الجمعة: 10/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

البرغوثي: المفاوضات وصلت لطريق مسدود واستمرارها ضرر للمصلحة الوطنية

نشر بتاريخ: 04/08/2010 ( آخر تحديث: 04/08/2010 الساعة: 18:28 )
بيت لحم- معا- أكد القائد الأسير النائب مروان البرغوثي ان المفاوضات وصلت الى طريق مسدود وان استمرار الانخراط فيها يلحق ضررا بالغا بالمصالح الوطنية، مشددا على انه لا جدوى من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة.

وانتقد البرغوثي من سجن هداريم خلال مقابلة مع المحامي الياس صباغ التوجه القائل بأن البديل لفشل المفاوضات هو المزيد منها، داعيا الى انجاز المصالحة الوطنية وتفعيل المقاومة الشعبية والعمل مع حركات التضامن الدولية كبدائل لاستمرار المفاوضات.

كما انتقد اهمال قضية الأسرى، وغيابها عن خطاب القيادة السياسي والاعلامي، وفي الشأن الحركي وصف البرغوثي اداء اللجنة المركزية لحركة فتح بالمتواضع وقال ان النتائج محدودة ودون التوقاعات.

واضاف انه ارسل رسالة تحمل مقترحات لخطة عمل للسنوات الأربع المقبلة فور انتهاء المؤتمر الحركي السادس، ولكن اللجنة المركزية لم تأخذ بها. ورأى البرغوثي انه لا مانع من تولي اعضاء في المركزية مناصب وزارية ولكن مع بقاء اغلبية اعضائها في اطر ومفوضيات الحركة.

وقال: "ان الاخفاق الأساسي للمؤتمر السادس كان فشله في محاسبة القيادات المسؤولة عن انهيار السلطة الوطنية في قطاع غزة والمسؤولين عن هزيمة فتح في الانتخابات التشريعية والفاسدين ومساءلة قيادة فتح عن ممتلكات الحركة واموالها".

ودعا البرغوثي حركة حماس لاتخاذ قرار شجاع والتقدم للأمام نحو المصالحة الوطنية، مشيرا الى ان الذهنية السائدة هي ذهنية السلطة ليست ذهنية حركة تحرير وطني.

وفيما يلي نص المقابلة التي نقلها محامي البرغوثي من سجنه في هدرايم ووصلت "معا" نسخة عنها:

س: كيف تقرأون نتائج مؤتمر فتح السادس بعد مرور عام على انعقاده؟

أولا انعقاد المؤتمر بحد ذاته انجاز بعد تعطيل استمر عقدين من الزمن، وانعقاده على أرض الوطن انجاز وطني مهم وهي المرة الأولى منذ الانطلاقة التي يعقد فيها المؤتمر على أرض فلسطين، وثانياً كانت المرة الأولى التي يشارك فيها كادر وقيادات الحركة في الداخل في مؤتمر حركي عام، مع ان غياب كادر وقيادات قطاع غزة بسبب منعهم من قبل حماس ترك جرحاً في المؤتمر، وثالثاً كان تظاهرة وطنية سياسية ديمقراطية. وقد نجح في إقرار برنامج سياسي يؤكد على التمسك بالثوابت الوطنية وعلى حق شعبنا في المقاومة بكافة الوسائل والأساليب التي كفلها القانون الدولي، وأكد على تمسك الحركة بوثيقة الأسرى للوفاق الوطني باعتبارها وثيقة الاجماع الوطني، وتمكن من انتخاب هيئات قيادية جديدة بنسبة تجديد عالية، فاللجنة المركزية كانت نسبة التجديد فيها 75% والثوري 83%، وبالطبع فان الثوري يعكس خارطة الحركة على نحو افضل من اللجنة المركزية التي خلت من تمثيل قطاع المرأة وهذه ثغرة كبيرة كما غاب عنها تمثيل قطاعات أساسية أخرى. أما في المجلس الثوري فهنالك تمثيلا واسعا للجيل الشاب والمرأة وإن كان ليس كافياً، كما أن الثوري عكس توزيعا جغرافيا واسعا بين غزة والضفة والقدس والأقاليم والداخل والخارج والقطاعات المختلفة.

