السبت: 26/04/2025 بتوقيت القدس الشريف

الشّاعر يستبعد تشكيل حماس لحزب إسلامي

نشر بتاريخ: 25/04/2012 ( آخر تحديث: 25/04/2012 الساعة: 23:18 )
رام الله- معا- استبعد د. ناصر الدين الشاعر نائب رئيس الوزراء السابق، أن تتبنى حركة حماس فكرة تشكيل حزب سياسي إسلامي ينخرط في الحياة السياسية الفلسطينية، على غرار تجربة الإخوان المسلمين في بلدان مثل مصر والأردن.

منوهًا إلى أن هذه الفكرة التي تم تداولها إعلاميا تواجه عقبتين رئيسيتين، الأولى داخلية تتعلق بالمواقف داخل حركة حماس، والثانية خارجية تتعلق بالمواقف الإسرائيلية والدولية التي تطالب الحركة بالخضوع للشروط المعلنة من اللجنة الرباعية الدولية، سواء بقيت الحركة كما هي أو شكلت حزبا آخر كواجهة سياسية لها.

ودعا الشاعر في المقابل، إلى تشكيل إطار أو تكتل سياسي يمثل تيارا سياسيا وطنيا واسعا، أقرب إلى الجبهة الوطنية التي تضم الجميع، بما في ذلك من حركتي فتح وحماس وبقية الفصائل والمستقلين، ممن يؤمنون بضرورة إنهاء الانقسام واعتماد برنامج وطني يستند إلى وثيقة الوفاق الوطني وأسس واضحة للشراكة السياسية والتعددية في النظام السياسي الفلسطيني، وذلك قبل الانتخابات القادمة.

ودعا إلى السماح للجنة الانتخابات المركزيّة بمباشرة عملها في قطاع غزة وتحديث السجل الانتخابي، بالتزامن مع تشكيل حكومة الكفاءات الوطنيّة برئاسة الرئيس محمود عباس، وفقًا لما جاء في "إعلان الدوحة"، كما حمّل حركتي فتح وحماس مسؤولية استمرار الانقسام، محذرًا من استمرار الانتهاكات للحريات العامة في كل من الضفة والقطاع بغض النظر عن منسوبها هنا أو هناك.

|173059|جاء ذلك خلال لقاء نظمه مركز مسارت في مقره بمدينة البيرة يوم أمس (الثلاثاء) وأداره هاني المصري مدير عام المركز.

واستهل الشاعر حديثه بتوصيف الوضع السياسي الراهن بارتباطه بشكل مباشر بالاحتلال الإسرائيلي، "فإسرائيل متواجدة على الأرض، وتصعد يوميًّا من إجراءاتها الاحتلاليّة بتوسيع الاستيطان وضم ومصادرة الأراضي وبناء والجدار وفرض الحصار وتهويد القدس وأسرلتها، وهي ترفض جميع الاقتراحات والأطروحات والمبادرات والحلول التي قدمت إليها من أجل حل الصراع، بما فيها ما يرد في رسالة الرئيس محمود عباس، ولا يزال الموقف الإسرائيلي في حالة تعنت، يجب الاستفادة منها من أجل فرض العزلة على إسرائيل ومقاطعتها دوليًّا".

وفي حديثه عن الموقفين الأميركي والأوروبي، بيّن الشاعر أن الموقف الأميركي لا يزال في "حالة بيات"، حيث أن "الأميركيين مشغولون بالانتخابات الرئاسيّة، وتهمهم الأصوات الانتخابية أكثر من القضيّة الفلسطينيّة. والسياسة الأميركيّة تطالب الفلسطينيين بالاعتراف بشروط اللجنة الرباعيّة المجحفة، وتشترط على حكومة الوفاق وأي حكومة الاعتراف بهذه الشروط وإلا قُوطِعت وحُوصِرت، وعادة ما تُحمّل الفلسطينيين المسؤوليّة عن إفشال المبادرات والمفاوضات للتوصل إلى حل سياسي مع إسرائيل، متناسيّة في ذلك ما تقوم به إسرائيل من جرائم وعدوان. أما الموقف الأوروبي الرسمي فلا يمكن التعويل والرهان عليه، فقد يكون له دور ودعم للفلسطينيين في الأمور الإنسانيّة والإغاثيّة، أما في المواقف السياسيّة فهو مطابق للسياسة الأميركيّة".

وأبدى تخوفه من استمرار الرهان فلسطينيا على تأثير الربيع العربي على القضيّة الفلسطينيّة في الفترة الحاليّة - مع تأكيده على حق الشعوب في الحريّة والكرامة والديمقراطيّة بعيدًا عن الظلم والهيمنة والتبعيّة والفساد- منوها إلى نقطتين أساسيتين: أولاهما أنّ بعض الأحزاب الرئيسية ما بعد الثورات تقدم فاتورةَ قبول دولي وتظهر مرونة أكثر من المطلوب حتى تقبل دوليًّا، وتعلن عن تعهدها بالمحافظة على الاتفاقات والمعاهدات الموقعة مع إسرائيل والتزامها بها، وثانيهما استخدام بعض الأحزاب للقضيّة الفلسطينيّة كورقة انتخابيّة وكفزاعة من أجل الحصول على أعلى النسب في الانتخابات.

