الجمعة: 25/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

الصين وأمريكا على حافة مواجهة كبرى...توصية خطيرة خاصة بفلسطين

نشر بتاريخ: 20/04/2025 ( آخر تحديث: 20/04/2025 الساعة: 22:31 )
الصين وأمريكا على حافة مواجهة كبرى...توصية خطيرة خاصة بفلسطين

بيت لحم - تقرير معا- تتزايد المؤشرات على أن العالم قد ينزلق نحو مواجهة كبرى بين الولايات المتحدة والصين. يُعيد هذا المشهد إلى الأذهان طبيعة التحالفات الدولية غير المعلنة التي شكلت السياسة العالمية على مدى العقدين الماضيين. قبل أن تُصبح بكين وواشنطن محور الاهتمام، مرّت هذه التحالفات والتحولات عبر دمشق وبيروت وكييف.

شهدنا خلال الأشهر القليلة الماضية تنسيقًا غير معلن بين واشنطن وموسكو، كان أبرز تجلياته تخلي روسيا عن دورها الفعال في سوريا. مُنحت إسرائيل حرية حركة شبه مطلقة داخل المجال الجوي السوري، وغضت موسكو الطرف عن العمليات الأمريكية المحدودة. في المقابل، قبلت الولايات المتحدة ضمنيًا بالهيمنة الروسية في شرق أوكرانيا وشبه جزيرة القرم. كان الاتفاق غير المعلن واضحًا: "نترك لكِ كييف، وتتركين لنا دمشق".

وبالمثل، تنازلت إيران ضمنيًا عن نفوذها في لبنان وسوريا، أو على الأقل جمّدت توسعها، في محاولة لتجنب مواجهة شاملة قد تهدد أمنها الداخلي، لا سيما في ظل تصاعد الضغوط الاقتصادية والعقوبات الغربية والتهديدات العسكرية بتدميرها. أتاح هذا التنازل مجالًا أوسع للتحرك الإسرائيلي على الجبهة الشمالية، مما خلق توازنًا مؤقتًا كان ضروريًا لحماية النظام الإيراني من الانهيار.

كما تم التغاضي عن الدور التركي في اسقاط سوريا. حيث امتدح الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مؤخرا في تصريحات إعلامية تركيا لدورها في تحطيم نظام الأسد، رغم أن تركيا كانت تقف على الجانب الآخر من التحالف الذي يضم إسرائيل. وعندما اقترب الصدام بين تركيا وإسرائيل داخل سوريا، سارعت إدارة ترامب إلى إرسال وفد إلى تل أبيب، مؤكدةً أن تركيا حليف استراتيجي يجب على إسرائيل التوصل إلى تفاهم معها في ما يبدو تقاسم المصالح في سوريا . وكشفت الصحافة الإسرائيلية لاحقًا عن تفاصيل دعم تركيا غير المعلن لإسرائيل خلال الحرب ضد محور المقاومة، بما في ذلك فتح الموانئ التركية لتعويض نقص إمدادات الوقود والنفط. جاءت هذه الخطوة بعد تعرض سفن متجهة إلى إسرائيل لهجوم من قبل الحوثيين، مما أدى إلى تعطيل حركة الملاحة البحرية وتقليص إمدادات الطاقة الحيوية إلى إسرائيل. اعتُبرت هذه الخطوة بمثابة شريان حياة عسكري واقتصادي في لحظة حرجة.

الآن، ومع تصاعد التوترات بين أمريكا والصين، يبدو أن العالم على أعتاب صفقات جديدة وتحالفات مؤقتة، حيث لا مكان للثوابت، وكل شيء قابل للتفاوض: من أوكرانيا إلى تايوان، ومن مضيق هرمز إلى بحر الصين الجنوبي.

صراع تجاري ام بداية حرب شاملة

ولكن قبل ان نتطرق لفرصة الحرب دعونا نعود الى جذور الصراع بين الصين وحلفائها من جهة خصوصا مجموعة بريكس وبين امريكا والغرب وحلفائهم.

فان كانت المنافسة الاقتصادية والتجارية، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا والاتصالات مثل هواوي والرقائق الإلكترونية وتوك توك وهيمنة الدولار هي العنوان الاكبر والتي تفاقمت في السنوات الاخيرة وتفجرت في هذا الشهر فان النزاع في بحر الصين الجنوبي ليس ببعيد ايضا، حيث تسعى الصين لفرض سيطرتها على مناطق استراتيجية تعتبرها الولايات المتحدة ممرًا بحريًا دوليًا. وكذلك تايوان، التي ترى فيها الصين إقليماً متمرداً، بينما تواصل واشنطن تقديم الدعم العسكري والسياسي لها. مما ادى ارتفاع الوجود العسكري الأمريكي في المحيطين الهندي والهادئ ومناورات عسكرية مشتركة بين الصين وروسيا رافقه خطاب أكثر حدة من الطرفين، واتهامات متبادلة بالتخريب السيبراني والتجسس.

