملية السلام كأكذوبة النمو الطبيعي في المستوطنات بينما نصف المستوطنات خالية، لا بل ثمن دور المستوطنين الصهاينة تجار الحرب والتخريب والفوضى، ورفض مبادرة السلام العربية وخطة خارطة الطريق التي صدرت بقرار عن مجلس الأمن وهي كلها مرجعيات التسوية السياسية، هذا كله إلى جانب تنكره لمبدأ إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة حين أصر على إبقاء الأجواء والمياه الإقليمية والحدود البرية والمعابر والثروات الطبيعية تحت باطن الأرض بما في ذلك أحواض المياه الجوفية تحت السيطرة الإسرائيلية، فضلا عن شرطه لاعتراف الفلسطينيين والدول العربية بـ 'يهودية' الدولة الإسرائيلية ليتحقق هدفه بتهجير المواطنين العرب من أراضيهم في إسرائيل".

وأشار أمين عام الرئاسة إلى أن هذه الطروحات كلها تؤكد أن القيادة الإسرائيلية تريد عودة الأمور إلى نقطة الصفر وليست مستعدة للتقدم نحو طاولة المفاوضات وهو ما يتطلب فعلا رادعا من أوساط القوى الدولية وخاصة أطراف الرباعية الدولية، لقد استبشر الكثيرون بما سمعوه في الخطاب السياسي الأميركي الجديد على لسان الرئيس أوباما ومن أركان الإدارة الأميركية الجديدة التي تتحدث حتى الآن بلغة واحدة بشأن الإصرار على التقدم في عملية السلام العربية – الإسرائيلية وخاصة على المسار الفلسطيني، واعتبار ذلك مصلحة عليا أميركية، حل الدولتين ووقف الاستيطان بما في ذلك النمو الطبيعي، هذا الخطاب رحبنا به كونه خطاب يحاول الاقتراب من المنطق والواقع، ويلامس آمال وطموحات شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية في إرساء دعائم السلام الشامل.

وقال: "لقد علمتنا التجارب أنه حين ترى إسرائيل جدية في الربط بين الأقوال والأفعال من المجتمع الدولي، خاصة من الولايات المتحدة، فإنها ستفكر ألف مرة قبل الإقدام على أية خطوة تتناقض مع خيار الشرعية الدولية، وستعيد النظر بسياساتها العدمية التي عرضت ومازالت تعرض السلام في المنطقة والعالم إلى خطر حقيقي، وقد تدفع بالأوضاع نحو الهاوية إن لم تتراجع عن هذه السياسة التدميرية".

وأضاف لقد بدأت عملية السلام في المنطقة منذ خمسة عشر عاما ولا معنى لاستمرارها على هذه الشاكلة دون نتائج، فلا بد أن يكون هناك سقف زمني محدد ومقبول لهذه العملية، ونقولها بصريح العبارة إن شعبنا لن يستطيع أن يتحمل أكثر من ذلك.

وتابع أن المسؤولية التاريخية ملقاة على الإدارة الأميركية والاتحاد الأوروبي وروسيا الاتحادية والصين الشعبية والأمم المتحدة، وكذلك الأمر بالنسبة للعرب جميعا، سيما وأننا كعرب نمتلك أوراق قوة عديدة إذا ما أحسنا استخدامها بإمكانها مع الجهود الدولية أن تفرض إعادة النظر والعودة عن هذا المنطق العنصري الرجعي الإسرائيلي الذي نسمعه من اليمين الإسرائيلي .