واضاف: إن الدول التي حصلت فيها ثورات ستكون منشغلة عن القضيّة الفلسطينيّة حتى تقوم بترتيب أمورها الداخليّة، وإعادة بناء مؤسساتها، وهي بحاجة إلى مدة تستغرق عدة سنوات، وبهذا تكون القضيّة الفلسطينيّة في حال عزلة في تلك الفترة.

وقال الشاعر: إنّ الوضع الانقسام الفلسطيني في تصاعد هائل، حيث لا توجد رؤيّة لإحداث مصالحة حقيقيّة، وأنّ طرفي الانقسام "فتح" و"حماس"، والفلسطينيون بشكل عام، لا يراكمون على ما يتم الاتفاق عليه، ولا يبنون على القواسم المشتركة، وهي كثيرة ومتقاطعة في كل الأحزاب والفصائل، وأن طرفي الانقسام لا يقبلان بمبدأ الشراكة الحقيقيّة، ويحمل كل منهما الآخر المسؤوليّة عن حدوث الانقسام، ويسجلان النقاط والمواقف على بعضهما، علما أن ما هو معلن من أسباب بشأن عدم تطبيق اتفاقات المصالحة، ومنها اتفاق القاهرة وإعلان الدوحة، هي أسباب ليست بالحقيقيّة، بل هناك أسباب أخرى.

ونوه إلى وجود توجهات لـ"جماعات الانقسام" بالعمل على مأسسته وتجذيره، حتى تبقى مستفيدة منه مالًا ونفوذًا وسلطة، وأشار إلى خطورة الوضع في ظل حالة انتهاك الحقوق والحريات من اعتقال وفصل وحرمان من السفر، وعدم الالتزام بالقانون وتدمير المؤسسات الوطنيّة، وشدد على ضرورة إنهاء هذا الوضع المأساوي.

تأسيسًا على ما سبق ذكره، فلم يقفل الشاعر باب الأمل والتفاؤل بقرب حدوث مصالحة حقيقيّة، في ظل وجود الفرص المتتاليّة التي يمكن البناء عليها لإنهاء الانقسام واستعادة الوحدة الوطنيّة، وذلك يحتاج إلى الاتفاق على رؤيّة وطنيّة وبرنامج وطني يتبنى إستراتيجيّة قادرة على إنجاز الوحدة وتكوين جبهة وطنيّة قادرة على تحقيق الأهداف الفلسطينيّة.

وتطرق الشاعر إلى فكرة تأسيس إطار أو منتدى أو تكتل سياسي جديد يتبنى أهدافًا سياسيّة ورؤيّة وبرنامجًا وطنيًّا، ويلتزم بأسس الشراكة السياسية والديمقراطية والتعددية، ويقوم بالعمل على إنهاء الانقسام وإنجاز الوحدة في ظل حالة الاحتقان السياسي والانقسام السائدة منذ خمس سنوات، ويستند إلى القانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة من أجل الحصول على الحقوق الوطنيّة الفلسطينيّة، بما في ذلك الدولة على حدود 1967، على أن تكون منظمة التحرير هي الإطار للفلسطينيين جميعًا، وباب الانضمام لهذا الإطار أو التكتل يكون مفتوحا لكل فلسطيني همه الوطن بما في ذلك حركتي "فتح" و"حماس" وبقية الفصائل، في صيغة شبيهة بالإطار الجبهوي الوطني دون تناقض مع مكانة ودور منظمة التحرير.

من جهة أخرى، قال الشاعر: إن تأسيس حزب سياسي إسلامي لـ"حماس" في هذه الفترة يواجه مشكلتين، أولاهما داخلية، تتعلق بعلاقة "حماس" مع هذا الحزب، وهل سيشكل انقسامًا في الحركة، وما هو مبرر وجود مثل هذا الحزب في ظل استمرار الاحتلال؟ وثانيهما خارجية، تتعلق بإمكانيّة قبول هذا الحزب دوليًّا، فحتى يقبل دوليًّا ولئلا يوضع على قائمة الإرهاب يجب أن يعترف بشروط اللجنة الرباعيّة الدوليّة، أي الاعتراف بالشروط الإسرائيليّة المجحفة، فإذا كان سيفعل ذلك، فلماذا لا تقوم "حماس" نفسها بذلك؟ وكيف لـ"حماس" أن تنشئ حزبًا وهي تحت الاحتلال، فإن قرر الدخول في الانتخابات إن جرت، فما الضمان لعدم اعتقال إسرائيل لممثليه في المجلس التشريعي والحكومة، كما حصل عند دخول "حماس" لانتخابات "التشريعي" عام 2006 تحت اسم "كتلة التغيير والإصلاح"، حيث قامت إسرائيل باعتقال العشرات من النواب والوزراء المنتمين إليها بعد اختطاف الجندي جلعاد شاليط.