وفي موازاة التصعيد العسكري والدبلوماسي، تشتد الحرب الاقتصادية بين الصين والولايات المتحدة لتتحول إلى ساحة صراع رئيسية لا تقل أهمية عن الساحة العسكرية.

فقد فرضت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في ولايته السابقة رسومًا جمركية ضخمة على سلع صينية بقيمة مئات المليارات من الدولارات، في محاولة للحد من تغوّل الاقتصاد الصيني، ما تسبب في رد صيني مماثل واستمرار حرب تجارية طويلة الأمد. واستمرت إدارة بايدن في هذا النهج مع بعض التعديلات، حيث تم توسيع نطاق العقوبات على الشركات الصينية، خصوصًا في قطاعات التكنولوجيا، وشملت القيود على تصدير الرقائق الإلكترونية المتقدمة وأشباه الموصلات. في المقابل، ردت الصين بسياسات مضادة تشمل تقييد تصدير بعض المعادن النادرة الأساسية لصناعات التكنولوجيا الغربية.

ولكن الضربة القاسمة كانت في أبريل 2025، حيث أعلنت الولايات المتحدة عن رسوم جمركية إضافية بنسبة تتجاوز 100% على واردات الصين وخصوصا السيارات الكهربائية الصينية، بالإضافة إلى قيود صارمة على الاستثمار الأمريكي في شركات التكنولوجيا الصينية الناشئة.

يرى مراقبون أن الحرب الاقتصادية لا تهدف فقط إلى حماية السوق الأمريكية، بل تسعى إلى إبطاء صعود الصين كقوة اقتصادية عظمى قادرة على تحدي هيمنة الدولار والنظام المالي الدولي. وتبقى هذه الحرب الاقتصادية عامل ضغط كبير قد يؤدي إلى تصعيد أكبر إذا ما ترافقت مع أحداث أمنية أو عسكرية، خصوصًا في نقاط التماس الحساسة مثل الخليج العربي وتحديدا في اليمن او إيران مع ارتادتها على الخليج والشرق الأوسط عموما وتايوان أو بحر الصين الجنوبي.

السيناريوهات المحتملة

• تصعيد محدود يتمثل في صراع بالوكالة أو صدام بحري محدود في بحر الصين الجنوبي.

• حرب باردة جديدة تعتمد على العقوبات، سباق التسلح، وحروب المعلومات.

• مواجهة شاملة قد تتورط فيها أطراف أخرى، وتشمل هجمات سيبرانية، انهيارات في سلاسل الإمداد، وربما تصعيد نووي محدود.

وفي حال تصاعدت الأزمة إلى مواجهة مفتوحة، فالعالم مقبل على إعادة اصطفاف دولي كبير، أبرز ملامحه:

إيران: تستفيد من التوتر العالمي، وتقترب أكثر من الصين وروسيا، خصوصًا في ظل العزلة الغربية. وهل ستلتزم الصمت فتلحق اليمن ومن بعدها العراق بسوريا ولبنان كنقاط نفوذ خاسرة لإيران؟ أم أن طهران ستقاتل بضراوة للحفاظ على موطئ قدمها الجيوسياسي الأخير في الجزيرة العربية؟

إسرائيل: مشاركة في الحرب ضد إيران فهي من تقود التحريض عليها ولكن ما هو الثمن فهي تجد نفسها في موقف حرج، فهي حليفة لأمريكا ولكنها تقيم علاقات اقتصادية متزايدة مع الصين، خاصة في مجالات البنية التحتية والتكنولوجيا.

أوروبا: تعاني من انقسام داخلي بين الولاء التاريخي لأمريكا، والمصالح الاقتصادية مع الصين، مما يجعل موقفها معقدًا ومتذبذبًا.

العرب: يبدو ان العرب سيكونون حطب النار في الحرب فان دول الخليج ستكون عرضة للإشعاعات وللقصف الايراني خصوصا لمحطات البترول والقواعد الامريكية ولكن تشير تقارير اعلامية كثيرة بان هناك تغريد غير مفهوم من مصر وتدعمها فيه الجزائر التي تبدو احيانا غير منخرطة او مكترثة سوى بما يجري بغزة ورفضها المطلق للتهجير ولكن هناك تحركات وتعبئة عسكرية مصرية تجعل الامر محل تساؤل خصوصا صفقات السلاح والطيران الحربي الاخيرة مع الصين ومضادات الصواريخ S 400 مع الروس.

