غزة- معا- يواجه سكان قطاع غزة أزمة إنسانية غير مسبوقة مع استمرار الصراع وتدهور الأوضاع المعيشية، حيث أدت الحرب المستمرة منذ أكتوبر 2023 إلى استشهاد أكثر من 50 ألف فلسطيني، وتشريد 90% من السكان، وتدمير البنية التحتية الأساسية.
وسط هذا الواقع الكارثي، تتسابق دول ومنظمات دولية لتقديم مساعدات إنسانية عاجلة، لكن القيود على الوصول والتحديات اللوجستية تعرقل تلبية الاحتياجات المتزايدة.
أزمة إنسانية متفاقمة
وفقًا لتقرير صادر عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) في يناير 2025، يعتمد أكثر من مليوني شخص في غزة على المساعدات الإنسانية للبقاء على قيد الحياة، حيث يواجه 2.1 مليون شخص انعداما حادا في الأمن الغذائي؛ الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش، وصف الوضع في يوليو 2024 بأنه "وصمة أخلاقية على الجميع"، مشيرا إلى "انهيار النظام الإنساني في غزة" بسبب القصف المكثف ونقص الإمدادات.
تسببت القيود الإسرائيلية على دخول المساعدات، خاصة في شمال غزة، في تفاقم الأزمة. تقرير لـ"ريفيوجيز إنترناشونال" في مارس 2024 وثق أن "السلطات الإسرائيلية منعت باستمرار وصول المساعدات إلى المناطق الأكثر حاجة"، مما أدى إلى "ظروف شبيهة بالمجاعة".
كما أشار تقرير مشترك لهيئات الأمم المتحدة (يونيسف، منظمة الصحة العالمية، وبرنامج الأغذية العالمي) إلى أن كميات المساعدات الواردة لا تكفي لمنع "المزيج القاتل من الجوع وسوء التغذية والأمراض
أبرز الدول الداعمة
رغم التحديات، قدمت عدة دول مساهمات كبيرة في الدعم الإنساني لغزة، سواء عبر المساعدات المباشرة أو التمويل أو تسهيل الوصول؛ فيما يلي أبرز الدول الداعمة:
1. الولايات المتحدة:
تعد الولايات المتحدة أكبر مانح للمساعدات الإنسانية لغزة، حيث أعلنت في سبتمبر 2024 عن تقديم 336 مليون دولار إضافية، ليصل إجمالي مساهمتها منذ أكتوبر 2023 إلى أكثر من مليار دولار. تشمل هذه المساعدات الغذاء، الرعاية الصحية، المأوى، والمياه النظيفة. كما لعبت واشنطن دورا دبلوماسيا في فتح معبر رفح لتسهيل دخول المساعدات، وفقًا لتصريح وزارة الخارجية الأمريكية في أكتوبر 2023. ومع ذلك، أثارت تجميد إدارة ترامب لتمويل وكالة الأمم المتحدة لإغاثة اللاجئين الفلسطينيين (UNRWA) في يناير 2025 انتقادات، حيث أوقف ذلك مئات الملايين من الدولارات المخصصة للعمليات الإنسانية.
2. الاتحاد الأوروبي وأعضاؤه
خصص الاتحاد الأوروبي 237 مليون يورو في 2024، وأعلن عن 120 مليون يورو إضافية في 2025 لدعم الفلسطينيين في غزة والضفة الغربية. ساهمت دول مثل بلجيكا، فرنسا، ألمانيا، إيطاليا، وإسبانيا في نقل المساعدات عبر جسر جوي إنساني، شمل إمدادات طبية ومستلزمات مأوى.
كما دعم الاتحاد الأوروبي عمليات الإجلاء الطبي للمرضى الفلسطينيين بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية.
3. الإمارات
تُعد دولة الإمارات العربية المتحدة من أبرز الداعمين للشعب الفلسطيني في غزة، حيث قدمت مساعدات إنسانية شاملة تشمل الجسر الجوي والبحري، والتمويل المالي، والدعم الطبي والغذائي، في إطار عملية "الفارس الشهم 3" التي أطلقها رئيس الدولة، الشيخ محمد بن زايد آل نهيان.
وفقًا لبيانات وكالة الأنباء الإماراتية (وام) بتاريخ 17 أبريل 2025، ساهمت الإمارات بأكثر من 650 شاحنة مساعدات إنسانية عبر معبر رفح، تشمل مواد غذائية، مياه شرب، خيامًا، ومستلزمات طبية.
الجسر الجوي الإماراتي نفّذ عشرات الرحلات إلى مطار العريش في مصر، حيث نقلت طائرات الإغاثة إمدادات طبية ومستشفيات ميدانية، بما في ذلك مستشفى ميداني في رفح يعالج آلاف المرضى شهريًا ونفذت بالتعاون مع الأردن عشرات الإنزالات الجوية للمناطق المحاصرة
أما الجسر البحري، فقد أطلقته الإمارات بالتعاون مع قبرص في مارس 2024، واستمر في 2025 لنقل مئات الأطنان من المساعدات مباشرة إلى غزة، بما في ذلك 200 طن يوميًا من الإمدادات الغذائية والطبية، كما قدمت الإمارات 20 مليون دولار لوكالة الأونروا في أكتوبر 2023، مع تعهدها بتمويل إضافي في 2025 لدعم برامج الإغاثة، حسبما أعلنت السفيرة لانا نسيبة في الأمم المتحدة. إضافة إلى ذلك، استقبلت الإمارات أكثر من 2000 طفل ومريض فلسطيني للعلاج في مستشفياتها، ووزّعت صهاريج مياه للنازحين في مراكز الإيواء بالمحافظة الوسطى،
هذه الجهود، التي أشاد بها المجتمع الدولي، تعكس التزام الإمارات بتخفيف معاناة الفلسطينيين وسط تحديات القيود على الوصول واستمرار الصراع
5. الأردن
قدم الأردن أكثر من 212 مليون دولار في مساعدات، بما في ذلك إنزال جوي لإمدادات طبية ومستشفى ميداني كما أعلن الأردن في فبراير 2025 عن إعداد أكبر قافلة مساعدات إلى غزة، مما دفع ناشطين إلى المطالبة بتسليط الضوء على هذه الجهود.
6. مصر :
لعبت مصر دورا حاسما في تنسيق دخول المساعدات عبر معبر رفح، حيث أرسلت 1000 شاحنة مساعدات، ووفرت القاهرة تسهيلات شاملة لمقدمي الدعم للفلسطينيين واستقبلت آلاف الجرحى في مستشفياتها
7. دول أخرى:
ساهمت دول مثل السعودية (1500 شاحنة)، الكويت (1260 شاحنة)، تركيا، ماليزيا، وإندونيسيا بمساعدات غذائية وطبية.