الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

مجلس الاثار العالمي يختتم مؤتمره الاول في مدينة رام الله

نشر بتاريخ: 16/08/2009 ( آخر تحديث: 16/08/2009 الساعة: 18:04 )
رام الله -معا- عقد مجلس الاثار العالمي مؤتمره الفرعي الاول في رام الله، في فندق البيست ايسترن، على مدار خمسة أيام ما بين 8-13/8/2009 وهو المؤتمر الاول من نوعه الذي يعقد في منطقة الشرق الاوسط، وشارك فيه ما يزيد عن خمسين عالما من عشرين دولة من ضمنها فلسطين دون حضور عربي أو اسلامي لاسباب سياسية.

وكان المؤتمر قد تقرر قبل سنتين وتأجل انعقاده مدة سنة بسبب اجتهادات مختلفة حول طريقة الاعداد له.

ويعتبر مجلس الاثار العالمي أكبر تجمع لعلماء الاثار في العالم، ويضم في عضويته ما يزيد عن 2600 عالم اثار، ومعروف عن المؤتمر حياديته واستقلاله التام في اتخاذ قراراته، ذلك انه يعتمد في تمويله على اشتراكات أعضائه ولا يخضع في قراراته لاعتبارات تمويلية، كما هو الحال في العديد من المؤتمرات الاثرية الخاصة بالمنطقة.

وشكل عقد هذا المؤتمر في رام الله تحديا كبيرا من جهة التنظيم والادارة كونه يجري في منطقة تخضع للاحتلال ويتوجب وصول المشاركين اليه العبور من منافذ تتحكم فيها الدولة المحتلة. هذا الى جانب التحريض الكبير الذي تعرض له المشاركون الاجانب وتخويفهم من الدخول الى الاراضي الفلسطينية بدواعي الامن وتقديم صورة نمطية سلبية ومعلومات مضلله عن الاوضاع في الاراضي الفلسطينية. لهذه الاسباب جميعها يعتبر انعقاد المؤتمر بحد ذاته نجاحا كبيرا، كما أن الظروف المحيطة بالمؤتمر أثناء انعقاده قد شكلت تحديا اضافيا سواء على مستوى النقاش الداخلي أو مستوى تنظيم الجولات الميدانية في اريحا والقدس ورام الله.

وافتتح المؤتمر الذي جرى تحت شعار (مواجه العنف البنيوي) رسميا بكلمات من د. خلود دعيبس وزير السياحة والاثار، قدمها د. حمدان طه وكيل مساعد قطاع الاثار والتراث الثقافي، و د. كلير سميت رئيسة مجلس الاثار العالمي، تلى ذلك عدد كبير ومضغوط من الجلسات قدمت فيها العديد من الاوراق حول الاوضاع الراهنة والتحديات المستقبلية التي تواجه الاثار الفلسطينية على صعيد الحماية والادارة والحفاظ قدمها خبراء من دائرة الاثار الفلسطينية والجامعات الفلسطينية في بيرزيت والقدس الى جانب عدد من المؤسسات الفلسطينية العاملة في حقل التراث الثقافي، كما شارك علماء الاثار الدوليين في تقديم أوراق مختلفة حول استخدامات علم الاثار في كل من جنوب افريقيا والهند والبرتغال اثناء السيطرة الاستعمارية. وقد تميز المؤتمر بالمداخلات الصريحة والنقدية التي أغنت النقاش الى جانب عرض تجارب جديده لتطوير شبكة العلاقات بين طلاب علم الاثار في الجامعات المختلفة وفتح الحوار بين الطلاب الفلسطينيين والدوليين.

وجرى تنظيم جولة من النقاش المفتوح حول مستقبل الاثار في فلسطين، بما في ذلك بعض الافكار والتي سبق طرحها في الماضي حول افاق الحل المستقبلي للصراع الفلسطيني الاسرائيلي.

كما جرى تنظيم عدد من الجولات الميدانية للمشاركين شملت كل من أريحا والقدس ونابلس، بهدف الاطلاع على حقيقة الاوضاع الميدانية على الارض، وشملت هذه الزيارات مواقع مهملة كموقع تلول أبو العلايق ومواقع مدارة مثل موقع قصر هشام وبيت شهوان وتل السلطان وجبل قرنطل، وشملت زيارة القدس كل من البلدة القديمة ومنطقة سلوان أما زيارة نابلس فقد شملت البلدة القديمة وبير يعقوب وتل بلاطة وعلى مدار ساعة قام المشاركون مع زملائهم من المشاركين الفلسطينيين بأعمال تنظيف رمزية لموقع تل بلاطة في نابلس.