الضربة الأمريكية المحتملة لإيران

وفقًا لمعلومات حصلت عليها وكالة "معا" من مصدر شارك في اجتماع دولي للمفكرين في لندن، فإن الولايات المتحدة الأمريكية تدرس بجدية تنفيذ ضربة عسكرية ضد المفاعلات النووية الإيرانية بطلب ودعم اسرائيلي خليجي.

إلا أن التحدي الأكبر الذي يواجهه البنتاغون، بحسب مصادر "معا"، لا يتعلق فقط بالجانب العسكري، بل بكيفية تنفيذ الضربة دون التسبب بتسرب إشعاعي قد يهدد قواعدها العسكرية في المنطقة اولا ويبدو ان دول الخليج ايضا بدأت تطرح نفس المخاوف فما هو مصيرها ان انبعث الاشعاعات وكمية الضرر وخصوصا على سكان الدول المحاذية لإيران او حتى على البيئة خصوصا في الخليج نفسه الذي مياههه مصدر التبريد للمفاعلات النووية الايرانية.

ولهذا السبب، تقوم واشنطن بتجارب متعددة على قنابل متطورة قد تنجز المهمة دون التسبب بأضرار إشعاعية واسعة النطاق. وفي الوقت ذاته، بدأت الولايات المتحدة بإعادة نشر عدد كبير من قواعدها القريبة من إيران إلى مواقع أكثر أمانًا بعيدة من خطر الإشعاع المحتمل، إضافة إلى شحن معدات متطورة للحماية من الإشعاع إلى تلك القواعد تقدر بملايين الدولارات لكن هذه المعدات لن تحمي السكان في دول الخليج ولا حتى البيئة البحرية رغم ان إيران قدد هددت بضرب حتى القواعد البعيدة في المحيط الهادئ حال تعرضها للهجوم.

تشير تقديرات عسكرية إلى وجود أكثر من 25 قاعدة عسكرية أمريكية موزعة في دول الخليج والعراق وأفغانستان السابق، وهي قواعد تعتبر ضمن نطاق التأثر المباشر في حال وقوع تسرب إشعاعي، ما يفسر جزءًا من التحركات الوقائية الأخيرة.

وفي خطوة استراتيجية تنذر بقرب تنفيذ الضربة لإيران ولمنع أي تدخل صيني، قامت الولايات المتحدة بتعزيز وجودها العسكري في المحيط الهندي بأكثر من 90 قطعة عسكرية، تشمل حاملات طائرات ومدمرات وغواصات، وهو ما يعادل تقريبًا 40% من القوة البحرية الأمريكية الفاعلة خارج المياه الأمريكية.

أما من جهة النفوذ الإيراني، فقد تقلص إلى منطقتين رئيسيتين، هما العراق واليمن. وتشير تقارير استخباراتية إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها يستعدون لهجوم بري واسع النطاق على اليمن، بعد حملة جوية مكثفة في الأسابيع الأخيرة، حيث تم تجميع أكثر من 80 ألف جندي في مواقع استراتيجية حول اليمن، تمهيدًا لمرحلة ميدانية قد تُنهي الوجود الإيراني فيها. في حين شرع الحوثيين بزرع الالغام وتكثيف التحصينات للدفاع عن أنفسهم.

هل يعاد تشكيل تحالف الحرب العالمية الثانية؟

من المثير للاهتمام أن نعود بالتاريخ إلى الحرب العالمية الثانية، حيث شكّلت الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي (روسيا اليوم) تحالفًا عسكريًا حاسمًا ضد ألمانيا النازية وحلفائها. هذا التحالف، رغم اختلاف الإيديولوجيات والأنظمة، كان ضرورة إستراتيجية لصد الخطر المشترك.

واليوم، ومع تنامي مؤشرات التقارب العسكري والسياسي بين واشنطن وموسكو في ملفات محددة، وتكرار ظاهرة "تقسيم المصالح"، كما في سوريا وأوكرانيا، فإن البعض يرى أن العالم يشهد محاولة لإعادة رسم خارطة النفوذ بنفس المنهجية القديمة.

السؤال الجوهري الذي يطرح نفسه الآن: هل إعادة اصطفاف القوى العظمى بهذه الطريقة تمهيد فعلي لحرب عالمية ثالثة؟ وهل نحن أمام سيناريو يعيد إنتاج نتائج ما بعد الحرب الثانية، حين تقاسم الحلفاء النفوذ العالمي؟ أم أن الظروف الدولية وتوازن الردع النووي والتداخل الاقتصادي قد يمنع تكرار نفس النهاية؟

والجواب، يبقى الان بيد الصين من جهة وامريكا من جهة اخرى فإلى اي مدى ستوافق الصين عن التخلي عن مصالحها وخصوصا إيران وتايوان وبحر الصين وهيمنتها الاقتصادية وما هو الثمن وهل ستقبله امريكا.

