الثلاثاء: 30/04/2024 بتوقيت القدس الشريف

افتتاح مؤتمر "بدائل" السنوي الأول في مدينة اريحا

نشر بتاريخ: 20/01/2012 ( آخر تحديث: 20/01/2012 الساعة: 18:54 )
أريحا- معا- انطلقت في أريحا اليوم الجمعة، فعاليات المؤتمر السنوي الأول للمركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية، المقرر أن يتواصل على مدار يومين.

جاء ذلك تحت عنوان "القضية الفلسطينية: مراجعة التجربة وآفاق تغيير المسار الاستراتيجي"، برعاية مجموعة الاتصالات الفلسطينية "بالتل جروب"، الراعي الرئيسي، إضافة إلى بنك "فلسطين"، وشركة "باديكو القابضة"، ومؤسسة "الناشر للدعاية والإعلان".

واعتبر عضو مجلس أمناء المركز عبد المحسن القطان، في كلمة له، أن المؤتمر يكتسب أهمية كبيرة، لافتا إلى عظم المسؤوليات الملقاة على كاهل المركز.

وأشار القطان إلى أن وجود مثل هذه المراكز المختصة بمجال الدراسات الاستراتيجية يمثل ضرورة ليس في الحالة الفلسطينية فقط، بل والعربية.

وأوضج أن المركز يجب أن يتمتع بالاستقلالية، خاصة على الصعيد المادي، وأن تتوفر فيه كافة مقومات العمل المؤسسي، وأن يقدم مساهمات لا يستفيد منها صانع القرار فقط، بل والمواطن.

من جهته، قال مدير عام المركز هاني المصري، "إن القضية الفلسطينيّة وصلت بعد أكثر من 20 عامًا على عقد "مؤتمر مدريد" للسلام، إلى منعطف تاريخي يتقرر على ضوئه، هل ستبقى حية ويسير الشعب الفلسطينيّ نحو تحقيق أهدافه وحقوقه الوطنية، أم ستبقى في نفق الحل الانتقالي طويل الأمد متعدد المراحل، الذي بدأ بتوقيع "اتفاق أوسلو ولا زال قائمًا حتى الآن".

وأوضح المصري في مداخلة بعنوان "القضية الفلسطينية: قراءة في السيناريوهات والخيارات الاستراتيجية" أن "الدولة ذات الحدود المؤقتة، هي الحل الذي يتم ترسيخه يوميا بتوسيع الاستيطان، وتطبيق المخططات الإسرائيلية بأشكالها المتنوعة، وتقديمه بديلا عن حل الدولة الفلسطينية على حدود 1967 الذي يسمى "حل الدولتين"، بحيث يترتب على الفلسطينيّين الاختيار، ليس حسب الاعتقاد الشائع بين خيار الدولتين أو الدولة الواحدة.

وأكد أن قبول هذا الحل، بوصفه الحل المتاح، والسعي إلى تحسينه وتقليل مخاطره وأضراره، أم رفضه، والسعي إلى توفير مقومات بديل إستراتيجي عن إستراتيجية المفاوضات الثنائية كأسلوب وحيد لحل الصراع، وإستراتيجية المقاومة المسلحة كأسلوب وحيد لحل الصراع.

وقال المصري: من حسن حظ الفلسطينيين أن الإستراتيجيات المعتمدة لديهم وصلت إلى طريق مسدود، بالتزامن مع نشوء ثورات ومتغيرات عربية وإقليمية ودولية، بدأت بصعود إيران ثم تركيا، وتعمقت بتراجع دور الولايات المتحدة الأميركية سياسيا واقتصاديا في المنطقة والعالم، وبتزايد إمكانية نشوء عالم متعدد الأقطاب، ولم تنته بعد الربيع العربي أو اليقظة العربية الثانية التي تطرح تحديات ومخاطر على الفلسطينيين والعرب، ولكنها تقدم فرصا استثنائية، إذا أحسن استغلالها، ستنقل الوضع العربي من حالة الاستبداد والفساد والتبعية والتجزئة إلى الحرية والاستقلال والتنمية والتقدم والعدالة والكرامة والديمقراطية.

وأضاف المصري: يواجه القضية الفلسطينيّة حاليًا، أنّ الفضاءات الإستراتيجيّة التي تفتح أمامها الآن بحاجة إلى وقت حتى تتضح معالمها، وتنعكس على الصراع العربي – الإسرائيلي، في حين أن الوقت من دم، والتاريخ لا يرحم.

