الأربعاء: 22/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

في حوار شامل.. الرفاعي: هدنة طويلة الأمد هدية مجانية للعدو الصهيوني

نشر بتاريخ: 04/03/2006 ( آخر تحديث: 04/03/2006 الساعة: 11:50 )
معا- أكد الحاج أبو عماد الرفاعي ممثل حركة الجهاد الإسلامي في لبنان، على أن الاجتماعات بين قيادتي الجهاد الإسلامي وحماس في الداخل والخارج متواصلة ولم تنقطع، مشيراً إلى أن حركته لن تشارك في الحكومة المقبلة ولكنها ستدعم خطوات الاصلاح والبناء الداخلي التي ستقوم بها الحكومة المقبلة برئاسة حركة حماس التي فازت في الانتخابات التشريعية الفلسطينية.

وجدد الرفاعي في حوار خاص أجراه موقع "فلسطين اليوم" رفض حركته وقف المقاومة ضد الاحتلال الاسرائيلي، واستمرارها في المقاومة حتى تحقيق الأهداف العليا للشعب الفلسطيني وعلى رأسها زوال الاحتلال من أرض فلسطين التاريخية.

وعن الدعوة لهدنة طويلة مع الاحتلال أكد الرفاعي أن هذا الأمر مرفوض وغير مجدي وخصوصاً في هذا الوقت بالذات، لما يحمل مثل هذا الأمر من مخاطر على قضيتنا الفلسطينية ومشروع المقاومة لأنه سيقدم للاحتلال فرصة مجانية لتجاوز مأزقه الداخلي الذي أدخلته فيه الانتفاضة والمقاومة وفرصة لالتقاط أنفاسه للاستمرار في الاستيطان وبناء الجدار والتهديد الفعلي والحقيقي للمسجد الأقصى.

وفيما يلي نص الحوار:
س: كان هناك اجتماع لقيادة الجهاد في الخارج مع قيادة حماس، ما الذي جرى في الاجتماع ولماذا رفضتم المشاركة في الحكومة المقبلة؟

جـ: الإجتماعات بيننا وبين الأخوة في حركة حماس في الخارج متواصلة ولم تنقطع وخصوصاً في الآونة الأخيرة عقدت قيادة الحركتين اجتماعاً كانت أجواءه إيجابية تم التطرق فيه إلى مجمل تطورات الوضع الفلسطيني لا سيما عقب الإنتخابات التشريعية والوقائع الجديدة التي فرضتها نتائج الإنتخابات في المشهد السياسي الفلسطيني ، وقد قدَّم الأخوة في قيادة حماس تصوراتهم وسياستهم المستقبلية وآفاق المرحلة القادمة
كما تم التطرق إلى تشكيل الحكومة المقبلة وطلب الأخوة في حماس من الحركة المشاركة في هذه الحكومة .

فأكدنا للأخوة في حماس وقوفنا إلى جانبهم ودعمهم في موضوع الإصلاح ومحاربة الفساد والعمل على تحسين الوضع الإجتماعي والإقتصادي لأهلنا في فلسطين وعلى حماية واستمرار المقاومة من الشطب والتسييس ، أما فيما يتعلق بالمشاركة في الحكومة فأكدنا لهم موقفنا الرافض من المشاركة في الحكومة المقبلة وذلك للأسباب نفسها التي حالت دون مشاركتنا في الإنتخابات التشريعية.

س: هل تعتقدون أن الحكومة المقبلة ستنجح في الجمع بين المقاومة والسياسة؟

جـ: طبعاً إذا كان المقصود بالسياسة العمل السياسي بشكل عام فهو أمر لا يتعارض مع المقاومة ونحن جميعاً في فصائل المقاومة عندما نمارس العمل المقاوم فنحن أيضاً نقوم بالعمل السياسي ولكن إذا كان المقصود بالسياسة الإلتزام بإتفاقيات التسوية والشروع بالمفاوضات مع العدو الإسرائيلي والإعتراف به ففي ذلك التفاف على المقاومة ولا يمكن بأي حال الجمع بين نهجين متناقضين لا سيما على المستوى الإستراتيجي، ولكن ما ينبغي الإشارة إليه في هذا السياق أن هناك ضغوطاً مختلفة تمارس الآن على حركة حماس من أجل دفعها نحو التخلي عن برنامج المقاومة كما حصل مع السلطة السابقة وذلك ضمن البدعة الأميركية التي تقول بعدم جواز الجمع بين العمل السياسي والمقاومة وذلك في سعي منها لاحتواء حركات المقاومة .