س:ما هي أبرز اخفاقات المؤتمر برأيكم؟

غاب عن المؤتمر مئات الكوادر والقيادات التي تستحق العضوية بجدارة، وحل محلهم من لا يستحق بسبب المزاجية والمحسوبية وسياسة المحاور التي مارستها اللجنة التحضيرية، ومع ذلك فان المؤتمر يعكس تمثيلا واسعا لقواعد وأطر الحركة من الداخل ومن الخارج. أما الاخفاق الأساسي فهو فشله في محاسبة القيادات المسؤولة عن انهيار السلطة الوطنية في قطاع غزة رغم وجود عشرات الآلاف من رجال الأمن الذين صرف عليهم مبالغ طائلة من المال العام ومع ذلك فشلوا في مهمتهم الاساسية وهي حماية السلطة والنظام العام، كذلك أخفق المؤتمر في محاسبة المسؤولين عن هزيمة فتح في الانتخابات التشريعية، كما أخفق في محاسبة الفاسدين ومسائلة قيادة فتح عن مصير ممتلكات الحركة وأموالها ومحاسبة المسؤولين عن إفلاس صندوق الحركة.

س:كيف تقييمون أداء اللجنة المركزية والمجلس الثوري بعد عام من انتخابهم؟

أعتقد أن الأداء متواضع والنتائج محدودة ودون التوقعات والبعض يعتقد أنها مخيبة للآمال، وقد أرسلت رسالة تحمل مقترحات لخطة عمل للسنوات الأربع القادمة وذلك فور انتهاء المؤتمر ويبدو ان اللجنة المركزية لم تأخذ بهذه المقترحات والفرصة لم تفت بعد ويمكن عمل الكثير في العام الثاني من عمر الهيئات القيادية ولكن بوتيرة وآلية مختلفة تماماً.

لكن هناك اجتماعات متواصلة للمركزية والثوري ويتحدثون عن خطط ويصدرون بيانات.

أعرف إنهم عقدوا عشرات الاجتماعات كما ان الثوري عقد اربع دورات حسب النظام وهذا أمر جيد، ولكن المطلوب ان يلمس الشعب الفلسطيني واعضاء المؤتمر وجمهور الحركة ان تغييراً قد حصل وحتى الآن يبدو ان الناس لا تلمس تغييراً يذكر. حتى الآن لم تنجح المركزية في حصر ممتلكات وأموال الحركة، ولم تجر تحقيق في ذلك ولم تحاسب المسئولين عن افلاس صندوق الحركة، ولم تجمع الاشتراكات ولا التبرعات ولم يذهب وفد من المركزية لجولة عربية لطلب أموال لدعم صندوق الحركة بإستثاء ذهابه الى السعودية، وحتى الآن لا يوجد وسائل إعلام لحركة فتح لا فضائية ولا جريدة او مجلة او اذاعة او موقع الكتروني فاعل، والأهم ليس هناك فلسفة اعلامية وخطة واضحة وهذا الحال ينسحب على الشأن التنظيمي أيضا.

س:لماذا طلبت اللجنة المركزية تأجيل الانتخابات المحلية؟

لأنها فشلت في ترتييب الوضع وهذا مؤشر خطير ويظهر أن فتح لم تستخلص العبر والدروس من التجارب السابقة وانها تكرر نفس الأخطاء.

س:هل هنالك أمل في المصالحة الوطنية؟

لا يجوز أن نفقد الأمل او نستسلم للأمر الواقع ولحالة الانقسام الكارثية، وكما أقول دائماً "ان الوحدة الوطنية هي قانون الانتصار لحركات التحرر الوطني وللشعوب المقهورة وهي بمثابة الماء والهواء للشعب الفلسطيني". وقد أحسنت اللجنة المركزية صنعاً لحركة فتح عندما وقعت على الورقة المصرية، وقبل ذلك تبنت وثيقة الاسرى للوفاق الوطني، ووقعت على اتفاق مكة وقبلها القاهرة، لأن الوحدة الوطنية مبدأ اساسي من مباديء حركة فتح بل هي روح حركة فتح، وأنا ادعو حماس لاتخاذ قرار شجاع والتقدم للامام نحو المصالحة الوطنية. ومن المؤسف أن الذهنية السائدة لدى غالبية القيادة الفلسطينية وفي كافة الفصائل هي ذهنية السلطة وليس ذهنية حركة تحرر وطني، مع العلم ان السلطة في الضفة والقطاع هي تحت الاحتلال المباشر وغير المباشر وما يجري من عدوان وجرائم في القدس يكفي لوحده لاقناع الجميع بسلوك ذهنية التحرر الوطني وليس ذهنية السلطة والصراع عليها. يجب أن ندرك أن الخطوة الأولى في اتجاه الخروج من المأزق الحالي يكمن بالمصالحة الوطنية الحقيقية وبتكريس ذهنية الشراكة التي طالما نادينا بها بعيداً عن ذهنية الأقصاء والتفرد واستخدام العنف لاحكام السيطرة، ومن الاهمية بمكان العودة الى وثيقة الاسرى للوفاق الوطني باعتبارها برنامج الاجماع الوطني الفلسطيني.

