الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

فداء ذبلان- قرارات المحكمة لم تساعدها بحضانة طفليها الموجودين في غزة

نشر بتاريخ: 03/09/2009 ( آخر تحديث: 03/09/2009 الساعة: 14:04 )
رام الله- معا- "طلبت من أهلي في الضفة متابعة صور الأطفال الجرحى والشهداء على شاشات التلفزة، لكي اعرف ان كان ولدي بينهم ام لا"، هكذا كانت المواطنة فداء دبلان تروي تفاصيل معاناتها خلال الحرب على غزة، لمعرفة مصير طفليها (فاروق 7 اعوام )، (هارون 6 اعوام) بعد ان حرمها زوجها من رؤيتهما وحتى سماع صوتهما بالهاتف منذ سنوات طويلة.

على مدار أربع سنوات متواصلة، وبال فداء، مشغول في الطريقة التي تمكنها من رؤية ولديها، والية تطبيق قرارات المحاكم الشرعية الفلسطينية بحضانتهما، لكنها لم تنجح في إيجاد طريقة تساندها في تنفيذ تلك القرارات التي تحولت إلى وسيلة في يد زوجها للتهرب من تنفيذ قرارات المحكمة والتخفي عن انظار الشرطة مع طفليه لمنع تسليمها لوالدتهما كونها تحمل قرار قضائي بحضانتهما.

المواطنة فداء التي تقطن حاليا مع أهلها في مدينة قلقيلية شمال الضفة الغربية بعد ان قرر زوجها الذي يعيش في غزة الانفصال عنها بعد اربعة اعوام من زواجهما، لم تجد من وسيلة لحضانة طفليها الصغيران سوى اللجوء الى المحاكم الشرعية في غزة والضفة الغربية حيث استمرت ثلاث سنوات في متابعة المحاكم ، التي أصدرت لها عدة قرارات تضمن حقها في حضانة ولديها.

لكن المشكلة تمثلت في غياب آلية تنفيذ هذه القرارات كون زوجها يعيش في غزة والأطفال بحوزته، وهي باتت تعيش في الضفة، ما دفعها للسفر إلى غزة من اجل استعادة طفليها، الا انها بقيت هناك عامين دون ان تتمكن من تنفيذ تلك القرارات وحتى رؤيتهما لتعود ادراجها وتجد معاناة بدأت من المربع الأول.

ولا يساور فداء أي شك في ان السبب في معاناتها وحرمانها من طفليها يعود الى كونها امرأة وتقول "ما يدلل على ذلك تعامل المسؤولين في سلطة غزة، الى حد ان احدهم رفض الاستماع لقصتي دون وجود محرم".

وتتابع "طيلة ايام الحرب على غزة، والقلق كاد يقتلني على طفلي، كوني لم اعرف شيئا عن مصيرهما، رغم محاولتي المتكررة الى لقاء المسؤولين هناك دون ان تثمر جهودي في شيء"، وتقول " بالله عليكم هل هذا يقبله الدين او العرف، او الانسانية؟؟".

وتتابع "الامر الاخر ان الكثير من الناس قالوا لي انهم اولاده في النهاية، وباتوا يطلبون مني ان اتزوج مرة أخرى وانجب اطفالا جدد"، في اشارة تعتبرها فداء بانها تعكس واقع المجتمع الذكوري السائد الذي يعطي الحق للرجل رغم مخالفتة الشرع والدين في حرمان الام من الحديث الهاتفي مع اطفالها.

وأضافت "الامر الأخر الذي يعكس الإصرار على تعذيبي هو العلاقات الواسعة لزوجي وقدرته على الاستعانة بشخصيات ومسؤولين في السلطة الفلسطينية لمنع تنفيذ قرارات المحكمة".

ورغم المخاطر الكبيرة التي خاضتها فداء في الدخول الى قطاع غزة التي كانت تعيش حالة الفلتان الأمني، الا انها اصرت على السفر الى غزة في محاولة منها لاستعادة طفليها، وقبلت بكافة الاشتراطات التي طلبها محامي زوجها في البقاء في غزة والتوقيع على كمبيالات نقدية تصل قيمتها الى 20 الف دينار، الا ان ذلك لم يسعفها في تحقيق هدفها كأم تريد حضانة طفيلها؟!.