وقال: "لكن هذا يستلزم أول ما يستلزم منا نحن الفلسطينيين، إنهاء الانقسام في الساحة الفلسطينية وعودة الانقلابيين عن انقلابهم الذي مزق الوطن وأعطى الاحتلال ذريعة ومبررا للتهرب من التزاماته، والتخلي عن كل الحجج الباطلة التي يتذرع بها الانقلابيون لتعطيل الحوار وإطالة أمد الانقسام، فالجميع يعرف أن أجهزتنا الأمنية تقوم بتنفيذ سيادة القانون ومنع أي محاولة لتنفيذ ما أعلنه هؤلاء الأنقلابيون من قبل عن أنهم يريدون تكرار ما فعلوه بغزة في الضفة الغربية من انقلاب على الشرعية، وقد ثبت للجميع، ومن خلال التحقيقات، أن ما يقومون به هو للانقلاب على الشرعية وليس لمقاومة الاحتلال، وأن الشقيقة الكبرى مصر مدعومة من جميع الدول العربية تبذل جهودا في هذا المجال نأمل لها النجاح انطلاقا من حرصها على القضية الفلسطينية ووحدة الشعب الفلسطيني".

وقال: 'نحن نصر على بلوغ الحل الشامل وبكل ملفاته السبع وليس الست وأنا أضيف هنا ملف الأسرى والمعتقلين، إلا أننا نود التأكيد أن لا سلام بدون القدس عاصمة الدولة الفلسطينية المستقلة، لأن القدس هي لب الصراع وجوهره. فمن يريد السلام عليه أن يبدأ من بوابة القدس وملفها، وعلى الحكومة الإسرائيلية أن تكف عن سياسة تضليل الذات والجمهور الإسرائيلي، لأن ثمن ذلك كبير قد يودي بالعملية السياسية برمتها في حال أصرت القيادة الإسرائيلية على التنكر للحقوق الوطنية الفلسطينية في القدس الشرقية. وعليها الآن وكبادرة أن تعيد فتح بيت الشرق والمؤسسات الفلسطينية التابعة لمنظمة التحرير الفلسطينية، وأن توقف عمليات التهويد والاستيطان وكل الإجراءات العدوانية ضد المواطنين المقدسيين، كما على قادة إسرائيل السماح لأبناء فلسطين بإقامة فعالياتهم الثقافية والفنية والسياسية احتفاء بمدينة القدس عاصمة الثقافة العربية للعام 2009 .

وقا ان السلام مصلحة مشتركة لكل شعوب المنطقة، وهي الرابح الأكبر من صناعة السلام لأنه الأقدر على خلق مناخات التعايش والوئام بين شعوبها، وبالسلام يعود للقدس وجهها المشرق كحاضنة للثقافات والحضارات وللأديان جميعها، مدينة التعددية والعيش المشترك ومنبرا للثقافة بين الشعوب كل شعوب الأرض.

وأكد أن القدس أولى القبلتين والتي تحتضن ثالث الحرمين الشريفين المسجد الأقصى المبارك، ستظل قبلتنا السياسية ومحط أنظارنا وبصيرتنا، نبض عروقنا ومهوى أفئدتنا وقلوبنا جيلا بعد جيل، أمانة في أعناقنا يرخص دونها كل شيء، ستظل القدس الشرقية عاصمة دولتنا الأبدية لن نحيد عن هذه القناعة التي لن تتزعزع أبدا، وإذا كانت الكثير من الأمكنة تذكرنا بأبطالها كسعد بن أبي وقاس في القادسية، وخالد بن الوليد في اليرموك، وجعفر الطيار في مؤتة، فإن القدس تذكرنا بالخليفة عمر بن الخطاب صاحب العهدة العمرية مع البطريرك صوفرونيوس، وبصلاح الدين، وإنها تذكرنا أيضا بالشهيد القائد فيصل الحسيني رحمه الله.

واختتم وكما كان يقولها ويكررها دائما القائد الشهيد ياسر عرفات، سيأتي يوم يرفع فيه شبل من أشبالنا أو زهرة من زهراتنا راية فلسطين الحرة المستقلة فوق أسوار القدس، فوق كنائسها ومساجدها، وإنا لصامدون صابرون واثقون بصدق وعد الله وعزيمة شعبنا وإصراره على الثبات والتجذر والانتصار.