ولذلك فإن برنامج الحكومة ونجاحها في الحفاظ على المقاومة أمر مرهون بقدرة الأخوة في حماس على تجنب الضغوط والحفاظ على أولوية المقاومة والإتعاظ من تجربة منظمة التحرير الفلسطينية وما آلت إليه بسبب استجابتها للإستدراج الأميركي والضغط الذي مورس عليها لثنيها عن ثوابتها والتخلي عن برنامج الكفاح المسلح والإعتراف بالكيان الصهيوني وتقديم التنازل تلو الآخر ضمن برامج مرحلية أوصلت السلطة في نهاية المطاف إلى الإفلاس السياسي.

س: اسرائيل توعد بعقوبات اقتصادية على الشعب الفلسطيني لاختياره حماس، كيف ترون ذلك؟

جـ: هذا ليس بالأمر الجديد، وشعبنا الفلسطيني أصبح معتاداً على التصعيد الإسرائيلي بكل أشكاله السياسية والإقتصادية والعسكرية، ولم تعد هذه السياسة خافية على أحد، وقد استخدمها الكيان الصهيوني مع السلطة السابقة قبل فوز حماس بالإنتخابات، وهو الآن ينتهج استراتيجية تصعيدية وضاغطة لدفع حماس نحو خيارات تتعارض مع مبادئها ومع تطلعات شعبنا الفلسطيني التي انتخب حماس على أساسها وفي مقدمة ذلك الحفاظ على المقاومة.

س: أبو مازن في خطابه أمام المجلس التشريعي دعا لانتهاج المفاوضات ووقف المقاومة، هل من الممكن أن توافق الجهاد على ذلك؟

جـ: هذا الخطاب باعتقادي تكرار لمنهج لطالما عبر عنه بوضوح السيد محمود عباس ففي كافة المناسبات هو يؤكد علىخياره بالمفاوضات وضرورة وقف المقاومة حتى في أوج الإنتفاضة كان يدعو إلى عدم عسكرة الإنتفاضة وإلى وقف المقاومة المسلحة، وهذا يأتي أيضاً ضمن سياق الضغوط التي تمارس على حركة حماس ومحاولة تحديد دورها ووظيفتها في السلطة بحيث لا تكون محصورة فقط بإدارة الشأن الفلسطيني الداخلي من محاربة الفساد ومعالجة المشاكل الإجتماعية والإقتصادية بل بمواصلة مسيرة السلطة السابقة بالتفاوض مع العدو الصهيوني.

ونحن كان لنا موقفاً واضحاً من كل الدعوات والأصوات التي كانت تطلق داخل البيت الفلسطيني والداعية إلى الإرتداد عن منهج المقاومة والتخلي عن السلاح ، وبإيجاز شديد نقول أنه طالما هناك احتلال فهناك مقاومة، وهي مشروعة بل واجبة على أهل فلسطين بكافة الوسائل والطرق المتاحة، وأن سلاح المقاومة يجب أن يكرم لا أن يجرم ولكن بالمقابل فهذه الإستراتيجية للجهاد الإسلامي هي بالتوازي مع استراتيجية الوحدة الداخلية ورص الصفوف واستمرار الحوار الذي هو اللغة الوحيدة التي يجب أن تسود داخل البيت الفلسطيني لكن دون المساس بحقنا المشروع في مقاومة الإحتلال ورفض هيمنته وعدوانه على شعبنا الفلسطيني وأثبتت السنين أن الخيار الأصوب والأقدر على دحر الإحتلال الإسرائيلي وخصوصاً بعد فشل مشروع التسوية الذي ثبت عقمه هو المقاومة وبالتالي التخلي عن المقاومة هو التخلي عن حقنا المشروع والمقدس ونحن في حركة الجهاد الإسلامي لا يمكن أن نتخلى عن هذا الحق مهما كانت التضحيات ومهما بلغت التحديات من أجل ذلك رفضنا ونرفض كل الدعوات التي تطالبنا وتطالب شعبنا بالتخلي عن المقاومة كخيار استراتيجي في مواجهة الإحتلال الإسرائيلي.

