الإثنين: 29/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

انطلاق مؤتمر القدس تاريخ المستقبل

نشر بتاريخ: 30/07/2009 ( آخر تحديث: 30/07/2009 الساعة: 19:22 )
القدس -معا- أجمع مسؤولون وأكاديميون ومختصون بقضايا القدس على أهمية انعقاد "مؤتمر القدس تاريخ المستقبل" المنوي تنظيمه في جامعة بير زيت ومدينة الناصرة في بداية الشهر القادم، لتزامنه مع الذكرى 42 للاحتلال الاسرائيلي للمدينة الذي يصعد في الآونة الأخيرة من إجراءاته التهويدية والتهجيرية للمواطنين المقدسيين.

جاء ذلك خلال المؤتمر الذي استضافته المدينة في قاعة الفندق الوطني للاعلان عن انطلاق "مؤتمر القدس تاريخ المستقبل." وطالب المتحدثون بضرورة تفعيل التوصيات التي سيخرج بها المؤتمر لغرض حماية المدينة ومواطنيها والحفاظ على طابعها العربي الأصيل.

الجلسة الأولى:

وأدارت رانيا الياس مديرة مؤسسة يبوس للانتاج الفني الجلسة الأولى من المؤتمر وشددت في كلمتها على أهمية انطلاق المؤتمر الذي ينظمه الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس ومؤسسة الدراسات الفلسطينية واتحاد الجمعيات الأهلية العربية (اتجاه)، من قلب المدينة المقدسة.

وقالت ان المؤتمر ينعقد في ظل تصعيد السياسات الاسرائيلية وانحسار الدعم المالي للمدينة، وبأنه يأتي للتأكيد على دور القدس بقيمتها الحضارية والثقافية والانسانية.

وخلال الجلسة الأولى للمؤتمر تحدث ممثل مؤسسة الدراسات الفلسطينية ابراهيم الدقاق، الذي قدم ايجازا عن المؤسسة التي تأسست عام 1963 لرصد ومتابعة ونشر كل ما يتعلق بالقضية الفلسطينية. وقال بأنه انطلاقا من الأهمية التي توليها المؤسسة للمدينة المقدسة، أنشأت مؤسسة الدراسات المقدسية التي يتراسها د. سليم تماري. وبناء على تجربة المؤسسة كمؤسسة غير ربحية، دعا الى تعزيز القطاع الأهلي ليقوم بواجبه لتحقيق ما يصبو اليه الشعب الفلسطيني بالخلاص من الاحتلال.

أعقبه رئيس الهيئة الاسلامية وخطيب المسجد الأقصى د. عكرمة صبري الذي شدد على ان القدس تستحق الكثير بخاصة في ظل الأخطار التي تتعرض لها، وفي ظل انشغال العالم عنها، بخاصة في هذا اليوم الذي يتزامن مع ما يسمى ذكرى خراب الهيكل، حيث يعتبر المستوطنون المسلمين كمحتلين للأقصى وأنهم ينظرون الى اليوم الذي ينهون ما يسمونه احتلال المسلمين للأقصى. وشدد على أن حرية العبادة مفقودة في المدينة سواء ذلك كان من خلال تحديد أعمار المصلين او منع الآذان في الحرم الابراهيمي في الخليل او منع اعمال الترميم في المسجد الأقصى والتحكم بالابواب.

وقال أنه في الوقت الذي يسمح فيه للسياح بالدخول الى الأقصى يمنع اطفال المخيمات الصيفية من الدخول. وخلص الى القول اننا في مرحلة خطيرة يتعين بنا وضع النقاط على الحروف، فالقدس في خطر والأقصى في خطر. وأن الاحتلال الاسرائيلي يستغل الانقسام الفلسطيني والخلافات العربية لتنفيذ مخططاته العدوانية.

ودعا صبري الى وضع استراتيجية لحماية القدس والأقصى، وعبر عن أمله بتفعيل القضايا التي سيطرحها المؤتمر.

وبدوره، شدد رئيس ديوان الرئاسة د. رفيق الحسيني، على أهمية تحويل الثقافة في القدس الى أداة للمقاومة والصمود. غير انه قال اننا نعيش اليوم ازمة تسببنا نحن في جزء منها والوضع العالمي في الجزء الأخر. ولفت الى ان السياسة الاسرائيلية واضحة في المدينة حيث انها تستهدف اخراج المقدسيين من مدينتهم واحلال المستوطنين بدلا منهم. وفند الرواية التاريخية الاسرائيلية للقدس مؤكدا على ان المدينة بالأساس كنعانية عربية وثقافتها مسيحية اسلامية.

