الإثنين: 13/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

جامعة بيرزيت تفتتح "مؤتمر التمويل الدولي "

نشر بتاريخ: 27/09/2010 ( آخر تحديث: 27/09/2010 الساعة: 17:17 )
رام الله-معا- افتتح رئيس جامعة بيرزيت د. خليل هندي اليوم الاثنين 27 أيلول2010، مؤتمر "التمويل الدولي، التنمية، وتشكيل الحيز الفلسطيني"، الذي عقده مركز دراسات التنمية، والذي يهدف إلى تقديم تشريح نقدي لتأثير التدخلات التمويلية الدولية في التنمية وتشكيل وإعادة تشكيل الحيز الفلسطيني، في أبعاده الاقتصادية –السياسية، الاقتصادية، والاجتماعية، إضافة للتفكير الجدي بصيغ بديلة للمساعدات، وبالشكل الذي يستجيب لأولويات الفلسطينيين، وحاجاتهم وحقوقهم، ليس فقط في الضفة الغربية وقطاع غزة، وإنما إينما كانوا.

وأكد د. هندي بأن جامعة بيرزيت تسعى دائما للارتقاء في أداء رسالتها تجاه التعليم والبحث العلمي في فلسطين، بالتفاعل مع رسالتها الشاملة تجاه المجتمع والوطن ككل. ومن هذا المنطلق طورت الجامعة العديد من البرامج الأكاديمية التي تستجيب لاحتياجات المجتمع، واحتضنت العديد من الأنشطة العلمية والأكاديمية، والأبحاث والدراسات، التي تسهم في تقديم معرفة أصلانية، في شتى مجالات المعرفة، سعيا للمشاركة في بناء مستقبل أفضل تسوده الحرية والعدالة والتنمية.

وأوضح أن افتتاح هذا المؤتمر جاء في خضم جدل علمي وسياسي محتدم حول مآلات الصراع، وآفاق التسوية، وبالتفاعل معهما صيغ التنمية والمساعدات الدولية القائمة في الأراضي الفلسطينية المحتلة، متطلعاً أن تشكل أوراق هذا المؤتمر ومداخلاته بمنهجيتها النقدية، أساسا رصينا لمراجعة ديناميات التدخلات الدولية في الحيز الفلسطيني، في محاولة لصياغة بدائل واقعية نظرية وتطبيقية لإحداث التغيرات العملية المطلوبة.

وأضاف: إن تصويب السياسات التدخلية والتنموية في فلسطين، بما يؤسس لحالة "تنموية، تمكينية، صمودية، أو أيا كان اسمهما تتجاوز حالة الاستلاب والاعتمادية. منتجة أطراً وهياكل ومؤسسات وممارسات تمكن الفلسطينيين أفرادا وجماعات من التعبير عن حقوقهم، والدفاع عنها، والنضال من أجلها، لا سيما حقهم في تقرير المصير، وحقهم في التنمية".

من ناحيتها أكدت مديرة مركز دراسات التنمية د. سامية البطمة أن المركز أخذ على عاتقه، منذ بداية تأسيسه، تعميق مفهوم التنمية في فلسطين، وربطه بسياقاته العملية، من خلال الاستناد إلى التفاعل الجدلي بين النظرية والتطبيق، وبين الواقع والمأمول، وفك عرى الإسقاطات النظرية والمنهجية الخارجة عن الفهم المعمق.

وأوضحت أن الدعم والتمويل الدوليين لعبا دورا حاسما في السنوات السبع عشرة الأخيرة، إذ ليس بخاف أن معظم هذا التمويل قُدم للفلسطينيين ارتباطا باتفاقيات أوسلو، بما يمثل صيغة دعم سياسي لعملية السلام. مضيفة أن التمويل الدولي للفلسطينيين جاء ضمن افتراض يقوم على اعتبار الأراضي الفلسطينية المحتلة تمر بمرحلة ما بعد الاستعمار، وأن اتفاقيات أوسلو تتجسد في سياق يشهد بناء دولة مستقلة، في حين أن الوقائع على الأرض تشير إلى استمرار الاحتلال الكولونيالي، إن لم يكن توسعه وتعمقه.

وقالت: إن صيغة المساعدات الدولية، تحولت من نموذج يفترض وجود حالة اعتيادية في الأراضي الفلسطينية ما قبل عام 2000، إلى نموذج آخر يتعامل مع الفلسطينيين كأنهم ضحايا كارثة طبيعية، بعد اندلاع الانتفاضة الثانية. وفي كلا النموذجين، فإن هناك تجاهلا للجذور الحقيقية للمشكلة، أي الجوهر السياسي للصراع.

وأضافت: إن هذه التدخلات الدولية، لم تتعامل مع الاحتلال، بطبيعته الكولونيالية التي تمارس القمع والإخضاع، بل تصر على تخفيف الآثار الناجمة عن السياسات الإسرائيلية الاستعمارية، عوضا عن الضغط على إسرائيل لإنهاء احتلالها. أي أن حيادية الممولين في مثل هذا السياق الكولونيالي، قد يكرس ويدعم هذه البنى الإستعمارية.

