طهران – معا – في عملية عسكرية هي الأكبر منذ سنوات، شنت الولايات المتحدة الأميركية فجر الجمعة 13 يونيو/حزيران 2025، هجوماً جوياً واسعاً على ثلاثة من أبرز المواقع النووية الإيرانية، شملت منشآت فوردو، نطنز، وأصفهان، مستخدمة طائرات الشبح B‑2 وقنابل خارقة للتحصينات من طراز GBU‑57، وصواريخ توماهوك دقيقة التوجيه.
وأفادت وزارة الدفاع الأميركية بأن ثلاث قاذفات B‑2 أقلعت من قاعدة وايتمان في ولاية ميزوري، وأسقطت 14 قنبلة خارقة للتحصينات على أهداف تحت الأرض في المنشآت الثلاث، وهي قنابل نادرة تمتلك الولايات المتحدة منها ما يقارب 60 فقط، ما يعني استخدام حوالي 23% من مخزونها الاستراتيجي في هذه العملية.
بالتزامن، أطلقت غواصات أميركية في الخليج العربي صواريخ كروز من نوع توماهوك باتجاه أهداف تابعة للبنية التحتية النووية الإيرانية، وسط مشاركة أكثر من 125 طائرة حربية من مختلف الأنواع في الغارات التي استمرت زهاء نصف ساعة.
ووصف الرئيس الأميركي دونالد ترامب العملية بأنها "ناجحة للغاية"، وقال إن البرنامج النووي الإيراني "أصبح شيئاً من الماضي". أما رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فقد أعلن أن "إسرائيل والولايات المتحدة أنقذتا العالم من خطر نووي محقق"، في إشارة إلى ما وصفه بـ"التدمير الكامل" لقدرات إيران النووية.
إلا أن هذه التصريحات قوبلت بتشكيك واسع، إذ أشارت تقارير استخباراتية وصحفية إلى أن إيران كانت قد نقلت كميات كبيرة من اليورانيوم المخصب إلى مواقع بديلة قبيل الضربة، ويُعتقد أن لدى طهران منشآت نووية سرية غير معروفة لم تشملها الضربة. كما أفادت صور الأقمار الصناعية بأن منشأة "أراك" لم تتعرض لأي قصف، رغم أهميتها في إنتاج البلوتونيوم.
وبحسب معهد العلوم والأمن الدولي في واشنطن، فإن المواقع المستهدفة قد تعرضت لأضرار جسيمة، لكن لا توجد أدلة حاسمة على تدمير الأنظمة المحصنة تحت الأرض، خاصة في فوردو التي تقع على عمق كبير داخل الجبل.
وفي تطور لافت، صوت البرلمان الإيراني اليوم، الأربعاء 25 يونيو/حزيران 2025، على قرار يلزم الحكومة بوقف التعامل كلياً مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية (IAEA)، بما في ذلك منع دخول مفتشي الوكالة إلى جميع المنشآت النووية، المعلنة وغير المعلنة. القرار، الذي صادق عليه المجلس بالأغلبية، اعتُبر في طهران "رداً سيادياً على العدوان الأميركي"، بينما اعتبرته أطراف دولية مؤشراً خطيراً على انغلاق كامل لمسار التفاوض والرقابة.
وبعد الضربة الأميركية بيومين، أطلقت إيران 14 صاروخاً باليستياً باتجاه قاعدة العديد الجوية في قطر التي تضم قوات أميركية. إلا أن السلطات القطرية كانت قد تلقت إشعاراً مسبقاً من طهران بالضربة، وتم إخلاء القاعدة قبل وقوع الهجوم، الذي لم يسفر عن أي خسائر بشرية أو مادية تذكر.
مصادر دبلوماسية أكدت أن قطر لعبت دوراً محورياً في احتواء التصعيد، حيث أجرت القيادة القطرية اتصالات مباشرة مع طهران وواشنطن، ونجحت في دفع الطرفين إلى القبول بوقف غير معلن لإطلاق النار.
هذا التطور أعاد طرح أسئلة ملحة حول حقيقة القدرات النووية الإيرانية ومدى معرفتها من قبل الغرب. فمع خروج الوكالة الدولية للطاقة الذرية من المشهد، واستمرار الغموض حول مواقع سرية محتملة لم تُقصف، يخشى مراقبون أن تكون الضربة الأميركية قد أصابت الواجهة فقط، بينما بقي العمق النووي الإيراني قائماً وبعيداً عن الأنظار.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تزداد المخاوف من جولة ثانية من التصعيد، خصوصاً في حال قررت إيران المضي قدماً في برنامجها النووي بعيداً عن أي رقابة دولية، ووفق أجندة جديدة تتحدى المعايير الغربية والتفاهمات القديمة.