الجمعة: 03/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

علامات على الطريق/انفلونزا الإشاعات !!! بقلم :يحيى رباح

نشر بتاريخ: 12/02/2006 ( آخر تحديث: 12/02/2006 الساعة: 22:06 )

الحمد لله أن الضفة والقطاع والقدس, هذه الأرض الصغيرة , المكتظة بأهلها, والمحاطة بالأسوار والأسلاك الشائكة, ونقاط التفتيش, والموت اليومي بفعل القذائف والصواريخ وحرب الاغتيالات, لم تصل إليها انفلونزا الطيور, وأن هذه الأرض الصغيرة ما زالت نظيفة من هذا الوباء القاتل, حيث يكفينا ما تواجهه من أوبئة خطيرة أخرى مثل وباء الاحتلال الإسرائيلي المستمر منذ تسعة وثلاثين عاما , ووباء البانجو والمخدرات الأخرى التي يتزايد معدل تعاطيها مع تزايد صعوبة الظروف السياسية والاقتصادية وطوابير البطالة !!!وهذا الوباء الجديد الذي اسمه وباء الإشاعة , الذي يوشك أن يكون أشد فتكا من الأوبئة الأخرى التي عرفناها.

من المعروف في الحروب أن هناك حربا ذكية ولها نتائج غاية في التدمير اسمها حرب الإشاعات ,المكونة من تلك الأخبار الناقصة ,والمحبوكة بطريقة معينة, التي تخرب البيوت العامرة , وتفسد نمط العلاقات الاجتماعية المستقرة, وتزرع أشواك الشك والاتهام والريبة في القلوب, فتتحول من حدائق للمحبة إلى حظائر للجنون والعذاب !!!

قبل أيام قليلة عقد النائب العام الأخ احمد المغني مؤتمراً صحفياً في قاعة مصلحة الاستعلامات الفلسطينية, تحدث فيه عن ملفات الفساد التي يتعامل معها القضاء حسب الأصول القانونية, وكان الهدف المركزي للمؤتمر الصحفي هو التأكيد على أن النيابة العامة ـ وهي الجهة المختصة ـ ليست نائمة عن أي قضية فساد وصلت إليها, فقد أنجزت ما أنجزت, وهي تستكمل عملها حسب الأصول وليس تحت ضغط أي شيء آخر, وأن الرئيس الفلسطيني رفض أن يتم الإعلان عن انجازات النيابة العامة في هذا الموضوع, حتى لا يسجل الإعلان وكأنه دعاية انتخابية لأي طرف من الأطراف.

كان هذا على وجه التحديد هو الهدف الرئيسي للمؤتمر الصحفي, ولكننا ـ ومع الأسف الشديد ـ رأينا كيف أن الأمور انقلبت رأساًَ على عقب, وكيف أعلنت حرب الإشاعات عبر مواقع الانترنت, وعبر أشخاص يروجون الإشاعات مثلما يتم ترويج المخدرات, ووجدنا كل يوم العديد من الأسماء, عشرات, بل مئات من الأسماء يقال إنها فاسدة, ومطلوبة, والقي القبض عليها وهي تهرّب الملايين, بل مئات الملايين, وهي إشاعات اقرب إلى شطحات الجنون منها إلى الحد الأدنى من العقل والمنطق, وعندما يتم إفحام مروجي هذه الإشاعات التي هي اشد خطراً من ترويج المخدرات, عندما يتم إفحامهم بالمنطق, يقولون لنا وهم يهزون رؤوسهم ببلاهة أو بصفاقة, هكذا يقولون, أو هكذا قرأت على موقع الانترنت, أو أي تبرير آخر.

على المستوى الوطني فإنني أتوجه إلى الأشخاص الذين ليس لديهم مقاصد سيئة, وليسوا مستأجرين من جهات معادية, ونيتهم طيبة ليس إلا, بأن يخافوا الله فيما يقولون وفيما يتناقلون من هذه الإشاعات التي تنتجها المراكز المعادية للشعب الفلسطيني, وان هذه الإشاعات هي حرب حقيقة, حرب مدّمرة, حرب يصل فيها الانحطاط الأخلاقي إلى مستويات غير مسبوقة, وبالتالي كل من يوجد في قلبه ذرة إيمان, وذرة انتماء لهذا الوطن المحتل والشعب الجريح يجب أن يكف عن ذلك.

أمّا على مستوى المسؤولية فإن الجهات المختصة يجب أن تتحرك بجدية لوقف هذا التدهور, وهذا العدوان على الناس, وهذا القتل المتعمد لمعنويات شعب ما زال يخوض المعركة على أشدها للخلاص من الاحتلال الجاثم فوق صدره منذ عقود, والذي حوّل حياته إلى دمار وجحيم.

إن الإشاعة هي وباء قاتل ومثلما تستنفر الدول ضد الأوبئة, فعلينا أن نستنفر ضدّ هذا الوباء المدمر الذي اسمه وباء الإشاعة.



[email protected]