س:كيف تنظرون للجهود التي يبذلها وفد المصالحة برئاسة السيد منيب المصري؟

نحن نرحب بشدة بهذه الجهود ونثمن عالياً ما يقوم به الأخوة في الوفد الوطني برئاسة الأخ والصديق منيب المصري والذين نحترمهم جميعا وندعم جهودهم بكل قوة ونتواصل معهم لانجاح هذه الجهود وأدعو فتح وحماس للموافقة على مقترحات وفد المصالحة بشأن التفاهمات الفلسطينية – الفلسطينية التي تمهد الطريق لتوقيع الوثيقة المصرية.

س:هل تؤيدون الانتقال من المفاوضات المباشرة إلى مفاوضات غير مباشرة؟

أقول بوضوح لا جدوى من المفاوضات المباشرة وغير المباشرة لأنه ليس هنالك شريك اسرائيلي للسلام، وليس في اسرائيل ديغول او دي كليرك، وإنما قادة متطرفون يتمسكون بعقلية الاحتلال والاستيطان والعنصرية. المفاوضات وصلت إلى طريق مسدود واستمرار الانخراط فيها يلحق ضرراً بالغاً بالمصالح الوطنية الفلسطينية واسرائيل تستخدم المفاوضات غطاء لمواصلة سياسة التهويد والاستيطان والاجتياح والحصار، وأي مفاوضات تجري قبل التزام اسرائيل الصريح بمبدأ انهاء الاحتلال والانسحاب الكامل لحدود 1967 بما في ذلك القدس الشرقية والاعتراف بحق الشعب الفلسطيني في اقامة دولته المستقلة كاملة السيادة وعاصمتها القدس الشريف وبقرار 194 الخاص باللاجئين الفلسطينيين والإفراج الشامل عن الأسرى والمعتقلين وبسقف زمني لا يتعدى بضعة أشهر فهذه مفاوضات مضرة للغاية.

س:هل هنالك بديل للمفاوضات؟

المأساة أن البعض يعتقد حتى الآن ورغم التجربة المريرة والفاشلة ان بديل فشل المفاوضات هو مزيد من المفاوضات، والحقيقة أنا لا نرفض المفاوضات من حيث المبدأ، فمعظم حركات التحرر فعلت ذلك ولكن بشروط واضحة وثوابت لا تتغير كل اسبوع، كما ان طاولة المفاوضات تحتاج الى فعل يساندها، وبدون ذلك يصبح المفاوض رهينة للطرف الآخر. والبديل هو : أولاً انجاز المصالحة الوطنية وانهاء الانقسام، وثانياً اطلاق اوسع مقاومة شعبية فاعلة ومؤثرة في كل ارجاء الوطن، وثالثاً العمل مع حركة التضامن الدولية لمحاصرة اسرائيل سياسياً باتجاه فرض عقوبات دولية عليها والعمل على عزلها كما جرى في جنوب افريقيا، ومواصلة حملة مقاطعة بضائع المستوطنات وتوسيعها لتشمل البضائع الاسرائيلية كافة، ورابعاً التوجه الى المؤسسات الدولية بما فيها مجلس الأمن الدولي والجمعية العمومية لاعلان دولة فلسطينية كاملة السيادة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، والطلب من العالم بأسره مساعدة شعبنا لممارسة سيادته على الأرض المحتلة، وخامساً مواصلة معركة بناء مؤسسات الدولة المستقلة وتعزيز صمود شعبنا في اطار خطة انهاء الاحتلال وبناء الدولة المستقلة.

س:الرئيس أبو مازن أعلن أن تعديلاً وزارياً سيتم قريباً بناءاً على ضغط من حركة فتح، ما رأيكم في ذلك؟

تشكيل الحكومة هي صلاحية حصرية للرئيس وخاصة في ظل غياب المجلس التشريعي ومن حق الرئيس أن يجري تعديلا على حكومته متى شاء بناءاً على مشاورات بينه وبين رئيس الحكومة، وأعتقد ان الحكومة حققت انجازات هامة في مجال البنية التحتية وبناء مؤسسات الدولة والاصلاح الاداري.