س: قادة حماس طرحوا هدنة طويلة مع الاحتلال، هل توافق الجهاد على هذه الهدنة؟

جـ: الحديث عن هدنة طويلة مع الإحتلال أمر مرفوض وغير مجدي وخصوصاً في هذا الوقت بالذات، لما يحمل مثل هذا الأمر من مخاطر على قضيتنا الفلسطينية ومشروع المقاومة لأنه سيقدم للإحتلال فرصة مجانية لتجاوز مأزقه الداخلي الذي أدخلته فيه الإنتفاضة والمقاومة وفرصة لالتقاط أنفاسه للإستمرار في الإستيطان وبناء الجدار والتهديد الفعلي والحقيقي للمسجد الأقصى.

لذلك أي هدنة مع العدو الآن وخصوصاً طويلة الأمد ستكون نتائجها سلبية على مستقبل القضية الفلسطينية ومستقبل أجيالنا لا سيما بإيجاد جيل جديد مفصول عن مشروع المقاومة التي رسمت طريقها دماء الشهداء، ومن هنا فإن موقفنا واضح بالنسبة للهدنة التي لم يتم بحثها بسبب التجربة الفاشلة للتهدئة السابقة التي أظهرت للعالم أجمع عدم التزام العدو الإسرائيلي بوقف الإنتهاكات والتصعيد والخروقات، فكيف يمكن الحديث إذاً عن هدنة طويلة ؟ وهل من المنطقي أن نبحث الآن مثل هذا الموضوع في ظل التصعيد الإسرائيلي المتواصل واليومي بحق شعبنا وأهلنا من قتل واغتيال واعتقال ؟ وفي ظل مواصلة سياسة الإستيطان والمحاولات المستمرة لتهويد القدس وتهديد المسجد الأقصى واستمرار بناء جدار الفصل العنصري ؟، ولذلك أعتقد أن الحديث عن هدنة طويلة لن يكون مقبولاً ويضر بمصلحة شعبنا الفلسطيني.

س: ما هو موقفكم من إعادة فتح مكتب لمنظمة التحرير في لبنان؟ وهل ستشاركون في تفعيل دور منظمة التحرير؟

جـ: إن إعلان الحكومة اللبنانية عن خطوتها لإعادة فتح مكتب م.ت.ف وكما أعلنا في مناسبات مختلفة فإنه في ظل عدم إنجاز التوافق الفلسطيني الذي يجري العمل عليه حول إطار المنظمة وبرنامجها فإننا نعتبر ذلك خطوة استباقية من قبل الحكومة اللبنانية وباعتقادي أن الظروف التي دفعت لإتخاذ هذه الخطوة قد تغيرت الآن سواء في لبنان أو في فلسطين ما بعد الإنتخابات التشريعية والواقع السياسي الجديد الذي جعل الحكومة اللبنانية غير متحمسة في هذه المرحلة لمثل هذه الخطوة بحيث ستنتظر لترى إلى ما سيؤول إليه الوضع الفلسطيني بشكل عام، كما أن حالة التفرد التي كانت سائدة في الساحة الفلسطينية والمنسجمة إلى حد كبير مع موضوع إعادة فتح مكتب المنظمة لم تعد قائمة الآن، ونحن إزاء هذه المتغيرات الكبيرة التي يشهدها الواقع السياسي الفلسطيني نرى أن هناك أولوية جديدة بات من الضروري العمل على إنجازها وفي مقدمة ذلك إعادة ترتيب وبناء م.ت.ف على الأسس والثوابت الفلسطينية حيث أن وجود مرجعية واحدة موحدة تضم كافة القوى الفلسطينية مسألة قابلة للإنجاز بعيداً عن سياسة التفرد التي كانت تعاني منها الساحة الفلسطينية والتي أدت إلى خروج قوى أساسية من المنظمة سابقاً ، إضافة لعدم تطبيق مسألة توحيد البيت الفلسطيني بكافة قواها الحية والفاعلة وهذا ما اتفقت عليه الفصائل الفلسطينية في القاهرة.

