السبت: 14/06/2025 بتوقيت القدس الشريف

لقاء حواري بغرفة تجارة وصناعة نابلس حول السياسة الاقتصادية الفلسطينية

نشر بتاريخ: 06/03/2011 ( آخر تحديث: 06/03/2011 الساعة: 15:43 )
نابلس- معا- عقدت غرفة تجارة صناعة نابلس بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وتجمع النقابات المهنية بنابلس يوم الجمعة الماضي لقاء حواريا بعنوان "السياسة الاقتصادية الفلسطينية والواقع والتحديات المستقبلية"، بحضور حشد من المسؤولين والاقتصاديين والأكاديميين وممثلي القطاع الخاص والعام وتجمع المؤسسات والنقابات.

واستضاف اللقاء كلا من د. نصر عبد الكريم استاذ الاقتصاد في جامعة بيرزيت، ود. باسم مكحول أستاذ الاقتصاد في جامعة النجاح الوطنية.

واستهل اللقاء بكلمة عمر هاشم نائب رئيس الغرفة الذي رحب بالجميع، قائلا ان غرفة تجارة وصناعة نابلس اعتادت على تنظيم هذه اللقاءات الهامة، من منطلق قيامها بدورها في تمثيل القطاع الخاص ورعاية مصالحة، ولتوفير فرص الحوار بين ممثلي المجتمع المحلي والمسؤولين الفلسطينين لبحث كافة جوانب الشأن الاقتصادي والحياتي في محافظة نابلس.

وأضاف ان اللقاء يعقد بالتعاون مع مؤسسات المجتمع المدني وتجمع النقابات المهنية في نابلس لمناقشة وبحث سلسلة من المواضيع ذات التماس المباشر بحياة المجتمع بشكل عام وهي السياسة الاقتصادية للحكومة بكافة جوانبها المتعلقة بالموازنة والجباية والإنفاق، وموضوع الضرائب وعلى رأسها ضريبتا الأملاك والقيمة المضافة، وقضية الودائع البنكية إضافة الى طرح موضوعي الاستثمار ونظرة العالم الى فلسطين.

وقدم سامر عنبتاوي ممثل تجمع مؤسسات المجتمع المدني بنابلس شكره للغرفة التجارية على استضافة اللقاء، قائلا إن أهمية اللقاء تنبع من ضرورة تأكيد سياسة الحوار بين كافة أفراد المجتمع للوصول الى رؤى مشتركة، ولذلك جاء ترتيبه من خلال دعوة كافة ممثلي الأطراف ذات العلاقة والاستئناس بتوجهات أكاديمية اقتصادية من اجل إيجاد صيغة متفق عليها حول المواضيع التي تمس حياة كل مواطن.

وأكد أننا نعيش أوضاعا استثنائية على صعيد الاقتصاد من أبرزها عدم التحكم بالمعابر وانخفاض القدرة الشرائية وتبعية الاقتصاد الوطني للاقتصاد الإسرائيلي، موجها عدة أسئلة واستفسارات أرست قواعد للحديث والحوار في اللقاء تركزت حول سياسات الحكومة الفلسطينية على الصعيد الاقتصادي.

بدوره، قال د. نصر عبد الكريم، إن السياسات الاقتصادية الفلسطينية تخضع لعاملين وهما عامل موضوعي ويتعلق بارتباط اقتصادنا بالاقتصاد الإسرائيلي والسيطرة عليه، وعامل ذاتي يتعلق بتكوين السلطة وتدخلاتها واعتمادها لمنهج اقتصاد السوق الحر، مطالبا السلطة بمراجعة هذا المنهج الذي تم تبنيه، مؤكدا انه مع مبدأ اقتصاد السوق الاجتماعي الذي وصفه بـ "الرحيم والمتوازن "، ويستطيع ان يتعاطى مع المهمشين في فلسطين.

وأكد ان السلطة تملك مفاتيح السياسة المالية لها مؤكدا ان ميزانية عام 2000 للسلطة حققت فائضا بمبلغ 32 مليون دولار، ومنذ ذلك الحين تضاعفت النفقات أربعة مرات، أما الإيرادات فتضاعفت مرة ونصف مما شكل عجزا لا يمكن إيجاد الحلول له إلا بتخفيض النفقات وليس بزيادة الضرائب، مضيفا ان هناك إشكالية في السياسة الضريبية للحكومة، مبينا تشكيلها لعبئ على المواطن ومحذرا من الاقتراض من البنوك وإصدار السندات.

واختتم عبد الكريم مداخلته بالتشديد على ان سياسة الحكومة الفلسطينية على الصعيد الاقتصادي هي سياسة غير تنموية وعير متوازنة، مطالبا بإسقاط منهج اقتصاد السوق الحر الذي لا يلائم الوضع الفلسطيني منوها الى ان لا حل اقتصادي قبل السياسي.