في هذا السياق، تصبح كل حركة على رقعة الشطرنج الجيوسياسية العالمية ذات مغزى كبير، وتستحق المتابعة والتحليل العميق.

الخاسرون في حال اندلاع الحرب أو استمرار الأزمة

في ظل كل هذه التوترات، هناك مجموعة من الأطراف الإقليمية والعالمية التي ستدفع ثمنًا باهظًا سواء اندلعت الحرب أم بقي الصراع على حافة الانفجار:

إسرائيل: رغم تحالفها الوثيق مع الولايات المتحدة، فإن أي حرب واسعة قد تهدد أمنها المباشر، خاصة إذا قررت إيران الرد العاصف المباشر او عبر حزب الله أو من خلال جبهة غزة. او دخول دول مثل مصر مدعومة بدول اخرى للمعركة. كما أن استنزاف واشنطن في جبهات أخرى قد يضعف مستوى الدعم العسكري والمالي لها.

دول الخليج: تقع في قلب المواجهة المحتملة، وتضم معظم القواعد الأمريكية، مما يجعلها هدفًا مباشرًا في حال الرد الإيراني. كما أن أي اضطراب في الملاحة بمضيق هرمز سيضرب اقتصاداتها بشدة.

إيران: قد تخسر ما تبقى لها من نفوذ إقليمي، وتتعرض لهجمات واسعة تهدد استقرارها الداخلي. كما أن انخراطها في مواجهة مع أمريكا قد يسرّع من الانهيار الاقتصادي والسياسي.

تركيا: تلعب على حبال متعددة، لكن أي تصعيد واسع سيجبرها على الاختيار، ما قد يؤدي إلى توتر داخلي وتحولها من وسيط إلى ساحة صراع أو طرف مباشر.

مصر: رغم بعدها الجغرافي عن بؤر التصعيد، إلا أنها تتأثر اقتصاديًا بشدة بأي اضطرابات في قناة السويس أو انخفاض الدعم الخليجي. كما أن تصاعد الأزمات الإقليمية قد يضعها أمام تحديات أمنية في جبهات ليبيا أو غزة.

الصين: قد تجد نفسها في مأزق اقتصادي إذا اضطرت إلى مواجهة العواقب الاقتصادية نتيجة للرد الأمريكي والعقوبات الدولية. كما أن التصعيد العسكري قد يؤثر على استقرار أسواقها الاقتصادية.

الممرات البحرية العالمية: إن أي تصعيد قد يشعل اشتباكات بحرية في أكثر من منطقة حساسة حول العالم، بدءًا من مضيق هرمز، مرورًا بالبحر الأحمر وقناة السويس، وصولًا إلى بحر الصين الجنوبي. هذه الممرات تمثل الشريان الحيوي للتجارة العالمية، وأي اضطراب فيها يعني كارثة اقتصادية عالمية، وارتفاعًا كبيرًا في أسعار الطاقة والغذاء، وانهيارًا في سلاسل التوريد، مما يؤثر على الاقتصادات الكبرى والصغرى على حد سواء.

فيما يتعلق بفلسطين:

بينما يرى العالم الغربي ويدعمه الراغبون في الحفاظ على أنفسهم ان نصف الشعب الفلسطيني يعتمد المقاومة ويصنف "بالإرهاب" والنصف الاخر يصنف "بالفاسد" ويطلب منه اصلاحات بعضها يتجاوز الحد المقبول وطنيا وشعبيا، فان اجتماع لندن خرج بتوصية ان هذا الشعب لا يستطيع حكم نفسه وهو بحاجة لوصاية عربية ودولية بالتالي فان حلم الدولة أصبح بعيد المنال من جهة، ومن جهة اخرى بدأت تطفو على السطح مواقف داعمة لقضية التهجير للفلسطينيين وضم الضفة لإسرائيل، وإعادة احتلال القطاع دون رجعة.

لكن الأخطر، بحسب تلك المصادر فإن الحرب الحالية سوف تستمر ، لحين حسم الصراع الأمريكي الصيني، سواء كان عسكريا أو من خلال اتفاق .

بهذا المشهد المعقد، يبدو أن الخاسرون ليسوا فقط من سيخسرون الحرب، بل حتى من سيُجبرون على اتخاذ مواقف، أو يُستنزف في انتظار ما ستؤول إليه الأحداث. الا إذا كان هناك مفاجئة أكبر من ذلك.