السبت: 27/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

محاضرة لبروفيسور بريطاني حول المشهد الإسرائيلي وانعكاساته على الفلسطينيين في نابلس

نشر بتاريخ: 04/04/2020 ( آخر تحديث: 04/04/2020 الساعة: 12:04 )
محاضرة لبروفيسور بريطاني حول المشهد الإسرائيلي وانعكاساته على الفلسطينيين في نابلس

نابلس- معا- قال البروفيسور والمؤرخ إيلان بابيه أستاذ التاريخ في جامعة اكستر البريطانية إن بنيامين نتنياهو نجح باستغلال أزمة فيروس ليحقق مجموعة من الأهداف الشخصية والسياسية في آن واحد، إذ نجح  في تشكيل حكومة "وحدة" أو "طوارئ" من خلال ضم منافسه السياسي الرئيسي بيني  غانتس، ونجح  في استقطاب  عضوين من حزب العمل الإسرائيلي أيضًا، وبالتالي  فقد استطاع عمليا  تجزئة  المعارضة الوحيدة ، التي كانت من الممكن أن تهدد وجوده على رأس السلطة في إسرائيل،  كما أنه استطاع التهرب  من الإجراءات القانونية لإدانته بالفساد، وخيانة الأمانة، وتحييد أي شخص قادر على استبداله، لا سيما  منافسه الرئيسي غانتس الذي وصفه بابيه  بالساذج، وعديم الخبرة السياسية، مما جعله فريسة سهلة لنتنياهو.

جاء ذلك في ندوة الكترونية عن طريق برنامج الزوم، نظمتها جمعية بذور للتنمية والثقافة في نابلس، بعنوان، المشهد السياسي الإسرائيلي في زمن الكورونا، وأثره على الفلسطينيين، أداره الدكتور حسن أيوب، المحاضر في قسم العلوم السياسية في جامعة النجاح الوطنية، والمتفرغ لسنة دراسية في جامعة دنفر في الولايات المتحدة الأمريكية، وذلك بحضور ما يربو عن ستين مشاركا من القناصل، والسفراء، وممثلي البعثات الدبلوماسية في فلسطين، وأكاديميين، وباحثين، وإعلاميين، وطلبة، ونشطاء في حملات التضامن مع فلسطين، من الولايات المتحدة، وبريطانيا، والمانيا، والسويد، وفرنسا، وتشيلي، وايطاليا، والنمسا، وسلوفينيا، والضفة الغربية وقطاع غزة والداخل المحتل.
 وأشار البروفيسور بابيه" بأن نتنياهو وبكل خبث نجح في استغلال أجواء الفيروس للسيطرة على المشهد السياسي الإسرائيلي بما يخدم مصالحه،  بحيث أضحى اليوم يسيطر على 13 وزيرا ممن كانوا من خصوم الأمس القريب، واستغله كذلك للانقضاض على بقايا الديمقراطية الهشة، من خلال شرعنة  التجسس على الناس ومنع التظاهر السياسي لفرض سيطرته المطلقة على المشهد السياسي في إسرائيل."
وانتقد بابيه المعسكر الاشتراكي في اسرائيل،  ممثلا بشكل أساسي بحزب العمل،  والحركة الصهيونية الاشتراكية التي تأسست في القرن التاسع عشر والتي سيطرت على المشهد  السياسي الإسرائيلي من الأربعينيات إلى منتصف السبعينيات،  مشيرا بان كل ادعاءاتهم ورفعهم لشعار الإشتراكية، لم يخف حقيقة كونهم  يحملون لواء حركة استعمارية استيطانية،  قامت على الاستيلاء على الأرض،  وكان هدفها  دائمًا الاستيلاء على أكبر قدر من الأرض مع أقل عدد ممكن من السكان الأصليين الذين يعيشون فيها وهم الفلسطينيين بطبيعة الحال.
واستعرض البروفيسور بابيه تاريخ الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، والقدرة اللامتناهية على استغلال الحركة الصهيونية للظروف الإقليمية والمحلية من أجل تنظيم  تطهير عرقي ؛ وطرد ثلثي الفلسطينيين من ديارهم،  وتدمير نصف القرى الفلسطينية. وتأسست إسرائيل على 78٪ من فلسطين التاريخية.
مشيرا بأن حزب العمل، وتحت مظلة الصهيونية الاشتراكية ، قام باحتلال الضفة الغربية والقدس الشرقية ، وقطاع غزة وفرض الحكم العسكري عليهما،  ومع ذلك ، فحزب العمل لا يشكل اليوم سوى قوة سياسية هامشية، ليس لها أي تأثير في المشهد السياسي الإسرائيلي.  

كما استعرض بابيه استغلال الليكود للتمييز الواضح  ضد المجتمعات اليهودية من  الشرق الأوسط لحشد الدعم والانقضاض على السلطة، عبر وصول مناحيم بيغن وأرييل شارون إلى السلطة.

