دراسة حول محددات الاستثمار الفلسطيني المباشر من الضفة الغربية لاسرائيل
نشر بتاريخ: 03/10/2011 ( آخر تحديث: 03/10/2011 الساعة: 15:08 )
بيت لحم- معا - أثارت الدراسة التي نوقشت في معهد الإدارة والاقتصاد في جامعة القدس لنيل درجة الماجستير في إدارة الأعمال والاقتصاد العديد من الأسئلة المحرمة والممنوعة من التداول حول محددات وقيمة الاستثمارات الفلسطينية من الضفة في إسرائيل ومستوطناتها وذلك لمساسها مفهوماً وطنياً يتعلق بالسيطرة والاحتلال الإسرائيلي والتوسع الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية.
وحملت الرسالة عنوان «محددات تدفق الاستثمارات الفلسطينية من الضفة الغربية إلى إسرائيل والمستوطنات»، وهي من إعداد الطالب عيسى سميرات. وباشراف الاستاذ د. محمود الجعفري، وكشفت الدراسة التي تناولت الفترة بين 1993-2010 أن حجم النشاط الاقتصادي الفلسطيني المباشر في إسرائيل ومستوطناتها في حده الادنى يقدر بحوالي 2.5 مليار دولار بالأسعار الجارية وتصل في معدلها الاقصى الى نحو 5.8 مليارات دولار، وتزيد في حجمها عن حجم الناتج المحلي الفلسطيني، وهي قادرة على خلق ما يزيد على 260 ألف فرصة عمل وتكفي ضرائبها البالغة البالغة 250 مليون دولار في العام لحل الكثير من أزمات الاقتصاد الفلسطيني.
وتبين الرسالة، أنه نشأت في العقود الأخيرة العديد من أنماط وأشكال العلاقات الاقتصادية والتجارية بين الاقتصادين الفلسطيني والإسرائيلي، ويبدي رجال الأعمال الفلسطينيون والإسرائيليون رغبة قوية في التعاون بينهم إلا أن هذا التعاون حساس من ناحية سياسية حيث يتم رفضه في العلن لكنه يتوسع سراً، ولكن قدرات هذا التعاون ومعالمه ومحدداته وأنماطه وأشكاله غير واضحة، كما أن هناك خلطاً واضحاً في تناول المفاهيم التجارية والاستثمارية الفلسطينية أثناء معالجة ذلك في الأبحاث المختلفة كون النشاطات الاقتصادية في إسرائيل لم تكن نتاج علاقات طبيعية بين الاقتصادين ولم تتم في معظمها ضمن آليات العرض والطلب على مستوى الاقتصاد الكلي، ولا تتم ضمن قنوات وحدود واضحة، ويعتقد أن استمرار مواجهة الاقتصاد الفلسطيني سلسلة من العقبات والتحديات أثر على الاستثمار الفلسطيني ومكوناته ومحدداته المختلفة، مثل الاعتماد على الاقتصاد الإسرائيلي لاستيعاب فائض العمالة وارتفاع تكاليف الاستثمار والإنتاج وإغراق السوق المحلية بالسلع الإسرائيلية ووضع العقبات المختلفة ما يعكس بشكل جزئي هيكلية الكلفة الإسرائيلية للعمل تحت النظام الأمني الإسرائيلي مقابل قوة إنتاجية منخفضة وقدرة تنافسية ضعيفة، ما أفرز ترتيبات التعاقد من الباطن والشراكات مع مستثمرين إسرائيليين في إسرائيل، كما ينظر إلى المناخ الاستثماري في فلسطين بعين من الشك والريبة لاقتصاد ينقصه البنى التحتية إلى حد كبير، وفاقد للقوة الضرورية لجذب هذه الاستثمارات.
وقد اشارت الدراسة الى مدى الصعوبات والعوائق التي تعمقت عبر سنوات الاحتلال الطويلة بسبب السياسات الاسرائيلية التي هدفت بالدرجة الى استمرار وتقليل ثمن الاحتلال بغض النظر عن انعكاس ذلك على الاقتصاد الفلسطيني مما أدى على سبيل المثال الى تراجع مشاركة الزراعة في الناتج المحلي الاجمالي من 60% في بداية السبعينات الى حوالي 20% في التسعينات الى اقل من 4% في العام 2011، وما ينطبق على الزراعة ينطبق عل القطاعات الاقتصادية الاخرى مثل الصناعة والسياحة والتجارة التي تتم في أكثر من 70% من خلال اسرائيليين.