وتقول فداء "لم اترك بابا الا وطرقته لتطبيق قرارات المحاكم بحضانة طفليي ورغم انني أنهيت جميع درجات التقاضي في المحاكم الشرعية والنظامية الا انني لم اجد من يساعدني في تطبيقها".

وتروي دبلان التي انفصلت عن زوجها بسبب عدم التوافق البيئي والانسجام الشخصي، تفاصيل معاناتها بعد انفصالها الإجباري عن زوجها وتقول "تعرضت للتعذيب بشتي الوسائل وقطع الاتصال عن العالم الخارجي، واستمر هذا الوضع حتى تاريخ 23/1/2006 حيث قام زوجي وأهله بعمل تنسيق عودة لمنطقتي(قلقيلية) دون علمي بذلك حيث حضروا إلي بيتي في مدينة الزهراء وقاموا بأخذ أولادي مني وسفروني قصرا إلي حاجز ايرز بالقوة في سيارة تعود لاحد المسؤولين في اجهزة الامن الفلسطيني الذي كان قد تعهد بحمايتي في بيته حيث اجبروني على السفر بالقوة.

وتابعت "لم أغادر غزة بل قمت برفع قضية ضم الأولاد بتاريخ 7/2/2006 في محكمة النصيرات الشرعية وبتاريخ 8/2/2006 عدت إلي أسرتي في مدينة قلقيلية لأنتظر انتهاء القضية وأعود للتمكن من حضانة أطفالي بالشكل القانوني، في مارس 2007 حكمت المحكمة لي بحضانة الأولاد.

وأضافت "محاميان في غزة قاما بمتابعة الإجراءات القانونية المترتبة علي رفع قضية إجرائية لتنفيذ حكم محكمة البداية وقام الزوج باستئناف الحكم وبتاريخ 25 نيسان 2004 قامت المحكمة برد الاستئناف، حيث توجه المحامي إلي قسم شرطة العباس لتنفيذ القرار وعمل الإجراءات اللازمة لإحضار الأطفال ورتبت أيضا مع الصليب الأحمر في منطقة قلقيلية لاستلام الأولاد من المحامي في مكتب غزة وتسليمهم لي في منطقة قلقيلية. ولكن للأسف الشديد، لم تنفذ شرطة العباس القرار فتقدمت بشكوى إلي اللواء علاء حسني مدير شرطة الضفة وغزة في ذلك الوقت ولكن لم يتم تنفيذ القرار.

وتابعت استغل زوجي ذلك وقام برفع استئناف على قرار المحكمة الشرعية في استئناف خانيونس فكان قرار المحكمة برد الاستئناف لأخطاء شكلية، فرفعت نقضا للاستئناف في محكمة العليا الشرعية بغزة، حيث عقدت جلسة مكونة من أربع قضاة وهم: الشيخ مازن الأغا رئيس والشيخ وليد مرتجي عضو والشيخ حسن الجوجو والشيخ أبو جبين منتدبين.. والخطأ بذلك أنه عقدت الجلسة بأربع قضاه أي بعدد زوجي وليس فردي فقام الرئيس الشيخ مازن الأغا والشيخ مرتجي بدعم قرار البداية بضم الأولاد للأم والشيخ الجوجو والشيخ أبو جبين طالبو بعودة القضية إلي محكمة البداية من جديد ولم يذكروا أن حق المحضون علي الحاضن وأن قضية الضم وتسليم الطفل لأمه من القضايا المعجلة بالقانون ورغم التجاوز الشرعي والقانوني وعدم الالتفات لمصلحة الأطفال خلال فترة التقاضي فيجب قانونا اعتماد قرار الرئيس مع الشيخ مرتجي لأن رأي الرئيس يرجح القرار فلم يؤخذ بعين الاعتبار كل تلك الأمور.

وأشارت الى قيام المكتب الفني ،بالمحكمة العليا الشرعية بغزة، برفع القضية إلي مجلس القضاء الأعلى بالقدس الشريف للفصل لكه الشيخ مازن والشيخ مرتجي أيدوا القرار في حين ان الشيخ الجوجو والشيخ أبو جبين ضد القرار باستنادهم علي قرار الاستئناف أن الضفة الغربية بلد أخر ولا يحق للام السفر بالأولاد بدون موافقة الأب مع العلم بأن مادة رقم 393 في القانون المصري للأحوال الشخصية تنص علي أنه لا يحق للأم أن تنتقل من بلد الزوج إلا إذا كان موطنها ومكان عقد عقدها فيه.