وتابع القول بأنه يتعين تفعيل العمل المشترك الرسمي والشعبي لحماية المدينة وصولا الى تحريرها. وقال انه امام الهجمة التي تتعرض لها المدينة، هناك أهمية بتقسيم العمل ووضع خطط عمل مشتركة ومبرمجة.

وقال أن على السلطة الفلسطينية ومنظمة التحرير مسؤوليات كبيرة واجب تحملها لدعم صمود المقدسيين من خلال توفير اسباب الدعم المالي والنشاط الدبلوماسي على المستوى الدولية. كما دعا الى اللجوء لتوظيف القانون الدولي الذي لا يقر بالاجراءات الاسرائيلية المختلفة في الأراضي المحتلة.

وخلص الى القول "علينا التفكير سويا والعمل بيد واحدة، فالقدس توحد ولا تفرق، وأمامنا عدو واحد." ودعا الى نبذ الخلافات والى اجبار السلطة على اتخاذ كافة المواقف لصالح القدس. وأضاف بأنه باستطاعتنا اقناع العالم باننا شعب يستحق الحياة وأننا باقون في القدس.

ومن جانبه، قال رئيس أساقفة سبسطية د. المطران عطاالله حنا، الذي عاد من زيارة اخيرة للولايات المتحدة، ان كل لقاء او ندوة او مؤتمر عن القدس له فائدته من خلال تذكير العالم والعرب والمسلمين بواجباتهم تجاه المدينة، حاضنة مقدساتنا.

وأضاف انه خلال زيارته الأخيرة للولايات المتحدة لمس تفاعلا كبيرا في الخارج مع احتفالية القدس عاصمة الثقافة العربية، وان الرسالة التي يحملها من الخارج تنص على ان جميع المتضامنين في الخارج قلقين من وضع الانقسام، وانهم يطالبون الفلسطينيين بتوحيد الصفوف.

وشدد على ان القدس يجب ان توحدنا، وقال ان الفلسطينيين ليسوا غرباء وانما الغرباء هم من وفدوا من الخارج كمحتلين ومستوطنين. وأكد على عدم قانونية اجراءات الاحتلال وان المدينة عربية وعاصمة الدولة الفلسطينية، وشدد على ان المسيحيين في هذه البلاد ليسوا متضامنين وانما جزءا اساسيا من المعادلة.

أما محافظ القدس، عدنان الحسيني، فنوه الى الحكمة من وراء انطلاق المؤتمر من القدس والذي سيبحث في كل الأمور التي تهم المدينة. وتمنى على المؤتمر ان يخرج بتوصيات ميدانية.

ولفت الانتباه الى المشاهد المقززة للمستوطنين الذين يصولون ويجولون داخل الحرم القدسي الشريف في ذكرى ما يسمى بخراب الهيكل، غير انه قال هذا شأن الاحتلال الذي تعود على المس بالمشاعر والمقدسات. لكنه، اشاد بالتواجد الشعبي في مختلف الساحات وخيام الأعتصام الذي يقف على اهبة الاستعداد للقيام بواجبه.

وقال ان الاحتلال نقل معركة القدس الى كل بيت وغرفة، غير انه شدد ان الشعب الفلسطيني لا يمكن قهره لانه سيواصل مقاومته وسينتصر. ونوه على ان المدينة تخوض معركة فاصلة متعلقة بحي الشيخ جراح. وذكر ان ليبرمان اطلق حملة اعلامية ضد الشيخ امين الحسيني ونشر صوره مع النازي لغرض تضليل العالم، لكنه أوضح ان الحسيني قابل النازيين لغرض منع الهجرة اليهودية. وأكد على ان الشعب الفلسطيني صاحب حق وان القدس ستعود لأصحابها الشرعيين طال الزمن او قصر.

وفي كلمته نيابة عن الائتلاف الأهلي للدفاع عن حقوق الفلسطينيين في القدس، قال عبد الرحمن ابو عرفة ان القدس لم تعد عاصمة الثقافة العربية وانما عاصمة الثقافة العالمية. وأضاف ان الفلسطينيين استغلوا كل منع احتلالي لاحتفال هنا او هناك، للاثبات ان المقدسيين اقوى من ممارسات الاحتلال.

