الجمعة: 29/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

شقوق

نشر بتاريخ: 15/04/2020 ( آخر تحديث: 15/04/2020 الساعة: 18:00 )
شقوق
الكاتب: نداء يونس

الكلام كمادة لهذا الجرح الابدي، القلب.

اضعف البشر رهين اللغة، واتعسهم هو الذي تحييه وتقتله الكلمات.

يمكنها ان تكون لبلابة، جميلة وسامة، هذه اللغة.

ارفع يدي في وجه اللغة، حين تحاول ان تكون شمسي، لكنني ارفع جسدي اليها كي احترق.

عوالم كاملة تبنيها اللغة، وتهدمها. هناك شيء خاطىء في بنية العالم.

من كان اولا: الاشياء ام الكلمات؟

تعبر الكلمات الضفاف على فلوكة لصياد احمق، لو كان يدرك ما يمكنه ان يصنع بها!

الصمت لغة صاحبها والكلام لغة مشاع، لكن لغة ما تقف في حلق المغني، لا هي للنطق ولا للابتلاع، اذا، يحدث ان يكون هناك جنين لغوي يوشك على ان يركل العالم بقدمه لكنه لا يرى.

اللغة احتياج، كأن تذهب الى البقالة، تطلب الخبز والعسل، الخ الخ، ثم تكتشف انك لم تحضر معك القائمة، لكنك تحمل في كيس منفصل، ذاكرة.

لم يحدث ان خذلتني اللغة الا معك، فانا اتكلم لغة المكان وانت لغة الوقت اللذان يتقاطعان على محورين، فيما تنسب الاشياء اليهما.

من "الخبز الحافي" و"في امتداح الخالة" تعلمت ان اللغة يمكنها ان تتجسد، علمني الانجيل انها يمكن ان تصير كلمة، هذه الاختزالات تستدعي كل الغيابات الاخرى.

100 دولار وقنينة نبيذ افضل من نص صوفي او كتاب في الشعر، هذا العرض لا يشمل بالطبع دروسا في تفكيكية درديدا ولا في التداوليات، او حتى وصفة لصناعة وجبة شهية، قصدت وجبة شهية حرفيا طبعا.

اترك كتابا في شق في حائط، او في جرح، هذه الشقوق الوحيدة التي اعرفها. مهلا، اعرف شقا آخر في معاملات الزمن والمسافة والغيب، يطلع الي منه تنين ولا اعرف كيف ارضعه.

كل طريق الى الاعلى خندق.

كيف تتمايز الاشياء في النهاية، اذا كانت كل الاشياء جسد؟

ارتد عراءك، هي الصورة الوحيدة التي يمكنها ان تفوز بمسابقة المعرفة وان تختزل العالم!

لا فرق بين الكائنات الا في طريقة الوقوف، اما افقيا فكلها اغطية على سرير التراب.

الفرق بين شجرة ورقبة زرافة واضح، هل يمكنك ان تذكر فرقا واحدا بين اللغة وظلها؟

لنجعل الامور اسهل، ما الفرق بين القبلة والشفة والقنبلة والجثة والنار والحرارة والسماء والارض؟

ربما نلعب لعبة الفروق هذه الى ما لا نهاية، لكن يبدو ان الليبدو من يضع الخطوط تحت كل الكلمات في آخر اللعبة

نحن ابناء اللغة، عبيدها او اسيادها الاشرار، بشرتها وحاملوا نعوشها رغم اننا قتلاها.