الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف
خبر عاجل
جيش الاحتلال يعتقل جهاد نواجعة رئيس مجلس قروي سوسيا بالخليل

المخفي أعظم!

نشر بتاريخ: 14/04/2021 ( آخر تحديث: 14/04/2021 الساعة: 17:04 )
المخفي أعظم!

بقلم: د. صبري صيدم

ما أن تسلم الرئيس بايدن دفة الحكم في أمريكا، حتى أعلن صراحة عن نهاية عهد ترامب بما حمله من قرارات وخطط شملت قطاعات الصحة والهجرة والسياسة والطاقة والبيئة والقائمة تطول.

وقد شملت سلسلة القرارات استئنافاً واضحاً للعلاقة مع الفلسطينيين، وفق قرارات الشرعية الدولية وحل الدولتين، مع رفضٍ صريح، وفق المصادر الأمريكية، لما قد يؤثر على نتائج الحل النهائي للصراع، إضافة إلى استئناف المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، مع الإشارة إلى استمرار الولايات المتحدة لمسيرة التطبيع، وإقرارها بعدم إمكانية إعادة السفارة إلى تل أبيب، وتلويحها باحتمالية فتحها لمقر القنصلية في القدس الشرقية.

وقد أيدت تصريحات وزير الخارجية الأمريكي الجديد بلينكن هذه المواقف وصولاً إلى قيام الولايات المتحدة الأمريكية قبل أيام باستئناف الدعم المالي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين الأونروا. وقد فهم الفلسطينيون من هذه المواقف أن خطة ترامب المسماة «صفقة القرن» قد أصبحت خلفنا، وأن خريطته المسخ قد طواها التاريخ، وأن خطة الضم أصبحت أيضاً خلفنا.

مجريات الأمور على الأرض تثبت أن ما يجري إنما هو سباق مع عقارب الساعة لتنفيذ العديد من محاور خطة ترامب، خاصة خطة الضم بما فيها تسريع عجلة مصادرة الأراضي، وتوسيع المستوطنات، وتعزيز الهجرة اليهودية وصولاً إلى إعلان الصندوق القومي اليهودي، مؤخراً وبشكل صريح، عن نيته العمل على تنفيذ خطة للشراء المزعوم للمزيد من الأراضي في محيط المستوطنات بغرض توسيعها.

وقد أبرز الإعلان في الآونة الأخيرة عن بناء مستوطنة جفعات هاماتوس في محيط بيت لحم، التي من شأنها القضاء تماماً على الترابط الجغرافي للمناطق الفلسطينية، والاستيلاء على البيوت في حي الشيخ جراح المقدسي، وتسريب المنازل في سلوان، شراسة المعركة الدائرة والمستمرة في عموم فلسطين.

ولعل لتشجيع الجريمة في الوسط العربي في فلسطين التاريخية وإذكاء حرب الضغائن هناك، وإشعال نار الفتنة الطائفية، وتمزيق القائمة المشتركة، عبر تحالف اليمين الصهيوني مع الحركة الإسلامية الجنوبية، والإعلان عن ضم جامعة مستوطنة أرييل القائمة على الأرض العربية في محيط سلفيت، وغيرها من مدن وقرى الضفة الغربية، إلى ما يعرف بمجلس الجامعات الإسرائيلية، إنما تعكس في مجملها حجم الحروب المشتعلة على كل الجبهات، لتفكيك الهوية العربية، وخلق البيئة الطاردة للوجود العربي على أرض فلسطين، وفي كل الاتجاهات.

ومع اشتداد عود المستوطنين، وتشجيع عصاباتهم «كتدفيع الثمن» و»شبان التلال» وغيرهم، ليصب أيضاً في تغييب عامل العيش الآمن للفلسطينيين، وتحويل الضفة الغربية العربية الفلسطينية إلى أرض محروقة، ينزع أهلها باتجاه الهجرة الطوعية والبحث عن أوطان بديلة، ليتضح الترابط الأوسع لمجمل الخطوات التدميرية.

ولعل حالة المراوحة الحكومية الإسرائيلية، شكلت ومن دون منازع طوقاً لنجاة نتنياهو، ولكنها أيضاً شجعت كل ما أورده المقال من خطواتٍ عنصرية إحلالية صهيونية تسابق أرباب اليمين على دعمها وإسنادها.

وفي ظل غياب الدور الدولي وانشغال الإدارة الأمريكية في تنظيف بيتها الداخلي من كوارث ترامب، واستفراد نتنياهو بالشعب الفلسطيني، أمام هوان البعض من الأشقاء العرب وهرولتهم نحو التطبيع، فإن سباق التسلح بالفكر اليميني الصهيوني، بات السمة المميزة للأحزاب الإسرائيلية، حتى بات الأكثر شعبية هو الأكثر قدرة على التنكيل بالفلسطينيين.

وقد بنيت فلسفة الأحزاب في جولات الانتخابات الإسرائيلية السابقة، على مدار الأعوام الأخيرة، على التسابق في التعبير عن كره الفلسطينيين والإمعان في ظلمهم وسرقة أراضيهم وشرذمتهم وفصلهم وتدميرهم ومصادرة حقهم في الحياة.

ما خفي كان أعظم، في ما يجنح الصهاينة إليه، لكن أربابهم حتماً يحتاجون اليوم للعودة أكثر من أي يومٍ مضى إلى المدارس حتى يتعلموا من التاريخ: بأن الشعوب ربما تنكفئ لكنها لا تنسى!

[email protected]