وقال أن قيام الاحتلال باطلاق النيران لاسقاط بلالين الاحتفالية من سماء القدس ساهم في انجاح الاحتفالية، حيث انه أدى الى تحويل الحدث الى حدث دولي وأظهر للعالم مدى التخبط الذي يعاني منه المسؤولون الاسرائيليون.

الجلسة الثانية:

وخلال الجلسة الثانية التي أدارتها رنا قطينة، تحدث د. برنارد سابيلا عن المجلس التشريعي، حيث قال ان اتفاقيات اوسلو أخرجت القدس الى مفاوضات المرحلة النهائية، ومنعت السلطة من مزاولة أي نشاط في المدينة باستثناء التحضير للانتخابات التشريعية. لكنها، منعت النواب من فتح مكاتب لهم في المدينة. وبرغم الرسالة التي تعود للعام 1994 التي كتبها وزير الخارجية الاسرائيلية انذاك شمعون بيرس لنظيره النرويجي جون هولست حول عدم المساس بالمؤسسات المقدسية التي تقدم نشاطات حيوية للمقدسيين، الا ان الاسرائيليين قاموا باغلاق تلك المؤسسات ومطاردتها.

وحول الاستيطان، قال ان عدد المستوطنين في القدس وصل الى اكثر من 200 الف مستوطن، فيما يواصل الاحتلال سياسات العزل للمدينة وهدم المنازل ومصادرة بعضها الآخر بحجج واهية. كما قال أن المؤسسات الأهلية الفلسطينية اضطرت الى هجرة المدينة ركضا وراء الدعم.

وقال سابيلا بانه من الصعب وضع خطة موحدة للمؤسسات الشعبية والرسمية جميعا، كون ذلك غير واقعي لأن لكل مؤسسة أجندتها الخاصة، لكنه دعا الى وضع الخطط ضمن اطار اوسع، حيث دعا الى بلورة اطار والعمل بشكل متكامل كون العمل المشترك مهم جدا. وشدد على ان الأولوية في الإطار الأوسع يجب ان تكون لعدم الاعتماد على ردات الفعل وانما العمل المبادر الفاعل.

ومن جانبها، أكدت ساما عويضة ممثلة شبكة المنظمات الأهلية، في كلمتها على تحدي جدار الفصل والانتهاكات الاجتماعية والاقتصادية والاستيطان الذي يتعرض لها المقدسيون. وطالبت بضرورة الاهتمام بقطاع الشباب الفلسطيني وهمومه المختلفة. وانتقدت تجاهل العالم لحرية وكرامة الانسان الفلسطيني والكرامة الانسانية جمعاء.

وشددت على انه رغم المعاناة، فعلى المقدسيين الصمود من اجل الظفر بمستقبل افضل. وطالبت السلطة بتحمل مسؤولياتها. واستذكرت الممارسات الاسرائيلية التي تستهدف المؤسسات التي ساهم في بنائها المرحوم فيصل الحسيني الذي قضى برصاص الحزن. وخلصت الى دعوة جميع المؤسسات الفاعلة في المدينة الى تضافر جهودها لحماية المدينة والتسلح بالارادة الحقيقية لتطوير دورها النضالي لإسقاط المخططات المعادية.

وبدوره، قال مدير الغرفة التجارية في القدس عزام ابو السعود، ان القدس التي كانت قبل الاحتلال المركز التجاري والسياسي للأراضي الفلسطينية، تحولت بعد الاحتلال الى تابع للاقتصاد الاسرائيلي. وقال ان الاحتلال ساهم في اخراج جميع الحرف اليدوية والسياحية من داخل البلدة القديمة. وعلى الرغم من انه قبل الاحتلال كان في القدس الشرقية 3000 غرفة فندقية في حين ان الغربية كان يوجد فيها 600 غرفة فقط، فقد نجح الاحتلال بضرب الأوضاع في القدس الشرقية، حيث تبلغ حصة القدس الشرقية من العائد السياحي للمدينة بشطريها 6% فقط.

وشدد على أهمية قيام القطاع الخاص بالاضطلاع بدوره الاقتصادي والاستثماري علما انه في العام الواحد يدخل سوق العمل 9000 مواطن.

