الجمعة: 25/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

تجار يشتكون.. والمواطن يتضرر.. أين دور وزارة الاقتصاد؟

نشر بتاريخ: 21/04/2025 ( آخر تحديث: 21/04/2025 الساعة: 17:19 )
تجار يشتكون.. والمواطن يتضرر.. أين دور وزارة الاقتصاد؟


الخليل- معا- تقرير محمد العويوي- قبل عامين، تناولنا في"معا" أزمة ارتفاع أسعار لحم العجل المجمد، الذي كان يُباع حينها بـ 35 شيكل للكيلو، وطالبت جهات اقتصادية وزارة الاقتصاد الوطني بالعمل على زيادة الكوتا السنوية من هذا المنتج من 12.5 ألف طن إلى 30 ألف طن لتغطية الطلب المتزايد.

وقبل 4 سنوات كان سعر كيلو اللحمة المجمد يباع بحد اقصى 23 شيكل اما اليوم، ومع بقاء كمية الكوتا كما هي، ارتفعت الأسعار إلى نحو 40 شيكل فأعلى، مقتربة من سعر اللحم الطازج الذي يتراوح بين 45 -65 شيكل، مما يطرح تساؤلات جادة حول آليات التسعير وفعالية الكوتا في ضبط السوق.
نظام الكوتا واتفاقية باريس
يعتمد نظام الكوتا في فلسطين على الاتفاقيات الاقتصادية الموقعة مع الجانب الإسرائيلي، وعلى رأسها اتفاقية باريس الاقتصادية، التي تمثل الإطار الناظم للعلاقات التجارية بين الجانبين منذ عام 1994. وتُلزم هذه الاتفاقية السلطة الفلسطينية بالحصول على موافقة إسرائيلية لاستيراد بعض السلع من خارج القائمة المسموح بها، خاصة المواد الغذائية والزراعية. وتشمل البضائع التي تخضع لنظام الكوتا كلاً من اللحوم المجمدة، والألبان، والزيوت، والأرز، وبعض أنواع البقوليات، حيث يتم تحديد كميات محددة سنويًا للاستيراد دون رسوم جمركية، بينما تخضع الكميات الزائدة لضرائب أعلى.
ورغم أن الهدف المعلن من نظام الكوتا هو حماية السوق المحلي وضمان توفر السلع الأساسية بأسعار مناسبة، إلا أن التطبيق الحالي يثير تساؤلات حول العدالة والشفافية، خاصة في ظل اتهامات التلاعب بالمخصصات وغياب الرقابة الفعلية على التوزيع.
من يحق له الاستيراد؟
نظريًا، يجب أن يُمنح إذن الاستيراد فقط لمن يملك بنية تحتية مناسبة تشمل مخازن مبردة، وسائل نقل مبردة، قدرة مالية موثقة، وسجل استيرادي مثبت. لكن الواقع يشير إلى أن الكثير من الأذونات تُمنح لتجار غير مؤهلين لا يملكون الحد الأدنى من هذه المتطلبات.
قبل سنوات، كان عدد مستوردي اللحوم المجمدة في فلسطين لا يتجاوز 8 شركات، بينما ارتفع اليوم إلى أكثر من 100 شركة، بعضها حصل على أذونات استيراد ولم يجلب أي بضاعة، واكتفى ببيع حقه في الكوتا لتجار آخرين داخل السوق المحلي. والأخطر من ذلك أن جزءًا من البضائع المستوردة بموجب الكوتا الفلسطينية تسرّب إلى السوق الإسرائيلي، في ظل غياب الرقابة من الجهة المانحة للترخيص، التي لا تتابع فعليًا ما إذا كانت البضائع تصل إلى المستهلك الفلسطيني.
فساد في نظام الكوتا؟
تشير دراسة صادرة عن هيئة مكافحة الفساد بعنوان "واقع الحوكمة في الكوتا والقوائم السلعية"، إلى وجود اختلالات إدارية في إدارة نظام الكوتا، مما يضر بمبدأ العدالة بين المستوردين ويؤثر سلباً على الأسعار النهائية للمستهلك.