وأضاف: قد لا يكون الفلسطينيّون قادرين على فرض الحل المفضّل لديهم، ولكنّهم قادرون على منع، أو على الأقل، نزع الشرعية عن أي حل لا يحظى بموافقتهم.

ورأى المصري أن طريق الخلاص الوطني الفلسطينيّ، يبدأ بمراجعة التجارب الفلسطينيّة مراجعة علميّة عميقة وجريئة، واستخلاص الدروس والعبر، وبلورة الإستراتيجيّات المناسبة والقادرة على تحقيق الأهداف والحقوق الوطنية.

وبدأت أعمال الجلسة الأولى للمؤتمر، وتحدث فيها كل من مفوض أمان لمكافحة الفساد د. عزمي الشعيبي، وأستاذ العلوم السياسية في جامعة الأزهر إبراهيم ابراش، والمحاضر في جامعة بيرزيت سميح حمودة.

وقال الشعيبي: لقد اثبتت التجربة العملية ان الصراع يدور على مصير الارض المحتلة وبشكل خاص الضفة والقدس مما يتطلب طبيعة جبهوية للسلطة، دورا السلطة لتثبيت المواطنين ومكافحة الاستيطان والتهويد ومن الطبيعي ان البرنامج الوطني بحاجة الى اداة وطنية لتنفيذه التي لا يمكن ان تنجح الا في اطار جبهوي يحشد طاقات الكل الوطني.

وأضاف في مداخلة بعنوان "منظمة التحرير: البرنامج الوطني ... آليات تنفيذه": لقد تبنت المنظمة انجاز البرنامج الوطني في انهاء الاحتلال، واقامة الدولة وحق العودة، من خلال فكرة المنظمة في اقامة سلطة وطنية في الضفة والقطاع، تتحول بالتفاوض مع الاسرائيليين الى دولة فلسطينية مستقلة على حدود الرابع من حزيران.

وأردف: شكل هذا التصور مفهوما قاصرا لطبيعة الجانب الاسرائيلي، ومفهومه لطبيعة الصراع ومفهومه لحل قضية الشعب الفلسطيني الموجود في اكثر من تجمع اساسي.

وذكر ابراش في مداخلة له بعنوان "البرنامج الوطني من حيث الأهداف وأدوات العمل وأشكال النضال والقيادة والتمثيل"، أن "حركة التحرر الوطني الفلسطيني المعاصرة، تمر بأزمة بنيوية ووظيفية عميقة: أزمة قيادة، وأزمة برنامج وطني، وأزمة فكر وأيديولوجيا، وشرعية".

وقال: لا يمكن أن ينجح شعب خاضع للاحتلال بدون مشروع أو برنامج وطني، وثوابت متَفَق عليها تُلهم الشعب، وتوحده وتستنفر قواه للدفاع عنها.

وأضاف ابراش: ما وراء الفشل المتعاظم والتخبط الواضح، والتيه المعمم على مستوى كافة نخب، ومؤسسات الحالة السياسية الفلسطينية، يكمن غياب الرؤية أو غياب المشروع الوطني، وتعدد برامج العمل الوطني بتعدد الأحزاب. وقال: اليوم، لم تعد المراجعة التي تؤسِس لبرنامج وطني جديد، خيارا من عدة خيارات، بل ضرورة وطنية.

وركز حمودة في مداخلة له بعنوان "النظام السياسي والبرنامج الوطني وموقع التيارات الإسلامية الفلسطينية"، على خصوصية الحالة الفلسطينية في ظل تعذر قيام الدولة المستقلة.

وقال: لم تتبلور السياسة الغربية تجاه فلسطين وقضيتها، من خلال المصالح الاقتصادية والاستراتيجية، وانما استندت أيضا إلى التصورات والرؤى الثقافية الغربية حول الأرض المقدسة، ومركزيتها في الديانة المسيحية، (...) لذا فإن فهم السياسة الغربية لا يمكن أن يتم بعلمية وعمق، دون فهم رواية فلسطين في الثقافة الغربية.

وأضاف حمودة: من الواضح تماماً أن نجاح الغرب في زرع الدولة العبرية في قلب العالم العربي، قد كان جزء من حرب شاملة على الأمة العربية، استهدفت ضمن أمور كثيرة، بنية المقاومة والقتال والتصدي للغزاة في الثقافة العربية، وقد تبلور هذا في تغيير أنظمة التعليم والإعلام، والفن، وعمليات التثقيف السياسي والاجتماعي، حيث تمّ تعطيل النهضة العربية وتغييب التفكير العلمي، كما تمّ تشجيع أفكار تساهم في إخضاع الفلسطينيين، وإقناعهم بالقبول بالمشروع الصهيوني وبالدولة اليهودية.

