الخميس: 28/03/2024 بتوقيت القدس الشريف

هجوم اسرائيلي واسع على تصريحات بلير

نشر بتاريخ: 11/07/2005 ( آخر تحديث: 11/07/2005 الساعة: 13:03 )
معا- عندما تحدث رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير امس موجها كلامه الى المسلمين الموجودين في بريطانيا او اولئك المسلمين البريطانيين قائلا لهم ( ان سبب التفجيرات التي حدثت قبل ايام عدة في العاصمة البريطانية ليس انتم بل ان الصراع الاسرائيلي الفلسطيني هو السبب) عندما قال بلير ذلك قامت قيامة الدبلوماسية الاسرائيلية ولم تقعد فهذا دبلوماسي يصفه ( بالمنافق) واخر يصفه (بالانتهازي) وثالث يحاول ان يأخذ كل اوروبا بجريرة تصريحات طوني بلير فيقول يبدو ان الاوروبيين لا يدركون المعنى الحقيقي او التهديد الحقيقي لخطر "الاسلام المتطرف".

لقد ادرك طوني بلير او ربما هو يعلم ذلك منذ البداية ان ما حدث في لندن وقبل ذلك في اسبانيا وقبل ذلك 11 سبتمبر وان كل هذا العداء الموجود في صدور العرب والمسلمين لا لانهم يعشقون كره الغربيين ولا لانهم يؤيدون الارهاب فلقد اعرب الجميع عن اشمئزازه لما حدث لكن عندما تحدث بلير, لم يتحدث هكذا, لانه يريد ان يطلق التصريحات, لكنه تحدث بلغة العارف بخفايا الاشياء, تحدث لانه يفهم ابجدية الصراع ولان التقارير التي توضع على مكتبه تخبره بالحقيقة, ولهذا لم يحاول ان يخدع لا نفسه ولا الاخرين...

تجلى في حديث بلير دهاء السياسة البريطانية التي تمتد الى مئات السنين فالرجل كان متزنا عاقلا, لم يحاول استعداء أحد أو اتهام أحد بعينه, واذا ما حاولنا أن نقارن بين تصريحات بلير بعد التفجيرات الاخيرة في لندن, وتلك التي صدرت عن الرئيس الاميريكي جورج بوش بعد أحداث 11 سبتمبر المأساوية فاننا نجد الفرق الشاسع بين العقليتين وندرك مدى السلوك البريطاني والانضباطية عالية المستوى التي تدلل على الدهاء الانجليزي التقليدي, عندما نتذكر ذلك وكيف كان بوش يوجه الاتهامات يساراً ويميناً, ويصنف العالم ويهدد, وان من ليس معه فهو ضده, نتذكر كيف كانت تفوح رائحة الكاوبوي وعنجهية القوة من كل حرف من حروف كلماته.
لقد كانت ردود الفعل الاسرائيلية على تصريحات السيد بلير غير مبررة وغير مفيدة وتفتقر الى الدبلوماسية, ونحن هنا لسنا بصدد الدفاع عن بريطانيا, ولكن هي محاولة للقول أن بلير عندما تكلم فانه حاول تشخيص حالة ربما في لحظة من التجلي والصدق مع النفس
أو ذهول الصدمة.
الاسرائيليون يدركون ان ماقاله بلير لا يبتعد كثيراً عن الحقيقة. الا أنهم وكما درجت عليها عادة الساسة الاسرائيليون يحاولون دفن رؤوسهم في الرمال.
ولن يكون مستغرباً في حالة الغضب الاسرائيلي العارم على تصريحات بلير ان يصفوه او يدمغوه بدمغتهم التي اصبحت معروفة "معاداة السامية".
حديث السيد توني بلير الواضح والصريح, لم يتوقف عند حدود وضع اليد على جرح الارهاب النازف, بل هو ادراك لواقع كان لا بد من ادراكه منذ فترة طويلة, بل هو ادراك أيضاً أن وضع اليد او الاشارة الى سبب الداء قد لا يكون كافياً, فلقد تبع ذلك تسريب وثيقة تشير الى نيّة بريطانيا سحب أكثر من نصف قواتها من العراق.
هذا الموقف لم يتوقف على بريطانيا بل تبعه مواقف مشابهة في روما وطوكيو.
السؤال المطروح الآن هو, هل بدأ القادة الاوروبيون وعلى رأسهم توني بلير بالادراك الفعلي لأسباب العداء العربي والاسلامي لسياسات بلادهم, وهل ستكون السياسة والدبلوماسية الانجليزية درساً مفيداً لقادة الغرب وخاصة أميريكا, وهل سيسهم القادة العرب والمسلمين في تشجيع هكذا توجهات؟ ام سيظل هؤلاء يغطون في سباتهم العميق, الأيام والشهور القادمة لديها الكثير في جعبتها للاجابة على ذلك....