غازي الزعانين آخر الشهداء ضحايا نزهة في ارض بور شرقي بيت حانون
نشر بتاريخ: 07/09/2009 ( آخر تحديث: 08/09/2009 الساعة: 08:24 )
غزة- خاص معا- جاء جيب اسرائيلي على بعد 600 متر فقط، ترجل جنديان وبدءآ بقنص جميع من كان بالمكان، أطلقا خمسة عشر عيارا ناريا نحو الأطفال والرجال وحين سقط الطفل غازي لم تصمت بندقية الجنديين، واستمرا في إطلاق النار نحو السيارة التي حملت الطفل المصاب والسائق كان والده يجذب السيارة يمنة ويسرة يحاول الابتعاد عن مرمى النيران.
لم يسائل أحد حتى اللحظة هذين الجنديين عن سبب إطلاق النيران نحو مجموعة من الأطفال والرجال كانوا يتنزهون في أرضهم الزراعية الواقعة على بعد 700 متر من الجدار الإسرائيلي الفاصل شرقي بلدة بيت حانون شمال قطاع غزة بعد ظهيرة الجمعة الثانية من رمضان الجاري.
لم يطلب احد استفساراً من هذين الجنديين عن مهارتهما بالقنص وعن سبب استمرارهما بإطلاق النار نحو الطفل المصاب ووالده وأشقائه الصغار الستة، المهم ان الاحتلال اعترف أخيراً بأنه قتل " بالخطأ" طفلا لا يكاد ينهي عمره الرابع عشر، وهذا الطفل كان يلهو ببعض ما جادت به شجرة التين الوحيدة بالأرض البور.
لماذا هي أرض بور رغم انها تقع في أخصب مناطق قطاع غزة الزراعية، ولماذا يترك مواطن كوالده ماهر غازي موسى الزعانين الذي يعيل اسرة مكونة من 13 فردا أرضاً بمساحة ثلاثة دونمات ويعمل بأقل الأجور في أي مهنة متواضعة في بلدته لا تقيه وأطفاله شر الحاجة والفاقة؟ لماذا لم يزرعها رغم انها ستطرح زيتونا وعنباً وتيناً وكل ما تشتهي الأنفس؟ لماذا لا يجرؤ على الذهاب إليها وإحاطتها بجدار؟ لماذا يخشى طفله غازي الشهيد مؤخرا الذهاب لتلك الأرض والمرح في ربوعها " البور"، هو لم يذهب سوى مرتين من أعوامه الأربعة عشر.
أسئلة إجابتها واحدة ان الاحتلال يكذب أمام العالم حين يقول أن المنطقة الأمنية الممنوع الاقتراب منها هي 300 متر غرب الجدار، والحقيقة أن كل أراضي المواطنين شرقي قطاع غزة والواقعة على بعد مئات الأمتار هي منطقة خطرة ولا يمكن الاقتراب منها ومن اقترب من أرضه محاولاً فلاحتها وإحيائها من العطش يكون القنص الإسرائيلي مصيره والاستشهاد أو الإصابة قدره المحتوم.
خمسة من المزارعين منذ مطلع رمضان الجاري أصيبوا بجراح مختلفة شرقي بلدتهم بيت حانون لأنهم تجرؤوا وحاولوا حصاد بعض خضروات الشهر الكريم، كان آخر من تجرأ ماهر الزعانين الذي ذهب يوم الجمعة الماضي بعد صلاة الظهر برفقة أصحاب وأطفالهم من بلدة بيت لاهيا، مصطحبا ستة من أطفاله علهم يلهون بانتظار موعد الإفطار.
قال ماهر لطفله البكر غازي:" هل تذهب معي؟" رفض في بدء الأمر، ثم بعد قليل وافق على الذهاب كي يرى أرضه وأرض أجداده، دقائق ترجل الجميع من سيارة تاندر، الأصحاب الكبار الثلاثة وعشرة أطفال لا يتجاوز أصغرهم ثلاثة أعوام، ركنوا السيارة على بعد 600 متر من الجدار وساروا إلى مسافة 100 متر فقط، وهناك لمح الوالد ماهر جيباً اسرائيلياً دخانه مرتفع، توقف الجيب وترجل جنديان من القناصة وبدءوا على الفور بإطلاق النيران نحو الجميع، هرع الرجال لحمل الأطفال ، فصرخ الطفل احمد:" ابي غازي مصاب" ركض الأب نحو غازي سمعه يقول آخر الكلمات:" الحقني يابا" الرصاصة اخترقت دماغه فوق أذنه اليسرى، والده نزع عنه القميص وحاول إسكات النزيف بيده، وهرع إلى السيارة رغم استمرار إطلاق النار، قاد السيارة وأحد الرجال حمل الطفل غازي المصاب بين يديه، حاول الهروب بالسيارة ولكن ثلاثة عيارات نارية اخترقت جوانبها رغم وجود الأطفال.
ساعات قليلة وفارق غازي الحياة، ونجا الجميع من الموت بأعجوبة إلهية، تركن والدته في أحد زوايا المنزل المتهالك تستقبل المعزين الذين قالوا لها:" هنيئا لك استشهاد ابنك الصائم" فما تلبث أن تجهش بالبكاء، هي تذكر طفلا حنوناً يعشق الكمبيوتر.
سعدية الزعانين " 32" عاما بدت كما لأو انها في العقد السادس من العمر قالت لمعا:" من سيعيد لي ابني هل سيعيده الاعلام والعالم اجمع لقد سبقه أطفال كثيرون ولم يحرك العالم ساكنا".