وهدفت الدراسة إلى التعرف على محددات تدفق الاستثمارات الفلسطينية من الضفة إلى إسرائيل ومستوطناتها، خلال الفترة الممتدة بين العام 1993-2010. وتنبع أهمية الدراسة من أهمية الاستثمار كمحرك للنمو والتنمية الاقتصادية، الذي تحاول السلطة الوطنية الفلسطينية تشجيعه وتجسيده على أرض الواقع من خلال تحديث القوانين وعقد المؤتمرات واللقاءات مع المستثمرين المحليين والأجانب والمغتربين، كما تأتي الأهمية من مجال الدراسة، الذي يركز على تحليل الجوانب المتعلقة بتدفق الاستثمار الفلسطيني المباشر إلى دولة الاحتلال، وهي أول دراسة على مستوى العالم الذي تناقش الاستثمار تحت الاحتلال من الضفة الغربية الى اسرائيل ومستوطناتها، من بيئة ضعيفة اقتصادياً وأقل تطوراً، وتتسم بعدم اليقين السياسي إلى دولة تتسم بالاستقرار والنمو الاقتصادي المرتفع، كما أنه تجري عملية خلط في الدراسات الفلسطينية بين مفاهيم الاستثمار والتجارة، ويمكن للدراسة أن تساعد في توضيح هذه العلاقة من خلال تقديمها لأول تعريف للمستثمر تحت الاحتلال، ويمكن أن تساعد السلطة الوطنية وعدة جهات أخرى على اتخاذ القرار فيما يتعلق بسياساتها الاقتصادية.
وقد أشارت تقديرات غير رسمية فلسطينية إلى أن حجم رأس المال الفلسطيني المستثمر في إسرائيل ومستوطناتها يقدر بمئات ملايين الدولارات، بينما تشير المعطيات والإحصاءات المتوفرة من المصادر الفلسطينية والإسرائيلية إلى أن القيمة اكبر من ذلك، بينما أشارت نتائج الدراسة إلى أن معدل حجم النشاط الاقتصادي الفلسطيني المباشر في إسرائيل ومستوطناتها لا يقل 2555 مليون دولار وقد يصل الى نحو 5813 مليون دولار بالأسعار الجارية وتزيد في حجمها عن حجم الناتج المحلي الفلسطيني، وتتركز هذه الاستثمارات: 22.7 % في قطاع الإنشاءات، 13.1 % في التجارة، 23.5 % في الصناعة، 9.6 % في الزراعة، 4.3 % في السياحة، 6.7 % في التكنولوجيا وأنظمة المعلومات، 15.2 % في الخدمات، 4.8 % في قطاعات مهنية أخرى.
وقد بينت الدراسة تأثر قرار المستثمر الفلسطيني بالعائد على الاستثمار وبإمكانية الاستيراد وبتكلفة الاستثمار والبنية التحتية، وسهولة استيراد المواد الأولية والمواد الخام، والاستقرار السياسي والبعد الجغرافي بين الضفة الغربية وإسرائيل، وبالإدارة العامة وقدرة المحاكم على تنفيذ قراراتها، وأداء جيد في مجال الضرائب، وجانب ثقافي يتعلق بفهم اللغة والثقافة، وبوجود إسرائيليين مهاجرين من دول عربية ما يقلل من تكاليف بدء الأعمال وتسهيل عملية الاتصال الناتجة عن الفوارق الثقافية. أما المتغيرات الاقتصادية الفلسطينية فقد كان تأثيرها سلبياً وتعلقت بضعف الثقة في الأداء الاقتصادي الفلسطيني، وإمكانية الاستيراد أما العوائق المتعلقة بالحد من حركة البضائع والأشخاص ورأس المال والصادرات فقد كانت ذات تأثير متفاوت.
ومن النتائج أيضا، أن ضعف قدرة المستثمر على الاستثمار والعمل في البيئة المحلية الفلسطينية والدولية بسبب نقص المعلومات عن البيئة المحلية الفلسطينية والدولية يؤدي إلى البحث عن الفرص في الاقتصاد الإسرائيلي، كما أن قدرة المستثمر على العمل في البيئة الإسرائيلية كان لها تأثير سلبي طارد، والذي تعلق بسهولة الوصول إلى العمل والتمويل في إسرائيل. كما كانت المتغيرات المتعلقة بالعوامل الخارجية ذات تأثير سلبي فيما يتعلق بالعلاقات الدولية الواسعة لإسرائيل.
وقد لاقت الدراسة اهتماما من الجهات الرسمية الفلسطينية مثل وزير الاقتصاد الوطني الحالي د. حسن ابو لبدة الذي استمع باهتمام الى نتائج الدراسة ووزير الاقتصاد الوطني السابق د باسم خوري، وقد اهتمت بموضوع الدراسة صحيفة القدس والحياة وبعض المواقع الالكترونية، كما لاقت اهتماما من الصحفيين الاسرائيليين مثل عميرا هاس، ومن الصحف العالمية مثل صحيفة المانفيستو الايطالية التي نشرت تقريرا يوم 29 سبتمبر 2011عن نتائج الدراسة وقد تم عرض النتائج باللغتين العربية والانجليزية في جامعة القدس ووزارة الاقتصاد الوطني وفي مركز المعلومات البديلة في بيت لحم.
وقد اثارت الدراسة بعض الاسئلة تتعلق بامكانية التنمية في الاراضي الفلسطينبة تحت االاحتلال ومدى العقبات الكبيرة التي تنتظر الحل النهائي مع الاسرائيليين.