الخميس: 18/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

خطة الانفصال بين الحقيقة وتخبطات حكومة شارون

نشر بتاريخ: 03/07/2005 ( آخر تحديث: 03/07/2005 الساعة: 12:10 )
المتابع للصحف وقنوات التلفزة الاسرائيلية وبقية الوسائل الاعلامية المختلفة في الدولة العبرية يلاحظ حالة الهرج والمرج الحاصلة هناك في ظل الاخبار عن التحضيرات والاستعدادت لتنفيذ ما يعرف بخطة شارون للانفصال عن غزة هذه الخطوة التي هي كما يصفها شارون وكما يصطلح عيها باللغة الانجليزية"Disengagement" و معنى ذلك بالعربية فك الارتباط وهذه هي التسمية الدقيقة للعملية التي من المفترض ان تحصل بعد الخامس عشر من آب اغسطس القادم . هذه العملية المسماة في معظم الوسائل الاعلامية العربية بالانسحاب هي في الواقع فك ارتباط وتأتي على ارضية ما يمكن ان يعتبر ورطة اسرائيل في غزة والتي تمنى رابين في بداية الانتفاضة الاولى ان يصحو يوما ويجدها وقد ابتلعها البحر , لان الانسحاب يعني ان تتراجع اسرائيل الى حدود ما قبل الرابع من حزيران 1967 وان تترك جميع الحدود والمعابر والسيطرة في الارض والماء والسماء للسلطة الفلسطينية وهذا ما اثاره واكد عليه في اكثر من مناسبة بل قد يكون هو الوحيد الذي تحدث بكل وضوح وجرأة وصراحة السيد محمد دحلان وزير الشؤون المدنية واكد ان ما عدا ذلك يعتبر ضحكا على الذقون وسيكون مجرد خداع للشعب الفلسطيني والرأي العام العالمي ولتحسين صورة اسرائيل واظهارها الدولة المحبة للسلام والساعية اليه.
وعودة الى ما قلناه في البداية حول حالة الهرج والمرج التي تنقلها وتصورها وتتداولها وسائل الاعلام الاسرائيلية وحول تفاعلات هذه القضية فقد استطاع اليمين الاسرائيلي ان يثير زوبعة لم تحصل ابداً من قبل في دولة اسرائيل مما جعل الكثير من الكتاب والمحللين يشككون في الاهداف التي يرغب هذا اليمين بالوصول اليها كما شدد الكثير منهم على فاشية هؤلاء المتطرفين ووصفهم بأقذع الأوصاف وانهم يريدون القضاء على الديمقراطية الاسرائيلية ويريدون اسقاط الحكومة المنتخبة ديمقراطيا والتي اصبحت تتهاوى امام ضربات اليمين المتطرف وبلطجة الحاخامات الذين لن يعترفوا بسلطة "الله" اذا ما تمت خطوة "الانسحاب" كما تخطط الحكومة ولم يتدخل" الله" لوقفها.
ان الشارع الاسرائيلي مقسوم على نفسه بدرجة اصبحت واضحة تماما والاستقطاب للتأييد والمعارضة اصبح على اشده في ظل صمت مطبق من كثير من الوزراء الذين هم عمليا ضمن وزارة او حكومة وافقت على ان تتم عملية الانسحاب كما تم التخطيط لها واخذ كثير من الكتاب بالتشكيك في موقف بعض الوزراء واذا ما كانوا "برغم تصويتهم مع الخطة" يرغبون فعلا في رؤية شارون وهو يتهاوى امام ضربات المستوطنين وتمردهم فيما سخر اخرون من هذا اليسار الذي يدعم شارون اليميني المتطرف على حد قولهم, وانه يستعمل هذا اليسار "الغبي" "كمطية" يعتلي ظهرها حتى تمر العاصفة ومن ثم سوف يقوم شارون بالعودة الى موقفه الطبيعي ويحمل الشارة "البرتقالية".
الشارع الاسرائيلي يموج بالحركة ويعج بالمواقف وهذه الحركة الدؤوبة والنقاشات الساخنة دفعت بعض المحللين الى اعتبار انها اكثر من مفتعلة وذلك في خطوة باتجاه ان هذا الذي يحصل وبهذا الحجم من ردود الفعل حول الانسحاب من غزة " والتي هي توراتيا ليس بتلك القدسية كما الضفة الغربية والقدس" انما يوحي الى ان الرسالة المنوي ايصالها هي ان الامور ستكون اكثر تعقيداًً وربما تخرج عن السيطرة بل قد تهدد وجود اسرائيل نفسها اذا ما فكر احد في الانسحاب من الضفة والقدس. ترى هل تكون عملية فك الارتباط عن غزة هي غزة اولاً وغزة اخيراً " وان هذه هي دولة الفلسطينيين المؤقتة والدائمة" ومن لا يعجبه من الفلسطينيين و العرب ومن ثم اوروبا واميركا وروسيا والامم المتحدة (الرباعية) " فليشرب من بحر غزة" ام انها ستكون حافزا للفلسطينيين الذين عمليا يغطون في سبات عميق ولا يتفاعلوا مع القضية كما يجب او من المفترض ان يكون بل هم منشغلون في اعمال العصابات المسلحة التي تسيطر عمليا على الشارع.
ان ما يحدث وما سيحدث في غزة يجب ان يكون حافزا اساسيا للسلطة لفرض سيطرتها على غزة ولجم كل اشكال التمرد والبلطجة التي تسود الشارع الفلسطيني وعلى هذه السلطة ان تثبت للعالم اجمع انها قادرة على ادارة القطاع بعد الانسحاب وان بامكانها ان تسيطر على الامور, وعلى الفصائل المختلفة ان تستجيب وتتجاوب مع السلطة, من اجل فرض الامن والنظام, حتى تكون تجربة غزة تجربة مشرقة يستطيع الفلسطيني من خلالها ان يقول للعالم اننا شعب يستحق ان يحظى بدولة ذات سيادة في كل انحاء الوطن لان من لن يستطيع السيطرة وفرض الامن والنظام في غزة لن يكون جديرا بنظر العالم بدولة في حدود عام 1967 ولا حتى في قطاع غزة.