واستعرض د. باسم مكحول في مداخلته ثلاثة قضايا وهي الوضع الاقتصاد الحالي وموضوع الاستثمار والقانون المتعلق فيه، ونظرة العالم إلينا، منوها الى ان الوضع الاقتصادي في السنوات الثلاثة الأخيرة شهد نموا بنسبة 8% وهي نسبة نمو تأتي بعد الصين في العالم مستفسرا من أين جاء النمو ؟، مبينا ان البطالة ثابتة موضحا انه نمو مشوه وغير مستدام ولا يخلق فرص عمل في السوق الفلسطينية.

وعلى صعيد الاستثمار بيّن مكحول ان الاستثمارات في فلسطين تركزت في المباني، حيث شكلت ثلثي حجم الاستثمار في فلسطين في السنوات الأخيرة، مؤكدا ان ذلك يشكل نموا استهلاكيا ولا توجد له انعكاسات على سوق العمل بعكس القدرة على الإنتاج التي تحدث الفرق وتحرك الاقتصاد المحلي، كما تطرق الى القروض البنكية التي تركزت حول شراء السيارات لسلعة استهلاكية منوها الى ضرورة عدم تخفيض الجمارك عليها، وعليه فالاستثمارات غير منتجة والتسهيلات هي قروض استهلاكية.

أما على صعيد قانون الاستثمار فقال إننا وضعنا قانونا لا يخدم المشاريع الصغيرة والمتوسطة التي تشكل 95% من منشآت القطاع الخاص في فلسطين حيث ان القانون يحابي الشركات الكبيرة على حساب الصغيرة بدليل ان 83% من الشركات الجديدة لم تستفد من إعفاءات القانون المذكور.

وأوضح ان لدينا ما نعول عليه وهو قطاع تكنولوجيا المعلومات من خلال تجسيد اقتصاد المعرفة واقعا للمستقبل الفلسطيني والاستثمار فيه إلا ان ذلك رؤية صعبة المنال.

واختتم مكحول بالقول ان ترتيبنا على العالم ضريبيا هو في المرتبة 28 ونسبق أمريكا التي تحتل المرتبة 68 من أصل 183 أما من ناحية ترتيبنا استثماريا فقد جاءت فلسطين في المرتبة 135 من أصل 183 دولة منوها الى هناك هامشا كبيرا للتحسين في الساسة الاقتصادية.

وبعد ذلك، تم فتح باب النقاش والمداخلات للمشاركين والمدعوين في اللقاء الذين قدموا الشكر للقائمين على اللقاء، حيث اجمعوا على صعوبة الوضع الاقتصادي بشكل عام في ظل غياب السيادة والتحكم بمقومات الاقتصاد الفلسطيني وفي ظل عدم وجود آفاق لذلك.

وأشاروا الى ان الاقتصاد الفلسطيني محتل ومنتهك ومشوه مطالبين بترشيد الإنفاق الحكومي، منوهين الى دور الإنسان الفلسطيني الذي يمتلك العقل في إحداث الفرق حيث انه البترول الفلسطيني.

وأكدوا على ضرورة مراجعة دور السلطة الفلسطينية من ناحية السياسة الاقتصادية في ظل غياب الرقابة منذ عام 2006 ، كما نوهوا الى دور القطاع الخاص كمشغل رئيسي ومحرك لعجلة الاقتصاد بالإضافة الى دور مؤسسات المجتمع المدني كجهة لها وجودها وكلمتها كممثلة لشرائح واسعة من الشعب، وأضافوا ان التضخم الوظيفي في القطاع العام أصبح عبئا ثقيلا على ميزانية الحكومة، مطالبين بوضع حلول آنية وسريعة متفق عليها.

واختتم اللقاء باعتماد سلسلة من التوصيات منها تقديم الحوافز الحكومية لتشمل المشاريع الصغيرة والحرف والصناعات المختلفة ومراجعة قانون تشجيع الاستثمار، وبناء اقتصاد تنموي حقيقي يدعم الصناعات والحرف، وإعادة النظر بالسياسة الضريبية، وإعادة النظر بموضوع النفقات الحكومية، وإعطاء أولوية للمنتج المحلي من خلال مراجعة قوانين الاستيراد، والنظر في الحد الأدنى للأجور، ودعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، والعمل على تحقيق العدالة الاجتماعية من خلال تطوير اقتصاد واقعي يدعم تحقيق اقتصاد وطني للعمل على إيجاد نظام فاعل للحماية الاجتماعية، والعمل على دعم المواد الأساسية بما يشمل الوقود والغاز المنزلي.

واتفق في نهاية اللقاء على ضرورة ان تتبعه لقاءات أخرى لاستكمال الرؤى والتوجهات حيال كافة المواضيع التي تم طرحها.