الثلاثاء: 14/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

معبر رفح.. العبور مسموح والشروط صعبة

نشر بتاريخ: 17/10/2010 ( آخر تحديث: 18/10/2010 الساعة: 12:25 )
العريش- معا- معبر رفح البري هو المتنفس الوحيد الحالي لابناء الشعب الفلسطيني داخل وخارج قطاع غزة، في ظل تواصل الحصار الاسرائيلي المحكم على القطاع.. فهو الشريان الوحيد دون تدخل اسرائيل والبعيد عن أي سيادة اسرائيلية سوى التزام مصر مع إسرائيل في اتفاق مسبق منذ ثلاث سنوات بطبيعة آلية تشغيل معبر رفح على مستوى عبور الأفراد وإدخال المساعدات الطبية فقط من خلاله، وتم تفعيل هذه الاتفاقية عقب الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة وظلت المساعدات الطبية والوفود السياسية والطبية تتدفق بشروط على قطاع غزة من كافة أنحاء العالم.

وانفتحت غزة على العالم الخارجي من خلال معبر رفح، وبرغم سياسة مصر وتحفظاتها السياسية مع حركة حماس المسيطرة على القطاع منذ ثلاث سنوات والتأييد المصري المطلق لحكومة رام الله، إلا أن مصر تجاوزت ذلك وفتحت قنوات سياسية مع جميع قيادات حماس وبدأت منذ عامين جولات المصالحة الفلسطينية.

وانعكس الانقسام الحاصل على الساحة الفلسطينية على فتح معبر رفح البري مرة كل شهر لعبور الفلسطينيين في الاتجاهين، وفتحه يومين من كل أسبوع في اتجاه واحد لعودة المرضى الفلسطينيين من مصر إلى قطاع غزة، حتى تطور الأمر وأصبح اليومان مخصصان لعودة كافة الفئات الفلسطينية الى القطاع، فمكّن ذلك فلسطينيي الشتات من العودة للقطاع، وكانت كافة قيادات حماس يفتح لها معبر رفح على مصراعيه لدرجة وصلت الى حد خروج القيادي البارز في كتائب القسام احمد الجعبري من قطاع غزة لينضم الى مباحثات القاهرة السرية المتعلقة بملف شاليط.

كما عبرت قيادات لحماس في الخارج معبر رفح لأول مرة منذ أكثر من 30 عاما ودخلت القطاع وهو أمر أشبه بالحلم ان يتمكن قيادي مثل موسى أبو مرزوق بالدخول للقطاع.

وصل شهر العسل بين القاهرة وحماس الى نهايته، بعد رفض حماس التوقيع على الورقة المصرية، وهو الأمر الذى جعل القاهرة تشعر بخيبة امل كبيرة تجاه حماس التي ناورت مصر بدهاء خلال الجولة الأخيرة للمصالحة الفلسطينية، والتي انهتها حماس بفشل جعل مصر تتخذ قرارا بمقاطعة حماس بشكل كبير، باستثناء قناة تركتها مصر مفتوحة مع حماس لعلها تعود للتوقيع على الورقة المصرية، ما دفعها الى اغلاق معبر رفح البري أمام خروج قيادات حماس من القطاع. كما لعب معبر رفح دورا هاما في تقليص عمليات التهريب عبر الانفاق.

ونستعرض في هذا التقرير وضع معبر رفح البري على الصعيدين السياسي والانساني خلال الثلاث سنوات الأخيرة والتي شهدت ثلاثة أحداث هامة وتاريخية، وهي عملية اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط، وسيطرة حماس وحرب غزة مما انعكست هذه الأحداث على معبر رفح البري شريان الحياة الرئيسي لأبناء قطاع غزة.

ففي النصف الاول من شهر يونيو عام 2006 عبر 38805 فلسطيني عبر منفذ رفح في الاتجاهين في ظل انتظام عمل معبر رفح البري بشكل يومي دون عراقيل في وجود المراقبين الأوروبيين.