وأشار بأن لا فرق بين اليسار واليمين في إسرائيل،  فإن كان هناك تباينا  بسيطا  في الأسلوب أو الخطاب، إلا أن هناك توافيا على أن الفلسطينيين ليس لديهم الحق في العودة.
وأضاف البرفيسور بابيه، بان التغير الكبير في المشهد السياسي الداخلي في إسرائيل، لم يحدث نتيجة اتفاقية اوسلو، أو في أعقابها ، ولكن مع مجيء أرييل شارون إلى السلطة في بداية القرن الجاري،  الذي مثل انطلاق معسكر اليمين، وتراجع حزب العمل عن المشهد السياسي المؤثر في اسرائيل.

وأردف بابيه، بان شارون انطلق ببراغماتية عالية،  لإكمال المشروع الاستعماري الاستيطاني دون أن يمانع من الحديث عن حل الدولتين،  مضيفا بأن غانتس وحزبه أزرق أبيض يتبنيان ذات التوجه الايدولوجي في العام 2019، هذا الحزي الذي   يضم  عددًا من جنرالات الجيش  الذين يمكن وصفهم كمجرمي حرب ، على الرغم من احترام الإسرائيليين لهم كأبطال حرب، مشيرا بانهم لا يحملون رؤية  سوى اليمينية المتطرفة، وأن هدفهم هو الحفاظ على الوضع الراهن وتوسيعه تدريجيًا في مشهد لا يختلف عما سيقوم به نتنياهو، إنما بطريقة وخطاب أقل تطرفا.
وقال البروفيسور ايلان بابيه " لا يقدم حزب الليكود بقيادة نتنياهو منذ عام 2009 أي شيء مختلف جذريًا عن أسلوب وايدلوجيا شارون، إنما بوجود تحالف مع  أحزاب  أكثر تطرفا شكلها مستوطنون في الضفة الغربية، بينما الفارق أن انتخاب دونالد ترامب ، جعل من  أسلوب الليكود – أقل  براغماتية وأكثر إثارة – في ظل مباركة الولايات المتحدة والقاعدة المسيحية الصهيونية لترامب، مضيفا بان ظهور قادة شعبويين على رأس حكومات غربية مثل أوبان في المجر وجونسون في المملكة المتحدة، وكذلك استغلال إسرائيل للصراع القائم في الشرق الأوسط بين إيران وجيرانها، وتخوف مجموعة من الأنظمة من إيران، قد ساهم في إيجاد موطئ قدم لإسرائيل في تلك الدول، بما في ذلك عدد من دول الخليج.  

وقال بابيه، استخدم نتنياهو فيروس كورونا للقضاء على أي معارضة من معسكر الوسط، والقضاء على آخر آمال اليسار بلعب أي دور في المشهد السياسي،  ومع ذلك ، يستمر الوهم بين عدد من الفلسطينيين بوجود دعم لـ "حل الدولتين". لكن المهم ليس ما يقوله الإسرائيليون،  بل ما يفعلونه، إذ أن  الحقيقة  اليوم هو ما يتم فرضه من نظام تمييز عنصري  على الأرض، مشيرا بأن رفع لواء محاربة فايروس كورونا، لا يخفي الوجه الحقيقي لحكومة نتيناهو ، من خلال اعلانه  صراحة نيته ضم غور الأردن،  من خلال استغلال الفرصة النادرة بوجود  ترامب في البيت الأبيض، مشيرا بان  تداعيات الفيروس في الولايات المتحدة الأمريكية قد تقود  إلى سقوط ترامب ، لذلك فإن نتيناهو يشعر أنه في سباق مع الزمن لخلق حقائق جديدة على الأرض.

وأضاف بابيه،  بالنسبة إلى الليكود ، فإن الجوانب الرئيسية لـ "صفقة القرن" هي انتقال السفارة الأمريكية إلى القدس ، وإضفاء الشرعية على المستوطنات،  وضم مرتفعات الجولان ووادي الأردن (كل المنطقة ج )، وخلق واقع جديد يقوم على الفلسفة الصهيونية، أرض أكثر، وعرب أقل.

 كما تطرق بابيه، إلى حملات مقاطعة إسرائيل، وتعرية جرائمها على أرض الواقع، من خلال تبني حملات المقاطعة، والتوجه للمنظمات الدولية، مشيرا بأن كل من يحاول وسم ذلك باللاسامية، هو مخطىء ومضلل، مستدركا بان ايقاف جرائم اسرائيل، ونظامها للتمييز العنصري، هو أعظم رسالة احترام لضحايا الهولوكوست، مشيرا بأن وصف ما قامت به اسرائيل بالتمييز العنصري، والإبادة الجماعية، يرتكز إلى دراسات اكاديمية، وشواهد علمية مثبته، لا تستطيع إسرائيل مواجهتها .

وفي ختام اللقام شكر المدير التنفيذي لجمعية بذور للتنمية والثقافة رائد الدبعي، البرفيسور بابيه على وقته، والدكتور حسن ايوب على إدارته للقاء، مشيرا إلى استكمال جزء ثان منه في الأسبوع القادم، سيشمل الإجابة على أسئلة المشاركين من قبل البروفيسور بابيه، مشيرا بأن هذا اللقاء يندرج في إطار البرنامج الأسبوعي لجمعية بذور للتنمية والثقافة في ظل أزمة الكورونا من خلال تنظيم لقاءات الكترونية في الشان الفلسطيني والاقليمي والدولي .