ورغم أن المؤتمر الفرعي لمجلس الاثار العالمي كان مفتوحا لمشاركة الجميع ومعلنا على موقع الانترنت منذ ما يزيد عن سنة، فقد جاء رد سلطة الاثار الاسرائيلية متسرعا ومباشرا، في اتهام للمؤتمر بأنه استثنى علماء الاثار الاسرائيليين من المشاركة، وذلك في رسالة عوزي دهاري نائب رئيس سلطة الاثار الاسرئيلية، موجهة الى د. كلير سميث رئيسة مجلس الاثار العالمي وأعضاء اللجنة الدولية والمحلية للمؤتمر، والتي تحمل العديد من الادعاءات غير الصحيحة وغير المبررة، ذلك ان المؤتمر لم يكن رحلة لمدرسة داخلية لمجلس الاثار العالمي، بل أن هذا المؤتمر شأنه شأن المؤتمرات الدولية لا يختار المشاركين فيه، وان قرار المشاركة هو قرار فردي محض، منوط برغبة المشارك واستيفاء اجراءات التسجيل في المؤتمر وتقديم ملخصات البحث قبل شهور من عقده، وكان بوسع علماء الاثار الذين يتفقون مع روح عمل مجلس الاثار العالمي وأهداف المؤتمر المشاركة دون أي تمييز أو أيه عوائق من قبل الجهة المنظمة، ولكن كان على المشاركين تخطي الحواجز الاسرائيلية نفسها والتي تضعها سلطة الاحتلال عند مداخل بوابات المدن الفلسطينية، والتي تمنع الاسرائيليين وتحذرهم من الدخول الى المناطق الفلسطينية، أما بخصوص الادعاء الاسرائيلي بتحويل المؤتمر الى حدث فلسطيني فهذا ادعاء تدحضه الوقائع، اذ يجب الاشارة الى أن السلطة الفلسطينية قد تلقت نصيبها من النقد اللاذع من قبل المشاركين في المؤتمر. كما تمكن عالم اسرائيلي معروف بمواقفه الناقدة للتنقيبات الاسرائيلية في القدس من الدخول والمشاركة في أعمال اليوم الثاني، بما يشكل الدليل القاطع على ان قضية الاستثناء هي محض ادعاء لتبرير استمرار الممارسات الاسرائيلية في القدس والاراضي الفلسطينية المحتلة.

واوضحت ادارة المؤتمر ان توجيه الاتهام للمؤتمر بتسييس أعماله هو ادعاء يفتقد للدقة، خصوصا وان الاتهام يأتي من سلطة الاثار الاسرائيلية التي طالما نظر لها الجميع كنموذج في توظيف علم الاثار لخدمة الاهداف الايديولوجية الصهيونية والاستيطان الصهيوني في الاراضي الفلسطينية.

واضافت ان فلسطين كبلد مضيف للمؤتمر قد رحبت بجميع المشاركين فيه، ولم تضع اية عوائق تحول دون مشاركة أحد مهما كانت جنسيته، وهي تكن الاحترام والتقدير لهذه المؤسسة الدولية، وحيث أن الاثريين الفلسطينيين شاركوا في هذا المؤتمر شأن نظرائهم الدوليين دون اية ميزات اضافية، وهي ليست في موقع تفسير منهجية عمل مجلس الاثار العالمي وتبرير أهدافه، فقد قام مجلس الاثار بالرد على الادعاءات الاسرائيلية على لسان رئيسة المجلس والتي فندت فيها ادعاءات السيد عوزي دهاري، وفي هذا الجدل الدائر يجب التأكيد على حقيقة أن مجلس الاثار العالمي واللجنة المنظمة للمؤتمر قد افردت ساحة حرة وغير مشروطة للحوار والنقاش في رام الله حول القضايا المستعصية، على قدم المساوة لكافة المشاركين في المؤتمر، بما في ذلك قضية الاثار تحت الاحتلال وافاق الخروج من دوامة الاحتلال من خلال تعزيز فرص الحوار والتفاهم، ولم تستثن احدا، ولكن المؤسسة الاثرية الاسرائيلية الرسمية اثرت مقاطعة المؤتمر وأعماله، ولم تغتنم الفرصة للمشاركة في قضايا الحوار الدائر حول مستقبل الاثار في المنطقة، واختارت طريق العزلة عن التطورات الايجابية التي حملها المؤتمر والتي يشهدها عالمنا اليوم.