الثلاثاء: 29/07/2025 بتوقيت القدس الشريف

المجاعة في غزة لا تقتل الأجساد فقط... إنها تهدد مستقبل أجيالاً كاملة

نشر بتاريخ: 29/07/2025 ( آخر تحديث: 29/07/2025 الساعة: 15:58 )
المجاعة في غزة لا تقتل الأجساد فقط... إنها تهدد مستقبل أجيالاً كاملة

غزة- معا- يعيش قطاع غزة واحدة من أسوأ الكوارث الإنسانية في تاريخها، حيث تضرب المجاعة مختلف مناطق القطاع، وسط نقص حاد في الغذاء والدواء، وانهيار شبه كامل للبنية التحتية الصحية.

ومع استمرار حرب الابادة والحصار الإسرائيلي ومنع دخول المساعدات الإنسانية بالقدر الكافي، يواجه أكثر من مليوني فلسطيني، من بينهم مئات الآلاف من الأطفال، خطر الموت جوعًا أو بسبب مضاعفات سوء التغذية.

ومع تفاقم الأزمة، ترتفع الأصوات محذّرة من أن قطاع غزة يواجه مجاعة جماعية تستدعي تدخلاً دوليًا عاجلاً قبل فوات الأوان.

من جانبه، حذّر مدير عام شبكة المنظمات الأهلية في قطاع غزة، أمجد الشوا، من التدهور غير المسبوق في الأوضاع الإنسانية داخل القطاع، مؤكدًا أن الوضع يتفاقم يومًا بعد يوم، وسط تصاعد أعداد الضحايا وانهيار المنظومة الصحية بفعل الاستهداف المتواصل من قبل الاحتلال الإسرائيلي.

وفي مقابلة أجريت ضمن برنامج "يصبحكم بالخير" الذي يقدمه الإعلامي رياض خميس عبر فضائية معًا وشبكة معًا الإذاعية وراديو الرابعة، قال الشوا إن المنشآت الصحية تعاني من دمار شامل وخروج معظمها عن الخدمة، إلى جانب نفاد كبير في الأدوية والمستلزمات الطبية، في وقتٍ يشهد القطاع اكتظاظًا هائلًا بالجرحى والمصابين جراء القصف والمجاعة المتفاقمة.

وأشار الشوا إلى أن المطلوب بشكل عاجل هو إدخال كميات كبيرة من المساعدات الإنسانية، وضمان استمرار تدفقها دون انقطاع، مشددًا على الحاجة الملحة لطواقم طبية متخصصة للتعامل مع حالات سوء التغذية المنتشرة بشكل خطير.

وأوضح أن القطاع يضم 900 ألف طفل يعانون من سوء التغذية، إلى جانب النساء الحوامل، المرضعات، وكبار السن، من بينهم 55 ألف رضيع لا تستطيع أمهاتهم إرضاعهم نتيجة الجوع ونقص الحليب.

وأضاف الشوا أن ما تم إدخاله من المساعدات خلال الأيام الماضية لا يتجاوز 150 شاحنة فقط، في حين أن القطاع يحتاج فعليًا إلى 1000 شاحنة يوميًا لاحتواء الأزمة، مؤكدًا أن الوضع الراهن مختلف كليًا عن الفترات السابقة من الهدن، حيث باتت المساعدات مصدر البقاء الوحيد للسكان، وخصوصًا بعد تفاقم المجاعة التي تطال جميع الفئات.

وأشار إلى أن 94% من سكان قطاع غزة هم من النازحين، يعيشون في ظروف صعبة للغاية، ويفتقرون إلى أبسط مقومات الحياة، بدءًا من الغذاء والدواء، وصولًا إلى المياه، مستلزمات النظافة، والإيواء.

وفيما يتعلق بتوزيع المساعدات، قال الشوا:
"نحن على تواصل مستمر مع جميع المؤسسات الدولية، ومستعدون لتوزيع المساعدات بشكل عادل ومنظم، ولكن الاحتلال يعمد إلى تضليل المجتمع الدولي، إذ يُدخل المساعدات عبر معبر كرم أبو سالم بعد إخضاعها لتفتيش معقد، ثم يُحولها إلى ممرات غير آمنة تسيطر عليها عصابات مسلحة وقطاع طرق، تُصادر الشاحنات وتبيع محتوياتها بأسعار فاحشة لا يستطيع المواطن تحمّلها".

وأضاف أن المواد الطبية فقط هي التي تصل إلى المؤسسات الدولية ويتم توزيعها في المستشفيات ومراكز التغذية، بينما المواد الغذائية جميعها خلال اليومين الماضيين تمت السيطرة عليها من قِبل مجموعات تعمل لصالح الاحتلال الإسرائيلي وتحت حماية جيشه.

وأكد الشوا أن الحل الواضح والوحيد هو إدخال المساعدات من خلال ممرات إنسانية آمنة ومباشرة إلى مخازن الأمم المتحدة، دون تدخل الاحتلال أو الجهات التي وصفها بـ"المرتبطة بمخططات التهجير"، في إشارة إلى ما يُعرف بـ"مؤسسة غزة الإنسانية"، التي اعتبرها شريكًا في محاولة إفشال جهود الأمم المتحدة وتقويض دورها الإنساني في القطاع.

وفي ختام المقابلة، شدد الشوا على أن قطاع غزة يواجه مجاعة جماعية شاملة تطال جميع الأعمار، وأن السكان بحاجة إلى منظومة غذائية متكاملة تشمل الخضروات، اللحوم، والبروتينات إلى جانب المستلزمات الأساسية كافة، لإنقاذ الأرواح ومنع تفاقم الكارثة الإنسانية.