وفي النصف الثاني من شهر يونيو وقع حادث اسر الجندي الاسرائيلي جلعاد شاليط والمعروفة بعملية "الوهم المتبدد" ففي 25 يونيو 2006 اقتحم ثمانية من النشطاء الفلسطينيين موقع كرم "أبو سالم" العسكري الذي يقع جنوب منفذ رفح البري بحوالي 4و 5كم وعبر نفق حفر تحت الموقع العسكري، تمكن افراد المقاومة من أسر الجندي جلعاد شاليط من داخل المدرعة التي كان يتحصن بها يطلق النار من خلالها على منازل المواطنين شرق مدينة رفح.

وعقب هذه الأحداث بدأ تحول تدريجي في انتظام عمل معبر رفح البري فبدلا من انتظام فتحه وعمله بشكل يومي تقلصت بعدها مرات فتح معبر رفح البري إلى ثلاثة أيام في الأسبوع فقط في وجود المراقبين الأوروبيين بالإضافة إلى منع إسرائيل للمراقبين الأوروبيين وقتها من استلام عملهم بالمعبر الفلسطيني بين الحين والأخر تحت حجج أمنية واهية.

وشهد معبر رفح البري عقب اسر شاليط ومن بداية شهر يوليو عام 2006 وحتى نهاية شهر يونيو عام 2007 اي فترة عام كامل عقب حادث اسر شاليط عبر فيها معبر رفح البري حوالي 75 ألف فلسطيني من قطاع غزة الى مصر وحوالي 67 ألف فلسطيني عبروا من مصر إلى قطاع غزة على مدار هذا العام فتح فيها معبر رفح ثلاثة أيام في الأسبوع فقط.

وفي نهاية هذه الفترة وتحديدا في 14 يونيو عام 2007 وقعت عملية سيطرة حماس على قطاع غزة وفرار اغلب قوات السلطة الفلسطينية من غزة الى مصر ورحيل حرس الرئاسة الفلسطيني من معبر رفح البري وكذلك رحيل المراقبين الأوروبيين لتسقط نهائيا اتفاقية معبر رفح والتي وقعت في الخامس والعشرين من نوفمبر عام 2005 تحت رعاية وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس، وهي اتفاقية تم صياغتها للحفاظ على أمن إسرائيل في المقام الأول وبداية لفرض الحصار الاسرائيلي على قطاع غزة.

وقد شهد العام التالي لسيطرة حماس عبور 5537 فلسطيني فقط عبروا فى الاتجاهين وهو عدد قليل جدا لايقارن بالفترات السابقة ونجم عنه انفجار قطاع غزة فى وجه مصر كما حدث من انهيار للحدود خلال يناير عام 2008 عندما تدفق الآلاف من الفلسطينيين من قطاع غزة إلى الأراضى المصرية بعد تفجير أجزاء كبيرة من الحواجز الحديدية، وقد شكل مشهدا فريدا لم يحدث من قبل وبقدر ما أسهم جزئيا فى تخفيف حدة الحصار الإسرائيلي بقدر ما شكل مشكلة كبرى أمنية وسياسية بالنسبة لمصر بوجه خاص.

أما العام الثالث بداية من الاول من شهر يوليو عام 2008 وحتى نهاية شهر يونيو عام 2009 قد شهد هذا العام حرب غزة وضغوط مصر على إسرائيل لفتح معبر رفح البري بشكل إنساني على فترات متقطعة حتى لا ينفجر قطاع غزة خاصة في وجه مصر وقد بلغ اجمالي العابرين الفلسطينيين من قطاع غزة الى مصر خلال هذا العام حوالي 17900 الف فلسطيني بينهم جرحى من ضحايا مجازر اسرائيل في عدوانها على غزة كما عاد الى قطاع غزة في نفس هذا العام حوالي 14 الف فلسطيني.

ومع قرار الرئيس مبارك فتح المعبر بشكل دائم خفت معاناة الفلسطيين كثيرا الا ان تحديد الفئات المحددة للسفر يثير غضب شريحة واسعة من الفلسطيين الذين يطالبون مصر دوما بفتح المعبر دون شروط وامام الجميع.