أما في الجلسة الثانية للمؤتمر، فشارك كل من عضو مجلس أمناء المركز الفلسطيني لأبحاث السياسات والدراسات الاستراتيجية الدكتور نبيل قسيس، والباحث داود تلحمي، والباحث في المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار" أنطوان شلحت.

وقال قسيس، في مداخلة بعنوان "المواقف الدولية إزاء القضية الفلسطينية": إن خطورة مستمرة تواجه الشعب الفلسطيني، بحيث أن كل سنة قادمة هي سنة حاسمة، ما يوجب على قيادته أن تتحرك بأعين مفتوحة دائماً، وألاّ تعطي ثقتها بسهولة لمن أثبتت التجارب على مرّ السنين أنهم منحازون لأعدائه، سواء بداعي المصالح المشتركة، أو بسبب أحكام مسبقة متجذرة في ثقافتهم، فهؤلاء قد يكونوا حسموا موقفهم من حقوق الشعب الفلسطيني بشكل نهائي، وهذا ما سنحاول التأكد منه.

واستعرض التطورات السياسية التي صاحبت القضية الفلسطينية، على مدى أكثر من قرن من الزمان، أي منذ العام 1897، وهي السنة التي عقد فيها المؤتمر الصهيوني الأول في "بازل" بسويسرا.

وقال: إن المخاض الذي تمر فيه المنطقة العربية حالياً، يشكل حالة ديناميكية جديدة، سيكون لها أثر على مسار القضية الفلسطينية لا محالة، وبينما يجزم الكثيرون من المحللين السياسيين الفلسطينيين بأن "الربيع العربي"، لا يمكن إلا أن يصب في صالح القضية الفلسطينية، إلا أنه من المبكر جداً وصف هذه الحالة على أنها "ربيع"، فهناك فارق بين دوافع الثورات التي حصلت وبين نتائجها.

وتحدث تلحمي، في مداخلة له بعنوان "الاستقلالية الفلسطينية: قراءة في الماضي والحاضر لاستشراف آفاق المستقبل"، عن التطورات التاريخية التي شهدتها المنطقة منذ أوائل القرن الماضي، وانعكاساتها على القضية الفلسطينية.

وذكر أن توفر النفط، والغاز في المنطقة العربية، كان غير بعيد عن التوجهات الإستعمارية الأوروبية، ولاحقاً الأميركية، لدعم إقامة الدولة اليهودية كموقع داعم للمصالح الغربية، من جهة، وللحؤول دون قيام دولة أو دول عربية قوية تهدد المصالح والهيمنة الغربية على مناطق النفط هذه من جهة ثانية.

واستذكر شلحت في مداخلة بعنوان "التغييرات في سياق تطور المشروع الصهيوني والسيناريوهات المطروحة وآفاقه"، بعض الرؤى التي صدرت عن نخب أكاديمية إسرائيلية وخصوصًا النخب النقدية، وأساسًا عقب التطورات التي حدثت سنة 2000، وذهبت إلى أن انعدام الرؤية السياسية البعيدة المدى، يميّز القيادة الإسرائيلية الراهنة في معظمها.

ونقل عن المؤرخ الإسرائيلي زئيف شتيرنهيل، إشارته إلى أن "القيادة الصهيونية التي تولت عملية إقامة دولة إسرائيل سنة 1948 لم تفلح في أن تتفوّق على نفسها، فتبادر إلى تأسيس مجتمع سياسي ذي أجندة ليبرالية عامة، وبذا فإن القيم القومية اليهودية ظلت، من ناحية سلم الأفضليات والأولويات، تحتل مرتبة متقدمة على مرتبة القيم العالمية، وخصوصًا قيم حقوق الإنسان".وبين أن شتيرنهيل، اعتبر أن "الحروب التي خاضتها إسرائيل منذ إنشائها، لم تكن ناجمـة عن الرفض العربي المستمر، للاعتراف بشرعية الحركة القومية اليهودية "الصهيونية" فحسب، وإنما أيضًا كانت ناجمة عن عدم توفر القدرة، والرغبة لدى إسرائيل في تحديد الوجهة، التي يتعين المضي فيها قدمًا".