الخميس: 16/05/2024 بتوقيت القدس الشريف

كاتب بريطاني: على الأسد أن يذهب

نشر بتاريخ: 10/05/2011 ( آخر تحديث: 11/05/2011 الساعة: 09:34 )
بيت لحم-معا- انتقد الكاتب سيمون تيسدال التبريرات التي تُقدم لتفسير سبب استمرار بريطانيا وغيرها من الدول الغربية والعربية في اعتبار الرئيس بشار الأسد رئيسا شرعيا لسوريا.

وقال تيسدال في مقال نشره بصحيفة غارديان إن هذه التبريرات مجرد كلام أجوف، يبدأ من الإفلاس الأخلاقي إلى المصالح الذاتية المكشوفة، وفاقت في سوئها بكثير ضحايا الأسد الذين وصلوا إلى ثمانمائة قتيل، بالإضافة إلى عشرات آلاف المعتقلين الذين عذبوا وأرهبوا. ومن الواضح أن هذا التقليد الأعمى لسياسة صدام حسين لم يعد قابلا للاستمرار، كما يحذر محللون متخصصون في المنطقة.

وقال تيسدال إن النظام السوري يبالغ في القمع، متبعا قول العقيد الليبي معمر القذافي في مطاردة خصومه "زنقة زنقة، بيت بيت، غرفة غرفة"، فيرسل قوات مدعومة بالدبابات على البلدات المستهدفة ليلا، تحطم الأبواب وتعتقل أي شخص يشتبه في معاداته للنظام، وتقتل من يقاوم الاعتقال، أما المعتقلون فيختفون ببساطة. "

وقال تيسدال إن هذه التكتيكات المرعبة، المدعومة بتدريب إيراني، قد طبقت في مدينة حمص -ثالثة المدن السورية- في عطلة نهاية الأسبوع، حيث توغل الجيش في ثلاث مناطق سكنية. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن "مناطق كانت تحت الحصار الشامل، وهناك تعتيم كامل على أعداد القتلى والجرحى. وجرى قطع الاتصالات السلكية واللاسلكية والكهرباء. كما حدث الشيء نفسه في بلدة طفس الجنوبية، حيث لجأ محتجون من درعا، مهد انتفاضة مارس/آذار.

وأوضح الكاتب أن كثيرا من المدن السورية حوصرت واحدة تلو الأخرى، وتعرضت لاعتداءات فاضحة وانتهاكات لحقوق الإنسان. وبعد قرابة شهرين من أعمال العنف المتصاعدة، فإن وعود الأسد غرقت في بحر من الدموع وهو لن يتراجع حتى يتم قمع المتظاهرين بشكل شامل. ومن الواضح أيضا أنه فقد كليا الشرعية السياسية التي يدعيها الآن.

وباستثناء الحكومات الغربية والدول المجاورة التي حتى الآن ترفض أن ترى الأمر بهذه الطريقة. فقد شددت الإدارة الأميركية عقوباتها لكنها ترفض دعوة الأسد إلى الاستقالة، على عكس ما فعلته مع حسني مبارك (الذي كان رده على الانتفاضة في مصر غاية في التحفظ) أو مع القذافي في ليبيا. كما أن جامعة الدول العربية والدول المجاورة مثل تركيا تدخلت بشكل لطيف ونظرت بطريقة مختلفة، فخلافا لليبيا تُعد سوريا قريبة جدا من الحكام العرب غير المنتخبين الذين يخشون من أن يكون سقوط الأسد نذيرا بسقوطهم.

وانتقد الكاتب وزير الخارجية البريطاني وليام هيغ الذي لخص وجهة النظر السائدة في مقابلة مع بي بي سي مؤخرا، عندما قال "يمكنك أن تتخيله كمصلح، فإحدى الصعوبات في سوريا هي أن سلطة الرئيس الأسد تعتمد على مجموعة واسعة من الناس، في عائلته وغيرها من أعضاء حكومته، وأنا لست متأكدا من مدى حريته وهو يسعى لتنفيذ جدول إصلاحاته". فقال إن هذا التقدير السخي لبشار الأسد، مهندس "ربيع دمشق" قبل عشر سنوات بإصلاحات اقتصادية محدودة، أُحبطت بقسوة من قبل "الحرس القديم"، هو اليوم يواجه المتظاهرين بعناد رغم ارتفاع أكوام الجثث.

كما انتقد الكاتب أيضا تحليلات تبدو وكأنها أعذار للتقاعس عن الخمول الدولي، مستشهدا بقول أندرو تابلر من معهد سياسة الشرق الأدنى لصحيفة واشنطن بوست "لقد سمعنا أن الحرس القديم كان يشده إلى الوراء، لكننا لم نعرف من هؤلاء الحرس" مشيرا بإصبع الاتهام مباشرة إلى الأسد. كما أن كاتب العمود بالصحيفة ذاتها، جاكسون ديل، له الرأي ذاته، حيث قال "كثيرا ما يقال إن كارثة العنف والفوضى والتطرف ستحاصر سوريا إذا سقط الأسد".

ولكن أين هو دليل ذلك؟ فحتى الآن، لم يكن هناك أي صراع طائفي، لا انتحاريو القاعدة، ولا انقسام على غرار العراق. وكان المتظاهرون يرفعون شعار الله، الحرية، سوريا، وهو شعار يدل على الوحدة الوطنية وليس الانقسام.

وأكد الكاتب أنه ليس بيد الدول الغربية أن تحدد ما يجري في سوريا وتخاطر بإنشاء عراق آخر، فهذا الدور غير مرغوب فيه ولا ينبغي لها أن تحاول. كما أنه ليس من النزاهة الذهاب في إلقاء اللوم على الذين من حوله، مثل شقيقه ماهر المسؤول عن معاناة سوريا، كما اعترف عدد متزايد من المتظاهرين.

وأكد الكاتب أن التغيير الفوري للنظام ليس احتمالا. ولكن الانتفاضة يمكن أن تؤدي إلى إجراء تغيير في قيادة النظام (كما في مصر)، فالأسد أهدر فرصته لأنه ذهب أبعد مما ينبغي. وينبغي على بريطانيا وحلفائها قطع العلاقات معه والمطالبة بتنحيه، لأنه يجب أن يذهب.