الخميس: 25/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

مناقشة رسالة ماجستير حول النشاط الدبلوماسي لحركات التحرر الوطني

نشر بتاريخ: 28/07/2011 ( آخر تحديث: 28/07/2011 الساعة: 13:42 )
رام الله- معا- ناقشت جامعة بيرزيت، أمس، رسالة ماجستير في الدراسات الدولية للطالب رشاد توام بعنوان: "النشاط الدبلوماسي لحركات التحرر الوطني وأثره في القانون الدولي والعلاقات الدولية: التجربة الفلسطينية"، وبلجنة نقاش مكونة من د. ياسر العموري (مشرفا)، د. عبد الرحمن الحاج إبراهيم، د. عاصم خليل.

تناولت الدراسة موضوع مستويات العلاقات المتشكلة جراء انخراط حركات التحرر الوطني في النظام الدولي من خلال نشاطها الدبلوماسي، ودراسة أثر هذا النشاط في القانون الدولي والعلاقات الدولية ببعدي التأثر والتأثير. وقد أخذت الدراسة من التجربة الفلسطينية حالة دراسية أساسية، مقاربة أحيانا بينها وتجارب تحررية أخرى كالتجربتين الجزائرية والفيتنامية في سياق المقارنة، لاستخلاص بعض نقاط التشابه والخلاف في المقدمات والنتائج.

وقد حدد النطاق الزمني للدراسة منذ قيام منظمة التحرير الفلسطينية في العام 1964، وحتى توقيع اتفاقيات السلام وتأسيس السلطة الوطنية الفلسطينية في العام 1994، وذلك لكون هذه الفترة تعبر عن حالة الثورة والتحرر الوطني في ظل كيان معنوي واضح المعالم (م. ت. ف)، وإن كانت الحركة الوطنية الفلسطينية لم تنتهي بقيام السلطة التي هي بمثابة سلطة حكم ذاتي وخطوة على درب تقرير المصير.

ارتباطا بإشكالية البحث حاولت الدراسة الإجابة على سؤالين رئيسين: الأول، حول ماهية التأثير الذي أحدثه النشاط الدبلوماسي لحركات التحرر الوطني في بنية القانون الدولي والعلاقات الدولية بشكل عام، وبما يخدم مصالحها بشكل خاص؟ كيف حصلت على تلك المكاسب؟ وكيف استفادت منها في خدمة مطالبها؟ والثاني حول كيفية أثر القانون الدولي والعلاقات الدولية على طبيعة نشاط وأهداف حركات التحرر الوطني عموما ومنظمة التحرير خصوصا، بما يخالف مبادئها التنظيمية، على نحو يسهم في انخراطها في البيئة الدولية؟.

في تقسيم الدراسة كان من الضروري أن يفرد فصلا خاصا بالإطار النظري يمهد فيه لجملة من المفاهيم والمبادئ التي تستعملها الدراسة وتحاول تكييفها بخصوص حركات التحرر الوطني، من قبيل الشخصية القانونية والدبلوماسية، إضافة إلى التعريف بحق تقرير المصير وحركات التحرر الوطني. كذلك عرض في هذا الفصل للتطور المطرد والمتوازي للقانون الدولي والعلاقات الدولية، لملاحظة حضور حركات التحرر الوطني في سياق هذا التطور.

وقد أفردت الدراسة فصلا تاليا بعنوان "الحركة الوطنية الفلسطينية: الحراك في الداخل، من وإلى الخارج"، تقفت فيه بالعرض والتحليل التحولات الهامة في موضوعي ثنائية الكيان المعنوي والكيان المنشود، والدبلوماسية والعلاقات الدولية، من خلال تقسيم حقبي-موضعي. ولوحظ خلال هذا الفصل، بخصوص "الكيان المعنوي" الاستقرار النسبي عقب قيام منظمة التحرير في العام 1964، كجهاز عسكري-سياسي، ورفضت وجود أي جهاز سياسي مختص مرادف لها كالحكومة المؤقتة أو حكومة المنفى. ذلك فيما شهدت التجربة الفلسطينية بخصوص "الكيان المنشود" التبدل بين حوالي ستة تصورات أساسية للكيان المنشود (الدولة). وفيما يتعلق بالدبلوماسية والعلاقات الدولية، فقد شهدت المنظمة تطورا طرديا مع مرور الزمن، وصولا حتى الانتكاسة السياسية مطلع التسعينيات بسبب تظافر جملة من العوامل.

