الثلاثاء: 21/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

الرئيس من القمة: نخوض مواجهة ساخنة على صعيد عملية السلام

نشر بتاريخ: 09/10/2010 ( آخر تحديث: 10/10/2010 الساعة: 08:34 )
بيت لحم -معا- قال الرئيس محمود عباس اليوم في كلمته امام قمة سرت في ليبيا " إننا نُدرك أننا نمر في مرحلة بالغة الأهمية، وأمام تحدٍ خطير. إنه الامتحان المصيري الذي يستدعي نهضة الأمة القادرة على مجابهة متطلبات هذه المرحلة بكافة استحقاقاتها بالتوافق على صياغة موقف عربي موحد، وإجابات محددة على كل ما يواجهنا من معضلات، واعتماد وسائل وهياكل ومنظومات، تكفل تطوير الأداء وتفعيل جهودنا المشتركة".

ومضى عباس إلى القول، إن أمتنا بتاريخها وبإمكانياتها وبقدرات وطموحات دولها وشعوبها، قادرة على حماية مصالحها وتثبيت موقعها المستحق وإسهامها الحضاري المتصل في عالم علينا أن نحسن قراءة ما يجري فيه من متغيرات متواصلة ومتلاحقة.

وقال عباس إنه انطلاقاً من إيماننا جميعاً بأن قضية الشعب الفلسطيني واسترداد حقوقه الثابتة هي القضية المركزية لدولنا العربية، "فإنها بالتالي تُشكل وبكل تأكيد نقطة توافق حول واحد من أهم المرتكزات الإستراتيجية للعمل العربي المشترك في المرحلة المقبلة، خاصة ونحن نعيش في ظروفٍ استثنائية غير مسبوقة وبالغة الخطورة، ظروفٍ ستشكل منعطفاً حاسماً في تاريخنا كله، وسوف يتوقف توجه هذا المنعطفً على إدراكنا المشترك لطبيعة المرحلة الصعبة التي نجتازها ومدى استعدادنا المشترك للتعامل معها، ومواجهة تحدياتها."

وتابع :"إنه مما لا شك فيه أنكم تتابعون معنا كل التطورات الخطيرة، وتشاهدون وتسمعون ما تقوم به إسرائيل ضد القدس ومواطنيها، حيث تتصاعد منذ مدة "الممارسات الاحتلالية الإسرائيلية ضد هذه المدينة المقدسة، بوتيرة وتكثيف لم يحدث منذ عقود. أصبح هدم واحتلال البيوت وتشريد أصحابها، ومصادرة الأراضي وبناء الوحدات الاستيطانية، ممارسةً يوميةً تُنفِذ برنامج التطهير العرقي. وأصبح المسجد الأقصى المبارك أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، هدفاً ثابتاً لحملة الاحتلال وللمتطرفين الإسرائيليين."

وقال إن هذه الحملة تستهدف المقدسات المسيحية والإسلامية من أجل تهويد القدس العاصمة الخالدة لدولة فلسطين، وإلغاء وجهها وهويتها العربية والإسلامية الأصيلة، وإلى عزل المدينة المقدسة عن الضفة الغربية، وهو قرار يهدف إلى استباق مفاوضات الوضع الدائمّ وخلق أمر واقع لتدمير عملية السلام برمتها وذلك بانتهاك صارخ للاتفاقات الموقعة، والالتزامات والضمانات المقدمة بما في ذلك خطاب الضمانات الأميركي الذي قُدم لنا في مؤتمر مدريد للسلام، وكذلك بقية قرارات الشرعية الدولية في تحيز واستخفاف بمشاعر المؤمنين المسلمين والمسيحيين، وبإرادة المجتمع الدولي.

واردف الرئيس عباس "إننا نخوض مواجهة ساخنة على صعيد عملية السلام. فقد رحبنا بكل الجهود الصادقة الرامية لتحقيق السلام، ونرحب بالتوجهات التي أعلنها الرئيس أوباما، خاصة فيما يتعلق بحل الدولتين، وانخرطنا مع الإدارة الأميركية في جهد متصل لترجمة هذه التوجهات إلى واقع مع الحفاظ على منطلقات موقفنا الذي حددته القمم العربية ومبادرة السلام العربية".

وقال أيضا إننا أكدنا على هذه المواقف في كل مكان، ولم نتأثر بالضغوط، ولم نتخل عن دورنا، ولم نسمح بأن يكون صوت فلسطين غائباً أو مغيباً عن أي محفل، بل أردناه حاضراً وشجاعاً يعبر ويدافع عن حقوقنا. وأكدنا من هذا المنطلق في كل اللقاءات الدولية ونؤكد اليوم، تمسكنا بخيار السلام الذي نؤمن بأنه يتطلب توفير المتطلبات التي حددها المجتمع الدولي والرئيس أوباما لإعادة إطلاق عملية السلام العادل والمفاوضات، وفي مقدمتها، الوقف الشامل للنشاطات الاستيطانية في القدس وفي بقية أرجاء الأراضي الفلسطينية، والتحديد الواضح لمرجعية عملية السلام.

وأشار الرئيس عباس في كلمته إلى أن الجانب الفلسطيني لمس تفهماً ودعماً لموقفه لدى دول العالم التي تدرك عدم جدوى إطلاق المفاوضات، في ظل استمرار الاستيطان، وتدرك عبثية التفاوض حول الحدود في حين يعمل الاحتلال على رسم وفرض الحدود، التي تلبي أهدافه التوسعية، وعبر طرح مخطط الدولة ذات الحدود المؤقتة الذي رفضناه، ونؤكد رفضنا له اليوم.