أما اعتدال الأشهب، ممثلة اتحاد المرأة، فقد قدمت صورة قاتمة عن الأوضاع التعليمية في المدينة التي تتعرض لحملة تهويد مبرمجة تستهدف القضاء على الهوية الوطنية للمقدسيين. وقال في هذا الصدد ان 60% من قطاع التعليم تسيطر عليه مباشرة السلطة الاسرائيلية في حين تسيطر بصورة غير مباشرة على 22% من التعليم التابع للقطاع الخاص الذي يتقاضى دعما من البلدية، الأمر الذي يعني ان 88% من قطاع التعليم المقدسي واقع تحت سيطرة البلدية. وعليه، قالت انه من غير المستبعد ان تشترط البلدية في المستقبل شطب بعض المناهج الفلسطينية كما حصل مع الأهل داخل الخط الأخضر الذين يطالبون بشطب كلمة النكبة من مناهجهم، بناءا على طلب من دعون ساعر. وخلصت الى طرق ناقوس الخطر بالقول ان الهوية الوطنية الفلسطينية في القدس معرضة للخطر.

ومن جهته، قال امير مخول، ممثل (اتجاه) ان الحفاظ على القدس وحمايتها من مسؤولية جميع الفلسطينيين اينما تواجدوا، ونوه الى ان المشكلة في التصدي للممارسات الاسرائيلية تكمن في غياب السياق الفلسطيني والمشروع الفلسطيني الذي يعتبر القدس قضية الشعب الفلسطيني بأسره.
وشدد على اهمية المقاومة الشعبية التي تعتبر اساس الحراك السياسي، مما يستدعي تعزيزها والبناء عليها.

ودعا الى ضرورة الاستفادة من تجارب مختلفة ابناء الشعب الفلسطيني والعمل لتعزيز التكامل بينه وبخاصة بين القطاعي الخاص والعام والعمل الشعبي والرسمي لتعزيز صمود المقدسيين. وعبر عن رفضه لمقايضة الاستيطان بالتطبيع. كما انتقد الموقف الأوروبي، الذي طالبه باتخاذ مواقف سياسية واضحة ازاء ما تتعرض له المدينة من ممارسات اسرائيلية. وفي الختام نوه الى ضرورة العمل على تفعيل العمل الشعبي الذي بالتأكيد سيميل ميزان القوى لصالح الشعب الفلسطيني، منوها الا اننا لم نخسر المعركة بعد، وما زال المستقبل امامنا.

أما مازن ابو دياب، من لجنة حي سلوان، فقدم قطعة نثرية هادفة تحدث عن معاناة المقدسيين في سلوان جراء هجمات الاستيطان التي يتعرضون لها، ودعا المقدسيين الى زيادة تفاعلهم مع قضايا الهم العام.

وبدوره قال ماهر حنون من حي الشيخ والذي يتعرض لشبح الطرد من منزله، أن 500 مقدسي مهددين بالطرد من منازلهم في الشيخ جراح لغرض إقامة جدار من المستوطنات في المنطقة يمتد ما بين كرم المفتي وفندق شيفرد وكوبانية ام هارون.

وعبر عن اعتقاده بأن تغييرا طرأ على الموقف الغربي إزاء الممارسات الاسرائيلية وذلك من التصريحات المختلفة التي بدأت تتحدث عن القدس الشرقية. وناشد المسؤولين الفلسطينيين بمواصلة تامين أسباب الدعم لتمكين المقدسيين من مواصلة صمودهم في القدس.

وفي نهاية المؤتمر صدر بيان يسلط الضوء على الاجراءات الاسرائيلية في القدس ويطالب المجتمع الدولي بالضغط على اسرائيل" دولة الاحتلال " لوقف عمليات القمع اليومي الممنهج –هدم المنازل وساسية التهجير ومنع النشاطات الثقافية والفنية - في كافة مناحي الحياة الفلسطينية في القدس العربية.

هذا، وسيفتتح مؤتمر القدس تاريخ المستقبل في جامعة بير زيت في الأول من الشهر القادم لمدة يومين وبعدها ينتقل الى مدينة الناصرة، وسيتطرق الى كافة القضايا التي تتعلق بالمدينة ويحاضر فيها نخبة من الأكاديميين والمختصين في شؤون المدينة.