الأحد: 11/05/2025 بتوقيت القدس الشريف

تقرير- التصعيد الأخير بين الهند وباكستان: من هجوم باهالغام إلى شبح الحرب النووية

نشر بتاريخ: 10/05/2025 ( آخر تحديث: 10/05/2025 الساعة: 19:16 )
تقرير- التصعيد الأخير بين الهند وباكستان: من هجوم باهالغام إلى شبح الحرب النووية

بيت لحم- معا- منذ استقلال الهند وباكستان عن بريطانيا عام 1947، اندلعت بينهما ثلاث حروب رئيسية في أعوام 1947-1948، 1965، و1971، إضافة إلى صدامات متكررة في إقليم كشمير المتنازع عليه. تُعد كشمير بؤرة التوتر الدائمة، حيث تطالب كل من الهند وباكستان بالسيادة الكاملة عليها.


• حرب 1947-1948 (الحرب الأولى على كشمير): بدأت عندما اجتاحت قبائل مسلحة باكستانية، مدعومة من الجيش الباكستاني، ولاية جامو وكشمير ذات الأغلبية المسلمة. استنجد حاكم الولاية بالهند التي أرسلت قواتها، لتندلع الحرب الأولى بين الطرفين. انتهت الحرب بتدخل من الأمم المتحدة وفرض خط وقف إطلاق نار، مع بقاء جزء من كشمير تحت السيطرة الباكستانية وجزء آخر تحت السيطرة الهندية. لم تكن هناك نتيجة حاسمة عسكريًا، لكن الهند احتفظت بمعظم أراضي الولاية.
• حرب 1965: بدأت بمبادرة باكستانية في عملية "جبرالتر" لاختراق كشمير الهندية عبر قوات غير نظامية، لتشجيع السكان على الثورة ضد الحكم الهندي. ردت الهند بهجوم شامل على الأراضي الباكستانية. انتهت الحرب بتوقيع اتفاق طشقند بوساطة الاتحاد السوفييتي. لم تحقق الحرب تغييرات كبيرة في الحدود، لكنها أظهرت استعداد الطرفين لخوض حروب واسعة بسبب كشمير.
• حرب 1971: اندلعت بسبب أزمة انفصال شرق باكستان (بنغلاديش حاليًا)، حيث دعمت الهند المتمردين البنغاليين ضد الجيش الباكستاني. كانت هذه الحرب الأقصر والأكثر حسماً، حيث ألحقت الهند هزيمة ساحقة بباكستان، وتم أسر أكثر من 90,000 جندي باكستاني. أدت الحرب إلى استقلال بنغلاديش، وتُعد انتصارًا واضحًا للهند.
• حرب كارجيل 1999: رغم كونها ليست حربًا شاملة، إلا أنها كانت مواجهة عسكرية كبيرة عندما تسلل جنود ومقاتلون باكستانيون إلى مواقع استراتيجية في كارجيل داخل الأراضي الهندية. شنت الهند هجومًا مضادًا واستعادت المواقع. انتهت المواجهة بانسحاب القوات الباكستانية بعد ضغوط دولية وخاصة أمريكية.
في عام 2019، زادت التوترات بعد إلغاء الهند الحكم الذاتي لإقليم كشمير، مما أثار احتجاجات واسعة وردود فعل غاضبة من باكستان.

ثانياً: هجوم باهالغام في أبريل 2025
في 22 أبريل 2025، شهدت منطقة باهالغام في كشمير هجومًا مسلحًا استهدف حافلة تقل سياحًا هنودًا، مما أسفر عن مقتل 26 شخصًا، معظمهم من الهندوس، وإصابة العشرات. وصفت الحكومة الهندية الهجوم بأنه "الأكثر دموية ضد المدنيين في كشمير منذ عام 2000"، واتهمت جماعات مثل "جيش محمد" و"عسكر طيبة" بالوقوف وراءه، مشيرة إلى دعم باكستاني مزعوم لهذه الجماعات.
رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي توعد بملاحقة المسؤولين عن الهجوم "حتى أقاصي الأرض"، مؤكدًا أن "إرادة 1.4 مليار هندي ستكسر شوكة هؤلاء الإرهابيين".

ثالثاً: ردود الفعل الدولية
الهجوم أثار موجة من الإدانات الدولية. أعربت دول مثل روسيا، الولايات المتحدة، السعودية، الإمارات، وقطر عن تضامنها مع الهند، مدينةً الإرهاب بأشد العبارات. الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصف الهجوم بأنه "جريمة وحشية لا مبرر لها"، بينما عرضت إيران التوسط بين الهند وباكستان لتهدئة التوترات.

رابعاً: التصعيد العسكري المتبادل
الضربات الجوية الهندية
في 5 مايو، شنت الهند عملية عسكرية أطلقت عليها "عملية سندور"، استهدفت تسعة مواقع في باكستان، قالت إنها معسكرات تدريب تابعة لجماعات إرهابية. أسفرت الضربات عن مقتل 31 شخصًا في كشمير الباكستانية وإقليم البنجاب.
الرد الباكستاني
في اليوم التالي، أعلنت باكستان إسقاط خمسة مقاتلات هندية، ووصفت الضربات الهندية بأنها "انتهاك صارخ للسيادة". رئيس الوزراء الباكستاني شهباز شريف تعهد بالرد، مؤكدًا أن "كل قطرة دم ستُثأر".
تبادل القصف المدفعي
استمر تبادل القصف المدفعي على طول خط السيطرة في كشمير، مما أدى إلى مقتل 19 شخصًا في الجانب الهندي و11 في الجانب الباكستاني، وإصابة العشرات، ونزوح مئات العائلات من المناطق الحدودية.

