الإثنين: 06/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

في انتصار للإرادة الإنسانية: الجامعة الاسلامية تمنح درجة الماجستير في العلوم الحياتية لأحد مرضى الثلاسيميا

نشر بتاريخ: 12/09/2006 ( آخر تحديث: 12/09/2006 الساعة: 21:22 )
غزة-معا- ما كان بإمكان الطالب زايد محمد حرارة أن يمنع دموعه من الانسياب على وجهه النحيل أمام الحضور عندما أعلن أعضاء لجنة مناقشة رسالة الماجستير - للطالب المذكور - عن حصوله على درجة الماجستير في تخصص العلوم الحياتية, وموضوع رسالته يختص بمرض لطالما امتص من دمائه, وأذاب من جسده, ولكنها لم تكن دموع ضعف أو انكسار, بل دموع فرح وانتصار لنفسه ولأكثر من (750) فرد ممن يعانون من مرض التلاسيميا.

لقد كانت علاقة الطالب حرارة بمرضه العضال علاقة تحد على الدوام, فلم يضعف يوماً لعجز الأطباء عن إيجاد علاج شافي له ولأمثاله, بل سعى للمشاركة في إيجاد العلاج من خلال رفع روحه المعنوية, والاهتمام بمسيرته العلمية, وتتمثل الأخيرة في تقديمه بحث تخرجه لنيل درجة البكالوريوس ومن ثم حرصه على أن يكون موضوع رسالته لنيل درجة الماجستير في أحد جوانب مرضه.

رحلة البحث:

ولد الطالب زايد محمد حرارة في مدينة غزة عام 1971م, ومن ثم انتقل للعيش بالمملكة الاردنية, ليعود مع أسرته الى أرض الوطن مطلع التسعينيات, وحصل على درجة البكالوريوس في تخصص الأحياء من كلية العلوم في الجامعة الاسلامية عام 1996م, وهو متزوج, ولديه أربعة من الأبناء الذين يعانون من ذات المرض.

ويؤكد الطالب حرارة أن مشوار إعداد رسالته لم يكن هيناً, خاصة وأنه يعاني من مرضه منذ ميلاده, واعتبر نجاحه في إتمام رسالة الماجستير في مرض التلاسيميا نقلة نوعية لمرضى التلاسيميا في فلسطين والوطن العربي, موضحاً أنها تأتي لتؤكد أنهم قادرون على تطوير ذواتهم, وعلى الاندماج في المجتمع.

ويرى في بحثه انتصاراً مبكراً على مرضه الذي يؤكد الأطباء أنه يؤدي إلى الوفاة المبكرة, داعياً نظراءه من مرضى التلاسيميا للخروج مما أسماه بدوامة المرض إلى المجتمع, والمساهمة في اكتشاف مرضهم.

وقال الطالب حرارة وعلامات الزهو والفخار ترتسم على قسمات وجهه: "كل الشكر والعرفان للجامعة الاسلامية التي تبنت الفكرة وقدمت كافة أشكال الدعم في سبيل انجاح التجربة الأولى من نوعها في فلسطين".

رعاية الطاقات والمبادرات الإيجابية:

وعقب الأستاذ الدكتور فضل الشريف عضو هيئة التدريس بكلية العلوم في الجامعة الاسلامية, والمشرف على الرسالة على حصول الطالب حرارة على درجة الماجستير قائلاً:" إن احتضان الجامعة لرسالة الطالب حرارة يأتي ضمن سياستها القائمة على رعاية الطاقات والمبادرات الايجابية التي تسعى الى البناء والتعمير, والتخفيف عن أصحاب المعاناة".

وأكد على أن الجامعة اعتبرت رسالة الطالب حرارة تحدياً كبيراً لها, حيث أن مثل هذه الرسالة ضربت مثالاً ناجحاً على العزيمة الجادة والحرص على النجاح, مما كان كفيلاً بتذليل الصعاب التي اعترضت سبيله.

وعبر الشريف عن شرف الجامعة الكبير لرعايتها هذا النوع من البحوث التي تجمع بين الرسالة العلمية والبحثية الجادة والرسالة الإنسانية النبيلة, واللتين من شأنهما المساهمة في علاج مرض التلاسيميا العضال.

وكانت عمادة الدراسات العليا في الجامعة الإسلامية منحت الطالب زايد محمد حرارة درجة الماجستير في تخصص العلوم الحياتية بكلية العلوم بعد مناقشة رسالته المعنونة: "مدى الإصابة بمرض زيادة الحديد الوراثي لدى مرضى التلاسيميا الوسطى وحاملي صفة الثلاسيميا في قطاع غزة".

وتعتبر هذه الرسالة من أهم الرسائل العلمية التي تبحث في مرض التلاسيميا من جانب, والأولى التي قام بإعدادها أحد مرضى التلاسيميا من جانب آخر.

ودعت الدراسة إلى تطبيق فحص مرض زيادة الحديد الوراثي لدى جميع مرضى الثلاسيميا وخاصة المرضى المقبلين على عمليات زراعة نخاع العظام لما له من أهمية في نجاح العملية, وأكدت على ضرورة فحص جميع مرضى الثلاسيميا حديثي الولادة لمعرفة طبيعة زيادة الحديد لديهم, حتى تسهيل عملية إعطاء العلاج المناسب لهم.

جدير بالذكر أن مرض الثلاسيميا أو ما يعرف بـ"أنيميا البحر الأبيض المتوسط" هو مرض وراثي ينتقل للأبناء نتيجة زواج شخصين حاملين للصفات الوراثية, وهو عبارة عن خلل في تصنيع مادة "الهيموجلوبين" الحاملة لـ"الأكسجين" في جسم الإنسان, مما يؤدي أيضاً إلى تكسر في كرات الدم الحمراء.