بيت لحم معا- يتربع الجيش الإسرائيلي على عرش الجيوش في العالم في انتهاكه للقانون والأعراف الدولية وحقوق الانسان بحسب مؤسسات حقوقية عديدة ويواجه قادته وجنوده ملاحقة دولية لارتكابهم جرائم حرب مما جعل الكثير منهم يمتنعون عن السفر خصوصا وان بعضهم فعلا تعرض للاعتقال او التهجير، وحتى نتنياهوا شخصيا أصبح مطلوبا وملاحقا مما جعل الصحافة الإسرائيلية للتساؤل هل جاء وقت الحساب؟
مرجعية قانونية دولية
خلال القرن الماضي اتفقت دول العالم على ركائز قانونية ضمن ما يعرف بحقوق الإنسان والشرعية الدولية لحماية المدنيين اثناء الحرب كان أبرزها اتفاقيات جنيف الأربعة (1949) وبروتوكولاتهما الإضافية (1977) والتي تفرض حماية المدنيين، وتحظر الهجمات المباشرة على السكان والبنية التحتية المدنية. وكذلك عهد الحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) والعهد الدولي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية (ICESCR) والتي تضمن الحق في الحياة، الحماية من التعذيب أو المعاملة اللاإنسانية أو المهينة، والحق في مستوى معيشي لائق. ونظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية (1998) والذي يُعرّف ويُجرّم جرائم الحرب والجرائم ضد الإنسانية، والجرائم ذات الطبيعة المنهجية. هذه القواعد تُشكل الأساس القانوني الذي تُقيّم بموجبه الانتهاكات، وتعتبر الترويع الجماعي، التعذيب، القتل خارج نطاق القضاء، التنكيل، والتهجير القسري جرائم في إطار القانون الدولي.
الجيش الإسرائيلي أكثر الجيوش في العالم انتهاكا لحقوق الانسان
رغم ان القادة الإسرائيليين يفاخرون بان جيشهم الأكثر اخلاقا في العالم الا ان التقارير الدولية صنفته على انه لأول عالميا في انتهاك حقوق الانسان وارتكاب الجرائم التي تخالف القوانين الدولية.
وتصنف القائمة لاعلى خمس جيوش في السنوات الأخيرة انتهاكا للشرعية الدولية فياتي في المركز الخامس جيش جمهورية الكونغو الديمقراطية (FARDC) بسبب تورطه في قمع احتجاجات ضد بعثة سلام الأمم المتحدة (MONUSCO) في مدينة «غوما» أغسطس 2023، تليه في المركز الرابع قوات الدعم السريع في السودان ("RSF") وهي جماعة شبه عسكرية، متهمة بارتكاب أعمال تطهير عرقي بمناطق مثل دارفور وخطاب كوردوفان. واما المركز الثالث فيصنف جيش ميانمار (Tatmadaw)لانه شارك في نزاع إبادة ضد مسلمي الروهينغا، في حين اتهم الجيش الروسي (في أوكرانيا) بارتكابه انتهاكات جسيمة منذ 2014 وحتى 2022
الجيش الإسرائيلي الأول عالميا
يتربع على رأس القائمة ويُعتبر من بين أكثر المؤسسات العسكرية اكتمالًا في ارتكاب الانتهاكات المستندة إلى شهادات وتقارير إقليمية ودولية
ومن أبرز تلك الانتهاكات للأعراف والقوانين الدولية والتي ترتقي الى جرائم حرب عمليات التهجير القسري للفلسطينيين داخل غزة وفي مخيمات شمال الضفة الغربية وفرض إخلاءات جماعية لاحقة اعتُبرت غير متوافقة مع القانون الدولي.
وكذلك الاحتجاز التعسفي والاضطهاد لأطباء وعمال صحيين، وقتل موظفي الإسعاف والتنكيل بهم وتعذيب جسدي وجنسي، ومعاملة لا إنسانية بحسب شهادات "هيومن رايتس ووتش" والنشطاء الصحيين
مضافا اليها وثائق “أمنستي” وإفادات عن إسقاطات جوية على مناطق مدنية كاملة، وحصار غذائي ومائي ونهب مباشر للسكان
ويأتي الحصار والتجويع لأكثر من 2 مليون فلسطيني في غزة منذ 4 أشهر من أعظم الانتهاكات لحقوق الانسان التي قام بها الجيش الإسرائيلي.