س: ما هو موقف حركة الجهاد من الأزمة مع الحكومة اللبنانية بشأن وضع السلاح الفلسطيني في مخيمات اللاجئين بلبنان؟

جـ: الأزمة التي حصلت لم تكن في شكلها المعلن متعلقة بالسلاح الفلسطيني داخل المخيمات، بل بالسلاح خارج المخيمات وإن كان برأينا أن إثارة هذا الموضوع ليست بعيدة عن مطلب السلاح داخل المخيمات بل وحتى الوجود الفلسطيني برمته في لبنان أي باستهداف حق العودة وكذلك باستهداف سلاح المقاومة في لبنان وهذا الأمر برأينا لا يمكن أن يعالج سوى بالحوار حيث أن هناك وعياً كبيراً للغايات التي كان يراد من ورائها إثارة هذا الموضوع من قبل من أصدر القرار 1559 الذي يهدف على فتنة فلسطينية لبنانية ليست في مصلحة أي من الشعبين اللبناني والفلسطيني ولن يستفيد منها سوى أميركا وإسرائيل بما تؤدي من استهداف واضح لقضية اللاجئين من مدخل السلاح الفلسطيني الذي يدرك الجميع أنه سلاح له دلالات سياسية واعتبارية تتعلق بالوجود الفلسطيني القسري في لبنان وبحق العودة.

ومن هنا أدت كل هذه الضغوط الخارجية على الحكومة اللبنانية لإثارة هذا الموضوع والذي يصور الوجود الفلسطيني في لبنان ويختصره باعتباره وجوداً أمنياً مع العلم أن قضية اللاجئين هي قضية سياسية وليست أمنية وبالتالي فلا بد من التعاطي معها من زاوية سياسية وليس من زاوية أمنية فقط، ونحن في حقيقة الأمر نتعاطى مع هذا الموضوع بدرجة عالية من المسؤولية ومن واقع الحرص على العلاقات الإيجابية والأخوية مع لبنان، وأي أزمة قد تظهر بين الحين والآخر لا يمكن معالجتها برأينا إلا بالحوار والتفاهم بعيداً عن أي ضغوط خارجية تستهدف المقاومة اللبنانية والوجود الفلسطيني في لبنان.

س: أين أصبح الحوار اللبناني- الفلسطيني.. وهل من حل للأزمة؟

جـ: كما ذكرنا في الإجابة على سؤالكم السابق نحن نؤمن أن الحوار هو الوسيلة الوحيدة لتقريب وجهات النظر وحل كل الأزمات والإشكاليات التي يتعرض لها الوجود الفلسطيني في لبنان، وهذا أيضاً يلقي بالمسؤولية على الحكومة اللبنانية التي عليها أيضاً أن تتعاطى مع الحوار بجدية أكبر وبما يخدم مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني بمعزل عن أي أجندة خارجية.

ونحن نعتقد أن الحوار الفلسطيني اللبناني بات اليوم مطلباً من الجميع كونه حوار يتعلق بالوجود الفلسطيني المؤقت في لبنان وحقوق اللاجئين الفلسطينيين المدنية والإجتماعية والسياسية بما يخدم حق العودة ورفض التوطين ولا بد هنا من توضيح أن من يمتلك إمكانية الحوار عن اللاجئين الفلسطينيين في لبنان مع الدولة اللبنانية هو القوى الوطنية والإسلامية الفلسطينية في لبنان وليس تياراً محدداً وإن حمل صفات مسميات لم تعد تحظى بالإجماع الفلسطيني الذي يحتاجه أي حوار وأية علاقة مستقبلية نأملها مع لبنان وحكومته وشعبه ومقاومته.

