الثلاثاء: 07/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

"عرس الدم" عرض مسرحي على مسرح القصبه ..مليىء بالغناء الايماء والايحاء

نشر بتاريخ: 18/08/2006 ( آخر تحديث: 18/08/2006 الساعة: 17:11 )
رام الله-معا -صفاء العدوي - لوحه مزجت بين صوت الموسيقى والحركه كان لابد ان يبدأ بها المخرج مسرحيته لتشمل الجمهور وتحتويه ضمن اطارها فقد بدأ بوضع حدود الصراع على خشبة المسرح ، خط من التراب تنازع القمر والموت على خطه فتعلوا اصوات الشخصيات باداء اغنية "نام يا ابني نام نام حصان الغجر" فللوهلة الاولى تختفي معالم الشخصيات على الخشبه لتبقى عيونهم وحدها هي التي تؤدي لتبعث رساله يبدأ فيها تسلسل الاحداث .

هذه المره خلافا لمرات سابقه يذهب الحضور لتلبية دعوة عرس من خلال الملصقات والمذياع لنشهد صراعا تتجسد احداثه على خشبة تفصل ملمس اقدام شخصياته عن الارض خشبة لولاها لم تصدر اصوات حركتهم فالصوت هنا يفوق وضع اي مؤثر اضيف من قبل فنيي التكنولوجيا الحديثه ، خشبة واسعه تدب فيها حركة من تواجد عليها ليعرض لنا كل ما درب عليه خلال فترة مضت .

الطابع الانساني هو الذي اجتذب كل من قصد هذا العرس فما يحدث هناك قد يحدث يوما هنا ، لكن الجمهور في هذه البقعه ترسخ في ذهنه مسبقا ان مسرح القصبه كما اعتاد دائما ان يعرض واقع شعبه على خشبته لكن هذه المره نجح كمرات سبقت ان يعرض واقعا اجتماعيا بفتحه صفحة المسرح العالمي ليقدم للجمهور الفلسطيني بعضا من آدابه وفنونه باختياره مسرحية "عرس الدم " للشاعر الاسباني العظيم فيدريكو غرسيا لوركا التي هي جزء من ثلاثية كتبها لوركا في فترات متفاوته ومختلفه من حياته (عرس الدم ، ييرما ، بيت برناردا البا ) لتمثل في مجموعها ازمة حقيقيه عاشها الشعب الاسباني في فترة حياة الكاتب .

في أي مكان تلبس العروس حلتها البيضاء في يوم زفافها لكن الفوارق في العادات والتقاليد والظروف والاساليب تختلف فهذه نقطة مفصليه في موضوع عرض القصه فالاحساس الصادق الذي نتج عن فريق عمل يعيش هو الآخر في مجتمع لا يخلو من الصراع فمن يشك بان أفراحنا لاتمتزج بأتراح مليئه مكسوه بالحقد والكراهيه التي تنمو وتكبر في احشاء عروس لم تلبث ان تصبح امرأه فتتعسر ولادتها حتى تلد الانتقام ، فعرسنا ككل عرس على هذه الارض يقف فيه اهل العريس في جهه وفي الجهة الاخرى يقف اهل العروس .

العنف اللامنتهي والشر الذي يتركز في أي مكان في هذا الكون القمر والموت يراقبون هؤلاء الناس ويتتبعوهم اينما تواجدوا ذنبهم كان انهم بحثوا عن الفرح الاستقرار والامل .

بعد ان لازمهم الموت في فترات سبقت حين لعب دور الانتقام ، فاليوم تلعب الفنانه ريم تلحمي بأداء ملفت دور الام التي حملت لسنوات طويله حتى ولدت في النهايه الموت خلال حفل زفاف ولدها حين تدفق فيه دم الثأر لزوجها وابنها ومن جديد ثأره لعزة نفسه التي تتلخص بلحظات قليله شعر فيها ان له زوجه وما لبثت ان اختفت مع حبيب سابق لتكتمل مأساة هذا الشاب في عزمه على الانتقام لحادثة قديمه جديدة ويكسر العاطفه في قلب ام طالما حاولت ان لا تكرر مأساة زوجها وابنها اللذين قتلا على يد عائلة حبيب العروس السابق .

عرس ساد فيه جو الفرح بمنظره لكن فحواه ابت ان تختبىء فحب ليوناردو اللامتناهي للعروس التي كادت ان تكون عروسه في يوم ما ابى ان يختبىء ليظهر مجددا يوم زفافها الفنانه حنان الحلو عروسنا ذات النظرة الحائره تتخبط بين العريس الطفل ام حبها السابق فهي نفسها لم تبرر لذاتها ولواقعها من تريد حتى وجدت نفسها على ظهر حصان تتمسك بحبها السابق هاربة من واقع جديد لم يفرضه عليها احد .

أدوات الانتقام لم تتجاوز حدود غير المعقول.. سكين بحجم كفة اليد ،وحصان صرخت الام تبحث عنه ليمتطيه وحيدها حتى يلتقي الموت ويسأله عن غريمه وعروسه فيساعده الموت للوصول الى بغيته .

لتلعب السكين الصغيره دورها في المسرحيه في دفق الدماء وسط غابة من الغموض على مرأى ومسمع كل من شارك في العرس لتحول الفرح الى شلال دم يتدفق بقوه على فستان ابيض لو لا ان المشاهد تعرض بطريقة مسرحيه لتدفق على الجمهور .

ينتهي العرس ببقعة هي مزيج بين دم العريس وغريمه لتطغى الموسيقى التي لم تخل من اللمسات المغربيه الاصيله، بزق عود وكمان وصوت جبيلي عذب ،اداه الفنان جميل السايح ليتدخل هنا صوت اخر انبعث من حنجرة الفنانه ريم تلحمي ليقع نظري في النهايه على شخص يجلس في المقعد الامامي من المسرح سمرته عبرت عن اصوله المغربيه العريقه واضعا يده على فمه صفق ثم اختفى المخرج نجيب غلال بعد ان لعب دور المشاهد دون ان يتدخل .