الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

نعم لأي انتصار… بنكهة فلسطينية!

نشر بتاريخ: 14/12/2022 ( آخر تحديث: 14/12/2022 الساعة: 14:30 )
نعم لأي انتصار… بنكهة فلسطينية!



بقلم: د. صبري صيدم

يتهم البعض أمتنا العربية بالمغالاة في فرحها بفوز منتخب المغرب الأخير في مونديال قطر على البرتغال، وتأهلها لأول مرة في تاريخ العرب والافارقة إلى المربع الذهبي، بل ذهب البعض إلى اتهام العالم العربي بتسييس المونديال، وإخراجه من إطاره الرياضي والاجتماعي.

ولعل العرب أنفسهم لا يكترثون لما يقال عنهم جراء هذا الإنجاز، ولا يخفون حتماً فرحتهم بالتأهل، ليس فقط لأسباب رياضية ووجدانية، بل أيضاً لأسباب سياسية بامتياز مهما حاول الكثيرون إبعاد كرة القدم عن السياسة.

والسبب في ذلك أن العالم العربي المحروم المكلوم المأزوم، إنما يبحث عن انتصار مهما كان شكله ونوعه، ليس فقط لشح الانتصارات العربية، وإنما أيضاً جراء تراكم الهزائم الميدانية والمعنوية والإنسانية، وجرح فلسطين الذي سيبقى غائراً في صدور أمة بحالها.

ببساطة، أمة الانكفاء تبحث عن النصر في أي من المربعات الممكنة، بعد أن اتعبتها العنتريات والخطب الرنانة والبطولات الوهمية، والادعاءات التهويلية والحروب الصفرية، التي قادت نحو سقطات وهزائم متلاحقة، سحقت الأمة العربية وهزّأت جيوشها وقهرت الشعب العربي بفعل الانكسار والمؤامرات والخيانات والتبعية،

لذلك ليس غريباً أن تهلل أمة العرب لأي انتصار مهما كان نوعه وشكله، لتأتي كرة المغرب فتحقق شيئاً مهماً من الفرح، وترفع منسوب الأمل بتحطيم المستحيل، وتبدد الخوف من الكبار، وتمهد الطريق أمام وصول فخر العرب إلى المربع الذهبي دونما وجل أو تردد.

فالكرة في مباراة البرتغال مثلاً لم تدخل مرمى الفريق الخصم فحسب، وإنما دخلت معها قلوب مئات الملايين من العرب فرحاً واندهاشاً وتهليلاً، ليس لطعم الفوز فقط وإنما أيضاً لكون هذه الكرة قد أسقطت المستحيل، وحطمت احتكار عمالقة الكرة للمربع الذهبي، ومكنت العرب بقدهم وقديدهم من الخروج من دائرة الإخفاق المستدام والشعور العارم بالنقص واليأس. المفارقة لم تكن بالإمعان في النشوة والفرح فحسب، بل أيضاً في انطلاق مسيرة الكتّاب العرب باتجاه التحضير لسيناريوهات المؤامرة، توجساً مما جرى للجزائر خلال رحلة تأهلها في مونديال عام 1982، واتفاق النمسا وألمانيا آنذاك على النتيجة الختامية لضمان تأهلهما على حساب الجزائر. وهو ما قاد الفيفا لاتخاذ قرار تاريخي وحاسم يطبق حتى اليوم، بضرورة تنظيم مباريات الترشح بصورة متزامنة، وهو ما اعتبر ضمناً بمثابة اعتراف بما لحق بالجزائر من أذى، من دون الاستجابة لشكواها وإعطائها حقها بالترشح.

ومع كتابة هذه الكلمات فإن قدراً كبيراً من الأمل يسكن قلوب المتابعين العرب، لكنهم أيضاً يعيشون قدراً كبيراً من التوتر جراء الخوف من مؤامرة كروية قد تحصل فتقود نحو إقصاء المغرب.

الرغبة بتحقيق أي انتصار، والشعور المستدام بالمؤامرة، كانتا وستبقيان توجهين أصيلين في صدر عالم عربي عاش الهزائم والإخفاقات والمؤامرت، حتى بات لا يقتنع بالشيء إلى أن يراه. طوبى للمغرب وهو يخترق حاجز المستحيل ويتوشح بالعلم الفلسطيني، الذي كان وما زال وسيستمر قاهراً للبعض المفرط في غيه وقناعته، بأن الفريق المغربي يجب أن يحاكم لرفعه ذاك العلم، بل يذهب نحو مطالبة الفيفا بفرض العقوبة على منتخب العرب الأول.

إن رفع العلم الفلسطيني والتوشح به ليس كفراً، بل الخطيئة تكمن في استدامة الاحتلال والتغطية عليه وتبرير جرائمه والتهليل له والإصرار على عدم محاسبته والضغط عليه، وهو ما يجعله يعزز الخطأ بالخطأ ويتصرف بعقلية المعصوم الذي لن يحاسبه أحداً! التاريخ دول… ننتظر لنرى.