وقال إن هذه الدول أصبحت تدرك أن أي عملية سلام محكومة عليها بالفشل ما دامت تفتقر لاتفاق حول مرجعياتها وأهدافها وفق ما حدده المجتمع الدولي والشرعية الدولية، وقد ظهر ذلك جلياً فيما طرحه المبعوث الأميركي جورج ميتشل لما سماه بمباحثات التقريب، أو ما يسمى بالمحادثات غير المباشرة والتي تم إطلاعكم على مضمونها من خلال لجنة المتابعة العربية، حيث طرح السيد ميتشل أن المدة الزمنية لحل قضايا الوضع النهائي كافة هي 24 شهراً وأنه سيبدأ بقضية الحدود والتي سيتم انجازها خلال الأشهر الأربعة الأولى .

وطالب عباس الزعماء العرب العمل على مجموعة من المقترحات وهي :

- دعوة المجتمع الدولي وخاصة مجلس الأمن الدولي والاتحاد الأوروبي وكذلك المنظمات الدولية وخاصة اليونسكو إلى عدم الاعتراف بأي إجراءات أحادية تقوم بها إسرائيل في القدس وتحمل مسؤولياتها لوقف هذه الإجراءات في المسجد الأقصى والمواقع الأثرية ومواقع التراث في القدس وبيت لحم والخليل وباقي المناطق الفلسطينية المحتلة وحمايتها من التهديدات الإسرائيلية والتي يزيد عددها عن مئة وخمسين مَعلَماً اثريا يعملون على وضعها وضمها كمواقع أثرية يهودية على حد زعمهم وادعاءاتهم، وإيفاد مراقبين دوليين لمراقبة الانتهاكات الإسرائيلية على الأرض ومنع حدوثها، وتوفير الحماية الدولية لشعبنا .

- أهمية أن تتقدم المجموعة العربية في نيويورك بطلب عقد جلسة خاصة للجمعية العامة للأمم المتحدة لإدانة الإجراءات الإسرائيلية في القدس، وإلزام إسرائيل بالقانون الدولي الإنساني بصفتها قوة احتلال يتوجب عليها عدم المساس بالوضع في القدس .

- حشد الدعم العربي والإسلامي والتنسيق مع منظمة المؤتمر الإسلامي وخاصة لجنة القدس للعمل على وقف إجراءات إسرائيل في القدس ولتعبئة الرأي العام العالمي لوقف الاعتداءات على المقدسات المسيحية والإسلامية وحمايتها، والتأكيد على أن القدس الشرقية أرض محتلة وبأن جميع الإجراءات التي تقوم بها سلطات الاحتلال الإسرائيلي فيها باطلة باعتبارها عاصمة دولة فلسطين .

- تقديم دعمٍ ماليٍ إضافي وبشكل عاجل من خلال صندوقي الأقصى والقدس، وذلك بزيادة الدعم المقرر في قمة بيروت 2002 والموجه للصندوقين المذكورين إلى خمسمائة مليون دولار لدعم صمود الشعب الفلسطيني في القدس وتثبيته على ارض وطنه، ودعوة الصناديق والمؤسسات المالية العربية لتنفيذ مشاريعَ تنموية في القطاعات كافة التي تدعم الوجود العربي في المدينة المقدسة مع أهمية استمرار وتعزيز الدعم لموازنة السلطة الوطنية الفلسطينية التي يخصص 58 بالمئة منها لدعم شعبنا في قطاع غزة الحبيب.

- وضع خطة تحرك عربي لدعم صمود القدس، وتكليف الأمانة العامة لدعوة مجلس الجامعة على مستوى الوزراء خلال ثلاثة شهور لتقييم الموقف على ضوء تطور الأحداث في القدس.

وقال عباس إن إنقاذ حل الدولتين وما يتعرض له من خطر ومستقبلَ الأمن والسلام في المنطقة، يتطلبان التحرك الفوري لإلزام حكومة إسرائيل بإعلان موقف واضح غير قابل للتأويل بقبول حل الدولتين ضمن حدود عام 1967 أقول حل الدولتين لأن اسرائيل حتى الآن لا تؤمن بهذا ولا تعمل بهذا ولا ندري باي اتجاه يريدون أن يأخذوننا.

وقال إنه يتعين إلزام إسرائيل كذلك بوقف أنشطتها الاستيطانية وفق ما نصت عليه خطة خارطة الطريق، وإن تنفيذ هذين الأمرين، يشكلان المدخل الضروري لإمكانية نجاح أية جهود نحو إحياء العملية السياسية بما يفضي إلى إنهاء الاحتلال ورفع الحصار عن شعبنا وخاصة في قطاع غزة وفتح المعابر وتشغيل الممر الآمن لضمان حماية وحدة الأراضي الفلسطينية، والحفاظ على إمكانية قيام دولة فلسطينية مستقلة مترابطة ناجزةِ السيادة.

وقال إننا نجدد ترحيبنا في هذا الإطار بالبيان الأخير الذي أصدرته اللجنة الرباعية في اجتماعها في موسكو، في شهر مارس/آذار الماضي كما رحبنا سابقاً بالبيان الصادر عن الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون الأول 2009 وهو أمر هام، ولكن الأهم الآن لكافة أطراف المجتمع الدولي وخاصة الإدارة الأميركية التحرك بسرعة وبشكل عملي وملموس لإيجاد آليات لإلزام إسرائيل بتنفيذ ما جاء في تلك البيانات، ووضع حد لاستهتار الحكومة الإسرائيلية إزاء مستقبل الأمن والسلام في المنطقة، ليس فقط بإلزامها بالاتفاقات الموقعة وبمرجعية عملية السلام، وحل الدولتين بل وباتخاذ خطوات عملية وملموسة تفرض على إسرائيل وقف الأنشطة الاستيطانية.