وخلال لقاء جمعه بفعاليات اقتصادية في غرفة تجارة الخليل مؤخرًا، قال وزير الاقتصاد الوطني محمد العامور إن الكوتا "جاءت لحماية طبقة معينة في المجتمع".
وواقع الأمر يقول إن هذه "الطبقة" لم تعد قادرة على شراء اللحوم – لا الطازجة ولا المجمدة – وباتت تعتمد على الدواجن أو الأسماك المجمدة منخفضة السعر.
من المسؤول؟
رغم تدفق كامل لكوتا اللحوم إلى أسواق الضفة الغربية خلال عام 2024، بعد تحويل الحصة المقررة لقطاع غزة بسبب الحصار، لم ينعكس ذلك على الأسعار كما كان متوقعًا. بل واصلت الأسعار ارتفاعها، وسط أزمة اقتصادية خانقة نتيجة الحرب المستمرة، وتوقف دخول آلاف العمال الفلسطينيين إلى إسرائيل، وتأخر دفع رواتب الموظفين العموميين، وارتفاع معدلات البطالة.
وفي ظل هذا الواقع، تغيب الإدارة العامة لحماية المستهلك في وزارى الاقتصاد الوطني، عن الساحة، ولا يظهر لها أي دور فاعل في ضبط الأسعار أو مراقبة السوق. ويقتصر نشاطها، كما يقول عدد من التجار والمراقبين، على حملات موسمية محدودة خلال شهر رمضان، بينما تتخذ موقفًا محايدًا في باقي شهور السنة، تاركة السوق في حالة من الفوضى والتلاعب.
رأي التجار: "الوزارة تمتلك الأدوات لكنها لا تستخدمها"
رائد البايض، تاجر ومستورد كبير للحوم المجمدة، يؤكد أن الواقع يسير نحو الأسوء.
وقال:"قبل 4 سنوات، كان سعر كيلو اللحم المجمد ما بين 20-23 شيكل. اليوم تجاوز 35 - 40 شيكل، رغم أن عدد المستوردين زاد من 8 إلى أكثر من 100. المنافسة لم تنعكس على السعر بل زادت العبء على المستهلك".
وأضاف البايض أن شركته بالكاد تستورد اليوم 600 طن سنويًا بنظام الكوتا مقارنة بـ 3-4 آلاف طن سابقًا، ما دفعه للجوء إلى السوق الإسرائيلي لتغطية العجز، وهذا يسبب ارتفاع في الاسعار.
وقال:"فاتورة الكهرباء وحدها 50 ألف شيكل شهريًا، ولدينا موظفون وشاحنات وبنية تحتية متميزة، لكننا نعمل بنظام الدوام الجزئي، ونفكر بالإغلاق إذا استمر الوضع على حاله".
تاجر آخر فضّل عدم ذكر اسمه، أكد أن إدارة حماية المستهلك لا تقوم بدورها، مشيرًا إلى نشاطها الموسمي في رمضان فقط.
حلول مطروحة
يقترح التجار وضع آليات رقابية أكثر شفافية، منها:
• الأولوية الأولى هو بالضغط من قبل وزارة الاقتصاد لرفع قيمة الكوتا الى 30 ألف طن وربطها بالتزايد في عدد السكان وحاجة السوق.
• إلزام كل مستورد بالكشف عن الكميات التي استوردها وأسماء المحال التجارية التي ورد إليها لضمان عدم تسربها للسوق الاسرائيلي.
• نشر أسماء الشركات وكميات الكوتا الممنوحة لها على موقع إلكتروني حكومي مخصص.
• إعطاء الاذونات للاستيراد في مواعيد ممنهجة تعطي فرصة زمنية كافة لاستمرار التوريد في الوقت المحدد.
• ربط منح الكوتا بآلية واضحة وعادلة قائمة على الكفاءة والطلب الفعلي في السوق.
• وأخيرا ان تقوم وزارة الاقتصاد بتحديد السعر النهائي للكيلو ومراقبة التنفيذ من قبل التجار والمستوردين.
وهو ما يتوافق مع توصيات هيئة مكافحة الفساد، التي دعت إلى إنشاء زاوية خاصة على موقع وزارة الاقتصاد، تتضمن تفاصيل السلع المستوردة، وأسماء المستوردين، وحصصهم المقررة.