الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

ملاك دقيقة الملامح في صورة شاعرة

نشر بتاريخ: 03/07/2022 ( آخر تحديث: 03/07/2022 الساعة: 16:47 )
ملاك دقيقة الملامح في صورة شاعرة

الكاتب: منجد صالح

ليست أوّل مرّة التي ازور فيها مكتبة الرعاة في وسط مدينة رام الله، وجارتها المقابلة "مقهى حنظلة"،

لكنها المرّة الاولى، نعم أوّل مرّة، التي تستقبلني على باب المقهى العريق ملاكٌ دقيقة الملامح، نحيلة، شعرها مالس اسود قصير، تلبس قميصا ناصع البياض يجعلها اشبه بملاكٍ، بحمامةٍ بيضاء رفّت على عتبة المقهى، مقهى "حنظلة"، شخصية ناجي العلي السرمديّة، ورمز رسوماته الكاريكاتيريّة البديعة.

أهلا وسهلا، خاطبني الملاك "الصغير"، تفضّل.

شكرا، كنت قادما إلى مكتبة الرعاة بخصوص كتابي القصصي الثالث "سلّم لي على السفارة".

آه. أنت كاتب اذن. تشرّفنا، تفضل نضيّفك قهوة. أنا أعمل هنا في المقهى، لكنني في الاصل شاعرة.

عظيم شاعرة ومثابرة، تعملين في المقهى. "برافو".

يا الهي كم هي مصادفة سعيدة ولطيفة، و"رُبّ صدفةٌ خيرٌ من ألف ميعا"!!!

الصبيّة الفتيّة ذات الوجه الطفولي الملائكي والشعر القصير الاسود المالس هي الشاعرة شذى أبو حنيش. لديها من الدواوين الشعرية المنشورة ديوانين: " الاوّل: "حُبّ يحومُ كبعوضةٍ مُزعجة"، والثاني: "أغرتني الهاوية" الذي أطلق في متحف محمود درويش. وهي تُعدّ حاليّا لاصدار ديوانها الشعري الثالث، على بركة الله وبتوفيقه.

جدير بالذكر أن هذه الشاعرة الشابة المبدعة هي من بنات عمومة الاديب الكاتب الاسير كميل أبو حنيش، صاحب رواية "الجهة السابعة".

شذى أبو حنيش مرهفة الاحساس دمثة الاخلاق، قمّة في اللطافة واللباقة والقيافة والكياسة والثقافة والاناقة كأنّها نجمة رقيقة مشعّة هبطت من السماء وسكنت الارض، نسمة تهبّ من الغرب من مياه وشواطئالمتوسّط تحمل معها شذرات عبق برتقال يافا وحيفا وعكّا، حوريّة خرجت من بين موجات البحر إلى اليابسة لتُزيّن المكان وتصبغ الزمان بنكهة الشعر والابداع.

قامت بتحضير القهوة بنفسها وجلسنا على طاولة "نُدردش". تحدّثنا معا وكأننا نعرف بعضنا منذ مدّة، منذ زمن "الارواح جنودٌ مُجنّدةٌ، فما تعارف منها إئتلف وما تنافر منها اختلف" كما يقول الحديث النبوي الشريف.

حديثها عذبٌ سلسٌ وهي تشرح لي عن تجربتها الشعريّة، وأنّها تفكّر أن تخوض وأن تكتب في النثر، لكنّها مُتردّدة قليلا. فشجّعتها وقلت لها:

خوضي التجربة من بابها الواسع وأنا مُتأكّد بأنّك ستُبدعين في النثر كما تُبدعين في الشعر. وأنّ من أجمل النثر ما يكتبه الشعراء. وأنا أحبّ كتابات محمود درويش النثرية وكتابات المُتوكّل طه النثرية، وكتابات فراس حج محمّد النثريّة.

كُنت وأنا مستمرٌ في الدردشة اللطيفة معها أعتقد بانني أجلس مع "طفلةٍ كبيرةٍ"، فوجهها الطفولي الملائكي دقيق الملامح حسن القسمات، وصوتها الرفيع العذب، لا توحي ولا "توشي" بانّ لديها أكثر من عشرين عاما، لكنها فاجأتني باخباري بان لديها ثلاثين عاما، "ثلاثين قرنفلة" متورّدة عطرها فوّاح"، وأنّ لديها ابنة عمرها ثلاث زهرات اسمها بيروت.

بيروت يا بيروت أجبتها اسمٌ جميلٌ عزيز مُعبّرٌ. وقلت لها أنني كتبت مقالا شاعريّا أو شعريّا عن بيروت بعد تفجير ميناء بيروت، تحت عنوان: "يا بيروت"، نُشر حينها في العديد من الصحف الالكترونيّة.

ودّعتها وشكرتها على اللطافة وعلى القهوة اللذيذة. وخرجت من مقهى حنظلة واذا بي مباشرة في المقابل تماما في مكتبة الرعاة، حيث أخذت عدة نسخ من كتابي الاخير،كتابي القصصي الثالث "سلّم لي على السفارة" الذي صدر عن دار الرعاة في رام الله وجسور في عمّان.