دمشق- معا- منذ سقوط نظام الأسد في سوريا، تسارعت التحركات العسكرية لجيش الاحتلال الإسرائيلي في محافظة القنيطرة، مستغلًا حالة الفراغ الأمني لتثبيت وجوده العسكري عبر السيطرة على مواقع استراتيجية حساسة، بعضها يقع ضمن المنطقة المنزوعة السلاح وفق اتفاقية فض الاشتباك.
وسيطر جيش الاحتلال على جبل الشيخ، الذي يُعد من أبرز النقاط الاستراتيجية في المنطقة، نظراً إلى إشرافه على مناطق واسعة تشمل ريف دمشق الغربي، العاصمة دمشق، والجنوب السوري، كما أنه يربط بين لبنان وسوريا، ما يجعله عقدة جغرافية وأمنية بالغة الأهمية.
وأنشأ الاحتلال قواعد عسكرية عدة داخل محافظة القنيطرة، بعضها في مناطق تُصنف بأنها منزوعة السلاح. من أبرز هذه القواعد:
تلول الحمر الشمالية: موقع حيوي يربط ريف دمشق الغربي بمحافظة القنيطرة.
قاعدة قرص النقل: تستخدم كنقطة مراقبة وانطلاق وتمركز في ريف القنيطرة الشمالي.
حرش جباثا الخشب: أنشئ فيها مهبط للطيران المروحي، تنطلق منها دوريات إسرائيلية نحو القرى والبلدات المجاورة.
قاعدة الحميدية: تقع قرب مدينة السلام وتُستخدم لرصد المدينة وبلدات خان أرنبة والحرية، كما تنطلق منها دوريات أمنية متكررة.
العدنانية: ترصد الريف الأوسط والسدود المائية الكبرى في المنطقة مثل سد المنطرة وسد رويحينة، مع نقطة مراقبة مباشرة على سد المنطرة.
تل الأحمر الغربي في بلدة كودنة: يكشف مناطق واسعة من ريفي القنيطرة ودرعا، ويُعد من أعلى التلال العسكرية المسيطر عليها إسرائيلياً.
جميع القواعد مزودة بآليات عسكرية، من دبابات ومدفعية، فضلاً عن أجهزة اتصالات متطورة، ومتصلة بطريق لوجستي يؤدي إلى الجولان المحتل، مع تجهيزها بإضاءة كاملة لتأمين الحركة الليلية.
في 10 أيلول/ سبتمبر 2022، بدأ الاحتلال الإسرائيلي بشق طريق عسكري يُعرف باسم "سوفا 53"، يمتد من بلدة حضر شمال القنيطرة إلى بلدة العشة جنوباً.
هذا الطريق ترافق مع حفر خنادق، ورفع سواتر ترابية، وتشييد تحصينات، ضمن خطة عسكرية يُنظر إليها كخط دفاع متقدم. لكن في الواقع، يمثل "سوفا 53" عملية قضم للأراضي الزراعية وتخريب لممتلكات السكان المحليين في القنيطرة، وسط صمت دولي مريب.
تثير هذه التحركات الإسرائيلية في محافظة القنيطرة مخاوف جدية من إعادة ترسيم وقائع جديدة على الأرض، في انتهاك صارخ للقوانين الدولية واتفاقية فك الاشتباك الموقعة في العام 1974.
استمرار هذا التمدد ينذر بتغيرات جذرية في الجغرافيا الأمنية والسياسية للجنوب السوري، وهو الأمر الذي يستدعي موقفاً دولياً واضحاً لوقف هذا التوسع غير المشروع.