في الفصل الأخير الذي جاء بعنوان "حركات التحرر الوطني من الداخل، وفي النظام الدولي: النظرية والممارسة"، تمت دراسة موضوعات أساسية من قبيل: أولا، البنية التنظيمية والسياسة الخارجية لحركات التحرر، ولوحظ مدى الشبه بين الاجهزة الداخلية لها والخاصة بالدول، وتم التعرف على عملية صنع السياسة الخارجية. ثانيا، طبيعة الشخصية القانونية الدولية لحركات التحرر، واتضح تمتعها بنوع خاص من الشخصية القانونية التي تتصف بالوظيفية والانتقالية. ثالثا، علاقة حركات التحرر الوطني بالأعمال القانونية الدولية، ولوحظ إسهام حركات التحرر في صنع القاعدة القانونية الدولية، بالإضافة إلى أشكال الأعمال القانونية التي خبرتها تلك الحركات. رابعا، التمثيل الدبلوماسي، ولوحظت أشكال التمثيل التي خبرتها تلك الحركات، والحصانات التي تحصلت عليها، بالإضافة إلى تشكيل وتنظيم البعثات الدبلوماسية. خامسا، العضوية في المنظمات الدولية (الدبلوماسية متعددة الأطراف)، وتم التركيز على موضوع العضوية المراقبة في الأمم المتحدة، من حيث التطور والحقوق والواجبات والامتيازات والحصانات. كل ذلك بالتركيز على تجربة منظمة التحرير الفلسطينية.

وقد خلصت الدراسة، من بين نتائج أخرى، إلى أن النشاط الدبلوماسي لحركات التحرر الوطني قد أثر في أنساق العلاقات الدولية التي باتت حركات التحرر من ضمن شخوصها المعتبرين، وفي المقابل أثر انفتاحها وتعاطيها مع الأشخاص الدولين الآخرين على مبادئها الأساسية، دافعة بها إلى تبني أساليبا أقل راديكالية. وفيما يتعلق بالقانون الدولي فقد كان أكثر تأثيرا في مسارات حركات التحرر الوطني مما أثرت هي فيه، على الرغم من اكتسابها الشخصية القانونية الدولية، والإقرار بقانونية حق تقرير المصير، واشتراكها في سن قواعد القانون الدولي، وحصولها من خلال عضويتها في المنظمات الدولية على امتيازات كانت حكرا على الدول وحدها. وفي النتيجة كان لطبيعة العلاقات الدولية التي غلب عليها نظامي الثنائية القطبية حتى مطلع التسعينيات، وأحادية القطبية بعد ذلك، أن يحدد أي من تلك الحركات أقرب إلى تحقيق مصيرها الوطني، فحصلت عليه أغلب حركات التحرر الوطني التي كانت تحسد منظمة التحرير الفلسطينية على حضورها الدولي الطاغي، فيما وضعت الأخيرة مطلع عقد التسعينيات قدمها على أولى خطوات درب تقرير المصير من خلال توقيع اتفاقيات السلام التي أقيم بموجبها سلطة الحكم الذاتي كمرحلة انتقالية طالت حتى اليوم.

وبذلك تأتي هذه الدراسة لتستخلص نتائج التجربة الدبلوماسية للثورة الفلسطينية في مرحلة حساسة ومفصلية من عمر قضية الشعب الفلسطيني، الذي يلح خلال هذه الأيام على اكتساب العضوية الكاملة في الأمم المتحدة، كورقة ضغط على الحكومة الإسرائيلية للتعاطي مع الجانب الفلسطيني في مفاوضات سياسية وفقا لمرجعيات واضحة وسليمة، للوصل إلى صيغة الحل النهائي.