الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

محامون وأعضاء في التشريعي: قرار الرئيس بإنشاء محكمة الجنايات الكبرى انتهاك صارخ للقانون الأساسي

نشر بتاريخ: 05/09/2006 ( آخر تحديث: 05/09/2006 الساعة: 18:17 )
جنين -معا- اعتبر عدد من المحامين وأعضاء المجلس التشريعي الفلسطيني أن قانون محكمة الجنايات الكبرى الذي أصدره الرئيس محمود عباس بقرار رئاسي يشكل انتهاكاً صارخاً للقانون الأساسي ويحتوي على مخالفات واضحة.

جاء ذلك في جلسة نقاش نظمتها مؤسسة "الحق" التي تعنى بحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية المحتلة، و"ائتلاف مؤسسات المجتمع المدني لقضاء فاعل ونزيه ومستقل" في مقر الغرفة التجارية في رام الله بمشاركة عدد من المحامين والقضاة وأعضاء المجلس التشريعي وممثلين لمؤسسات المجتمع المدني.

وأوضح المحامي ناصر الريّس، المستشار القانوني للحق، أن عقد هذه الجلسة جاء نتيجة لإدراك خطورة هذا القانون الذي يشكل انتهاكاً للقانون الأساسي الذي لا يجيز لرئيس السلطة التنفيذية إصدار أي قرار بقانون إلا في حالتين هما تعطّل المجلس التشريعي أو الضرورة التي لا تحتمل التأخير، وهي شروط غائبة.

وأضاف الريّس بأنّ هذا القرار تعدٍ على سلطة المجلس التشريعي، الذي يجب أن يعرض عليه قرار القانون في أول جلسة له، هذا على فرض أن الشروط القانونية لإصدار مثل هذا القانون متوفرة، وهو ما لم يتم حتى الآن.

وقال الريّس: "لعل أخطر ما تضمنه القرار إنكاره لضمانات المحاكمة العادلة جرّاء حصره لدرجات التقاضي بدرجة واحدة، مما يلغي حق المتهم في الاستئناف كحق مكفول في القانون وهذا انتهاك لأحد أهم ضمانات المحاكمة العادلة المقرّة بمقتضى المواثيق الدولية لحقوق الإنسان، وتحديداً تلك الضمانات التي نصت عليها المادة 14 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية."

وعبّر مستشار "الحق" القانوني عن أمله في أن يشكل هذا النقاش بداية لخطوات عملية على صعيد المجلس التشريعي بهدف إلغاء هذا القانون وإسقاطه، إضافة إلى توعية الجمهور بحقيقة القانون من خلال بث وقائع هذه الجلسة تلفزيونياً عبر عدد من محطات التلفزيون المحلية في الضفة الغربية.

من جانبه انتقد عزمي الشعيبي، مدير عام ائتلاف "أمان"، تقصير المجلس التشريعي في تحمّل مسؤولياته الدستورية في مواجهة مثل هذه القوانين، قائلاً :"أن المجلس التشريعي لا يعرف كيف يوقف القرارات الصادرة عن الرئيس".

ووجه الشعيبي انتقاد للمستشارين القانونيين للرئيس، مطالباً إياهم بالتحلي بالمهنية والمسؤولية العالية.

من جهتها تطرقت النائب خالدة جرار إلى العديد من النقاط، معتبرة سلسلة القرارات بقوانين التي صدرت عن الرئيس هي تعبير عن فوضى تشريعية وتعدٍِ على سلطات المجلس التشريعي، مشيرة إلى أن المادة 43 من القانون الأساسي تقيّد الرئيس في هذا المجال من خلال تحديد الحالات التي يجوز له فيها إصدار قرارات بقوانين.

وعبّرت جرّار عن بالغ قلقها من أن يتم التعامل مع هذه القضايا من قبل أعضاء التشريعي في إطار الاستقطاب السياسي الحاصل، دون الالتفات إلى خطورتها. بمعنى أن يتعامل أعضاء كتلة "فتح" معها على اعتبار أنها صادرة عن الرئيس عباس ولا بد من تمريرها. كذلك عبرت جرّار عن خشيتها أن يشكل هذا القانون بداية لتأسيس محكمة أمن دولة وإن اختلف التسمية.

أما عضو المجلس التشريعي قيس عبد الكريم (أبو ليلى) فقد استغرب إصدار مثل هذا القرار بقانون وكأن تشكيل مثل هذه المحكمة حاجة عاجلة لا يمكن الانتظار حتى طرحها على المجلس التشريعي.

المحامي مجدي الحردان من مؤسسة "مساواة" انتقد أيضاً المستشارين القانونيين للرئيس واستغرب تمريرهم لمثل هذه القرارات رغم علمهم اليقين بأنها قرارات غير قانونية، وأنه لا يجوز تشكيل محكمة بقرار في قانون، بل بقانون يسنّ من قبل المجلس التشريعي.

من جهته أكد القاضي أحمد المبيّض على ضرورة تشكيل محكمة جنايات كبرى معتبراً ذلك أمراً ملحاً لمواجهة حالة الفوضى والانفلات الأمني.

أما مدير الدائرة القانونية في المجلس التشريعي، المحامي جمال الخطيب، فقد أشار إلى وجود خلل قانوني في صياغة ووضع هذا القرار.

وأشار وزير العدل السابق، فريد الجلاد، إلى وجود مشروع قانون خاص بمحكمة الجنايات الكبرى لدى المجلس التشريعي، مطالباً بالإطلاع عليه ودراسته بغية الخروج بقانون متطوّر ومنسجم مع القانون الأساسي والمعايير الخاصة بضمانات المحاكمة العادلة.

يذكر أن الرئيس، محمود عباس، أصدر ثمانية قرارات تشريعية خلال النصف الأول من العام الحالي، ما أثار التساؤلات بين عدد من المحامين ومؤسسات حقوق الإنسان حول الجهة الفعلية المكلفة بمهمة التشريع في مناطق السلطة الوطنية.

ويرى البعض أن إصدار الرئيس لهذه القرارات التشريعية قد جعل من الرئاسة جهة تشريعية أصيلة وليست جهة مفوضة استثنائياً بممارسة هذه الصلاحية.