الإثنين: 20/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

حمى المؤتمرات السنوية ... ترشيد في كل شيء الا في التمويل

نشر بتاريخ: 12/12/2009 ( آخر تحديث: 13/12/2009 الساعة: 07:40 )
رام الله - معا - "لماذا تختصر دقيقة الحداد الى اقل من 20 ثانية؟"، لا يكاد مؤتمر او نشاط او مناسبة سياسية او جماهيرية تخلو من فقرة الوقوف دقيقة صمت وحداد على ارواح الشهداء وقراءة الفاتحة على ارواحهم الطاهرة، لكن اذا ما جرى احتساب الوقت المخصص لهذه الفقرة فانه لا يزيد عن 20 ثانية فقط ، حيث يبادر من طلب من الجمهور الوقوف هذه الدقيقة الى الطلب منهم الجلوس في اقل من هذه الدقيقة بكثير، الامر الذي يعكس حقيقة ان هذه الدقيقة اصبحت نمطا شكليا خالية من المضمون الذي تخصص من اجله.

الكثيرون ممن يشاركون في هذه المؤتمرات يتذمرون بصمت من هذا السلوك دون ان يعلنوا ذلك جهارا، لانهم يدركوا ان هذه الفقرة توضع كنوع من "البرستيج" الذي توزع فيه فقرات جدول الاعمال لمثل هذه المؤتمرات والتي في اغلب الاحيان تتحول الى مجرد فعاليات وانشطة ينفق من اجلها الكثير من المال ويهدر فيها الكثير من الوقت ، وتطرح فيها الافكار دون ان تجد طريقها للتنفيذ ، الى حد ان العديد من المسؤولين والشخصيات الاكاديمية والسياسية يرون في تكرار عقد مثل هذه المؤتمرات بات نوعا من التقليد السنوي الذي يكون سقفه نشر ما يجري في المؤتمر في وسائل الاعلام في اليوم التالي.

وتعلق احد الشخصيات السياسية التي فضلت على ذكر اسمها على ذلك بالقول لـ (معا) " ان هذه المؤتمرات باتت تخلو من الجدية واليات تنفيذ ما يجري الخروج به من توصيات"، في حين يرى مواطن اخر يحرص على متابعة عقد مثل هذه المؤتمرات التي باتت تكتظ بها فنادق وقاعات العديد من المؤسسات الاهلية في رام الله ، ان توقيت عقد مثل هذه المؤتمرات مع نهاية كل عام يفضح امر القائمين على تنظيمها، مفسرا حديثه بان عقد مثل هذه المؤتمر ياتي لانفاق ما عجزت عن انفاقه العديد من المؤسسات في مشاريع الممولة.

وقال " لا يعقل ان يطلبوا منا الوقوف دقيقة صمت وحداد على ارواح الشهداء ولا يعطونا فرصة حتى انهاء قراءة صورة الفاتحة على ارواح شهداءنا"، في حين اتفق اعلامي يتولي تغطية الكثير من المؤتمرات السياسية والاكاديمية مع حديث ذلك المواطن واضاف عليه بالقول " المؤتمرات تكرر نفسها والمتحدثون يكررون انفسهم وكانهم مختصصون في هذا الامر ".

وتابع " من اللافت للنظر ان هذه المؤتمرات تكتظ مع نهاية كل عام الى حد ان الصحافيين لا يستطيعون تغطيتها بالكامل"، متفقا مع فكرة حرص العديد من المؤسسات الاهلية لتصريف الاموال التي لا يجري انفاقها في اطار مشاريعها، حيث تلجأ الى عقد مثل هذه المؤتمرات لتبرير صرف تلك الاموال.

عضو اللجنة المركزية لحركة فتح، عزام الاحمد، اكد خلال مشاركته في المؤتمر الوطني للارتقاء بالعمل الشعبي لمجابهة الجدار والاستيطان، على اهمية هذا المؤتمر ووجوب الحرص على الخروج بتوصيات قابلة للتحقيق وعدم الاكتفاء بنشر ما ورد فيه في صفحات الجرائد ووسائل الاعلام وكفى الله المؤمنين شر القتال، حيث يشير بذلك بصورة واضحة الى العديد من المؤتمرات التي تعقد فقط من اجل خض الحديث دون نتائج .

وامام حمى انعقاد المؤتمرات حتى كاد لا يخلو يوما يمر بدون عقد مؤتمر في مدينة ما من مدن الضفة، وتخصيص جزء كبير منها للحديث عن التنمية وتقوية المؤسسات الصغيرة، فان العديد من الشخصيات الاكاديمية يؤكدون ان هناك مؤسسات اهلية صغيرة بحاجة للدعم وانه يمكن توفيره من خلال عقد مثل هذه المؤتمرات في قاعات هذه المؤسسات بدلا من الفنادق، الامر الذي يمثل مساهمة مالية مهمة لمثل هذه المؤسسات التي بحاجة لكل قرش لضمان استمرار عملها، وبما ينزع من هذه المؤتمرات صفة الاختصار في كل شيء الا في التمويل.