وإن الجهود المبذولة الآن لإعادة ترميم وتنظيم العلاقة الفلسطينية اللبنانية متوقفة على جدية هذا الحوار ومدى قدرة الحكومة اللبنانية على إعطاء الوضع الفلسطيني أولوية تبعد القلق والخوف عن الفلسطيني . والمطلوب اليوم بكل صراحة أن نرى جدية أكبر من قبل الحكومة اللبنانية وأن نسمع تطمينات حول هذا الأمر على أن يتم التعاطي مع كل القضايا كرزمة واحدة وليس كرزم متفرقة لما فيه مصلحة الشعبين الفلسطيني واللبناني، ولكن للأسف نحن نرى أنه لا يوجد في المرحلة الراهنة آفاق للحوار بسبب الوضع الداخلي اللبناني.

س: تشن قوات الاحتلال الصهيوني عليكم حملة شرسة، ما هو موقفكم من الحملة وهل تعتقدون أنكم قادرون وحدكم للرد على هذا العدوان؟

جـ: العدو الصهيوني يشن حرباً ضد شعبنا الفلسطيني بكل فئاته وخصوصاً ضد الحركة التي يستهدفها بحرب لا هوادة فيها وذلك بسبب مواقف الحركة الجذرية من الإحتلال والتمسك بحقوق شعبنا الثابتة، ولكن رغم كل ذلك فقد استطاعت الحركة على مدى السنوات الماضية أن تثبت أنها قادرة على رد الصاع صاعين لهذا العدو، وحتى بحسب اعترافات قادة الكيان فقد تميزت الحركة بإعادة بناء خلاياها بسرعة وفي أصعب الظروف ولذلك فنحن نؤكد على أننا سنرد على اعتداءات العدو التي تطال أبناء شعبنا الفلسطيني ولن يثنينا شئ عن مواصلة مقاومتنا وجهادنا بل إن كل قطرة دم تسيل ستنبت جيلاً وسيلاً من المجاهدين والإستشهاديين الذين يكملون المسيرة ويواصلون طريق التحرير، وقد أثبتت التجارب أن الضربات التي تتلقاها المقاومة تزيدها قوة وترسخاً.

س: اتهمكم البعض بتنفيذ أجندة إيرانية وسورية في تصعيدكم للمقاومة، كيف ترون هذه الاتهامات؟

ج: مثل هذا الإتهام يحمل في طياته استخفافاً لشعبنا الفلسطيني وتجني على مقاومته الباسلة التي أعطت الجميع دروساً في التضحية والمقاومة والصمود وشعبنا لا يحتاج بالمقابل إلى من يزايد على جهاده ومقاومته أو من يعطيه التوجيهات لمقاومة المحتل وهو لا يعمل إلا وفق أجندته الخاصة والمتمثلة بمواصلة المقاومة حتى التحرير واستعادة الحقوق المسلوبة ومحاربة الظلم الواقع على شعبنا ووفق هذه الأولويات التي يعمل بها شعبنا الفلسطيني فقد أثبت أيضاً أنه يمتلك القدرة على مواصلة جهاده وفي أحلك الظروف وأصعب المراحل وإن استدعى ذلك التحالف مع قوى الممانعة في الأمة فهذا لا يعني أننا نعمل وفقاً لأجندة أحد ،وهذه التهم التي كانت دوماً توجَّه ضد المناضلين والمجاهدين من أبناء شعبنا وأمتنا عندما كان يحشر العدو ومشروعه وأزلامه في المنطقة.