الجيش الإسرائيلي قتل أكثر من 70% من الصحفيين
حسب التقارير من المؤسسات الدولية الصحفية منها لجنة حماية الصحفيين (CPJ)، والاتحاد الدولي للصحفيين (IFJ) ورغم اختلافها بأعداد القتلى بين مؤسسة وأخرى، الا انها وثقت قتل 99 صحفيا في العام 2023 على مستوى العالم، 73% منهم على يد الجيش الإسرائيلي. وفي عام 2024 وثقت قتل 124 صحفيا في العالم، 70% منهم على يد الجيش الإسرائيلي. وقد وثقت المؤسسات الدولية القتل اما بقصف مباشر لهم اثناء تأديتهم عملهم الصحفي او بقصف بيوتهم او خيامهم او بملاحقتهم بالطائرات المسيرة. وصنفت المؤسسات الدولية عمليات القتل بانها اغتيالات مقصودة ودعت إلى تقديم هذه الجرائم إلى المحكمة الجنائية الدولية باعتبارها جرائم حرب
هل اقترب الحساب؟
منذ نهاية عام 2023، تصاعدت جهود المجتمع المدني والمحامين في تقديم الأدلة أمام المحاكم الدولية، مطالبة بإجراءات قانونية ضد قادة الجيش الإسرائيلي وفقًا للقانون الدولي. على الرغم من إصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرات توقيف، ضد نتنياهو وجالانت فإن سلطة المحكمة تعتمد على تعاون الدول الأعضاء، وهو ما يمثل تحدياً واضحاً (مثل رفض إسرائيل ورفض بعض الدول تنفيذ المذكرات) . في دول أوروبا، بدأت تطبيق مبادئ "الولاية القضائية العالمية" للاستماع بشكاوى ضد أفراد الجيش الإسرائيلي حتى أثناء سفرهم إلى الخارج، كما حدث في بلجيكا مؤخرًا مع قضية أحد الجنود الإسرائيليين في مهرجان.
ففي 20 مايو 2024، قدم المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية، كريم خان، طلبًا إلى غرفة ما قبل المحاكمة لإصدار مذكرات توقيف بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت بتهم تشمل جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية، مثل استخدام التجويع كسلاح حرب، الهجمات المتعمدة على المدنيين، القتل، والاضطهاد، وفي 21 نوفمبر 2024، أصدرت المحكمة فعليًا مذكرات توقيف رسمية ضد نتنياهو وغالانت. تُعتبر هذه أول مرة تُصدر فيها المحكمة مذكرة توقيف ضد زعيم دولة ديمقراطية غربية. وفي 16 يوليو 2025، رفضت محكمة الاستئناف طلب إسرائيل سحب هذه المذكرات، مؤكدة أن الدعوى ما زالت سارية رغم طعون إسرائيل المتكررة.
وفي ديسمبر 2023، قدمت منظم Democracy for the Arab World Now ( (DAWNتسليمًا رسميًا للنيابة العامة في ICC مع قائمة باسم 40 قائدًا إسرائيليًا، تطالب التحقيق معهم في جرائم حرب تشمل المجاعة الممنهجة، الحصار، قتل مدنيين، والاستهداف العشوائي للمباني المدنية. وفي أكتوبر 2024 – مارس 2025، عملت Hind Rajab Foundation على تقديم شكاوى إلى المحكمة ضد نتنياهو وغالانت، وكذلك ضد نحو 749 جنديًا من لواء الهندسة القتالية، ورفعت قضايا في دول عدة (أرجنتين، فرنسا، بلجيكا، البرازيل، وغيرها). وحتى مارس 2025، نشرت هويت حوالي 1,000 جندي إسرائيلي باعتبارهم مسؤولين محتملين عن جرائم حرب في غزة، وقدمت شكاوى في نطاق الجنائية الدولية وغيرها من المحاكم فيما لا يقل عن 10 دول.
وفي 29 ديسمبر 2023، رفعت جنوب أفريقيا قضية أمام المحكمة الدولية للعدالة (ICJ) بدعوى أن إسرائيل ترتكب "أفعال إبادة جماعية" ضد الفلسطينيين في غزة، مطالبة بإجراءات مؤقتة لحماية الشعب الفلسطيني، مثل وقف العمليات ورفع الحصار والمساعدات الإنسانية. كما رفعت نيكاراغوا قضية رسمية في مارس 2024 ضد ألمانيا أمام المحكمة نفسها، متهمة إياها بـ"تسهيل المجازر" ودعمت مطالبها بتحقيق المسؤولية القانونية عن جرائم محتملة ارتكبت باسم إسرائيل.