س:ما هو موقفكم من تولي أعضاء في اللجنة المركزية لحركة فتح لحقائب وزارية؟

اذا كان هناك عضو لجنة مركزية مناسب لحقيبة ما ويرغب في ذلك وليس لديه مهام حركية رئيسية فلا مانع من تولي منصب وزاري، والمهم ان يبقى أغلبية أعضاء المركزية في قيادة الحركة وأطرها ومؤسساتها ولجانها والمفوضيات المختلفة، ومن الضروري ان نسير على قاعدة من التوازن بحيث لا تنخرط المركزية برمتها في السلطة، ولا يجب ان يحجب اعضائها عن المشاركة في السلطة والحكومة لأن الحكومة كذلك موقع حيوي ومهم ومؤثر في حياة الفلسطينيين. والحكومة يجب ان تتسع لأوسع تمثيل للأحزاب والفصائل والشخصيات وأن يكون اختيار الوزراء بناءاً على الكفاءة والقدرة المهنية والقيادية والنزاهة، آملين بالطبع أن تتم المصالحة وأن تشكل حكومة وحدة وطنية في أسرع وقت ممكن.

س:أعلنت الحكومة الإسرائيلية رفضها الإفراج عنكم وعن عدد من القيادات البارزة في اطار صفقة التبادل مع الجندي الأسير شاليط، هل تتوقع أن توافق في النهاية؟

ليس أمام إسرائيل -إذا أرادت إطلاق سراح شاليط- إلا الموافقة على القائمة التي تقدمت بها الفصائل الآسرة لشاليط، وقد أعلنت قيادة حماس أن عملية التبادل لن تتم الا باطلاق سراح جميع الاسرى في القائمة وفي مقدمتهم القيادات التي ترفض اسرائيل الافراج عنهم ونحن ندعو الاخوة في حماس للتمسك بهذا الموقف وندعم ذلك بشدة والاسرى مستعدون للانتظار حتى تتم الموافقة على جميع الأسماء.

س:هل تعتقدون أن القيادة الفلسطينية تبذل أقصى جهد ممكن لاطلاق سراحكم وسراح جميع الاسرى؟

بصراحة القيادة الفلسطينية لا تبذل "أدنى جهد" لإطلاق سراحنا وليس فقط "أقصى جهد"، وهنالك إهمال واضح لقضية الأسرى وهي ليست على جدول أعمال القيادة الفلسطينية وليست جزءا من خطابها السياسي والاعلامي في المحافل الدولية والعربية والاقليمية، كما أنها ليست جزءاً من اللقاءات مع المسئولين الذين تلتقي بهم القيادة الفلسطينية في رام الله أو اي مكان في العالم، ومن المؤسف أن قضية جندي واحد اسير تأخذ اهتماما وحيزا أكبر من قضية ثمانية آلاف أسير بينهم ثلث نواب الشعب الفلسطيني، وبينهم المئات الذين اعتقلوا قبل أوسلو وتوابعها، وهنالك 120 أسير قضوا أكثر من عشرين عاماً في السجون وعشرة أسرى أمضو أكثر من 25 عام وهنالك من دخل أو يقترب من عامه الثالث والثلاثين في السجون مثل نائل البرغوثي وفخري البرغوثي وأكرم منصور. وفي الوقت الذي يقود فيه أعضاء برلمانات في العالم وشخصيات دولية حملة لاطلاق سراحي فان القيادة الفلسطينية لا تفعل شيء بل تتجنب مجرد ذكر الاسم في أي لقاء أو محفل دولي، علماً ان مروان البرغوثي هو نائب فلسطيني معتقل، وأعيد انتخابه في المجلس التشريعي ثانية، وعضو مجلس وطني فلسطيني، وعضو مجلس مركزي لـ(م.ت.ف)، وكنت عضو في المجلس الثوري لحركة فتح، والآن عضو في ا للجنة المركزية.

نحن على ثقة أن شعبنا العظيم الصامد الصابر يقف مع الأسرى، ومستعد لبذل كل جهد من أجل تحريرهم. وأقول لشعبنا في الوطن والشتات والمنافي أن الاحتلال الى زوال ومصيره لن يختلف عن مصير سابقيه من أنظمة الاستعمار والفاشية والعنصرية، أن فجر الحرية آت لا محالة.