الأحد: 01/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

الشهيد فؤاد عليان.. دهس مرتين لأن وجوده لم يرق للمستوطنين.. والشرطة تتنصل

نشر بتاريخ: 30/05/2025 ( آخر تحديث: 30/05/2025 الساعة: 22:51 )
الشهيد فؤاد عليان.. دهس مرتين لأن وجوده لم يرق للمستوطنين.. والشرطة تتنصل

القدس- تقرير معا-

لا تزال الصدمة تخيّم على عائلة الشهيد المقدسي فؤاد عليان وأهالي قريته بيت صفافا، بعد مضي أسبوع على استشهاده، فهم يواجهون فاجعة فقدانه المفاجئ والمتعمّد من جهة، ويتصدّون لمحاولات الشرطة والجهات الإسرائيلية المختصة التنصّل من مسؤوليتها وتجاهل حقيقة الجريمة من جهة أخرى.

فؤاد عليان، الشاب المقدسي الذي قُتل دهسًا مرتين متتاليين، لم يكن يشكل أي خطر، بل كان برفقة ابن عمه براء في حديقة عامة قريبة من منزلهما، قصدَاها للجلوس والاستراحة، لكن وجودهما لم يرق لمستوطنَين تواجدا في المكان، فطالباهما بالمغادرة فقط لأنهما عربيان، وسرعان ما تطوّر الاعتداء اللفظي إلى مطاردة على دراجتهما النارية، وانتهى بجريمة دهس بشعة ومتعمّدة.

في البداية، وصفت الشرطة الإسرائيلية ما جرى بأنه "حادث سير"، لكنها عادت بعد ساعات لتُصدر بيانًا آخر قالت فيه إن "الحادث يبدو متعمّدًا"، مع تأكيدها في الوقت نفسه أن الجريمة "ليست على خلفية قومية"، في محاولة واضحة لنزع البعد العنصري والسياسي عن الجريمة.

ونظّمت عائلة الشهيد عليان، اليوم الجمعة، وقفتين احتجاجيتين: الأولى في موقع استشهاده في حي القطمون، والثانية أمام منزل العائلة في بيت صفافا، للمطالبة بمحاسبة الجناة وكشف الحقيقة الكاملة.

وقال شقيق الشهيد فؤاد عليان لوكالة معا إن الشرطة أبلغت العائلة بوجود تسجيلات من كاميرات السيارة التي نفذت عملية الدهس، وتُظهر بوضوح أن ما جرى كان متعمّدًا، مؤكدًا أن الشرطة نفسها قالت لهم: "نتعامل مع الحادث كجريمة قتل وليس كحادث سير عادي". ورغم ذلك، تم الإفراج عن أحد المستوطنَين المتورطين، بينما لا يزال الآخر قيد الاحتجاز.

رياض عليان، عم الشهيد ووالد المصاب براء، روى تفاصيل الاعتداء الذي سبَق الجريمة، لوكالة معا قائلًا: "قبل أسبوع، ذهب فؤاد وبراء لشرب القهوة في حديقة عامة قريبة من المنزل، لكن ما لبث أن حضر إليهما مجموعة من المستوطنين وقالوا لهم بوضوح: هذه المنطقة ليست لكم، ليست للعرب، اخرجوا منها، ومشادات كلامية وتهديدات، وصلت حد التلويح بالسكين، حينها اتصل الشابان عليان بالشرطة، التي حضرت إلى المكان، لكنها بدلًا من التعامل مع المستوطنين، قامت بتفتيش الشابين وتوبيخهما."

ويضيف عليان: "بعد عدة أيام، عاد الشابان إلى الحديقة نفسها، ففوجئا بوجود المستوطنين مجددًا، ووقعت مشادة جديدة، تبعها اعتداء ومحاولة ضرب، فؤاد وابن عمه قررا الانسحاب وركبا دراجتهما النارية لمغادرة المكان، لكن المستوطنين لاحقوهما بسيارة، وعند الإشارة الضوئية، وعندما لاحظ المستوطن أن الشابين يحاولان الابتعاد واللجوء إلى الرصيف، ضغط دواسة البنزين بقوة ودهسهما بشكل مباشر. وبحسب شهود عيان، تم دهسهما مرتين متتاليتين، فتوفي فؤاد بشكل فوري."

وأشار إلى أن ابنه براء لا يزال يتلقى العلاج ويعاني من كسور في أنحاء مختلفة من جسده.

وقال :""هذه جريمة قتل واضحة، ماذا لو كان الحدث بالعكس؟ ماذا لو أن عربيًا دهس مستوطنين؟ كانوا سيحرقون بيت صفافا بالكامل."

أما مختار قرية بيت صفافا، فقال في حديث لوكالة "معًا": "القضية جلل، والمصاب كبير وصعب، قريتنا محاصَرة بالمستوطنات من كل الجهات، وكل المستوطنين يمرّون عبر شوارعها، فؤاد، ابن بيت صفافا، ذهب مع ابن عمّه إلى حي القطمون لشرب القهوة، لكن كونه عربيًّا، تم الاعتداء عليه وطرده من المكان، في المرة الثانية، بدا الأمر وكأنه كمين، تخللته ألفاظ نابية واعتداء جسدي ومشادات كلامية، لكنّ الشابين حاولا تجنب التصعيد. مع ذلك، أصر المعتدون على تنفيذ جريمتهم، فلاحقوهما بسيارة ودهسوهما مرتين، ما أدى إلى استشهاد فؤاد على الفور."

وأضاف: "نُقل فؤاد إلى المستشفى، ثم إلى معهد الطب العدلي في أبو كبير، ولم يتم تسليم جثمانه إلا بعد أربعة أيام، في ظل غياب أي تعاون من قبل الجهات الرسمية، سواء من الشرطة أو السلطة."

وأكد المختار أن أهالي القرية مصرّون على مواصلة النضال القانوني والإعلامي: "لن نقبل أن تُعتبر هذه الجريمة حادث سير، ما جرى هو جريمة قتل متعمدة وواضحة، وسنواصل الضغط بكل الوسائل حتى يُحاسَب الجناة ويُمنع تكرار مثل هذه الجرائم بحق أبنائنا."

وشارك عضو الكنيست د. أحمد الطيبي، برفقة المحامي أسامة سعدي، في الوقفة التي نظّمتها عائلة الشهيد فؤاد عليان أمام منزلها في بيت صفافا، حيث ألقى كلمة قال فيها:

"ما جرى ليس حادث سير كما يحاول البعض تصويره للتنصّل من الجريمة، ما حدث هو جريمة عنصرية نكراء ومتكاملة الأركان، بدأت بتهديد وشتائم، وتطوّرت إلى مطاردة ودهس، فقط لأن الشابين عربيان."

وأضاف الطيبي: "هؤلاء لا يريدون لأهالي بيت صفافا أن يتواجدوا في تلك الحديقة، بل لا يريدونهم أصلًا في هذا البلد، نحن أصحاب الأرض.

وتابع: "ليس غريبًا أن تحاول الشرطة التقليل من الجريمة، لكننا نسأل: ماذا لو كان المعتدي عربيًا؟ كيف كان سيكون الرد؟"

وأكد النائب الطيبي في ختام كلمته: "سنتابع هذه القضية على المستوى القضائي، والبرلماني، والإعلامي، حتى ينال المجرمون أقصى العقوبة.