الأحد: 12/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

من لاجئ في بور سعيد الى خبير بهارفارد ومنهاتن- من هو مجدي الخالدي؟

نشر بتاريخ: 22/09/2010 ( آخر تحديث: 22/09/2010 الساعة: 12:08 )
طائرة الرئاسة- موفد "معا"- الى جانب الرئيس او قبالته وعلى مقاعد الطائرة الرئاسية يجلس غالبا رجل خجول يختار كلماته بدقة ويهمس في أذن الرئيس أو يكتب قصاصات ورق صغيرة يتلقفها ابو مازن ويبدي اهتماما كبيرا بها، ومن وراء نظارته الانيقة يخفي الرجل تفكيرا عميقا فتراه يفضل الصمت على الكلام والادب على النقد، لا يقول الا اذا سألته ولا يتدخل الا اذا اقحمته...ما تطلب من وكالة "معا" جهدا اضافيا لاقناعه باجراء اللقاء، فكان يتردد اكثر مما يجيب وكأنه يريد القول (ان وسائل الاعلام تضر اكثر مما تنفع ولكنه وامام الحاحنا، اضطر لاحترام رغبتنا وفتح نافذة صغيرة من قلبه لوكالة معا".

د.مجدي الخالدي (50 عاما)، لاجئ من الرملة هاجرت عائلته الى بورسعيد بمصر ومن ثم انتقلت الى مصر الجديدة بالقاهرة، حصل على الشهادة الثانوية بمصر قبل ان يحصل على البكالوريوس في الهندسة من رومانيا، تخرّج عام 1984 ثم غادر الى كندا وبوسطن الامريكية للحصول على الماجستير في صناعة التكنولوجيا، وباصرار حصل على الدكتوراة في الادارة من المكسيك وصولا الى دبلوم من هارفارد في دراسة الحكم الرشيد.

وشارك في الطاقم الفني للمفاوضات بين 1992- 1993 قبل ان يتلقفه الزعيم الراحل ابو عمار الى جانبه عام 1994، فاستطاب رأيه وابقاه الى جانبه منذ ذلك الحين حتى وفاته.

في عام 1995 عمل مع الدكتور نبيل شعث في تشكيل وزارة التخطيط والتعاون الدولي- والتي انبثق عنها لاحقا 8 وزارات منها وزارة الاشغال العامة والمرأة والخارجية والتخطيط- ومن ثم شغل رتبة سفير في وزارة الخارجية الى مستشار الى وكيل وزارة قبل ان يصبح مستشارا لرئيس الوزراء محمود عباس عام 2004 - 2005، ومن ثم مع ابو مازن اذ اصبح رئيسا، ومن اهم الانجازات التي يمكن حسابها في تاريخه اعادة تشكيل السفارات الفلسطينية حتى قيل عنه انه هو وزير الخارجية الفعلي غير المعلن- ولكنه رفض هذا الوصف وقال بكل ادب وهو يبتسم : هل تريدون عمل لقاء صحافي معي ام وضعي على قائمة الخصوم والاعداء لاكبر عدد ممكن من الاخرين؟.

دار نقاش حامي الوطيس بين موفد "معا" وبين الدكتور مجدي حول الخطة الاقتصادية للدكتور سلام فياض وقد استمات الخالدي في الدفاع عن خطة فياض واسهب بكل دماثة يذكر مناقب الخطة وتأثيرها الايجابي على المجتمع الدولي وعلى الموقف الفلسطيني، واشتكى الخالدي من الذين يسارعون لتبني او طرح افكار عقيمة لمجرد انها تصلح عناوين في الصحافة تجلب الانتباه وراح يأتي على اعتبارات هامة في تبني او رفض اية فكرة قائلا " المصلحة الفلسطينية تقتضي وجود خطط طويلة المدى للتنمية ومن دون ذلك سيعاني اصحاب الافكار السريعة والارتجالية الانفعالية ويجرون معهم الشعب والمواطن ليعاني اكثر واكثر".