وما حصل مؤخراً من تصعيد للمقاومة هو بشكل أساسي يعود إلى استمرار المقاومة وما يتاح لها من ظروف ميدانية تساعدها في القيام بعملياتها وهذا يندرج في السياق الطبيعي للمقاومة ولا يحتاج إلى أي مبرر طالما كان الإحتلال جاثماً على أرضنا ولا سيما في الآونة الأخيرة التي صعَّد فيها الإحتلال من عدوانه وشن علينا حرباً شاملة اغتيالاً واعتقالاً وأمعن في القصف والقتل لأبناء شعبنا ونحن نتساءل كيف يمكن للمقاومة أن تتعاطى مع هذا الإحتلال العنصري الذي يواصل بناء جدار الفصل العنصري ويزيد من حملات الإعتقال ويهدد المقدسات ويسعى لتهويد القدس، هل نقابل ذلك بالإبتسام لهذا العدو وإلقاء الورود عليه أم بتصعيد مقاومتنا والدفاع عن حرماتنا ومقدساتنا ؟.

س: ما هي رؤية حركة الجهاد الإسلامي للقضية الفلسطينية في ظل الوضع الراهن والمستقبل المجهول؟

جـ: القضية الفلسطينية هي قضيتنا المركزية ومحور الصراع القائم بين الحق والباطل ومحور عملناالمركزي ومنطلق برنامجنا المقاوم، ومركزية القضية الفلسطينية ثابت من ثوابتنا مهما كانت مستجدات الوضع الراهن والمستقبلي، وكما يبدو في الأفق السياسي الحالي فإن الوضع الفلسطيني برمته يتعرض لمتغيرات كبيرة لا سيما في ظل ما أفرزه الواقع السياسي الفلسطيني بعد مرحلة الإنتخابات التشريعية وما فرضه ذلك من تحديات أمام الحكومة المقبلة إضافة إلى التحديات التي تواجه المقاومة في ظل تزايد الضغوط والهجمة التي تستهدف شعبنا الفلسطيني ولكن رغم كل ذلك فكلنا ثقة بشعبنا وقدرته على تجاوز كل التحديات والإستحقاقات المقبلة مثلما تجاوز كل الظروف الصعبة والقاهرة التي تعرض لها سابقاً كما أن المقاومة أثبتت أنها العامل الرئيسي القادر على إبقاء جذوة هذه القضية حية في نفوس أبناء أمتنا لا سيما في ظل ما تتعرض له قضيتنا الفلسطينية من محاولات دؤوبة لشطبها والإلتفاف عليها وما ينبغي التأكيد عليه أن كل المعطيات تشير اليوم إلى بداية الإندحار في المشروع الصهيوني الذي بدأ في جنوب لبنان وفي قطاع غزة والذي أنهى فكرة إسرائيل الكبرى، هذا عدا عن مؤثر أساسي ظهر في السنوات الأخيرة وتمثل في فشل مشروع الإحتلال الأميركي في العراق وما سيحمله هذا الفشل والمأزق من انعكاس إيجابي على القضية الفلسطينية وكل مشاريع التحرر في العالم.

س: رسالتكم لأبناء شعبكم؟

جـ: نتوجه لشعبنا الفلسطيني الصامد بتحية إجلال وإكبار على تضحياته وصموده العظيم والذي بفضل عطائاته ومقاومته التي أجبرت الإحتلال على الإندحار من غزة بعدما عجز عن مواجهة المقاومة رغم كل ما توعد به، فانتصرت إرادة شعبنا في حرب الإرادات، ورغم أنه لم يُعرف لشعبنا تاريخ خارج الدم وخارج المذابح إلا أنه لم ينكسر ولم يستسلم ولم يساوم، وبقيت رايات جهاده مشرعة، وبقي أكثر الظواهر حية في هذه المنطقة، ولذلك فنحن على يقين بأن شعبنا الفلسطيني البطل لن يفرط في نعمة الجهاد و نعمة الاستشهاد لأننا نؤمن بأن هذه أرض رباط إلى يوم القيامة".فالشكر كل الشكر لشعبنا الصامد والمرابط على أرض فلسطين والتحية لأسرانا البواسل ولشهداءنا الأحياء.

حاوره- ضياء الكحلوت.