السبت: 20/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

لماذا تخطىء أوروبا حين تتفاوض مع حماس ؟؟

نشر بتاريخ: 22/06/2005 ( آخر تحديث: 22/06/2005 الساعة: 20:40 )
ترجمة معا - عن الكاتب جيرالد شتاينبرغ في صحيفة جيروزاليم بوست

اسلوب التمني الذي يميّز طريقة الدبلوماسيه الاوروبيه في التفكير حول قضايا الشرق الاوسط والتي حاولت من خلالها ان تخترق المنطقة وتعبر المحيط باتجاه واشنطن لتجد لها موطىء قدم هناك ، يعكس الرغبة العارمة في رؤية تطور ايجابي في العلاقة ما بين الفلسطينيين والاسرائيليين ، وقد تبنى بعض المسؤولين الاميريكيين وصدقوا "الاسطورة" التي تتحدث عن تحول حركة حماس نحو الاعتدال ، هذا التفاؤل يعود الى النظريات التي تقول بان أباطرة الارهاب وقادة التنظيمات الثورية وعند ما يستطيعون تحقيق بعض القوة والتأثير السياسي ، فهم مرغمون على القبول بالحقائق والوقائع التي تحدث على الارض واستناداً الى هذه الطريقة في الاعتقاد والى هذا النموذج ، فان هذه الحقائق - توفير الوظائف ، الاسكان ، الصحة ، التعليم ، .... الخ - تتطلب نوعاً ما معيناً من التعاون ، التنسيق ، أو سّمه ما تشاء ، مع من يعتبرونهم اعداء لهم او جيران وهذا التعاون بدوره يشجع على الاعتدال والتحول من العنف الى التعايش السلمي ،
لكن ومثل كل النظريات الدبلوماسية الجذابة ، فان هذه النظرية تفتقد الى سجل ذي مصداقية في العالم الحقيقي ، فما بالك عندما يتعلق الامر بتنظيمات اسلامية متطرفة ، في افغانستان على سبيل المثال ، وبعد ان سيطرت حركة طالبان على السلطة بعد سنوات طويلة من الحروب والارهاب ، اعتقد الكثيرون من رجال المخابرات والمحللين السياسيين وصنّاع القرار , ان الملالي هناك سوف يتحولوا الى مجموعة من القادة " البراغماتيين " العمليين ، لكن التجربة هناك اثبتت ان هؤلاء ، وبدلا من ذلك ، فانهم حولوا وجودهم في السلطة ، وقوتهم الى سلطة من الرعب وحكم من الارهاب لفرض أسوأ اشكال الاسلام تطرفاً على افراد الشعب الافغاني ، ان قادة طالبان لم يحاولوا ابداً ان يهتموا بما يمكن ان يهتم به اي قائد رسمي او اي حكومي ، مثل - الخدمات الاجتماعية ، الصحة ، التعليم ..... الخ ، فهذه لم تكن ابداً على برنامج اولوياتهم ، وبدلا من ان يتعاونوا مع الغرب ، قام الملا عمر وباقي القيادة في حركة طالبان بتوفير الملاذ الآمن لاسامة بن لادن وجعلوا من افغانستان قاعدة لانطلاق عملياته.
النظرية ذاتها تم اعتمادها عندما تنبأ أو توقع الجميع تحول حزب الله اللبناني من حزب ارهابي ، كل همه مهاجمة اسرائيل واهداف الدول الغربية ، الى حزب سياسي يركز على قضايا داخلية لبنانية ، ولكن في هذه الحالة ايضاً ، ثبت بالدليل القاطع وليس بالنظرية على الاقل خلال السنوات الخمس التي تلت انسحاب اسرائيل من الجنوب اللبناني ، ان هذا الحزب ، وبدلا من التحول الى العمل الاجتماعي والانساني ، بدلا من ذلك ، اخذ يمارس خطف الجنود الاسرائيليين ، ونشر حوالي 12 الف صاروخ ودعم بصورة مباشرة الهجمات "الارهابية" الفلسطينية ، لذا ، وبينما يحاول حزب الله تحقيق اهداف وسلطة سياسية في لبنان ، فانه في ذات الوقت يمارس دعمه للارهاب ، وقد اظهرت دعوات قائده حسن نصرالله بعدم الاستجابة لنزع السلاح ذلك كله في ظل الفشل المتكرر ، لذا فان الاستمرار في الاعتماد على السياسة والدبلوماسية انما يبقى مبنياً على طريقة التمنيات في التفكير ، وبشكل جزئي يمكن القول ان ذلك ما يعتبره الاكاديميين في الغرب " انعكاسات المرآة " حيث يعكس هؤلاء طريقتهم البراغماتية والوسطية على قيادات الجماعات الارهابية ، لقد تبنى الغربيون نوعا من المثالية يعكس تاريخ تفكيرهم الذاتي ، بما في ذلك التسامح الناتج عن عصر النهضة والتنوير وقرون من الحروب المدمرة ، لكن ومن خلال هذه التجربة ، فان المثقفين وواضعي السياسات الغربيين حاولوا ان يعولموا هذه الظاهرة .
الاوروبيون بخاصة ، حاولوا تنصيب انفسهم كطلائع لحركة تطور عالمية حيث يفقد الدين ، والايديولوجيا والقومية القدرة على الاقناع ، وبدلا من قوى الظلام هذه ، يرى الاوروبيون ان التسامح والبراغماتية ، والتصالحية ، في مكان الصداره ، لذا ، ومن اجل ان يحصلوا على الدعم من المال والسلاح فان قادة الارهاب والثورات يخبرون الغربيين بانهم لديهم الجاهزية للسمع وانهم يشاركونهم اهدافهم .
هذه الحقائق ، دفعت عملية السلام الشرق اوسطية ابتداء من مفاوضات أوسلو السرية والتي انتهت بكارثة ، هنا ايضا فان تفكير التمني صور عرفات من قائد للارهاب الى قائد براغماتي يبحث عن خير شعبه وصالحه ، واثبت الواقع ان عرفات لم يتغير ابداً .
والان فان اولئك الاشخاص ا نفسهم يدفعون باتجاه الحوار مع حماس مستفيدين من حالة الفساد في حركة فتح في الوقت نفسه فان حركة حماس لا تزال تقوم بالهجمات الارهابية وتنفي الشرعية عن دولة اسرائيل ، وينتج عن طريقة التفكير هذه اولا ، الفشل الفوري الذي سينتج عن الاتصال بحماس وتقوية نفوذها ، حتى وان كان محدوداً ، وذلك من خلال عدم القدرة على وضع حد لارهابها ولكن الخطر الاكبر سيكون عندما نعلم ان الاوروبيين واميركا لن يتعظوا من تجربة ايران وافغانستان والعراق وجنوب لبنان وسوف يعالجوا تفاؤلهم بالحقائق السياسية على الارض ،،، وكنتيجة ، وبدلا من ان نتقدم الى الامام فان هذه المثيولوجيا ستعود الى مزيد من التصعيد وفقط مزيد من التصعيد .