ومن خلال حوار استمر لساعات مع الدكتور المستشار الخالدي نذكر اهم وابرز النقاط التي يمكن نشرها الان وفي هذه المرحلة:

موفد "معا": اوليس الانفصال الان عن الاقتصاد الاسرائيلي خطوة متعجلة قد نندم عليها؟
الخالدي: لاااااااا ابداااااااا، ان اكثر دولة في العالم قد تضر بالاقتصاد الفلسطيني وتمنع تطوره ونموّه هي اسرائيل لاسباب اقتصادية بحتة قبل ان تكون اعتبارات سياسية ووطنية ايضا، لان دخل المواطن الفلسطيني لا يصل الى واحد على عشرة من دخل المواطن الاسرائيلي وبالتالي فان كل اتفاقية فلسطينية مع اسرائيل ستكون ضد المواطن الفلسطيني الى جانب ان اسرائيل تمارس البلطجة على الاقتصاد الفلسطيني وتصادر اموال السلطة وتحجز البضائع وتمنع بناء مدرجات او مهابط للطيران او موانئ وتغلق الطرق والحدود ... الخ.

موفد "معا": لماذا انت هنا في الامم المتحدة وانت تعرف ان الامم المتحدة تقف في النهاية مع الاقوياء ومع الاغنياء ونحن لسنا اقوياء ولسنا اغنياء؟!
الخالدي: الامم المتحدة وحدها الية غير قادرة على القيام بمهامها من دون الدول الغنية، ولان الدول الكبرى ترتأي ان افضل طريقة الان هي تقديم المعونات للدول الفقيرة فان الامم المتحدة تنفذ ذلك ما ادى الى تعود الدول الغنية والقوية الى احتلال الدول التي كانت تحتلها عسكريا قبل 50 عاما، لكنها تعود الان برضى تلك الدول وليس بغير رضاها، واريد هنا ان اشير باختصار الى نقطة هامة وهي ان الدول الفقيرة صارت تعي انها لا تستطيع النهضة من دون الدول الغنية وبالتالي امامها اولا ان تأخذ ديون ومعونات وثانيا ان تعي ما تملك من ثروات والتالي تقايض الدول الغنية على طريقة العلاقة.

موفد "معا": هل يمكن ان تشرح اكثر ؟
الخالدي: مثلا الصين تعطي افريقيا 5 مليارات مساعدة مقابل ان تفتح دول في افريقيا اسواقها للبضائع الصينية، واريد ان اقول لك ان جميع الدول الفقيرة مستقلة لكنها لا تستطيع تنمية نفسها بعد سنوات الفقر والعذاب ومقاومة الاحتلال والمطلوب اذن مشاريع وطنية للتنمية وذلك ممكن فقط من خلال محاربة الفساد والدكتاتوريات ومن خلال تنويع العلاقات الدولية وعدم الارتهان لنفوذ ومصالح دولة بعينها.

موفد "معا": هل يمكن ان تعطينا امثلة؟
الخالدي: المطلوب من الدول الفقيرة تأسيس وتشكيل الة ادارية ( وزارات وخبراء ) قادرة على تنفيذ مشاريع التنمية ، امثلة على ذلك اندونيسيا وماليزيا وكوريا الجنوبية وهي من دول العالم الثالث لكنها اصبحت الان دولا منتجة متقدمة، حيث قام مهاتير محمد الرئيس السابق في ماليزيا بوضع خطة طوال 22سنة من حكمه وقد اتت اكلها الان فاعاد تطوير ماليزيا ونهضتها من خلال استراتيجية نهضة صناعية وزراعية ومثلها كوريا وسنغافورة وهكذا، لكني اريد ان اؤكد انه من دون دولة متقدمة او عدة دول متقدمة وغنية لا يمكن الان للدول الفقيرة ان تنمو.