خامساً: التصريحات والتوتر النووي
في 8 مايو، حذر وزير الدفاع الباكستاني خواجة آصف من أن "خطر الحرب النووية أصبح واضحًا وحاضرًا"، مؤكدًا أن بلاده ستدافع عن نفسها إذا تعرضت لهجوم.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء الهندي مودي أن بلاده "لا تسعى للحرب، لكنها لن تتردد في الدفاع عن أمنها القومي".

سادساً: التحركات الدبلوماسية والدولية
دعت الأمم المتحدة، عبر مجلس الأمن، إلى التهدئة والحوار بين الطرفين، مشيرة إلى أن التصعيد قد يؤدي إلى "كارثة إقليمية". كما عرضت دول مثل الولايات المتحدة، الصين، وتركيا الوساطة بين الجانبين.

سابعاً: السيناريوهات المحتملة
الحرب التقليدية
في حال اندلاع حرب تقليدية، قد تشهد المنطقة مواجهات برية وجوية واسعة، خاصة في إقليم كشمير.
• القوات البشرية: تمتلك الهند حوالي 1.4 مليون جندي نظامي، بالإضافة إلى أكثر من 2.1 مليون في قوات الاحتياط، بينما يبلغ عدد الجيش الباكستاني نحو 650 ألف جندي، مع 550 ألف احتياطي.
• العتاد العسكري:
o الهند: تمتلك أكثر من 4,000 دبابة (مثل T-90 وArjun)، ونحو 2,000 طائرة حربية، بما في ذلك رافال وسوخوي-30، بالإضافة إلى أسطول بحري متقدم يشمل حاملة طائرات.
o باكستان: تمتلك حوالي 2,500 دبابة (مثل Al-Khalid وT-80)، وأكثر من 900 طائرة حربية من طراز F-16 وJF-17 (المشترك مع الصين)، إضافة إلى قدرات بحرية محدودة.
• التحالفات الإقليمية والدولية:
o الهند: تقيم علاقات عسكرية واستراتيجية متقدمة مع الولايات المتحدة، فرنسا، روسيا، وإسرائيل. تشارك في تحالفات مثل الرباعية الأمنية (QUAD) مع أمريكا وأستراليا واليابان.
o باكستان: تعتمد بشكل أساسي على الدعم العسكري من الصين وتركيا، وتحظى بتأييد تقليدي من بعض دول الخليج، مثل السعودية والإمارات، رغم تحسن علاقاتها مؤخراً مع إيران.
الحرب النووية
وفقًا لدراسة نشرتها مجلة "ساينس أدفانسز" عام 2019، فإن اندلاع حرب نووية بين الهند وباكستان قد يؤدي إلى مقتل ما يصل إلى 125 مليون شخص، إذا استخدمت الهند 100 رأس نووي وباكستان 150 رأسًا. كما قد تؤدي الحرب إلى كارثة بيئية تؤثر على المناخ العالمي.
كلا البلدين يملكان قدرات نووية مؤكدة:
• الهند: تملك ما يقدر بـ 160 رأسًا نوويًا.
• باكستان: تملك ما بين 165 إلى 170 رأسًا نوويًا.
وسائل الإطلاق تشمل صواريخ باليستية قصيرة ومتوسطة المدى، إضافة إلى طائرات مقاتلة.

ثامناً: تحليل استراتيجي
التصنيف العسكري والاقتصادي العالمي
• الهند:
o تحتل المرتبة الرابعة عالميًا في تصنيف Global Firepower لعام 2025 من حيث القوة العسكرية.
o تعتبر خامس أكبر اقتصاد في العالم من حيث الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، ولها ناتج يبلغ نحو 3.7 تريليون دولار.
o تستثمر بقوة في التحديث العسكري، وخصوصًا في قطاع الفضاء والدفاع السيبراني.
• باكستان:
o تحتل المرتبة الثانية عشرة عالميًا في تصنيف Global Firepower.
o الاقتصاد الباكستاني يعاني من تضخم مرتفع وأزمات ديون متفاقمة، مع ناتج محلي إجمالي أقل من 400 مليار دولار.
التحالفات العالمية
• الهند تتحرك كقوة إقليمية ذات تحالفات متعددة الاتجاهات، تجمع بين علاقاتها التاريخية مع روسيا، وتقارب استراتيجي متزايد مع الولايات المتحدة والغرب لموازنة النفوذ الصيني.
• باكستان تظل حليفًا وثيقًا للصين، وتستفيد من الدعم التكنولوجي والعسكري الصيني، إضافة إلى علاقات متينة مع تركيا وبعض الدول الخليجية.
تقدير منطقي للنتائج المحتملة
استنادًا إلى المؤشرات العسكرية والاقتصادية والدبلوماسية:
• في حال اندلاع حرب تقليدية، يرجّح أن تحقق الهند تفوقًا نسبيًا بفضل حجم قواتها، وتقدم تكنولوجي أكبر، وتحالفات دولية أقوى.
• في حال نشوب نزاع نووي شامل، فإن الكارثة ستكون متبادلة ومدمرة للطرفين والمنطقة والعالم، دون فائز حقيقي.
لذا، فإن الحل الدبلوماسي لا يزال الخيار الأكثر واقعية وعقلانية للطرفين، رغم الضغوط الداخلية في كلا البلدين.
ثامناً: الخاتمة
التصعيد الأخير بين الهند وباكستان يعيد إلى الواجهة خطورة النزاع المستمر في كشمير، ويبرز الحاجة الماسة إلى حلول دبلوماسية لتجنب كارثة إنسانية محتملة. المجتمع الدولي مطالب بالتحرك العاجل للوساطة بين الطرفين، وضمان استقرار المنطقة.