وتطلعت د. البطمة أن تشكل محاور هذا المؤتمر وأوراقه، ونقاشاته، نواة لجهود تتجاوز الصنمية المعرفية، وتسعى لتقديم بدائل عنها، وترتكز عل إعادة الاعتبار للنماذج التنموية المحلية القادرة على الصمود والمعتمدة على النفس، وخاصة عبر فهم وتحليل المساعدات والتدخلات الدولية في الأراضي الفلسطينية، بالتشديد على الواقع الكولونيالي المتحكم في معطياته.

من جانب آخر طرحت الباحثة العلمية سارة روي من جامعة هارفرد تساؤلاً حول ما يمكن أن يدعو إسرائيل لوقف احتلالها في ضوء سياساتها والوقائع التي تخلقها على الأرض، خاصة وأنها المستفيدة على مختلف المستويات من هذا الاحتلال.

وأوضحت د.روي أن السياسات الإسرائيلية وتوجهات المانحين والسياسات الفلسطينية المرتبطة بمنظومة وخطاب القانون الدولي حوّل الفلسطينيين إلى حيز المساعدات الإنسانية، في حين تم تغييب الصراع السياسي وحق تقرير المصير.

وأضافت: لقد بدا واضحاً أن إسرائيل تسعى لإنهاء أي إمكانيات لقيام اقتصاد وتنمية فلسطينية، بعدما كانت تركز على الحد من إمكانيات هذه التنمية.

وطالبت د. روي الممولين بالضغط السياسي على إسرائيل وربطه بإحداث تنمية اقتصادية تمكن الفلسطينيين من التحرك على اتجاهين: التعبير عن حقوقهم السياسية ولاسيما حق تقرير المصير، ووضع الإمكانيات الواقعية لتحقيق ذلك.

وتناول كل من الباحث جميل هلال، ومديرة معهد داسات المرأة د.إصلاح جاد، وجلال الحسيني من المعهد الفرنسي لدراسات الشرق الأوسط، ورينا جبارين من مركز عدالة، في الجلسة الأولى التي ترأستها د. ريما حمامي من جامعة بيرزيت تجربة المساعدات الدولية لفلسطين، وتجسداتها الحيزية، محللين المحتوى الكولونيالي للتدخلات الدولية، لا سيما في تجلياتها وتأثيراتها على فضاء تشكيل السلطة الفلسطينية، والمجتمع المدني الفلسطيني، وتعاطيها مع قضية اللاجئين.

فيما تناولت الجلسة الثانية التي ترأستها البروفيسورة بني جونسون، المساعدات الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، حيث قدم ديديير فاسن من جامعة برينستون ورقة حول الأبعاد السياسية لسرديات المساعدات الإنسانية، أما إلانا فلدمان من جامعة جورج واشنطن فقدمت ورقة بعنوان: "الإنسانيون الساذجون، الضحايا النموذجيون، وحدود المساعدات الإنسانية"، في حين قدم حسن جبارين من مركز عدالة مداخلة حول دور القانون في حيز المساعدات الإنسانية والإبقاء عليها، كما قدم نعمان كنفاني من جامعة كوبنهاغن ورقة حول الاقتصاد السياسي للمساعدات الغذائية في فلسطين. وقد حللّ المتحدثون في هذه الجلسة الأبعاد السياسية والقانونية والاقتصادية لهذا النوع من المساعدات، وخلصوا إلى أن المساعدات الإنسانية باتت للتقليل من الوقائع التي يخلقها الاحتلال على الأرض، دون إحداث أي أثر تنموي.

وجاءت الجلسة الثالثة، والأخيرة في يوم المؤتمر الأول تحت عنوان "التنمية والليبرالية الجديدة، والأمن"، لتربط وترصد التفاعلات بين المنظور الليبرالي الجديد بخلفياته الكولونيالية، المثقل بالمضامين الأمنية، وإعادة تشكيل الحيزات المخضعة للاحتلال "الاستعمار"، بما يشبه عملية التطويع، أو التبني التدريجي لبنى يخلقها الاستعمار، أو يخلفها في حالة ما بعد الاستعمار، وقد تحدث في هذه الجلسة التي أدراها د. نادر سعيد من مركز العالم العربي للبحوث والتنمية كل من: ماندي تيرنر من جامعة برادفورد، وداود حمودة من الحملة الشعبية لمقاومة جدار الفصل العنصري، وآشلنغ بيرن من منتدى النزاعات، ود.آيلين كتاب من معهد دراسات المرأة.

يذكر أن هذا المؤتمر جاء ثمرة للتعاون بين مركز دراسات التنمية، ومجموعة أبحاث الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (جامعة غنت البلجيكية).