موفد "معا": لماذا لا تنمو الدول العربية الفقيرة؟
الخالدي: هناك نوعين من الدول الفقيرة، نوع يريد تنمية موارده وقدراته العسكرية مثل الباكستان وكوريا الشمالية وايران والفلبين والعراق سابقا وكل هذا سيكون على حساب الصناعة والزراعة والرفاه وهناك دول تذهب للصناعة والزراعة والسياحة مثل الهند الان وماليزيا وغيرها.

موفد "معا": وماذا عن فلسطين ؟
الخالدي: التاّكل الذي نعيشه تحت الاحتلال يمنع تراكم التنمية التي قمنا بها بين 1994- 2000 فقد انجزنا المدارس والفصول الدراسية والشوارع والمشافي وصحيح ان ذلك لا يتناسب بعد مع حجم المال الذي صرفناه الا انها كانت من الضروريات، وعلى فكرة فان مشاريعنا عليها اكبر واقوى رقابة دولية في العالم بل ان وكالات التنمية جاءت لتشرف على التنفيذ بنفسها والذي اجهض التنمية هو الاحتلال وليس اي خلل اداري مهما كبر وليس اي وزير كائنا من كان . واحيانا الخطط لم تكتمل.

موفد "معا": ماذا تقصد الخطط لم تكتمل؟
الخالدي: التنمية في فلسطين تحتاج الى مطار كارجو واسرائيل تمنع- التنمية تحتاج الى ميناء واسرائيل قصفته، التنمية تحتاج الى مطار واسرائيل جرفته ، التنمية تحتاج الى حدود ومعابر واسرائيل تغلقها .... الخ.

موفد "معا": اعطينا شئ لا نعرفه؟
الخالدي: هناك نقطة مهمة وهي ان خطط التنمية الاستراتيجية يجب ان تكون طويلة المدى اي لـ 20 عاما واكثر ونحن كلما خططنا لسنة او 3 او حتى 5 سنوات، ولعلمكم فان خطة تطور شمال وجنوب سيناء اي شرم الشيخ ومثلها كانت مدتها عشرين عاما وليس مجرد عدة سنوات، وفي ماليزيا 22 عاما وفي اليابان 30 عاما ونحن لدينا القوى العاملة والمال والتنوع في المصادر والمخططات السليمة والمتطورة ولدينا مجتمع منفتح وقدرة علمية لكن لا نستطيع، لا نستطيع ذلك في ظل وجود الاحتلال.

موفد "معا": والمطلوب الان؟
الخالدي: المطلوب خطط طويلة المدى والمطلوب مجلس اعلى للتخطيط من القطاعين العام والخاص بشرط ان يكون وراءه قيادة تريد النمو والنماء والتخطيط والتطوير وعلينا ان نفرق بين الحكومة والقطاع الخاص وصندوق الاستثمار والقطاع الاهلي اي المنظمات وبين المستثمر المحلي والاجنبي.

موفد "معا": ما رأيك في التقرير الذي نشرته معا ضد خطة فياض الاقتصادية؟

الخالدي: تقرير ظالم لفياض ولخططه، وبكل صراحة فان كل المشاريع كانت تأتي الى غزة ورام الله واريحا وبيت لحم ـ اما فياض فقد اعطى القرى والمخميات النائية 3000 مشروع ـ وبكل صراحة فان احدا ما او جهة ما او قرية ما او مخيم او مؤسسة ما ما لا يستطيع الادعاء انه لم يستفيد من السلطة او اموال السلطة او مشاريع السلطة، فكلهم استفادوا واخذوا مدارس ومشاريع وجمعيات وقروض... الخ وفي كل حكومة وفي كل عام وفي كل خطة كانت هناك جهات في مناطق ما تستفيد من هذه المشاريع، الجميع استفاد من السلطة بكل مباشر او غير مباشر ومن يقول غير ذلك كذااااااااااااااب.