وقالت "أنا كنت أعيش في قلقيلية وتم عقد قراني بالأردن والضفة الغربية تتبع القانون الأردني و مازالت ، فبالتالي ووفقا للمادة رقم 2 لقانون الأحوال الشخصية الأردني فإنه يحق لي الانتقال بالأطفال إلي الضفة".

وأضافت" علي هذا توجب على استئناف خانيونس أن تأخذ بعين الاعتبار الانقسام الجغرافي للاحتلال والمصادقة علي قرار محكمة البداية واعتبار فلسطين ( الضفة والقطاع) بقعة جغرافية واحدة ولا ذنب للأم والأطفال في ظروف الاحتلال، وتجاهل قضاة الاستئناف أن قطاع غزة كان خاضع للتجزئة أيضا بسبب الحواجز الإسرائيلية مثل حاجز أبو هولي، فهل تم اعتبار خان يونس دولة ومدينة غزة دولة أخرى؟ ويقاس على ذلك حاجز ايريز في شهر سبتمبر 2007 حكم مجلس القضاء الأعلى بالعيزرية بجلسة متكونة من خمسة قضاه بضم الأولاد إلي حضانتي والمصادقة علي قرار محكمة البداية.

ونجحت فداء في السفر الى غزة مجددا بتاريخ 16/12/2007 وتوجهت إلى شرطة العباس لتنفيذ القرار فقامت الشرطة بالاتصال علي الزوج لتسليم الأولاد فرفض الزوج وتم حبسه وقام أعمام الأولاد بإحضار أولادي بتاريخ 17/12/2007 إلي شرطة العباس لتسليمهم.

وفي الوقت نفسه، قامت عائلته بالاتصال مع الدكتور مروان أبو راس رئيس رابطة علماء المسلمين وعضو مجلس تشريعي، رغم انه ليس علاقة رسمية مع السلطة القضائية لكنه علي أثر ذلك الاتصال اوقف تنفيذ القرار دون معرفة الأسباب وحتى تاريخ اليوم لم ينفذ القرار.

ولم يكون بمقدور فداء نسيان المعاناة وتفاصيلها خلال الحرب على غزة ، وحالة القلق التي انتابتها على طفليها كونها لا تعرف مكانهما، الامر الذي دفعها الى الاستعانة بأهلها والطلب منهم مراقبة شاشات التلفزة والتي كانت تبث صور الجرحى والشهداء، في محاولة منها للاطمئنان عليهما او معرفة مصيرهما اذا ما تعرضا لخطر القصف اثناء الحرب.

وتتهم دبلان نواب من كتلة الإصلاح والتغيير في المجلس التشريعي ومسؤولين في حكومة حماس في القطاع، بالتقصير في متابعة قضيتهم والمساعدة في تنفيذ شرع الله بمنحها حق الحضانة لطفليها، وقالت "لم اترك مسؤولا إلا وتحدثت معه بما في ذلك رئيس الوزراء المقال إسماعيل هنيه ومسؤولين كبار في المجلس التشريعي في غزة، دون ان يساعدونني حتى في رؤية اطفالي".

وعبرت دبلان عن استغرابها الشديد لتذرع الشرطة في غزة بعدم مقدرتهم معرفة مكان وجود الزوج والطفلين، مؤكدة ان هذا الامر لا يدخل العقل كون جميع اهالي قطاع غزة يدركون ان الشرطة اذا أرادت إحضار أي شخص بإمكانها فعل ذلك بدقائق، إضافة الى ان مكان عمل زوجها معروف كونه يعمل مدرسا.

فداء دبلان عادت مؤخرا من قطاع غزة خالية الوفاض بعد اكثر من عامين أمضتهما في محاولة حصولها على حق حضانة طفليها ، لكنها مازالت تبدي إصرارا غير عاديا في متابعة كافة الإجراءات والخطوات باتجاه حصولها على حقها الطبيعي في حضانة طفليها هارون وفاروق وتقول " رغم كل ما مر بي من معاناة لكنني اقول كرمال عيون هارون وفاروق فأنني لن اتوقف عن خطواتي في سبيل ان احضنهما".